أزمة بيئية "خطيرة" في البحر الأحمر.. ومخاوف من تكرار كارثة "إكسون فالديز"
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
يشهد البحر الأحمر كارثة بيئية وشيكة بعد أن فجر الحوثيون الموالون لإيران، ناقلة نفط محملة بـ150 ألف طن من النفط الخام، مما قد يؤدي إلى تسرب نفطي كبير يُهدد بتدمير النظام البيئي البحري في المنطقة.
وأصابت 3 مقذوفات، الأربعاء، ناقلة النفط "سونيون" قبالة سواحل مدينة الحُديدة في غرب اليمن، مما أدى إلى اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة المحرك، حسب وكالة "يو كاي أم تي أو" التي تديرها القوات البحرية البريطانية.
وأعربت الولايات المتحدة، السبت، عن قلقها البالغ إزاء هجمات الحوثيين على ناقلة النفط "إم تي سونيون"، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميلر، إن "هجمات الحوثيين المستمرة تهدد بتسرب مليون برميل من النفط إلى البحر الأحمر، وهو ما يعادل 4 أضعاف حجم كارثة إكسون فالديز".
وكارثة "إكسون فالديز" هي واحدة من أسوأ الكوارث البيئية الناجمة عن تسرب النفط في التاريخ الحديث، حيث وقعت في مارس 1989، عندما جنحت ناقلة النفط "إكسون فالديز" في مضيق الأمير وليام في ولاية ألاسكا، مما أدى إلى تسرب ما يقرب من 261.9 ألف برميل نفط خام في المحيط.
وأضاف ميلر في بيان، أنه "بينما تم إجلاء الطاقم، يبدو أن الحوثيين عازمون على إغراق السفينة وحمولتها في البحر".
أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر، الخميس، أنها نقلت طاقم ناقلة نفط ترفع علم اليونان غداة تضررها جراء هجوم قبالة سواحل اليمن، محذرة من أن السفينة تشكل الآن "خطرا بيئيا".
وأشار ميلر إلى أن "الحوثيين من خلال هذه الهجمات أوضحوا أنهم على استعداد لتدمير صناعة صيد الأسماك والنظم البيئية الإقليمية التي يعتمد عليها اليمنيون وغيرهم من المجتمعات في المنطقة، تماما كما قوضوا توصيل المساعدات الإنسانية الحيوية من خلال هجماتهم المتهورة".
ودعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، الحوثيين إلى وقف هذه الأعمال على الفور، كما حث الدول الأخرى على التدخل للمساعدة في تجنب هذه الكارثة البيئية.
وفي وقت سابق، أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، أن هجمات الحوثيين في اليمن تشكل "تهديدا بيئيا وملاحيا" في ضوء ما شهدته "سفينة إم تي سونيون" التي هاجمتها الجماعة خلال الأيام الماضية.
وقال ليندركينغ في تصريحات نقلها حساب مكتب شؤون الشرق الأدني التابع لوزارة الخارجية الأميركي عبر "إكس": "تهديد بيئي وملاحي وشيك آخر من الهجمات المتهورة الصادرة عن الحوثيين على السفن التجارية".
معلومات حول "سونيون"
وتشن جماعة الحوثي هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي، قائلة إنها تستهدف السفن الموالية إلى إسرائيل أو المتجهة إلى هناك، إلا أن الكثير من السفن التي حاولت استهدافها لا علاقة لها بإسرائيل.
وكانت مهمة الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر قد أعلنت، الخميس، وفق وكالة فرانس برس، أنها نقلت طاقم الناقلة غداة تضررها جراء هجوم قبالة سواحل الحديدة التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون في غرب اليمن، وحذرت من أن السفينة تشكل "خطرا بيئيا".
وأشارت المهمة الأوروبية إلى أن السفينة سونيون "التي تحمل 150 ألف طن من النفط الخام، تشكل الآن خطرا ملاحيا وبيئيا"، مؤكدة "ضرورة أن يتوخى الجميع في المنطقة الحذر والامتناع عن أي أفعال من شأنها أن تؤدي إلى تدهور الوضع الحالي".
وحسب سلطة الموانئ اليونانية، فإن السفينة "سونيون" مملوكة لشركة "دلتا تانكرز" اليونانية للشحن وكانت تقل طاقما من 25 شخصا، هم 23 فيليبينيا وروسيان. وقد أبحرت من العراق وكانت متجهة إلى ميناء قريب من أثينا.
