زهير عثمان

الادعاء الأجوف الذي يكتب في حق المواقع السودانية بأن هذا الموقع أو ذاك وطرحي دفاعا عن كل منابر الإبداع السودانية وعلي من يظن أنه الوصي علي مصائر مواعين الثقافة وما يكتب بها , ويعلنون أنهم أوصياء الثقافة هم لعنة على مواعين الإبداع في بلدنا، حيث يعملون على تقييد حرية التعبير والإبداع
ويعززون من الانغلاق الثقافي , إن مواجهة هذه اللعنة تتطلب من المجتمع فتح الأبواب أمام التنوع الثقافي والإبداعي، وتشجيع المواهب الجديدة على الظهور والتعبير عن نفسها بحرية.

فقط عبر تحرير الثقافة من هذه الوصاية، يمكننا أن نضمن مستقبلاً ثقافيًا نابضًا بالحياة والتجدد.
في كل مجتمع فكري وثقافي، هناك من يظن نفسه حامي حمى الإبداع وحارس بواباته. لكن عندما يتحول النقد إلى ادعاءات جوفاء وتحريض على مغادرة المنبر، فإن الرد يجب أن يكون بصرامة ووضوح لا يترك مجالاً للشك.

ولمن يظن أن بعض المنابر "منكوب"، دعني أخبرك أنك أنت المنكوب بالفعل، وأن من يرى في نفسه صلاحية لتقرير من يبقى ومن يغادر، لم يفهم بعد جوهر الفكر والحوار. إن دعوتك للرحيل تكشف عن ضعف قناعاتك وضحالة رؤيتك، فلا يمكن لمنبر عريق أن ينحني أمام أصوات واهية لا تتجاوز في قوتها صدى نقرات أزرار لوحة المفاتيح.

