ظاهرة زواج الأطفال تعود بقوة.. الأسباب والمخاطر والعواقب
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
يعد زواج الأطفال أحد أشكال الإتجار بالبشر ويصنف عنفاً موجهاً ضد النساء وزواجاً قسرياً وتمييزاً على أساس النوع، ويعرف أيضآ بزواج الصفقة أو "الزواج السياحي" حيث تعرض الفتاه كسلعة تباع وتشترى في صفقة تتم من خلال ما يعرفون ب "سماسرة الزواج السياحي، ومحام أو مأذون لكتابة عقد زواج عرفي وولي أمر الفتاه ، والزوج الأجنبي الذي يكون في أغلب الأحيان من أصحاب الثروات بإحدى دول الخليج
القانون المصري حدد سن الزواج بـ18 عاما، ولا يجوز قبلها توثيق عقد الزواج، وكذلك لا يجوز التصادق على العقد المذكور.
ومن ثم يعد زواج الأطفال جريمه يعاقب عليها القانون. ولكن لم يستطع القانون منع هذا الزواج رغم انه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائتي ألف جنيه، كل من تزوج أو زوَّج ذكرًا أو أنثى، لم يبلغ أى منهما ثماني عشرة سنة، وقت الزواج، وتقضى المحكمة على المحكوم عليه إذا كان مأذونًا أو موثقًا أو وصيًا على الطفل بالعزل، وإذا كان وليًا عليه بسبب الولاية
كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، والعزل، كل مأذون أو موثق منتدب خالف نص المادة (2) من هذا القانون، الخاصة بالإخطار عن واقعات الزواج العرفى الذى يكون أحد طرفيه طفلًا
أيضًا الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة 20 نوفمبر 1989 والمصدق عليها بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 260 لسنة 1990 بشأن الموافقة على اتفاقية حقوق الطفل والمتضمنة أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز 18 عاما سنة ميلادية،
كما قدمت الدولة المصرية مبادرات لدعم الفتاه أطلقتها الحكومة بالتعاون مع الأمم المتحدة في مصر، تسعى إلى تمكين الفتيات أقل من 18 سنه وبناء مهاراتهن وقدراتهن التعليمية والاجتماعية والاقتصادية، مبادرتي "دوّي" و"نوره"، حيث يرتبط البرنامجان (دوّي) و(نوره) ارتباطا كبيراً ببرنامجي " تنمية الأسرة المصرية وحياة كريمة".
وتعني "دوّي" الصوت العالي المصحوب بتأثير، وهي مبادرة وطنية يجري تنفيذها في مصر بهدف إشراك الناشئ من الفتيات والأولاد في الأنشطة التي من شأنها مساعدتهم على تحقيق كامل إمكاناتهم، مع تعزيز مشاركة أسرهم ومجتمعاتهم، ومن ثم تغيير الطريقة التي ينظر بها المجتمع للفتيات، ويتولى قيادة المبادرة الوطنية "دوّي"، المجلس القومي للطفولة والأمومة، بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة، بدعم فني من اليونيسف وبالتعاون مع العديد من الشركاء.
ومبادرة "نوره" أطلقتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، في أكتوبر 2021، والتي تهدف إلى تمكين الفتيات المراهقات لتغيير تحولي في مصر، وتُعد "نوره"، رمزاً لجميع الفتيات المراهقات في مصر ولإطار تنمية قدرات الفتيات، ويسعى أطراف المبادرة إلى أن تصبح قريباً رمزاً للإستثمار في الفتيات في مصر من خلال الشركاء وصانعي الأفلام والداعمين
أضف الي ذلك ما قدمته كافه مؤسسات المجتمع المدني المعنيه بحقوق المرأة والطفل من برامج وورش عمل و ندوات وحملات توعيه من أجل الحد من ظاهرة زواج الأطفال.. ورغم كل ما تم سرده في السطور السابقه الا ان تلك الظاهرة عادت وبقوه وفي تفاقم شديد..
