سودانايل:
2025-03-11@16:30:06 GMT

حرب السودان و«مبادرة الفاشر» الإنسانية

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

د. الشفيع خضر سعيد

لن أضيف جديدا إذا قلت إن حرب الخامس عشر من أبريل/نيسان 2023، أفرزت كارثة مأساوية تعتبر، بكل المقاييس، من أكبر الكوارث الإنسانية في زمننا المعاصر. فيوميا يواجه الشعب السوداني خطر الموت بالرصاص، أو جوعا، أو نتيجة تفشي الأوبئة وانعدام الدواء، أو قهرا بسب الطرد من المسكن والإذلال وإهانة الكرامة.

ولعل هذا الخطر يتجسد بصورة صارخة في الوضع الكارثي الذي تعانية اليوم مدينة الفاشر، العاصمة التاريخية لإقليم دارفور، والتي تحتضن أكثر من مليون ونصف المليون من السكان، يمثلون تنوعا قبليا يشمل قبائل ذات أصول أفريقية وعربية. وتضم المدينة 3 معسكرات للنازحين تأوي حوالي 800 ألف من الهاربين من جحيم المعارك المحتدمة في الإقليم دون توقف منذ العام 2003. وتعد مدينة الفاشر، ذات الموقع الاستراتيجي، آخر معقل في إقليم دارفور للقوات المسلحة السودانية وحلفائها من الحركات المسلحة، وهي تحت القصف المتواصل من قوات الدعم السريع التي فرضت عليها حصارا محكما منذ عدة شهور. وبسبب هذا الحصار، تواجه الفاشر كارثة إنسانية تزداد تفاقما على مدار الساعة، حيث يعاني مئات الآلاف من المدنيين سكان المدينة من عدم قدرتهم على الحصول على الحد الأدنى من الغذاء ومياه الشرب، مما أدى إلى خسائر كبيرة في الأرواح ومعاناة مستمرة لا يمكن تحملها في ظل عدم وصول المساعدات الإنسانية الأساسية لأشهر طويلة نتيجة الحصار الذي أغلق كل الطرق المؤدية إلى الفاشر، مما يجعل الوصول إلى المدينة وضواحيها أمراً متعذراً.
ورغم النداءات المتكررة وقرارات مجلس الأمن الداعية إلى فك الحصار عن مدينة الفاشر، إلا أن كل هذه النداءات والقرارات ظلت ترتد على مطلقيها كرجع الصدى ودون أي فعل إيجابي ملموس لإنقاذ المدينة المتوقع اجتياحها من قبل قوات الدعم السريع في أي لحظة. وفي ظل هذا العجز البين تجاه التعامل مع حصار الفاشر، أطلق الأستاذ عبد الواحد محمد نور، رئيس حركة/جيش تحرير السودان مبادرة شعبية تهدف إلى إغاثة وحماية المدنيين واستعادة السلام والأمن في مدينة الفاشر وتيسير وصول المساعدات والإغاثة الإنسانية. وجاء محتوى المبادرة كالآتي:
1/ التعاون بين الأطراف: التأكيد على أهمية التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية، العسكرية والمدنية المشاركة في النزاع، والدعوة إلى إجراءات فوريّة وحاسمة لتحسين الأوضاع الإنسانية للمدنيين في الفاشر والمناطق المحيطة بها والعمل علي انهاء معاناتهم.
2/ إنسحاب القوات المتقاتلة: ٭ خروج جميع القوات المتقاتلة وحلفائها من المدينة والمناطق المحيطة بها وإنهاء كافة مظاهر الوجود المسلح. ٭ الاتفاق على جدول زمني محدد لسحب القوات المتحاربة من المدينة. ٭ تحديد الأماكن الجغرافية التي سيتم فيها التجميع المؤقت للقوات قبل سحبها النهائي. ٭ ضمان وجود مراقبين دوليين محايدين لمراقبة عمليات التجميع والانسحاب للقوات المتقاتلة.
3/ إدارة شؤون المدينة: النظر في تكوين مجلس محلي يضم ممثلين من جميع الأطراف المعنية في مجتمع الفاشر لإدارة شؤون المدينة وضمان توفير و تسيير الخدمات الضرورية للمواطنين.
4/ حماية وتأمين المدنيين: تشارك حركة جيش تحرير السودان في توفير الأمن في مدينة الفاشر وتأمين وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.
5/ تقديم المساعدات الإنسانية: دعوة المنظمات الإنسانية الوطنية والإقليمية والدولية لتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة لمواطني الفاشر وضواحيها وأماكن نزوحهم خارجها.
6/ منطقة منزوعة السلاح: تهدف المبادرة إلى جعل الفاشر منطقة منزوعة السلاح وخالية من المسلحين لتصبح أحد المراكز الرئيسية لإدارة العمليات الإنسانية والإغاثة إلى بقية أنحاء السودان.
7/ التعاون المجتمعي: تدعو المبادرة إلى تعزيز التعاون المجتمعي والتنسيق مع المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية المعنية بالعمل الإنساني وحقوق الإنسان.
8/ الإطار القانوني للمبادرة: قرارات مجلس الأمن الدولي 2139 (2014) و2258 (2015) التي تؤكد على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية، مستلهمين تجربة شريان الحياة خلال فترة الديمقراطية 1986 1989م
وفور الإعلان في وسائل التواصل الاجتماعي عن المبادرة، التفت حولها مجموعات من القيادات السياسية والقيادات المجتمعية ومجموعات من الأكاديميين والمهنيين…الخ، بالإضافة إلىى المواطنين العاديين، وأدير نقاش واسع حولها، توج بانتظام حملة واسعة لجمع التوقيعات المؤيدة للمبادرة، وبإصدار نداء تضمن تفاصيل المبادرة المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى ديباجة تقول « إدراكاً منا لتدهور الأوضاع الإنسانية في مدينة الفاشر، ولرفع المعاناة عن المواطنين الناجمة عن القتال والحصار المفروض على كاهل شعبنا في السودان عامة والفاشر خاصة، و لمواجهة المتطلبات التي يفرضها الوضع الإنساني المتدهور الذي يمر به المدنيون من فقدان الأمن الإنساني والنقص الحاد في الطعام والدواء، فإننا، نحن الموقعين أدناه على مبادرة نداء الفاشر، نطالب أطراف النزاع كافة، القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والمتحالفين معهما، الالتزام الصارم بضمان احترام مبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي ينطبق على هذا النزاع المسلح، وعلى وجه الخصوص البروتوكول الإضافي الثاني لسنة 1977م، الملحق باتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949م، والتي تلزم جميع الأطراف الوفاء بما ورد فيها، وضرورة تيسير العمل الإنساني لتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة والضرورية للمدنيين في مدينة الفاشر بوصفها استحقاقا إنسانيا وقانونيا عاجلا، تدعمه الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، ويُلزم الأمم المتحدة وفق ميثاقها بضمان حماية المدنيين في نطاق النزاعات المسلحة. نحن الموقعين على مبادرة نداء الفاشر، نؤكد أن هدفنا الأساسي والوحيد هو تخفيف المعاناة الإنسانية على المدنيين وحماية حياتهم وصون كرامة كل الأشخاص غير المقاتلين والمحايدين أو الذين كفوا عن القتال». وأكد الموقعون على المبادرة أنهم يضعونها أولاً بين يدي المجتمع المحلي في مدينة الفاشر للبحث في أفضل السبل لتنفيذها، كما يطالبون الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، الاتحاد الأفريقي، الجامعة العربية، الاتحاد الأوروبي، بالاضافة إلى دول جوار السودان، بالتحرك العاجل والفوري لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة في الفاشر.