الادعاء بأن المنابر قد تفقد بريقها وتتحول إلى "جدار في قارعة الفضاء" ليس إلا تعبيراً عن انعدام القدرة على مواجهة التنوع والاختلاف. إن ما تسميه "آفة نقل المواد" هو في الواقع تعبير عن حرية التعبير والإبداع الجماعي، وهو ما يجعل منابر كهذه حية ومتجددة. الاتهامات الموجهة ضد المشاركين الحاليين تفتقر إلى المصداقية والفهم العميق لمعنى الحوار الفكري. بل إنها تعبر عن رغبة في السيطرة وإقصاء الأصوات الأخرى، ما يشكل تهديداً حقيقياً للحوار الحر والمفتوح.
أما بالنسبة لمن يظن أن مقاطع الفيديو والمحتويات المنقولة تشوه المنابر وتقلل من قيمتها، فعليه أن يدرك أن العالم قد تغير، وأن أدوات التعبير تعددت وتنوعت. الإبداع لم يعد حكراً على النصوص المكتوبة فقط، بل أصبح يشمل الصور والفيديوهات وكل أشكال الوسائط المتعددة. ومن ينكر ذلك هو في الحقيقة عالق في الماضي، غير قادر على استيعاب التحولات الثقافية التي تجتاح العالم.
إن الادعاء بأن "المنابر منكوبة" هي محاولة بائسة لتبرير فشل البعض في مواكبة الزمن وفي التفاعل مع التطورات الجديدة. أولئك الذين يرون في أنفسهم "مبدعين" ويزعمون أنهم بلغوا "الثريا بأعمالهم الصغيرة" قد نسوا أن الإبداع لا يقاس بحجم الأعمال، بل بقدرتها على التأثير والتغيير.
أولاً التسلط الثقافي وانعكاساته , أن ظاهرة أوصياء الثقافة ليست جديدة، ولكنها تتجلى بشكل واضح في محاولاتهم المستمرة لفرض هيمنة فكرية على الساحة الإبداعية. هؤلاء الأوصياء يتصرفون كما لو كانوا حراسًا على أبواب الإبداع، يقررون ما هو مقبول وما هو غير مقبول، ومن يستحق أن يكون جزءًا من هذا الحقل ومن يجب إقصاؤه. هذه الوصاية تحمل في طياتها نوعاً من الاستعلاء الثقافي الذي يسعى إلى إقصاء الأصوات الجديدة والتجارب المبتكرة، والتي غالبًا ما تكون مخالفة للسائد والمألوف.
إن هذا التسلط لا يؤدي إلا إلى خنق الإبداع والحد من التنوع الثقافي فقط ، حيث يحاول هؤلاء الأوصياء تقييد المساحة المتاحة للتعبير الحر والمبتكر. بدلًا من تشجيع التنوع والانفتاح على الأفكار الجديدة، يعملون على تعزيز نماذج محددة وثابتة للإبداع، مما يساهم في خلق بيئة ثقافية راكدة وغير متجددة.
ثانياً الضرر الناجم عن الوصاية الثقافية , السيطرة الثقافية التي يمارسها أوصياء الثقافة تؤدي إلى عدة أضرار واضحة منها إقصاء المواهب الجديدة وعندما تسيطر فئة معينة على مواعين الإبداع، فإنها تميل إلى إقصاء أي صوت جديد لا يتماشى مع رؤيتها.
إقصاء المواهب الجديدة: عندما تسيطر فئة معينة على مواعين الإبداع، فإنها تميل إلى إقصاء أي صوت جديد لا يتماشى مع رؤيتها. هذا يؤدي إلى حرمان المجتمع من الإسهامات القيمة التي يمكن أن تقدمها هذه المواهب، ويحول دون تجديد الدماء في الساحة الثقافية.
تقليص حرية التعبير و تعمل الوصاية الثقافية على تضييق مساحة حرية التعبير، حيث يخشى الكثيرون من التعبير عن أفكارهم بحرية خوفًا من الانتقاد أو الإقصاء. هذا يحد من إمكانية طرح أفكار جديدة وإبداعية في المجتمع.
تعزيز الانغلاق الثقافي عبر فرض معايير صارمة للإبداع، يسهم أوصياء الثقافة في خلق بيئة مغلقة وغير منفتحة على التعددية والتنوع. هذا الانغلاق يعيق التفاعل مع الأفكار العالمية ويحد من تطور الثقافة المحلية.
في كل العوالم الثقافية، يُعتبر كل ما يُكتب، حتى وإن كان غثًا، نتاجًا ثقافيًا يستحق النقاش والتحليل، وليس الطرد من حظيرة رحمة داعمي الفكر والإبداع. فحتى الأطروحات الغريبة والفجة، مهما كانت حدتها، تجد في تلك العوالم المتحضرة مساحة للتعبير وميادين للنقاش والمناظرة. هناك، يُفسح المجال لكل رأي ليأخذ حقه من التقييم والتمحيص، حيث يتم التحقق من هذه الآراء بمزيد من الدقة والتأمل، دون قمع أو إقصاء.
إلى متى سنظل نحن أسرى هذه العوالم المغلقة، نسقط في فخ قهر المثقفين الذين لا يريدون سماع الآخر المختلف معهم أو حولهم؟ إن الاستمرار في هذه الحالة من الانغلاق الثقافي لا يؤدي إلا إلى تراجع الفكر وتقييد حرية الإبداع. إن الساحة الثقافية الحقيقية لا تعرف حدودًا للأفكار، بل تفتح أبوابها لكل رأي وكل إبداع، مهما كان مخالفًا أو غير مألوف. هذا هو السبيل الوحيد لضمان تطور ثقافي نابض بالحياة، حيث تتلاقح الأفكار وتتصادم في حوار حر ومفتوح، يؤدي في النهاية إلى إثراء المجتمع الثقافي وإغناء التجربة الإنسانية برمتها.
ثالثاً دعوة للتحرر من الوصاية الثقافية
لمواجهة هذه اللعنة الثقافية، يجب على المجتمع أن يتحرر من قيود الوصاية الثقافية التي تفرضها فئة معينة على الساحة الإبداعية. يجب أن نفتح المجال أمام جميع الأصوات، بغض النظر عن مدى توافقها مع المعايير التقليدية أو مدى ابتكارها. فالإبداع الحقيقي ينبع من الحرية، والتنوع هو ما يثري الثقافة ويجعلها قادرة على التفاعل مع المتغيرات والمستجدات.
كما يجب على المبدعين أنفسهم أن يتحدوا هذه الوصاية، وأن يرفضوا الانصياع للمعايير المفروضة عليهم. يجب أن يواصلوا طرح أفكارهم وتجاربهم الإبداعية بكل جرأة وشجاعة، دون خوف من الانتقاد أو الإقصاء. إن التحلي بالشجاعة في مواجهة هذه القوى المسيطرة هو السبيل الوحيد لضمان بقاء الثقافة حية ومتجددة.
أوجه رسالة واضحة لمن يشعر بالإحباط والخذلان: المنابر ليست منكوبة، بل أنتم من فقدتم القدرة على مواكبة التطور. دعونا نعمل معاً من أجل تعزيز الحوار والإبداع، بدلاً من الغرق في بحر من الانتقادات الهدامة التي لا تقدم ولا تؤخر. إن أراد أحد المغادرة، فلا حاجة للندم عليه، لأن المنابر سيظل حرة، ومفتوحة لكل صاحب فكر وقلم، يجمع بين قديم المبدعين وجديدهم، يجدد فيه الإبداع نفسه مع كل يوم جديد.
هذا القليل عن أوصياء الثقافة على مواعين الإبداع في بلدنا ونقد لظاهرة السيطرة الثقافية , وفي كل مجتمع، تبرز فئة تدعي لنفسها الحق في أن تكون حارسة على الثقافة والإبداع، تحاول فرض رؤيتها ومعاييرها على الآخرين وكأنها تملك الحقيقة المطلقة. في بلدنا، هؤلاء الأوصياء على الثقافة يمثلون لعنة حقيقية على مواعين الإبداع، حيث يعملون على تقييد حرية التعبير والإبداع بدلاً من تشجيعهما