بعيدا عن الأرقام والاحصائيات المعلنه من الجهات الرسميه هناك أضعاف أضعاف الأرقام الغير معلنه والتي تحدث في خفاء تام.. والسؤال المحير : أسباب تفاقم الظاهره وعوده ظهورها بشكل ملفت رغم وجود القانون والجهود التي تبذل من جانب الدوله ومؤسسات المجتمع المدني؟!!!!!!
كشف تقرير التنمية البشرية لعام 2021 ان هناك 111 الفا من الاناث في مصر تزوجت قبل السن القانونية وان 11٪ من الإناث في العمر من 15 ل 19 سنه متزوجات، بالاضافه إلى أن هناك نحو 5472 فتاه اقل من 18 سنه عقد قرانهن.
وطبقاً لدراسة أعدها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فهناك 117 ألف طفل فى الفئة العمرية من 10 إلى 17 عاماً متزوجون أو سبق لهم الزواج، في حين أعلن المجلس القومي للمرأة في 2019 أن نسبة تزويج القاصرات في الفئة العمرية من 15 إلى 19 عام بلغت 14.4٪ من بين إجمالي 887.3 الف حالة زواج تقريباً خلال عام 2018، أقبلت 139.760 الف امرأة على تسجيل وتوثيق عقود زواجهن "العرفي" لإضفاء الشرعية عليه، وهكذا يتحول الزواج العرفي إلى رسمي بمجرد بلوغ الفتاه السن القانوني طبقا للجهاز المركزي التعبئه والإحصاء.
بلغ عدد الفتيات طبـــقاً لتقديرات الســكان في يوليو عام 2023، بالفئة العمرية "16 -17 سنة" في مصر 13 مليون نسمة تقريبا بنسبة 12.5% من إجمالي السكان، مقابل 14 مليون فتى بنسبة 13.3% من اجمالي السكان المقدر بـــ 105 مليون نسمة في يوليو عام 2023.
الدكتورة نهى طلعت عبد القوي عضو المجلس القومي لحقوق الانسان ونائب رئيس الجمعيه المصريه لتنظيم الاسره قالت : طبقا لاخر تعديلات صدرت بقانون الطفل نصت الماده" ٣١ " من ق ٢٠١٤بعدم توثيق شهادات زواج الا بعد بلوغ الطفل او الطفله ١٨ سنه، وعلى الرغم أيضا ان الاستراتيجيات الوطنيه المختلفه اهتمت بقضيه زواج الأطفال وسعي الدوله لتنفيذ العديد من الضوابط للحد من زواج المبكر كان من اهمها شرط حصول الأسرة على معاش تكافل وكرامه ان لا تكون الزوجه اقل من ١٨ سنه الا ان تلك الظاهرة في ازدياد بعد آخر إحصائيات صادره من الجهاز التعبئة والإحصاء في عام ٢٠١٧ والتي كشفت ان ١من كل ١٠ فتيات تحت سن ١٨ متزوجه.. و على الرغم ان هذا الرقم المسجل والمعلن رسميا ضخم جدا. الا ان هناك استقصاءات غير رسمية تفوق أضعاف أضعاف هذا الرقم.
وأكدت د نهي ان الآثار المترتبه على زواج الأطفال تدفع الدوله ثمنها بشكل شبه يومي ومن أشد وأخطر الآثار السلبية القضية السكانية، فعندما تتزوج الفتاه في عمر ١٣ او ١٤ عاما تتسع لديها الفتره الزمنيه للانجاب، فتنجب عدد أطفال كبير في سن صغير، خاصة ان تلك الفتيات لا يلجئن لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة، ومن ثم تزيد مصر 2 ونصف مليون نسمة سنويا، بما يعادل نصف مواليد قاره أوروبا.
وكشفت د نهي عن جود عده أسباب لتفاقم الظاهره وعودتها بقوه رغم الجهود التي تبذل من جانب الدوله والمجتمع المدني وهي كما ذكرت :
أولا :الجهود التي تبذل في هذا الملف تتم في جزر منعزله، ولم تتكامل في تنفيذ استراتيجية واضحه للحد من زواج الأطفال
ثانيًا : صدرت نداءات كثيره تطالب بقانون منفصل لتوثيق عقود الزواج، وسن الزواج، وتغليظ العقوبة للحد من هذه الظاهرة.
