من تدويل الأزمة إلى تدويل الحرب
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
بقلم عمر العمر
المقاتلون من أجل السلطة والثروة وحدهم الفرحون بارفضاض لقاء جنيف كيفما انتهى.إذاً فابشروا بفصول تقتيل وتدمير أكثر شراسة. وليغرق الشعب في أتون الحزن و ليذهب الوطن لجهة التمزق .نحن شعب لا نحذق مهارات الحوار فكل منا يتحدث دوما من على جزيرة منعزلة دون إبداء استعداد لعبور المساحة الفاصلة ، أو بذل جهد لبناء جسر بغية التلاقي على موجة وسطى .
*****
مفهوم الحوار يستند أصلا إلى الاستعداد عن التراجع والجرأة على الاقرار بالخطأ كما على التكافؤ والنأي عن الخصومة ، والاصغاء إلى الآخر وغايته بلوغ الحق. الأدب السياسي يعرّف الحوار( عملية تبادل تشاور وصولا إلى تفاهم مشترك) كما هو ضرورة من أجل تكريس التعايش وبناء السلام. في الثقافة يشكل الحوار حاجة إنسانية لنقل وتبادل الأفكار والتجارب. في الاسلام الحوار منهج قرآني حيث تتعدد آيات يرد فيها أو تشير إليه؛(إذ قال ربك)و إذ قال موسى ،،و قالت الملائكة،،،.وحدهم زبانية القمع والوصايا الدينية والسياسية يهربون من الحوار لأنه يكافح طغيانهم كما يفكك قناعاتهم المعلبة الجاهزة .
*****
رفض الذهاب إلى جنيف هو هروب من الخلاصات المنطقية في شأن تبديد هيمنة الاستبداد السياسي والاقتصادي.هو في الوقت ذاته رفض للارتداد عن ممارسة كافة أشكال العنف بما في ذلك التوغل في الحرب الظالم دعاتها وأنصارها في حق شعب كريم ظل يمارس حياته بدين الفطرة دون اللجوء إلى الدولة او الخوف منها. بعد فشل محاولات جنيف ينفتح الوطن على المجهول أوسع مما كان على الخراب ،والشعب على المعاناة والإحباط. فاستئناف الاقتتال يبدأ من قناعات متبادلة مرتكزها إما السلطة وإما الدمار. دهاقنة الحرب وتجارها ليسوا معنيين بمكابدة المهمشين بين الأشلاء في العراء والحطام أو على أرصفة المنافي !
*****
المبعوث الأميركي لامس وتراً حساسا حينما أشار إلى قوة خلفية تحرّض قادة الجيش على رفض التجاوب مع جنيف. ذلك نصف النغم .إذا من الصعب الفصل بين القادة وتلك القوة فمن العسير كذلك تبرئة القادة من شهوة السلطة. فهما حلف يستثمر الدين لاستنفار العصبية والتحشيد بغية اذكاء الصراع على السلطة والغنائم.قادة هذا التحالف مرفّهون يتمتعون بالنعيم غير مبالين بعذابات البائسين والمحرومين في قاع الكارثة العبثية.هذا التحالف هو المسؤول الأوحد عن جريمة استنبات هياكل موازية للدولة بغرض تأمين مصالحهم فاذا هي تخرج عن طاعتهم وعن شرعية الدولة ليسقط الوطن برمته في الفتنة والفوضى.
*****
الموفد الأميركي وضع إصبعا على أحد مفاتيح باب الخروج من الجحيم عندما ألمح إلى أهمية فرض حظر السلاح على مؤججي الحرب .لكن تلك غاية عسيرة المنال في ظل غياب مؤسسات الدولة .فلا فرق في الواقع بين قوة ونفوذ معسكري الحرب على الأرض أو قنوات التواصل مع الخارج عبر الحدود الرخوة.من الممكن تحقيق تقدم على هذه الفرضية حال وجود آلية حاكمة غالبة.ذلك إنجاز ربما أتاحت جنيف المجهضة بلوغه ثم أمسى أمنية تراود الشعب ويطردها بعيدا أقطاب الحرب.في غياب ترجيح معسكر على الآخر لجهة الحسم فسيلهث كل طرف للتسلح .ذلك لا يجرف الصراع إلى لجة التدويل فقط ، بل يحول البلد بؤرة ضمن جبهات الصراع الدولي الساخنة المزمنة.
*****
ففي ظل الاستقطاب الراهن داخل المشهد الدولي واللجوء إلى الاستقواء بالخارج من اليسير أن يتحول السودان إلى جبهة من الحرب الأكرانية او يصبح الجيش ماليشيا من أجنحة الاقتتال في المنطقة العربية.ثمة مؤشرات بدأت تتخدث علنا عن استنساخ وشيك للتجربة الليبة.هذا خطر يفرض على القوى السياسية المبعثرة المنهكة استجماع ما لديها من إرادة وطنية وجرأة براعة في التجميع والتخليق بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتجنيب السعب والوطن ويلات التوغل في الحرب.تلك غاية تستوجب ابتكار التكتيك وتقديم التنازلات حتى ولو اقتضى على الرجال (ارتداء ثوب إمرأة) حسب وصية المؤسس البلشفي.أو لنقتبس ملمح كتاب دنيال شوبيرو السفير الاميركي السابق( التفاوض حول مالا يقبل التفاوض). الاكتفاء بتكريس الجهود للاغاثة الانسانية نصراً يعني الإبقاء على تأجيج نار الحرب .
aloomar@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ترامب يترقب لقاءً مع بوتين لبحث حل الأزمة الأوكرانية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الأحد، أنه يترقب عقد اجتماع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بهدف إيجاد حلول للنزاع المستمر في أوكرانيا.
وأشار ترامب، في تصريح يعكس أولويات إدارته المقبلة، إلى أهمية تعزيز التعاون الدولي والعمل المشترك لحل الأزمات الإقليمية، مشددًا على أن الحوار مع روسيا يمثل خطوة جوهرية نحو تحقيق الاستقرار.
يأتي هذا التصريح في ظل ترقب عالمي لما ستؤول إليه السياسات الأمريكية تجاه الملف الأوكراني، الذي يعد أحد أبرز محاور التوتر بين الغرب وروسيا.
وتعكس هذه التصريحات رغبة ترامب في فتح قنوات تواصل مباشرة مع القيادة الروسية، وسط تحديات دولية تتطلب تنسيقًا واسعًا بين القوى الكبرى.