بقلم: عبده حقي

أصدرت شركة بوسطن الاستشارية العالمية تقريرًا يستعرض نتائج استطلاع أجرته لقياس مستوى الوعي بالذكاء الاصطناعي و"الذكاء الاصطناعي التوليدي" (GenAI)، إضافة إلى تقييم المشاعر الإيجابية والسلبية التي يحملها المستهلكون تجاه هذه التقنيات. شمل الاستطلاع 21,000 مشاركًا من 21 دولة، من بينها ثلاث دول عربية: الإمارات العربية المتحدة، المغرب، والسعودية.

وتتصدر الهند القائمة بنسبة 45% من المستهلكين الذين يستخدمونChatGPT شات جي بي تي ، تليها المغرب بنسبة 38%، والإمارات العربية المتحدة بنسبة 34%. وتشير هذه الأرقام إلى انتشار كبير لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في هذه البلدان، مما يشير إلى عدة عوامل مؤثرة.

وقد احتل المغرب المرتبة الثانية عالميا بنسبة استخدام 38% وهو أمر جدير بالملاحظة بشكل خاص. وقد يتأثر معدل التبني المرتفع هذا بعدة عوامل، بما في ذلك المبادرات الحكومية لتعزيز الثقافة الرقمية ودمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات مثل التعليم والأعمال والخدمات العامة. ويدعم المنهج الاستباقي للحكومة المغربية للتحول الرقمي، إلى جانب توافر خدمات الإنترنت بشكل متزايد، هذا التبني القوي.

لقد أدركت الحكومة المغربية أهمية الرقمنة والذكاء الاصطناعي كجزء من استراتيجيتها لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي. ومنذ إطلاق برنامج "المغرب الرقمي 2020"، وضعت البلاد أهدافًا طموحة لتعزيز الابتكار في مجال التكنولوجيا، بما في ذلك تحسين البنية التحتية الرقمية وتوسيع نطاق الولوج إلى الإنترنت. كما قامت الحكومة بإطلاق مبادرات تدعم تطوير الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي وتعزيز البحث والتطوير في هذا المجال.

إضافة إلى ذلك، قامت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي بتنفيذ خطط لتعزيز الذكاء الاصطناعي عبر مختلف القطاعات. فقد تم إنشاء مختبرات بحثية وشبكات تعاون بين الجامعات والمؤسسات التعليمية والشركات الناشئة لتطوير حلول مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. هذه الجهود ساهمت في خلق بيئة مواتية لانتشار أدوات مثل شات جي بي تي، والتي أصبحت جزءًا من الأدوات اليومية للعديد من المغاربة سواء في العمل أو الحياة الشخصية.

كما ساهمت الجامعات المغربية والمعاهد التقنية بشكل كبير في تطوير الكفاءات المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد أُدرجت برامج تعليمية وتدريبية موجهة نحو الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات في المناهج الدراسية. مما جعل المغرب مركزًا ناشئًا لتطوير القدرات البشرية في هذا المجال، حيث يكتسب الطلبة والمهنيون مهارات تساعدهم على استغلال التكنولوجيا الحديثة بفعالية.

تعد جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) في بن جرير مثالًا واضحًا على هذا التوجه، حيث تقدم برامج متقدمة في الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات. كما أنشأت شراكات مع مؤسسات دولية لتعزيز البحث والتطوير في هذا المجال. هذا الاستثمار في التعليم والتدريب يضع المغرب في موقع متميز كدولة قادرة على قيادة الابتكار التكنولوجي في المنطقة.

لم تقتصر جهود تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي على المبادرات الحكومية فقط، بل شهد القطاع الخاص في المغرب أيضًا نموًا كبيرًا في تبني هذه التقنيات. تتجه العديد من الشركات المغربية، سواء الكبيرة أو الصغيرة، نحو الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة عملياتها وتقديم خدمات أكثر تطورًا للعملاء.