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حریة التعبیر من یظن

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الإسكندرية: دعم كامل لتحفيز الإبداع والابتكار

أكد الدكتور عبد العزيز قنصوة، رئيس جامعة الإسكندرية، حرص الجامعة على تقديم الدعم بكل صوره لتحفيز الإبداع والابتكار وتشجيع الطلاب على إبراز مواهبهم وأفكارهم الإبداعية وتنفيذها على أرض الواقع وتسخيرها لتلبية احتياجات المجتمع والبيئة المحيطة.

جاء ذلك خلال افتتاح قنصوة، صباح اليوم جدارية «تميمة الحضارات» التى نفذها طلاب الكلية على سور المبنى الرئيسى لكلية الفنون الجميلة، كمشروع تخرج للدفعة 62.

   شهد الافتتاح الدكتور سعيد علام نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة نيفين غريب عميد كلية الفنون الجميلة، والدكتور هشام سعودى عميد الكلية الأسبق ورئيس نقابة المهندسين بالإسكندرية، والدكتور محمد هلال عميد الكلية الأسبق، والنائب إيهاب زكريا عضو مجلس الشيوخ، وعدد من أعضاء هيئة التدريس، والدكتورة منى رجب المدرس المتفرغ بالكلية والمشرف على تنفيذ الجدارية، ومنة الله محمد عباس المعيدة بقسم التصوير الجدارى بالكلية.

    وفي كلمته أشاد الدكتور عبد العزيز قنصوة بالمستوى المتميز للجدارية التى تتضمن تصاميم رائعة تعبر عن مختلف الحضارات، مشيراً إلى التاريخ العريق والسمعة الدولية التي تتمتع بها كلية الفنون الجميلة بالجامعة وريادة خريجى الكلية في خدمة الوطن في شتى المجالات ومجهودات الكلية فى المساهمة فى المشروعات القومية مثل تنفيذ أعمال النحت والترميم بحدائق أنطونيادس.

