سودانايل:
2024-11-21@17:27:59 GMT

الفلقنيزم وسايكولوجية الإنسان المقهور

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

✍️بقلم محمد الربيع
—————
ذَلَّ من يغبط الذليل بعيشٍ - رُبَّ عيشٍ أخفُّ منه الحِمَامُ
كلّ حلمٍ أتي بغير إقتدارٍ - حجّةٌ لاجيءٌ إليها اللّئامُ
من يهن يسهُلِ الهوانُ عليه - ما لجُرحٍ بميّتٍ إيلامُ
،،،، أبو الطيب المتنبيء ،،،،

✍️الفلقنيزم هو إشتقاق من كلمة أو صفة الفلقنة، أما الشخص الموصوف فهو "فلقناي بتقديم القاف علي النون أو فلنقاي بتقديم النون علي القاف وبعضهم ينطقها فلجناي بالجيم" والجمع فلاقنة ….

والفلنقاي بلغة أهلنا الفور هو خادم السلطان المطيع ينفذ الأوامر دون إعتراض ولا حتي أستفسار ويقوم بدور آخر ويسمي "موقاي" وهو بمثابة المرسال وربما السفير وعندما يذهب لمكانٍ او بلدٍ ما حاملاً تعليمات السلطان يبدأ حديثه بعبارة : (الخشم خشمي والكلام كلام سيدي) لذلك يطلق عليه بعض أهل دارفور لقب (قدُّوم السلطان) أي المتحدث بإسم السلطان،،،، وفي حقيقة الأمر فهو خادم مطيع يفعل ما يُؤمر به دون حتي تفكير أو إعتراض مما يضعه في مرتبة الآلة أو الجهاز الآلي "روبوت" !!

????أما سيكولوجية الإنسان المقهور فهي مفهوم يشير إلي الحالة النفسية للأفراد الذين يعانون من قهرٍ وإستبداد من قِبَل آخرين أو النظام الإجتماعي حيث يعاني المقهور من شعورٍ بالعجز والضعف وعدم الإستقلالية ويشعر بأنه غير قادر علي التأثير علي حياته وإتخاذ قراراته الخاصة وقد يعاني من فقدان الثقة بالذات مما قد يتسبب بتأثير سلبي علي صحته العقلية والجسدية لذلك يتخلي عن ثقافة التصدي والمقاومة ويسقط في فخ الإستسلام والتوقعات والأحلام الرغبوية وهذا يعيق قدرتهم علي العيش بحياة ذات معني وقيمة.

☀️إذا نظرنا إلي تصرف "بعض" الحركات النضالية خلال هذه الحرب العبثية فنري أنهم جمعوا ما بين الفلقنة وسيكولوجية الإنسان المقهور من خلال إنحيازهم الغير متوقع ووقوفهم الشاذ بجانب من قتلهم وأذلهم وشرّدهم لعقدين من الزمن وحاربهم إقتصاديا، إجتماعياً وسياسياً وحرمهم حتي من الجنسية وحق المواطنة ووصفهم بكل ما هو قبيح وظالمٍ ومشين ،،،، وحتي عندما وقّع معهم إتفاقياتٍ في السابق غدر بها ولم ينفذها لهم وأهانهم من جديد بل وقتلهم داخل العاصمة نفسها مما إضطروا للعودة إلي الغابة مرة أخري وظلوا بين المنافي واللجوء وعواصم دول الجوار حتي ساعدهم قائد قوات الدعم السريع بإتفاق سلام جوبا وأدخلهم الخرطوم مرة أخري وظل يمنحهم من الأموال ما يسيرون بها حياتهم اليومية حتي وقفوا علي أرجلهم "وهذه الحقيقة لن تمحوها الأيام ولن تدفنها الخيانة ونكران الجميل" وعندما أشعل الكيزان الحرب العبثية في أبريل ٢٠٢٣، ومرة أخري ساعدهم الدعم السريع في الخروج الآمن من العاصمة لكن للأسف الشديد
إذا كان الطباعُ طباع سوءٍ - فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ
فقد غدروا به ووقفوا مع (عدوهم التاريخي) يدافعون عنه ويحموا ملكه !! تناسي مناوي كل الإهانات ومقالات الذم والهجاء التي كُتِبَت ضده بأحرفٍ زفت خاصة في صحيفة الإنتباهة وبقية الصحف الإنقاذية وترك دماء رجاله في المهندسين وباع جبريل دم شقيقه بثمنٍ بخسٍ … "وكان فيه من الزاهدين" !