و"سونيون" هي ثالث سفينة مملوكة لشركة "دلتا تانكرز" تتعرض لهجوم في البحر الأحمر هذا الشهر، بعد سفينتَي "دلتا بلو" و"دلتا أتلانتيكا"، وفقا لبيانات الشحن.
ونفذت الجماعة الموالية لإيران سلسلة من الهجمات على سفن الشحن الدولي منذ نوفمبر، أسفرت عن غرق سفينتي "روبيمار" في فبراير و"توتور" في يونيو.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الأضرار البيئية الناتجة عن غرق السفينتين كانت محدودة نسبيا، حيث كانتا تحملان بضائع جافة، حسب صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
قال مسؤول في المهمة البحرية للاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر "أسبيديس"، لوكالة "رويترز"، الخميس، إن طاقم ناقلة النفط "سونيون"، التي ترفع علم اليونان والتي تعرضت لهجوم في البحر الأحمر، الأربعاء، غادروا الناقلة وجرى نقلهم إلى جيبوتي.
موت الأحياء البحرية
ويحذر المجتمع الدولي وخبراء البيئة من غرق سفن الشحن المحملة بالأسمدة أو الوقود في البحر الأحمر، مما قد يتسبب في موت الأحياء البحرية، إذ قال الخبير البيئي، علي عشقي، في حديث سابق لموقع "الحرة" إن "غرق المواد الكيميائية الخطيرة يُغير طبيعة دورة الغذاء في النظم البيئية البحرية".
وأضاف أن "أي تسرب سيُحدث غطاء فوق سطح الماء وفوق الشعاب المرجانية (تحت الماء)، ويحجب الضوء عنها، وبالتالي ستموت الشعاب المرجانية التي تعتمد على ضوء الشمس، وفي العادة هناك أنواع من الطحالب تعيش داخل المراجين التي تتغذى عليها".
وأضاف أن "الديزل خطير جدا ويكون طبقة تحجب الضوء والأكسجين عن الشعاب المرجانية والحيوانات البحرية"، مما سينعكس سلبا على الثروة السمكية.
وأكد هذا أيضا الخبير البيئي، نديم فرج الله، الذي قال في حديث سابق لموقع "الحرة"، إن "الوقود يبقى أثره لمدة أطول بكثير من الأسمدة الكيميائية التي يمكن أن تتحلل في فترة زمنية محددة، ربما أسابيع، ويمكن أن تستوعبها الكائنات الدقيقة في الحياة البحرية".
وشدد على أن "الوقود سيغطي الشعاب المرجانية، ونقص الأكسجين بسبب الأسمدة الكيميائية سيؤثر سلبا على الثروة السمكية، والضرر الناتج عن غرق أي سفينة سيكون كبيرا، والوضع البيئي مقلق جدا، وهو أقرب إلى الكارثة".
وأظهر مقطع فيديو نشر على حساب موالي لجماعة الحوثي على منصة "إكس"، الجمعة، انفجارات ضخمة تستهدف سفينة "سونيون".
وهذا أول هجوم ناجح يشنه الحوثيون على سفينة تجارية منذ هجومهم على سفينة "توتور" في 12 يونيو الماضي، الذي أسفر عن مقتل بحار وإغراق السفينة.
وأدت الهجمات التي يشنها الحوثيون، إلى اضطراب حركة الشحن العالمية، مما دفع شركات إلى تحويل مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر تكلفة.
وتقول مصر إن إيرادات قناة السويس تراجعت بنسبة تزيد عن 50 بالمئة بسبب اضطراب حركة الشحن في البحر الأحمر.
ومنذ يناير الماضي، تشن القوات الأميركية والبريطانية ضربات على مواقع تابعة للحوثيين في اليمن لمحاولة ردعهم وحماية الملاحة البحرية.
والجمعة أعلنت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم"، تدمير نظام صواريخ تابع للحوثيين المدعومين من إيران في منطقة خاضعة لسيطرتهم في اليمن.
وقالت سنتكوم في بيان عبر منصة "إكس": "تبين أن هذا النظام الصاروخي يشكل تهديدا واضحا ووشيكا للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر الحوثي كارثة بيئية سفينة سونيون الشعاب المرجانیة فی البحر الأحمر ناقلة النفط فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
تفشي أوبئة خطيرة يهدد المواشي في اليمن
شمسان بوست / الشرق الأوسط
أطلق ناشطون يمنيون تحذيرات من تفشي أوبئة تُهدد المواشي في عدد من المحافظات، وسط اتهامات للحوثيين بالإهمال، ومنع اللقاحات في مناطق سيطرتهم، وذلك بالتزامن مع تأكيد تقارير محلية نفوق أعداد كبيرة من الحيوانات خلال الفترة الأخيرة، بسبب إصابتها بأمراض بكتيرية وطفيلية وفيروسية.