ثالثا: قضيه الوعي.. ففي ظل الضغوط الاقتصادية التي تمر بها مصر والعالم كله، باتت تربيه البنات بالنسبه الاهالي عبئ كبير ، فالاب الذي لديه ابنه او اثنتان او ثلاثه يريد أن يتخلص من مسؤليتهن بزواجهن باقصي سرعه بغض النظر عن السن، وبالتالى كل الظروف الاقتصاديه ما زادت زاد ت نسبه التضخم.. وزاد معها ظاهره الزواج المبكر
رابعا : التسريب من التعليم.. كلما كان لدينا عجز في وجود مدارس في المناطق النائيه، كلما ساعد ذلك على زواج الفتيات مبكرا
خامسا : مازال الخطاب الديني غير واضح وحاسم في تلك القضيه، فيجب ان يكون الخطاب الديني واضح وحاسم
وطالبت د نهي بصوت واحد يتحدث في هذا
الموضوع، مع وجود خطة وعي متكامله، وتغيير مناهج التعليم، وتغليظ العقوبات، ورفع المستوى الاقتصادي للأسر خاصه قري الصعيد والمحافظات النائية و الحدوديه المشهوره بزواج الأطفال، موضحة أن المجتمع المدني له دور كبير في برامج الوعي لان الرائدات الريفية تستطيع دخول كل بيت.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ظاهرة زواج الأطفال زواج الأطفال الإتجار بالبشر ضد النساء مؤسسات المجتمع المدني المجتمع المدنی المجلس القومی زواج الأطفال لا تقل عن ألف جنیه فی مصر
إقرأ أيضاً:
الأطفال فى مرمى نيران الخلافات الزوجية
«أحمد»: أنا محروم من حضن أطفالى.. والحاجة زينب: القانون لا يمنحنى حق رؤية أحفادىإخصائية نفسية: مصلحة الطفل يجب أن تكون أولوية فى القانون والاحترام بين الزوجين واجب بعد الانفصالبرلمانية: تحقيق العدالة بين الوالدين فى قضايا الرؤية ضرورةعقوبات تأديبية لامتناع الحاضن عن تنفيذ حق الرؤية
فى ساحات محاكم الأسرة، لا يهدأ الصراع بين الأزواج حتى بعد وقوع الطلاق، بل تبدأ مرحلة جديدة من النزاع، حيث تتحول الحقوق المشروعة إلى أدوات انتقام، ويتحول الأطفال إلى رهائن يساوم به أحد الطرفين الآخر لتحقيق المزيد من المكاسب، ويصبح قانون الرؤية أحد أهم محاور هذا الصراع، فبدلاً من أن تكون وسيلة لتحقيق التوازن وضمان حق الطفل فى الاحتفاظ بعلاقته مع كلا والديه لضمان التنشئة السوية، يتحول القانون فى كثير من الحالات إلى أداة لتعذيب الزوجين وتسوية الحسابات العاطفية والمادية بينهما.
وخلال هذا التحقيق تستعرض «الوفد» قصصاً تعكس المعاناة التى تسببها تطبيقات قانون الرؤية على الأزواج والأجداد، ويحكى أحمد مصطفى موظف 42 عاماً قصته قائلاً: أنا الأب المحروم من حضن أطفالى، فبعد انفصالى عن زوجتى، أصبحت لقاءاتى بهم مقتصرة على ثلاث ساعات أسبوعياً فى مركز شباب مزدحم. أذهب وأحاول أن أبدو سعيداً أمامهم، لكن الحقيقة أن هذه الساعات تزيد من ألمى، فالأطفال بحاجة لوجود والدهم فى حياتهم يومياً، وليس كضيف يسمح له برؤيتهم فترة محددة، خاصة أن طليقتى تستخدم القانون كأداة ضغط، وتتعمد إفساد العلاقة بينى وبين أطفالى.