نقلا عن القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة فی مدینة الفاشر وصول المساعدات

إقرأ أيضاً:

"البيئة" تشارك فى اجتماع لجنة تنفيذ مبادرة "نحو بحر متوسط نموذجي" ​

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شاركت وزارة البيئة بوفد رفيع المستوي برئاسة الدكتور علي أبو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة فى الإجتماع الخاص بلجنة التسيير المعنية بتنفيذ مبادرة "نحو بحر متوسط نموذجي بحلول 2030" ​​(PAMEx) في العاصمة اليونانية، وذلك في إطار استعدادات الحكومة المصرية لاستضافة مؤتمر الأطراف الرابع و العشرين لاتفاقية حماية بيئة البحر الأبيض المتوسط من التلوث المعروفة باسم " اتفاقية برشلونة " والمقرر عقده خلال الفترة من 2-5 ديسمبر القادم، وذلك بحضور الدكتورة هبة شعراوي منسق خطة عمل البحر المتوسط.

وأكد الرئيس التنفيذى لجهاز شئون البيئة أن المبادرة تهدف إلي تطوير استراتيجيات تمويل مستدامة، مع اتباع نهج مبتكر؛ لتوفير المصادر المالية البديلة. بما في ذلك الصناديق الإقليمية وغيرها من أنواع آليات التمويل الوطنية أو الإقليمية ، بحيث يكون هناك زيادة كبيرة في الموارد المالية من جميع المصادر الدولية والمحلية دون الاقتصار علي الجهات الحكومية فقط بحلول عام 2030، و تسعي المبادرة لضم الجهات غير الحكومية والقطاع الخاص  للقيام بدورهم تجاه حماية البيئة البحرية.