✍️هذه الردة النضالية لا تجد لها تفسيراً إلّا عند "متلازمة ستوكهولم" !! وهي الحالة الشاذة والشعور الغريب الذي حدث في العاصمة السويدية ستوكهولم عام ١٩٧٣ للرهائن المخطوفين في "بنك كريديتباكين" لمدة ستة أيام وعندما كان البوليس يتفاوض مع الخاطفين حتي لا يتعرض حياة المخطوفين للخطر نشأت حالة من التعاطف والمشاعر الإيجابية من الضحايا تجاه الخاطفين وبدأوا يرتبطون بهم عاطفياً وصلت درجة التضامن معهم والدفاع عنهم بعد إطلاق سراحهم فأطلق علي هذه الحالة النفسية الغريبة والشاذة "متلازمة ستوكهولم" وأطلقها الخبير نيلز بيجيروت المختص بعلم الجرائم والأمراض النفسية بمديرية الشرطة السويدية ومن يومها أصبح مصطلحاً عالمياً عندما يتعاطف الضحية مع الجلاد ويدافع عنه عوضاً عن الإنتقام !!!

قبل الختام: مناوي ونبوءة شيخ فوراوية
✍️هنالك رواية (تشاؤمية) يعرفها غالبية الرعيل الأول من مناضلي حركة تحرير السودان وهي أنه في بداية تدشين النضال المسلح وبينما كان هناك مجموعة من شباب الحركة جالسين في مكانٍ ما بمنطقة فوراوية إذا مرَّ بمجلسهم شيخٌ طاعنٌ في السن وسألهم عن حركتهم الجديدة وأهدافها ومن هو قائدهم؟ فأخبروه وقالوا له : قائدنا هو مني أركو مناوي. صمت الشيخ الوقور لبرهة ثم قال لهم: إذا كان صاحب العيون الحمر هذا فسوف يكملكم جميعاً ولن تنتصروا !! ثم تركهم ومضي.
إذا ربطتَ نبوءة هذا الشيخ بنبوءة شيخ الجمهوريين عن الكيزان وشاهدت تراجيديا نهاية الفيلم الحالي، عليك أن تتذكر عبارة الفاروق : "إن القلوب إذا صفت تري بنور ربها" !

m_elrabea@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

280 عاما من التأسيس.. عُمان قصة وطن وحكمة قيادة

 

رامي بن سالم البوسعيدي 

في قلب شبه الجزيرة العربية، حيث تلتقي الجبال الشاهقة بالصحراء الذهبية، وحيث تهامس الأمواج شواطئ المحيط الهندي، تقف سلطنة عُمان شامخة بتاريخها العريق، الذي خطته أيادٍ حكيمة وقلوب مؤمنة بالوطن، ومن بين الصفحات المضيئة في تاريخها الذي يمتد لأكثر من 5 آلاف عام، تبرز قصة تأسيس دولة البوسعيدي عام 1744 على يد الإمام أحمد بن سعيد، وهي قصة تُجسد الإصرار على الوحدة والاستقرار رغم تحديات الزمن.

في القرن الثامن عشر وبالتحديد قبل 280 عاما كانت عُمان تعيش بين أمواج متلاطمة من الصراعات الداخلية والغزو الخارجي، وفي وسط تلك الأزمات برز رجل من صحار، واليها الحكيم أحمد بن سعيد البوسعيدي، كان قائداً بالفطرة، يجمع بين الحزم والرؤية البعيدة، عندما اجتاحت القوات الفارسية السواحل العُمانية، وقف أحمد بشجاعة واستطاع إلحاق الهزيمة بالغزاة، مما أكسبه ثقة الناس والتفافهم حوله.

لم يكن أحمد بن سعيد يسعى للسلطة بقدر ما كان يحمل هم الوطن، وعندما التف زعماء القبائل حوله وأجمعوا على اختياره إمامًا لعُمان عام 1744، أدرك أن المهمة ليست سهلة، بدأ بتوحيد الصفوف وترسيخ الأمن الداخلي، واضعاً أسس دولة حديثة تقوم على التوازن بين القيم التقليدية ومتطلبات العصر، وأعاد بناء أسطول بحري قوي، جعل من موانئ عُمان مثل مسقط وصحار، مراكز تجارية حيوية تربط الشرق بالغرب، وكان عهده إيذاناً ببدء فصل جديد من الاستقرار والازدهار.

منذ أحمد بن سعيد توالت أجيال من الحكام من أسرته، الذين ساروا على نهجه، يجمعون بين الحزم والحكمة في إدارة الدولة، وشهدت عُمان خلال هذه الفترات تحولات عديدة، من توسيع رقعة نفوذها البحري في المحيط الهندي، إلى بناء علاقات متينة مع القوى الدولية مثل بريطانيا، وفي القرن التاسع عشر عززت عُمان حضورها كقوة بحرية وتجارية بارزة، وكانت مسقط نقطة جذب للتجار من الهند وأفريقيا والخليج، وكانت الدولة رمزاً للتنوع الثقافي والانفتاح على العالم، لكن كانت هناك تحديات كبيرة، وتوالت الانقسامات القبلية والضغوط الخارجية التي هددت في أوقات عديدة استقرار البلاد، إلا أن حكمة قادة البوسعيد وتكاتف الشعب أبقيا السفينة في مسارها الصحيح.