وتروى الحاجة زينب محمود (67 عاماً)، جدة ثلاثة أحفاد معاناتها فتقول: كان أحفادى يملأون حياتى سعادة، ولكن بعد انفصال ابنى عن والدتهم لم أعد أراهم إلا فى المناسبات، وأحياناً يحرمون من زيارتى تماماً، فالقانون لا يمنحنى أى حقوق قانونية لرؤيتهم، وأمهم ترفض بشدة أن ألتقى بهم، هذا العذاب لا يشعر به إلا من عاشه؛ أحفادى يكبرون بعيداً عنى، أشعر كأننى فقدت جزءاً من روحى، وهذا الحرمان هو أقسى عقاب يمكن أن يتعرض له إنسان.
وتقول نجلاء إبراهيم (36 عاماً)، مطلقة وأم لطفلين: طليقى يحاول الضغط على باستخدام قانون الرؤية أحياناً يرفض إعادة الأطفال فى الموعد المحدد بعد نهاية الزيارة، وأعيش حالة من القلق والخوف حتى يعودوا، رغم أننى أريد أن يحافظ الأطفال على علاقة طيبة مع والدهم، إلا أن هذه المشاكل تجعل الوضع لا يطاق. القانون لا يحمينا ولا يحمى الأطفال من هذه التلاعبات، فالرؤية أحياناً تصبح ساحة جديدة للصراع، بدلاً من أن تكون وسيلة لراحة الجميع.
ويضيف محمد حسن (45 عاماً)، يعمل فى مجال البناء، قائلاً: أشعر بالعجز أمام تعنت طليقتى، طفلى يبلغ من العمر 8 سنوات، وكل ما أتمناه هو أن أقضى معه يوماً كاملاً فى منزلى، ولكن القانون يجعلنى مجرد زائر فى حياته، حتى إذا أردت اصطحابه فى رحلة، لا يمكننى ذلك بسبب القيود المفروضة على. أنا لا أريد شيئاً سوى حقى كأب وأن أكون جزءاً من حياته.
ويحكى أحد المدرسين عن تجربة أحد طلابه فيقول: لدى طالب فى الصف الخامس الابتدائى دائم الانعزال. تحدثت معه ذات يوم، فأخبرنى بأنه يكره أيام الرؤية لأن والده ووالدته يتشاجران أمامه فى كل مرة يلتقون فيها، حتى أصبح الطفل ضحية لصراع لا يفهمه، وكل ما يريده هو أن يعيش طفولته بعيداً عن هذه الأجواء السلبية.
وسيلة للانتقام
قصص المتضررين تعكس الواقع المؤلم الذى يعيشه الآباء والأمهات والأجداد حتى الأطفال فى ظل قانون الرؤية الحالى، الجميع يتفق على أن القانون بحاجة إلى مراجعة شاملة لتحقيق التوازن بين حقوق الجميع، وضمان أن تكون الرؤية وسيلة للتواصل الأسرى لا أداة للصراع، فهذا القانون الذى يهدف فى جوهره إلى حماية الروابط الأسرية وضمان حق الطرف غير الحاضن فى لقاء أبنائه، أصبح فى بعض الأحيان وسيلة للانتقام وتصفية الخلافات، وفى هذا المشهد المعقد، لا يقتصر الألم على الأزواج فحسب، بل يمتد ليشمل الأجداد، الذين يجدون أنفسهم محرومين من رؤية أحفادهم، لا لذنب ارتكبوه، بل لأنهم جزء من عائلة أصبحت ضحية للصراعات.
الدولة تحاول إنقاذ الموقف والحفاظ على حق الأطفال، من خلال وضع تعديلات جوهرية جديدة على قانون الأحوال الشخصية، حيث أعلن المستشار عبدالرحمن محمد، رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، الانتهاء من مشروع القانون، لافتاً إلى أنه بعد مراجعة وزارة العدل وصياغة مشروع القانون بشكل نهائى، يتم إرساله إلى مجلس الوزراء للنظر فيه وإعادة ضبط الصياغة ثم الموافقة عليه وطرحه لحوار مجتمعى تمهيداً لاتخاذ قرار بشأن إحالته إلى مجلس النواب.
وتهدف تعديلات القانون فيما يخص الجزء الخاص بالرؤية إلى تحقيق التوازن بين حقوق الوالدين ومصلحة الطفل الفضلى، وتمثلت أبرز التعديلات فى توسيع نطاق الأماكن المخصصة للرؤية، لتشمل مواقع متنوعة توافق عليها الدولة، ولم تعد مقتصرة على الأندية أو مراكز الشباب فقط، ويمكن توفير أماكن أكثر راحة للأطفال وتناسب احتياجات الأسرة.
وأضاف القانون إمكانية الرؤية الإلكترونية، لتناسب الحالات التى يكون فيها أحد الطرفين خارج البلاد أو فى حالة مرضية تمنعه من الحضور، وتعد الرؤية الإلكترونية وسيلة لتيسير التواصل بين الطفل والوالد أو الوالدة غير الحاضنة.
وفى حالة امتناع الأم عن تنفيذ حكم الرؤية دون عذر قانونى، قد تحرم من حق الحضانة فترة مؤقتة (مثل ثلاثة أشهر)، حسب ما يتم تحديده من قبل القاضى، وإذا رفض الأب الإنفاق على أطفاله، يحق للأم التقدم بطلب لمنع الرؤية عنه، إلى أن يلتزم بواجباته المالية.
وتضمنت تعديلات القانون الجديد، تغيير مصطلح «الاستضافة» إلى «الاستزارة»، لتأكيد أن الطفل فى زيارة للوالد أو الوالدة وليس ضيفاً، وحددت مدة الاستزارة بـ10 ساعات شهرياً و15 يوماً سنوياً، تشمل الإجازات والأعياد بما يحقق راحة الطفل واستقراره، وإذا امتنع أحد الوالدين عن إعادة الطفل بعد انتهاء مدة الاستزارة، يمنع من ممارسة حق الاستزارة مرة أخرى بقرار قضائى.
وتعكس التعديلات الجديدة رؤية شاملة لحماية حقوق الأطفال وتعزيز الروابط الأسرية، مع توفير آليات مرنة تواكب التغيرات المجتمعية والتكنولوجية.
مصلحة الطفل فوق الجميع
وبدورها، قالت نورهان النجار، إخصائية الإرشاد النفسى والأسرى، إن مصلحة الطفل فوق كل اعتبار ويجب أن ينشأ فى أسرة سوية، وإن تم الانفصال بين الوالدين فيبقى الاحترام فوق كل شىء حتى ينمو الأطفال فى جو صحى بلا نزاعات وحتى لا يكونوا مشوهين نفسياً وفكرياً.
وتطرقت النجار إلى الحديث عن تأثيرات قانون الأحوال الشخصية على الأطفال بعد الانفصال، وأكدت أن قانون الأحوال الشخصية يهدف إلى تحديد الحقوق والواجبات بين الأطراف المعنية، لكن لا يضمن بالضرورة تحقيق بيئة صحية للأطفال.
وأشارت إلى أن الحرمان من رؤية أحد الوالدين، خاصة الأب، له تأثيرات نفسية عميقة على الأطفال، من بينها فقدان الشعور بالأمان وضعف الثقة بالنفس، مضيفة أن هذه الحالات قد تؤدى إلى اضطرابات عاطفية ونفسية، وقد تظهر آثارها فى مشاكل اجتماعية وسلوكية، بل قد تؤثر على القدرات الذهنية والأداء الدراسى للأطفال.
وشددت النجار على ضرورة تفعيل آليات قانونية لمنع استخدام الأطفال كأدوات للانتقام بين الوالدين، وأكدت أهمية أن تكون العقوبات المصاحبة لهذه الحالات مدروسة نفسياً وإنسانياً، بما يضمن عدم تعرض الأطفال لمزيد من الأذى النفسى جراء الخلافات الأسرية.
كما تحدثت عن التحديات التى قد يواجهها الطرف غير الحاضن بعد الانفصال، لا سيما الشعور بالوصم الاجتماعى والضغط النفسى الناتج عن محاولة بناء علاقة مع الأطفال فى وقت محدود، مشيرة إلى أن الطرف غير الحاضن قد يواجه صعوبة فى التعبير عن مشاعره أو إقامة علاقة دائمة مع الأطفال، ما قد يؤدى إلى سلوكيات غير مدروسة.
وأكدت الخبيرة النفسية ضرورة أن يهيئ الوالدان الأطفال نفسياً قبل اتخاذ قرار الانفصال. مشيرة إلى أن اتخاذ هذا القرار بشكل مفاجئ يمكن أن يترك أثراً نفسياً طويلاً عليهم.
وأضافت أن الاتفاق على شرح الموضوع للأطفال بطريقة تناسب أعمارهم مع طمأنتهم بالاستمرار فى تلقى الحب والرعاية من كلا الوالدين يعد أمراً أساسياً فى هذه المرحلة.
وفيما يتعلق بقانون الرؤية، أشادت النجار بالتطورات التى شهدها القانون، مثل الرؤية الإلكترونية، لكنها انتقدت الوقت المحدد للرؤية، الذى لا يتجاوز 8-10 ساعات أسبوعياً و15 يوماً سنوياً. وأوضحت أن هذه الساعات المحدودة لا توفر للطفل فرصة كافية لبناء علاقة صحية ومستدامة مع الطرف غير الحاضن.
واختتمت النجار حديثها بتأكيد أن الأطفال هم الضحايا الرئيسيون فى أى نزاع أسرى، حيث يعانون من تأثيرات نفسية واجتماعية تؤثر على حياتهم المستقبلية، ودعت إلى تبنى سياسات قانونية وأسرية تأخذ فى الاعتبار مصلحة الطفل كأولوية، مع ضرورة أن يظل القانون أداة تنظيمية مكملة للنوايا الحسنة والاحترام المتبادل بين الوالدين، موضحة أن الحلول تبدأ من وعى الوالدين بدورهما الأساسى فى توفير بيئة آمنة ومستقرة للأطفال، بغض النظر عن الخلافات أو الانفصال. قائلة إن القانون أداة تنظيمية، لكنه ليس بديلاً عن النوايا الحسنة والحب والاحترام.
تحديث القانون
ومن جانبها، أكدت النائبة أمل سلامة، عضو مجلس النواب، أهمية تحديث قانون الأحوال الشخصية ليعكس تطورات العصر ويواكب المتغيرات الاجتماعية، مشيرة إلى أن بعض القضايا المثارة بشأنه تحتاج إلى معالجة دقيقة بما يحقق العدالة للجميع.
وقالت إن هناك تصوراً خاطئاً بأن القانون يمنع الأب من رؤية أطفاله، موضحة أن التأخير من قبل الأم فى تنفيذ حق الرؤية يجب أن يقابل بعقوبات رادعة تتناسب مع حجم المخالفة.
واقترحت «سلامة» فرض عقوبة تأديبية تتمثل فى حرمان الأم من الحضانة لمدة ثلاثة أشهر حال تعمدها تأخير تنفيذ حق الرؤية، على أن تعود لها بعد انتهاء المدة. وأشارت إلى أن الاستضافة يجب أن تتم بموافقة الأطراف المعنية، مع التركيز على تحقيق مصلحة الطفل كأولوية قصوى.
وشددت النائبة على ضرورة تحقيق المساواة بين الأب والأم فى حالة زواج أحدهما أو كلاهما، مع التأكيد على أن مصلحة الطفل الفضلى هى المحدد الأساسى فى تحديد مصير الحضانة.
كما رفضت انتقال الحضانة إلى الأب مباشرة بعد الأم، مشيرة إلى أهمية مرور الحضانة بالجدة أولاً، مع وضع ضوابط واضحة وشروط محددة حال إسناد الحضانة إلى الأب، بما يضمن استقرار الطفل وحمايته.
وختاماً، دعت النائبة إلى صياغة تعديلات تضمن التوازن بين حقوق الأب والأم، وتصب فى مصلحة الطفل، معربة عن أملها فى أن يسهم القانون الجديد فى حل النزاعات الأسرية وتحقيق الاستقرار للأسر المصرية.