ووسط استمرار غياب اللقاحات وغيرها من التدخلات الأخرى العاجلة، كشفت مصادر عاملة بالإدارة العامة للثروة الحيوانية الخاضعة للحوثيين بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تلقيها في الأيام الأخيرة سلسلة بلاغات جديدة، تُفيد بانتشار عدد من الأوبئة بين الأبقار والماعز والأغنام والجِمال والدواجن، الأمر الذي أدّى إلى نفوق أعداد كبيرة منها.
وذكرت المصادر أن الأسباب ناتجة عن تقاعس الأجهزة المعنية الخاضعة للحوثيين وتجاهلها لحجم الكارثة الذي يُشكِّل خطراً حقيقياً يُهدد ما تبقَّى من الثروة الحيوانية في عموم مناطق سيطرة الجماعة.
وأفادت المصادر بعدم وجود أي تدخلات حتى اللحظة من قِبَل الجماعة الحوثية التي تُحكِم سيطرتها على قطاع الثروة الحيوانية، من قبيل القيام بوضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لدراسة الأوبئة القاتلة التي تُصيب الحيوانات والدواجن، ووضع الدراسات لمعرفة مسببات تلك الأمراض، واختيار أنجح الطرق للوقاية منها.
وتُعد تربية الماشية في اليمن عاملاً حيوياً لضمان الأمن الغذائي وسُبل العيش والدخل لعدد من الأسر في المناطق الريفية وشبه الحضرية. وفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو).
ويُعاني قطاع الثروة الحيوانية، مثل غيره من القطاعات الأخرى في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين، من حالة تدهور كبيرة، في ظل غياب الاهتمام وتوقف اللقاحات التي كانت تُغطي أغلبية الحيوانات، مُضافاً لذلك استمرار سياسات الفساد التي قضت على جزء كبير من تلك الثروة.
تحذير من كارثة
ومع تفشي الأوبئة وسط المواشي، حذّر ناشطون يمنيون مما وصفوها بـ«إبادة جماعية» تُهدد الثروة الحيوانية في عدد من المحافظات، بسبب تفشي الأمراض والأوبئة، متهمين وزارة الزراعة في حكومة الانقلاب الحوثية غير المعترف بها دولياً بالتقاعس، وعدم اتخاذ أي خطوات عملية للحد من الكارثة.
ويؤكد الناشط خالد العراسي، في منشور على موقع «فيسبوك»، أن قطاع الثروة الحيوانية يعاني حالياً من انتشار واسع لأمراض «الحمى القلاعية والحمى الثلاثية والالتهاب الرئوي» منذ نهاية 2024، ما أدَّى إلى نفوق أعداد من الأغنام والأبقار، خصوصاً بمحافظتي الحديدة وذمار، الخاضعتين لسيطرة الحوثيين، وسط عجز عن توفير اللقاحات اللازمة.
وقال العراسي إنه سبق أن تلقّى مناشدات أطباء بيطريين في عدة مناطق تحت سيطرة الجماعة الحوثية، لكن الأخيرة لم تستجب لذلك. مُحذراً في هذا الصدد من اتساع نطاق انتشار الأوبئة وزيادة الخسائر حال استمرار غياب التدخلات العاجلة.
ووفق إحصاءات محلية يمنية سابقة، فإن الثروة الحيوانية بلغت خلال فترة ما قبل الانقلاب والحرب أكثر من 21 مليون رأس من الماشية، منها 1.7 مليون رأس من الأبقار، و9.6 مليون رأس من الأغنام، و450 ألف رأس من الجِمال، و9.3 مليون رأس من الماعز.
ويقدر عاملون في ذلك القطاع الحيوي تراجع الثروة الحيوانية، خصوصاً بمناطق سيطرة الحوثيين بنسبة لا تقل عن 35 بالمائة، جرّاء الموت الناجم عن الإهمال، وعدم توفر الرعاية ونهب الجماعة للموازنات التشغيلية وعبثها بمعدات ومواد تشغيل ذلك القطاع.