رأي.. سامية عايش تكتب لـCNN: فلسفة الشر والخير التائهة في فيلم حكاية الماعز
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
هذا المقال بقلم سامية عايش، صحفية مستقلة تكتب عن السينما العربية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
"العالم مليء بالشرور، ولكنه أيضا يزخر بالكثير من أشكال الخير".
الفكرة الأولى التي تكونت لدي بعد مشاهدتي فيلم "حياة الماعز"، الفيلم الهندي الذي أثار جدلا كبيرا بعد عرضه على منصة نتفليكس لما وصف بأنه "تشويه لصورة العرب والسعودية بالتحديد، وتنميط لظهورهم في السينما والدراما".
يحكي الفيلم قصة نجيب، رجل في مقتبل العمر، من ولاية كيرلا في الهند، يبحث عن فرصة أفضل لتحسين وضعه المعيشي هو وأسرته، فيقرر الذهاب إلى السعودية، ليعمل في إحدى الشركات، وليفاجأ بحياة صعبة للغاية على يد كفيله، ويواجه أقسى ظروف الحياة وسط الصحراء والماشية، ويستعرض الفيلم رحلته في محاولته للهروب من جحيم الإنسان والمكان.
بعد أيام من عرض الفيلم، ووسط كل الجدل الذي أثاره، نشرت نتفليكس رسالة قصيرة في بدايته تقول فيها "إن الفيلم يستند إلى رواية أحداثها حقيقية، وأضاف الكاتب عناصر من خياله لتغذية القصة، كما أن هناك الكثير من التغييرات على القصة التي أجرتها المنصة للحرص على عدم الإساءة لأي بلد أو أشخاص، وإن كان هناك تشابه مع أحداث حقيقية، فهو محض الصدفة البحتة".
لا أحد ينكر أن هذا النوع من السلوكيات تجاه العمالة الوافدة موجود في دول الخليج بالتحديد، وله أشكال أخرى في دول العالم أيضا. كما أن هذه الظروف الصعبة جدا التي يظهرها الفيلم بكل قسوتها موجودة أيضا، ونألفها بدرجات متنوعة، غير أن ما قدمه الفيلم يتجاوز فكرة وجود هذه السلوكيات، ليصل إلى فكرة أن جميع من هم في هذا البلد، وكان واضحا أنها السعودية، همجيون.
لن نتحدث هنا عن الصورة النمطية، لأن أي صورة نمطية بحاجة إلى شكل متكرر من الطرح من خلال عدة أفلام ومسلسلات عن شعب أو مجتمع معين، وهذا بالتأكيد بحاجة إلى نقاش آخر من خلال دراسة عدد كبير من الأفلام الهندية التي قدمت سابقا، وكيف قدمت الخليجي أو العربي.
فبالتالي، من المهم الاطلاع على الفيلم نفسه، ومقارنة شخصياته العربية بعضها ببعض، وإلى أي مدى كانت هذه الشخصيات تطرح وتقدم التنوع الطبيعي الموجود في أي مجتمع.
من أول الفيلم وحتى نهايته، يظهر السعودي أو العربي وكأنه شخص اعتاد الإساءة خصوصا للعمال الآسيويين. الشخصية الوحيدة التي ظهرت بشكل إيجابي هي شخصية الرجل الغني (وأدى دوره الممثل الأردني عاكف نجم)، والذي انتشل نجيب من الطريق، وحمله إلى المدينة وأعطاه بعض الماء. ولكن حتى هذه الشخصية كانت شخصية منقوصة.
كنت أتمنى لو تساءل في نفسه عن سبب حالة هذا الرجل المسكين؟ كان من الممكن لهذا الرجل أن يكسر هذه الهمجية التي رأيناها على مدى الفيلم، ويطرح فكرة أن الشر موجود والخير موجود. وفوق هذا كله كنت أتمنى أن يأخذه إلى مستشفى أو مركز طبي بدل أن يرميه في الشارع وهو بهذه الحال. كان من الممكن "تعديل الخط الدرامي في القصة" ليس من أجل تلميع الواقع الصعب الذي تعيشه العمالة الآسيوية في الخليج، ولكن من أجل ألا نظلم هذا المجتمع الذي يزخر بأفراد يحبون الخير وفعل الخير.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أفلام رأي سينما مسلسلات
إقرأ أيضاً:
"الثقافي العربي " يناقش "الرؤية في أدب الطفل"
نظم النادي الثقافي العربي مساء أمس الأول أمسية بعنوان "الرؤية الفكرية في أدب الطفل" تحدث فيها الكاتب السوري جيكار خورشيد، وأدارتها الإعلامية ريم عبيدات، بحضور رئيس مجلس إدارة النادي، الدكتور عمر عبد العزيز وعلي المغني نائب رئيس مجلس الإدارة.
وافتتحت عبيدات الجلسة بمقدمة جميلة، تساءلت خلالها: هل يولد الطفل صفحة بيضاء، أم أن روحه تأتي إلى العالم ممتلئة بأسئلة، لا تنتظر سوى أن تنطق؟ وما الطفولة إن لم تكن ولادة دائمة للأسئلة؟ الطفل، حين يرى ظله لأول مرة، لا يفكر في الضوء بل في الكينونة، حين يركض خلف الفراشة، لا يبحث عنها، بل عن سر الطيران، وحين يسأل: "لماذا؟"، فإنه لا ينتظر إجابة، بل يختبر صلابة العالم.
وأضافت عبيدات: مشروع الكاتب السوري جيكار خورشيد الذي نشأ في أحضان مدينة حلب وتلقى تعليمه الأكاديمي في الأدب العربي في حمص، ويقيم حاليا في هولندا، تألق منذ بداياته حين نالت مجموعته "ابن آوى والليث" جائزة الشارقة للإبداع العربي الأدب الأطفال سنة 2006، وتوالت بعد ذلك الجوائز العربية والاقليمية التي حصل عليها، وأثمرت رحلته الإبداعية أكثر من 350 مؤلفاً منشوراً.
وقدم خورشيد في مشروعه للأطفال رؤى فكرية مستمدة من فلسفة جلال الدين الرومي ونشر منه حتى الآن 5 كتب هي: "لا تحزن"، "أبحث فيك عن نفسي"، "دربك أخضر"، "تذكر"، "لي الوجود كله"، وشكلت تلك الكتب تجربة إبداعية مشتركة بينه وبين الرسام الإيراني مجيد ذاكري، فكانت تجربة لا يحكي قصة، بل يترك أثرًا، لا يسرد حدثًا، بل يخلق تجربة بصرية ولغوية تجبر الطفل على التأمل.
وقال جيكار خورشيد: "إن الأطفال مغرمون بالأسئلة، فغالبا ما نسمعهم يسألون أسئلة عميقة حول الوجود والحياة، فمن أين ينبغي أن يحصل الطفل على إجابات مقنعة؟ الجواب عندي هو بالبحث والاستكشاف، فالإجابات الجاهزة المقولية لن تصنع طفلاً مبدعا، ناقشْ الطفل أولاً واستمع إلى أسئلته باهتمام وبعدها اطلب منه أن يحد الإجابات والحلول بنفسه من خلال البحث والتأمل، فالمناقشة والتأمل، مما يساعد على تقوية شخصية الطفل، وأنا مهمتي ككاتب للأطفال أن أفتح أبواب الخيال والإبداع من خلال نصوص إبداعيه تحفزهم على التأمل، والسؤال والبحث عن الأجوبة .
فلسفة الكتب التي أؤلفها للأطفال هي فلسفة محبة وسلام وتسامح وتعايش، هي فلسفة الإنسان، الإنسان الذي يبني، الإنسان الذي يداوي، الإنسان الذي يعلم، الإنسان الذي يسامح، الإنسان الذي يحب، الإنسان الذي يعمل، الإنسان الذي.. إلى آخر ذلك من القيم النبيلة".