وفي عام 1970، أشرقت عُمان على حقبة جديدة مع تولي السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه - مقاليد الحكم، كان الوطن حينها مثقلاً بالتحديات، لكن السلطان قابوس حمل في قلبه رؤية وطنية عميقة، وفي عقله خطة طموحة لنهضة شاملة، وقال يومها: " كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة، وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى، وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي"، ومنذ ذلك الحين انطلقت مسيرة النهضة المباركة، حيث تحولت سلطنة عُمان من دولة تعاني من شح الموارد إلى واحدة من أكثر دول المنطقة استقرارًا وازدهارًا، فقد شيد السلطان قابوس بنية تحتية متطورة، واهتم بالتعليم والصحة باعتبارهما أساس التقدم، وتوسعت شبكة المدارس والمستشفيات لتغطي كافة أرجاء البلاد، ومدّ الطرق بين المدن والقرى رافعًا شعار التنمية للجميع، وعلى الساحة الدولية أظهر السلطان قابوس حمه الله بُعد نظر استثنائي، واختار لعُمان دور الوسيط المحايد، مما أكسبها احترام العالم، فكانت وسيطًا في أزمات إقليمية ودولية، ترفع راية السلام في عالم يموج بالصراعات.

ومع انتقال القيادة إلى جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور حفظه الله ورعاه، كان العالم يمر بظروف غير مسبوقة، من جائحة عالمية إلى تحديات اقتصادية كبرى، لكن جلالته جاء محملاً بروح التجديد والاستمرارية، متعهداً بمواصلة بناء الوطن على أسس النهضة التي أرسى قواعدها السلطان قابوس، وتبنى رؤية عُمان 2040، التي ركزت على تنويع الاقتصاد وشجيع الابتكار وتمكين الشباب ليكونوا قادة المستقبل، وأكد على دور عُمان كجسر بين الشرق والغرب، وحافظ على سياسة الحياد التي أصبحت جزءًا من هوية البلاد، ليواصل مسيرة البناء، التي تظهر عُمان مزيجاً نادراً من الثبات والتغيير، حيث يبقى جوهرها متجذرًا في التاريخ، بينما تنطلق نحو المستقبل بخطوات واثقة.

ما يميز عُمان عبر القرون هو قدرتها على الحفاظ على الاستقرار وسط منطقة مليئة بالتقلبات، ويعود ذلك إلى عوامل منها القيادة الحكيمة التي تميز قادة البوسعيد برؤية بعيدة المدى، وحس عميق بالمسؤولية تجاه الوطن بجانب التوازن الداخلي، فقد نجحت الدولة في تعزيز الوحدة الوطنية مع احترام التنوع الثقافي والمذهبي، كما أن الحياد الإيجابي له دور كبير في الاستقرار السياسي، فقد اختارت عُمان الابتعاد عن الحروب والنزاعات، وركزت على بناء جسور الحوار والسلام، وهذه السياسة نستطيع أن نقوم بأنها متوارثة جيل بعد جيل من السلاطين العظام لهذه الأرض الطيبة. 

 

280 عاما على تأسيس دولة البوسعيد نقول فيها بأن عُمان اليوم ليست مجرد دولة، بل قصة وطن كتبها أبناؤها بحبهم وإخلاصهم، من أحمد بن سعيد الذي وحد البلاد وأسس أسرة البوسعيد، إلى السلطان هيثم بن طارق الذي يقود النهضة المتجددة، لتظل عُمان نموذجاً يُحتذى به في الاستقرار والحكمة، إنها أرض تسكنها روح الماضي ووهج المستقبل، حيث تُحكى حكاية أجيال نذرت نفسها لبناء وطن يليق بعظمة تاريخه وأحلام شعبه.

مقالات مشابهة

  • الأوضاع الإنسانية في إقليم دارفور.. مناوي يلتقي القائم بأعمال السفارة الألمانية
  • مناوي: ملتقى حكام الأقاليم وولاة الولايات.. دفع الرواتب للموظفين، وسبل تنظيم امتحان الشهادة السودانية
  • 280 عاما من التأسيس.. عُمان قصة وطن وحكمة قيادة
  • تعددت النهضات والهدف واحد
  • مناوي: كنا سعداء بلقاء بالسيد الصديق كمرون هدسون في بورتسودان
  • مناوي: لقاء كان مثمرًا للغاية مع السيد يان إيغلاند
  • عاجل .. جلالة السلطان يصدر مرسومين ساميين
  • جلالة السلطان يمنح عددا من الأوسمة
  • مناوي: تحت شعار ” فوق فوق سودانا فوق ” نحتفل اليوم بإنجاز تأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية
  • جلالة السلطان يهنئ أمير موناكو