القطاعات مثل البنوك، التأمين، التجارة الإلكترونية، والتعليم، وحتى الصناعات التقليدية بدأت تعتمد بشكل متزايد على أدوات مثل شات جي بي تي. فمثلاً، تستخدم المؤسسات المالية الذكاء الاصطناعي لتحسين خدمات العملاء من خلال توفير حلول آلية للدعم الفني، وتحليل البيانات لتحسين استراتيجيات التسويق وإدارة المخاطر. كما تستخدم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا هذه التقنيات لتطوير منتجات مبتكرة تلبي احتياجات السوق المحلية والإقليمية.

ورغم التطور الملحوظ في استخدام الذكاء الاصطناعي في المغرب، إلا أن هناك تحديات لا تزال قائمة، مثل الحاجة إلى تعزيز الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية، وتطوير الإطار القانوني الذي ينظم استخدام هذه التقنيات. إضافة إلى ذلك، يجب العمل على تقليل الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والريفية لضمان استفادة الجميع من التكنولوجيا الحديثة.

ومع ذلك، فإن الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي للمغرب تبقى هائلة. يمكن لهذه التقنيات أن تلعب دورًا محوريًا في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين الخدمات العامة والابتكار في مختلف المجالات. وإذا استمرت البلاد في الاستثمار في التعليم والتدريب والبنية التحتية الرقمية، فمن المتوقع أن يستمر المغرب في التقدم كواحد من الرواد في مجال الذكاء الاصطناعي في المنطقة.

 

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی هذه التقنیات فی مجال

إقرأ أيضاً:

"أدنوك" تعتمد استراتيجيتها في مجال الذكاء الاصطناعي

اعتمدت شركة أدنوك الإماراتية استراتيجيتها في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية، والتي تهدف إلى تسخير إمكانيات الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها في رفع الكفاءة وتحقيق الاستدامة والنمو في جميع عمليات الشركة، بحسب بيان اليوم الأربعاء.

وذكر البيان أن الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ترأس اليوم، اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس إدارة "أدنوك"، الذي عُقد في المقر الرئيسي للشركة، وقد اعتمد استراتيجية "أدنوك" للذكاء الاصطناعي التي تحمل اسم "ذكاء اصطناعي لطاقة المستقبل".

وتطمح أدنوك الإماراتية في أن تصبح شركة الطاقة الأكثر تطبيقاً لأدوات وحلول الذكاء الاصطناعي في القطاع، وتعزيز مكانتها كشركة رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب إسهامها في وضع معايير جديدة لاستخدامات التكنولوجيا في قطاع الطاقة.

كما تسعى "أدنوك" للاستفادة من أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي وتوظيفها في برامج الشركة لإزالة الكربون خلال "عام الاستدامة" في دولة الإمارات، وكذلك في تحسين إنتاج الطاقة، وتمكين "أدنوك" من إنتاج المزيد منها بأقل انبعاثات.

مقالات مشابهة

  • الإمارات في الفئة الأعلى عالمياً للأمن السيبراني وفق تصنيف الاتحاد الدولي للاتصالات
  • استخدام الذكاء الاصطناعي من جوجل لمعالجة البطالة
  • إطلاق سياسة دبي لتأمين الذكاء الاصطناعي
  • "هايبر فيوجن" تقدم منح استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للشركات في الإمارات
  • "أدنوك" تعتمد استراتيجيتها في مجال الذكاء الاصطناعي
  • "أدنوك" تعتمد استراتيجيتها في مجال الذكاء الاصطناعي
  • المنتخب العراقي يحافظ على المركز 55 عالمياً في تصنيف الفيفا
  • "رايتس ووتش" تحذر من استخدام الاحتلال الذكاء الاصطناعي في عدوانه على غزة
  • رايتس ووتش تحذر من استخدام الاحتلال الذكاء الاصطناعي في عدوانه على غزة
  • قمة دولية في كوريا الجنوبية بهدف استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري