رئيس الوفد الحكومي السوداني للمفاوضات: لا نريد مواجهة واشنطن ونحن أدرى بمصالحنا
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
بورتسودان- أكد رئيس الوفد الحكومي السوداني للمشاورات مع الجانب الأميركي الوزير محمد بشير أبو نمو، انفتاح الحكومة على أي مبادرة للسلام سواء كانت الحالية بوساطة السعودية وواشنطن أو أي مبادرة أخرى، مع ضرورة ربط أي تفاوض -في أي زمان ومكان- بمقررات اتفاق جدة.
وفي حوار خاص مع الجزيرة نت، قال إن ما جرى في جنيف لم يكن مفاوضات بالمعنى المتعارف عليه، بل هو "تنسيق للهروب وخلق تشويش حتى يتناسى الناس منبر جدة والتزاماته الموقَّعة".
وكشف أبو نمو أن المبعوث الأميركي قال صراحة -في اجتماع غير رسمي مع مسؤولين سودانيين- إن اتفاق جدة قد "تجاوزه الواقع العسكري الجديد على الأرض، بمعنى أن قوات الدعم السريع حصلت على أراضٍ جديدة".
ونفى نية الحكومة الدخول في مواجهة مع واشنطن، وأكد أنها أرادت أن تقول بعدم إرسال وفدها إلى جنيف "أن لا أحد في هذه الدنيا يعرف مصلحة الشعب السوداني أكثر منه هو نفسه".
وفيما يلي نص الحوار:
ما رؤيتكم بعد فشل مفاوضات جنيف؟أولا ما جرى في جنيف لم يكن مفاوضات بالمعنى المتعارف عليها، بل هو تنسيق بين المليشيا ومن ورائها الدولة المعروفة والوسيط الأميركي، للهروب من منبر جدة وخلق تشويش عليه حتى يتناساه الناس والالتزامات الموقعة بين الطرفين، لتجاوز تنفيذها والبدء في مفاوضات جديدة بزعم أن هناك واقعا جديدا على الأرض تجاوز هذا المنبر.
وللعلم، فإن هذا الأمر قد قاله المبعوث الأميركي صراحة في القاهرة في اجتماع غير رسمي مع مسؤولين سودانيين قبل فترة، من أن اتفاق جدة قد تجاوزه الواقع العسكري الجديد على الأرض، بمعنى أن الدعم السريع قد حاز أراضي جديدة، مع أن عملية الاستحواذ هذه -في حد ذاتها- خرق إضافي لاتفاق جدة.
أما بعد اجتماع جنيف، فإننا منفتحون على أي مبادرة للسلام، سواء كانت الحالية بوساطة السعودية وأميركا أو أي مبادرة أخرى، مع ضرورة ربط أي تفاوض في أي زمان ومكان بمقررات اتفاق جدة، ومن بعد تنفيذها يمكننا التقدم إلى الأمام، لذلك وكما قلت نحن منفتحون ولسنا متخوفين.
ومن المعلوم أن هناك دائما الحدود الدنيا والقصوى للمخاوف في أي أمر جلل، الشعب السوداني خلال 16 شهرا ماضيا تجاوز كل الحدود القصوى للمخاوف، نزلت فيه المليشيا بطشا وتقتيلا وتنكيلا، هجّرته قسرا عن دُوره وسكنت فيها وجلبت أُسرها وأسكنتهم فيها وبعضهم من وراء الحدود.
وحولت بعض هذه المنازل إلى ثكنات عسكرية، اغتصبت حرائرها وساقت بعضها سبايا للبيع والمتعة وأقامت أسواقا للرق في بعض مناطق غرب السودان، وعبرت ببعض الفتيات الحدود إلى ديار المرتزقة بغرب أفريقيا.
داومت المليشيا على القصف المدفعي على المدن التي لم تستطع الاستيلاء عليها مثل الفاشر والأبيض وبابنوسة وسنار وغيرها، واستباحت كل قرى ولاية الجزيرة والتي لا وجود للجيش بها إلا القليل جدا من رجال الشرطة، ونهبت المواشي والمحاصيل من هذه القرى وهجَّرت أهلها بالجملة.
إذن ماذا تبقّى للشعب السوداني ليتخوف من منبر أريد به في الأساس تقوية المليشيا بخلق نوع من الهدنة لأخذ الأنفاس، وإعادة ترتيب خطوط إمدادها لغرض تطويل الحرب؟
ما مصير اتفاق جدة بعد انتقال المفاوضات إلى جنيف؟نحن لا نرى أهمية كبيرة للارتباط المكاني، نحن كحكومة سودانية، إذا اتفقت الأطراف (طرفا الصراع والوسطاء والمراقبون) على تغيير المنبر لأسباب موضوعية فلا بأس في ذلك ويمكن الذهاب إلى جنيف أو غيرها من مدن العالم وحتى ألاسكا، على قول مالك عقّار نائب رئيس مجلس السيادة.
ولكن بعد لقائنا التشاوري مع المبعوث الأميركي توم بيرييلو في جدة، وضح لنا أن الوسيط الأميركي يسعى إلى تحقيق أهداف من تغيير المنبر لا علاقة لها بسلام السودان أو تسريع تحقيقه.
ما تلك الأهداف؟من هذه الأهداف:
الانفراد بالقرار في المراحل التفاوضية القادمة بتقليص الدور السعودي وتهميشه وإقناع جدة بالاكتفاء بدور المضيف المشترك مع الحكومة السويسرية. ابتداع منبر جديد ومحاولة فرض مراقبين جدد فيه بزعم الإتيان بالمزيد من الشركاء الفاعلين الذين لهم النفوذ بالضغط على الدعم السريع، وهو أمر مرفوض بالنسبة لنا. الحزب الديمقراطي الحاكم في الولايات المتحدة الآن في خضم حملته الانتخابية، ويأمل في تسجيل بعض النقاط الانتخابية بتصوير أنهم جمعوا أطراف الصراع الرئيسية في السودان في منبر جديد ذي حيوية مع نجاح إدخال بعض المراقبين (الفاعلين) الجدد. وبالتالي يمكن تصوير أن السلام في السودان على الأبواب بأيدي الديمقراطيين، وذلك رغبة في حصاد أصوات بعض الأميركيين في الانتخابات القادمة بعد شهرين من الآن تقريبا. هل تتوقع أن يُلزم الوسطاء الدعم السريع بتنفيذ إعلان جدة؟إعلان جدة جاء بعد مجهود كبير بذله الوسطاء لحمل الأطراف على الوصول إليه وتوقيعه بقناعة الطرفين وبشهادة الوسطاء، الآن الأميركيون يلمّحون إلى فرض عقوبات على الحكومة السودانية فقط لعدم حضورها اجتماع جنيف الذي لم يتشاوروا معها بشأنه.
أليس من باب أولى فرض عقوبات على طرف رفض تنفيذ ما وقع عليه بقناعته وبوجود الوسطاء أنفسهم؟ ازدواجية المعايير وعدم الشفافية وفرض الإرادة من غير تفويض هي ما يفقد الوسيط حياديته، وواشنطن للأسف سائرة في هذا الطريق.
يرى البعض أن عدم ذهاب الحكومة إلى جنيف وضعها "على المحك" وأدخلها في "ورطة"، ما رأيك؟
عبارتا "المحك" و"الورطة " توحيان بالقول إن الحكومة السودانية قد وضعت نفسها في مواجهة مع واشنطن لعدم ذهابها إلى جنيف.
الحكومة السودانية تعرف قدر نفسها جيدا ولا حاجة لها إلى مقارعة دولة عظمى مثل الولايات المتحدة، ولكن كل من يقرأ ما بين سطور التصريحات القوية للسيد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، السبت الماضي، مع الصحفيين في بورتسودان، يفهم لماذا لم ترسل الحكومة وفدها إلى جنيف.
من خلال تصريحات الرئيس، أرادت الحكومة أن تقول "لا أحد في هذه الدنيا يعرف مصلحة الشعب السوداني أكثر منه هو نفسه". وأتحدى من يأتيني الآن ليقول، في أي عهد من تاريخ السودان الحديث والقديم، أن التفّ الشعب حول أي حكومة كما هو ملتف الآن حول الحكومة الحالية، ليس لأي سبب آخر غير أنها اتخذت موقفا صارما لإنقاذ البلاد من الغزو والتقسيم.
أمر أخير، هو أن التجارب أثبتت أن لا دولة في هذا العالم أعلنت يوما الحرب على أميركا وقطعت المحيطات وذهبت إليها، ولكن دائما هي التي تُدخل نفسها في الصراعات العالمية سواء كانت من صنعها أم من صنع غيرها، وفي أغلب الأحيان بلا دعوة من هذه البلاد أو تفويض دولي من مجلس الأمن.
ولكن هناك أيضا تجارب حية من أن واشنطن -وبعد أن تتورط في بعض الصراعات- تراها قد حزمت أمتعتها ورحلت من تلك البلاد طواعية، وهناك تجارب فيتنام والصومال وأفغانستان، فالقوة العظمى في هذه الدنيا الفانية ليس بالضرورة أن تقف معها دائما قوة السماء الأعظم.
نحن لا نريد الدخول في الصراع مطلقا مع أميركا، ولكننا في الوقت نفسه نرجوها أن تعلم أننا أدرى بمصالحنا أكثر منها ومن أي دولة أخرى، وأننا في الحقيقة نرغب جدا في الجلوس معها لأهميتها ومناقشة كيفية تبادل المصالح كدولتين ذواتي سيادة.
وإنني لا أُذيع سرا الآن إن قلت إني قد تقدمت باقتراح شخصي مكتوب (من غير تفويض من الحكومة) للمبعوث الأميركي كمشروع جاد لفتح حوار سوداني أميركي وأرسلته إليه، وذلك استباقا لذهابنا المتوقع لمقابلته في القاهرة، على أمل أن نتناقش في هذه الورقة على هامش اجتماعنا الرسمي في جلسة خاصة بيننا.
ولكنه لم يرد حتى الآن، ربما لم تعجبه لغة الخطاب المباشرة لعكس الحقائق، رغم أنه -بعد ذلك- اطلع رئيس مجلس السيادة على المقترح نفسه وأشاد به وقال إنه جدير بالاهتمام ومنطقي ويصلح أساسا للحوار مع الأميركيين.
هل هناك الآن دعوات أو مبادرات مطروحة على الحكومة السودانية بعد فشل مباحثات جنيف؟ أم إننا أمام تصعيد عسكري جديد واحتدام للمعارك في الميدان؟لم نر حتى الآن أي مبادرات جديدة، وربما الوقت ما زال مبكرا، ولكننا مستعدون لدراسة أي مبادرات جديدة تؤدي إلى إنهاء الحرب، أما موضوع الحرب واحتدام المعارك، فلا علاقة لهما بمحاولات استئناف منبر جدة أو إيجاد غيره، فالحرب مستمرة ما دام عدوان المليشيا مستمرا وامتناعها عن تنفيذ مقررات جدة الموقعة في مايو/أيار 2023.
هل ستترأس الوفد المفاوض في أي مفاوضات قادمة؟لا أحد يدري من يقود المفاوضات في المرحلة القادمة، لأن هذا قرار الحكومة ويُتخذ في حينه، ولكن القرار الذي اتخذته قيادة الدولة بشكل لا رجعة فيه هو أن أي تفاوض من أجل السلام في المستقبل سيكون هناك وفد ممثل للحكومة السودانية فيه وليس وفدا عسكريا كالسابق.
ما ملابسات ما وصفه الجانب الأميركي بخرق البروتوكول من جانبكم في لقاء القاهرة؟لا ندري للأسف ما الذي قصده بتلك العبارة وأي بروتوكول عناه، هل هو البروتوكول الأميركي أو المصري، وإخواننا في القاهرة لم يخطرونا بأي أمر مثل هذا.
كثر الحديث عن تحالفات إقليمية ودولية، فهل هناك دول بعينها يمكن الإشارة إليها؟يكثر مثل هذا الحديث دائما عندما يكون هناك حديث عن خلاف حاد بين أميركا ودولة ما، أو عندما تحتج دولة ما على تدخل واشنطن في شأنها الداخل. ولأنه -غالبا- مصدر مثل هذا الحديث هو واشنطن أو أحد حلفائها، لذلك يفسر على أنه مخاوف أميركية من أن تلجأ مثل هذه الدولة للبحث عن مصالحها بعيدا عن محور الولايات المتحدة.
ومثل هذا السلوك الدولي متعارف عليه، لأن أساس علاقة الدول هي المصالح وهي حرة مع من تتعامل وفق تبادل المنافع مع البلد أو الدول التي لها معها ميزة تفاضلية بلغة الاقتصاد، إذن الحديث عن التحالفات هو حديث ظرفي متكرر ليس بذي قيمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحکومة السودانیة الدعم السریع أی مبادرة اتفاق جدة إلى جنیف مثل هذا فی هذه
إقرأ أيضاً:
عاجل - الحكومة تستعرض خطط مواجهة ارتفاع الأحمال خلال الصيف
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، المهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة؛ وذلك في إطار متابعة الاستعدادات الجارية وخطة مواجهة ارتفاع الأحمال وزيادة الطلب على الكهرباء خلال موسم الصيف، إضافة إلى مناقشة عدد من الملفات الأخرى الجاري العمل عليها خلال الفترة الحالية.
توجيهات رئاسية لضمان عدم تخفيف الأحمال خلال الصيفاستهل رئيس مجلس الوزراء اللقاء بالإشارة إلى حرصه على عقد هذا الاجتماع، في إطار المتابعة المستمرة لتأمين التغذية الكهربائية وضمان استقرارها خلال أشهر الصيف، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإيجاد حلول حاسمة لمسألة تخفيف الأحمال، مع العمل على وقفها خلال الصيف للتخفيف عن المواطنين، إلى جانب متابعة مستجدات مشروعات الربط الكهربائي مع السعودية واليونان وإيطاليا.
عاجل - مدبولي يلتقي بوزير العمل لمتابعة ملفات قانون العمل وتطوير التدريب المهني عاجل - مدبولي يتابع مع وزير الكهرباء استعدادات الصيف ومشروعات الربط الكهربائي مع السعودية واليونان وإيطاليا جهود حكومية لجذب الاستثمارات وتعزيز قطاع الطاقةوفي هذا السياق، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى الجهود الحكومية المكثفة لتعزيز فرص جذب الاستثمارات إلى قطاع الطاقة، بهدف تحقيق مستهدفات القطاع، واستدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، مع التركيز على مشروعات الطاقة المتجددة لإضافة قدرات جديدة إلى الشبكة الكهربائية.
تنسيق دائم بين وزارتي الكهرباء والبترول لضمان توفير الإمداداتوخلال اللقاء، أوضح المهندس محمود عصمت أن هناك اجتماعات دورية بين وزارتي الكهرباء والبترول لتنسيق الجهود بشأن توفير المنتجات البترولية اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، مما يساهم في تعزيز القدرة على وقف تخفيف الأحمال خلال أشهر الصيف المقبلة.
خطة عاجلة لتحسين التغذية الكهربائية وجودة الخدمةاستعرض الوزير جهود تأمين التغذية الكهربائية وضمان استقرارها، مشيرًا إلى أن هناك متابعة دورية لاستعدادات شركات الكهرباء للانتهاء من أعمال الصيانة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الموحدة.
كما أكد أن هناك خطة عاجلة لتحسين جودة التغذية الكهربائية، واستمرار واستقرار التيار، مع التركيز على الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي، والمضي قدمًا نحو الشبكة الذكية.
لجان ميدانية للمتابعة الدقيقة وتنفيذ خطة العملأكد وزير الكهرباء أهمية استقرار التغذية الكهربائية وتلبية الاحتياجات المتزايدة، موضحًا أنه سيتم تشكيل لجان للمتابعة الميدانية من قبل الوزارة والشركة القابضة خلال الفترة المقبلة، لضمان تنفيذ خطة العمل والوقوف على واقع الأداء في شركات توزيع الكهرباء المختلفة.
مشروعات الربط الكهربائي مع السعودية واليونان وإيطالياتطرق الوزير خلال الاجتماع إلى مشروعات الربط الكهربائي، مشددًا على أهميتها في ترسيخ دور مصر كمركز إقليمي للطاقة في منطقة شرق المتوسط.
وأشار إلى أن مشروعي الربط الكهربائي مع اليونان وإيطاليا يعدان من أهم مشروعات التكامل الإقليمي لنقل الكهرباء النظيفة عبر الحدود.
تقدم في تنفيذ مشروع الربط مع إيطاليا وموقف الربط مع اليونانأوضح المهندس عصمت أن هناك تقدمًا ملحوظًا في تنفيذ مشروع الربط مع الجانب الإيطالي، حيث تم الحصول على الموافقات اللازمة على الربط مع الشبكة الداخلية.
كما أشار إلى الجهود المبذولة للإسراع بمشروع الربط مع اليونان، الذي يستهدف الربط مع الشبكة الكهربائية الأوروبية، في إطار استراتيجية تعزيز الربط الكهربائي مع الدول المجاورة.
مشروع الربط الكهربائي مع السعودية نواة لربط عربي مستقبليكما استعرض الوزير موقف مشروع الربط الكهربائي بين مصر والمملكة العربية السعودية، موضحًا أن هذا المشروع يمثل ربطًا بين أكبر شبكتين كهربائيتين في المنطقة، وسيساهم في تعزيز استقرار التغذية الكهربائية وزيادة الاعتمادية بين البلدين، إضافة إلى الفوائد الاقتصادية والتنموية المنتظرة من المشروع.