ولفت أبو سنه إلى أن المبادرة تعد تحالفًا طوعياً يضم إحدى عشر دولة  متوسطية وهي (مصر والجزائر وقبرص وفرنسا واليونان وإيطاليا ومالطا وموناكو والمغرب والبرتغال وإسبانيا وتونس) وخمس منظمات إقليمية وهى (برنامج الأمم المتحدة للبيئة/خطة عمل البحر الأبيض المتوسط، والمديرية العامة للإدارة والسياسات البحرية في الاتحاد الأوروبي، ولجنة الأسماك العالمية لمصايد الأسماك في البحر الأبيض المتوسط ​​التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة، والمنظمة البحرية الدولية، والاتحاد من أجل المتوسط) وذلك  بهدف حماية البيئة البحرية و الشاطئية للبحر المتوسط بما في ذلك الحفاظ علي التنوع البيولوجي في هذه المنطقة البحرية.

وأشار رئيس جهاز شئون البيئة، في بيان له اليوم الى أن نطاق عمل المبادرة يضم أربعة مجالات عمل ومحاور رئيسية، وهى  الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري والساحلي في البحر الأبيض المتوسط، تعزيز وتطوير الصيد المستدام لإنهاء الصيد الجائر بحلول عام 2030، مكافحة التلوث البحري والحد من إلقاء القمامة البحرية و  البلاستيكية في البحر الأبيض المتوسط ، وتعزيز ممارسات النقل البحري التي تحمي البيئة البحرية ، موضحاً أن مصر و فرنسا تقودان المفاوضات الخاصة بالمحور الرابع المعني بالحفاظ علي البيئة البحرية من خلال تحقيق سبل إستدامة النقل البحري وتقوم وزارة البيئة في هذا الصدد بالتنسيق الكامل مع وزارة النقل وقطاع النقل البحري لتوحيد الرؤي والجهود المبذولة في هذا الشأن، وما يتم من جهود حاليا للتوقيع علي الملحق السادس من إتفاقية ماربول  الخاصة بالحد من تلوث الهواء من السفن  وما يستتبعه من إلتزامات لخفض الإنبعاثات من الشحن البحري ودراسة المقترحات المقدمة بشأن فرض ضرائب علي السفن التي تتسبب في زيادة الإنبعاثات و التي تتم  أيضا من خلال إجتماعات المنظمة البحرية الدولية التي تشارك فيها مصر .

وعلي هامش الإجتماع عقد الدكتور على أبو سنه إجتماعاً مع السيدة تاتيانا هيما المنسق العام لخطة البحر المتوسط الذراع التنفيذية لإتفاقية برشلونة ، وقد تم خلاله مناقشة  تحضيرات مصر لإستضافة مؤتمر الأطراف الرابع و العشرين والذي سوف تتسلم خلاله مصر الرئاسة الخاصة بالإتفاقية لمدة عاميين، وقد ثمنت المنسق العام للإتفاقية التعاون القائم والمستمر مع جمهورية مصر العربية وتطلعها لعقد عدد من اللقاءات التحضيرية في الفترة المقبلة لمتابعة التحضيرات الجارية.

مقالات مشابهة

  • "البيئة" تشارك فى اجتماع لجنة تنفيذ مبادرة "نحو بحر متوسط نموذجي" ​
  • "فك كربة".. نافذة أمل في شهر الرحمة
  • افتتاح مبادرة سوق رواد العطاء للأسر المنتجة بتنومة
  • «المقريف» يترأّس اِجتماع لجنة مبادرة «تحدّي القِراءة العَربي»
  • موفد فرانس24 إلى السودان محمد فرحات: “الوضع الإنساني كارثي، خاصة مع توقف المساعدات”
  • أمير المدينة المنورة يستقبل سفير السودان لدى المملكة
  • منسقة الأمم المتحدة تحذر من تخفيض المساعدات للسودان وتدعو لتكثيف الدعم الإنساني
  • «مستقبل وطن» يطلق المرحلة الأولى من مبادرة «الخير» لدعم الأسر الأولى بالرعاية
  • تحركات عاجلة من مجلس السيادة لإنقاذ معسكر تستهدفه الدعم السريع
  • طوارئ أبوشوك للنازحين تطالب برنامج الغذاء العالمي بتنفيذ برنامج المساعدات الغذائية