ووجه رئيس الجامعة إلى ضرورة الإستغلال الأمثل لمشاريع التخرج وتوظيفها لتجميل كليات الجامعة والمجتمع المحيط بالتعاون مع المجتمع المدني، وشجع الدكتور قنصوة الطلاب على تقديم أفكارهم الإبداعية لوادى التكنولوجيا بجامعة الإسكندرية لتحصل على التمويل اللازم وتحويل أفكارهم المبتكرة والإبداعية إلى شركات ناشئة بالتعاون مع الشركاء الصناعيين.

  وقدمت الدكتورة نيفين غريب الشكر لرئيس الجامعة على الدعم المتواصل الذى تقدمه الجامعة للكلية لتمكينها من تحقيق أهدافها في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع مشيرة إلى التعاون مع المجتمع المدني لتنفيذ مشروعات الطلاب الإبداعية وخدمة البيئة المحيطة مضيفة أن جدارية تميمة الحضارات أضافت لمسة جمالية لسور كلية الفنون الجميلة.

   فيما أكدت الدكتورة منى رجب، أن الجدارية تتكون من 12 لوحة فنية قام بها 12 طالبًا، وتمتد على مساحة 60 م2، وأشارت أن تنفيذ الجدارية استغرق عامًا ونصف من العمل الدؤوب والمستمر باستخدام خامات طبيعية مثل الحجر والرخام والجرانيت والفسيفساء، وتم تركيبها على سور كلية الفنون الجميلة بمظلوم في الإسكندرية، وأضافت أن المشروع استند علي مادة تاريخ الفن واستلهمت فكرته الجماعية من الحضارات العظيمة التي تركت بصماتها على العالم، ويجمع هذا المشروع جوهر بعضٍ من أكثر الحضارات تأثيرًا في التاريخ، بدءًا من العصر الحجري، والحضارة المصرية القديمة، وحضارتي المايا والأزتيك، والحضارة اليونانية-الرومانية، والقبطية، والإسلامية، ولفتت أن الجدارية تتضمن رموز وزخارف رئيسية تمثل الحضارات المختلفة، فضلًا عن النصوص واللغات التي تعبر عن هويات هذه الحضارات.

   شهد الافتتاح تكريم الطلاب المنفذين للجدارية وتسليمهم شهادات التقدير  وهم :  إسراء محمد، أسمة ابو الحسن، بسمة عصام، أية خفاجة، روان أشرف، روان وائل، سيمون معوض، تسنيم الكردي، مريم حسين، منة عصفور، عبد الرحمن سعيد، ناردين نعيم.

مقالات مشابهة

  • وزارة الثقافة والسياحة تدشن الأنشطة الثقافية الرمضانية 1446هـ
  • تعزيزًا للتبادل الثقافي.. وزارة الثقافة تطلق العام الثقافي السعودي الصيني
  • تحقق: نعم.. حرية التعبير مضمونة في المملكة المتحدة
  • برج الجوزاء .. حظك اليوم الخميس 6 مارس 2025: قدرة على الإبداع
  • رئيس جامعة الإسكندرية: دعم كامل لتحفيز الإبداع والابتكار
  • جماعات حقوقية تدين تصريحا لترامب وتراه هجوما مروعا على حرية التعبير والتجمع
  • الوزير سلامة بحث والسفير الايطالي في خطة دعم الارث الثقافي في لبنان
  • القمة الثقافية أبوظبي تنطلق 27 ابريل القادم
  • وزارة الثقافة تفتح باب طلبات عروض مشاريع دعم الجمعيات والهيئات الثقافية والنقابات الفنية والمهرجانات
  • انطلاق فعاليات الدورة القمة الثقافية أبوظبي 27 أبريل المقبل