شمسان بوست / عبد الناصر الصديق /الأناضول:
ظهرت أعراض الكوليرا على عبده إبراهيم (62 سنة)، وتم عرضه على أحد الأطباء في ريف تعز، جنوب غربي اليمن، والذي أوصى بسرعة نقله إلى إحدى مستشفيات المدينة، ورغم أن المستشفى يبعد عن قريته نحو 10 كيلومترات فقط، لكن المسعفين لم يتح لهم الوقت لإنقاذه، ولفظ أنفاسه في الطريق إلى المستشفى.
وتعج مستشفيات مدينة تعز بعشرات المصابين بمرض الكوليرا الذي عاد إلى الانتشار مجدداً بالتزامن مع موسم الأمطار في البلاد، في ظل كثرة المستنقعات المائية، وانعدام المياه الصالحة للشرب.
وكشفت إحصائية رسمية حديثة عن ارتفاع أعداد الإصابات منذ مطلع العام الجاري إلى أكثر من 28 ألف إصابة، فضلاً عن 148 وفاة مرتبطة بالمرض في المحافظات الواقعة ضمن نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وتصدرت الضالع قائمة المحافظات في عدد الإصابات بعدد 6008 إصابات، تليها عدن بـ5746 إصابة، ثم أبين 4944، ولحج 4243، وتعز 4038، والحديدة 2233، ومأرب 653، وحضرموت الساحل 301، والبيضاء 199، وشبوة 147، وحضرموت الوادي 37، وسقطرى 27، والمهرة 20 إصابة.
وبيّنت الإحصائية الصادرة عن النظام الإلكتروني المتكامل للإنذار المبكر للأمراض، أنه من بين إجمالي الإصابات المُبلغ عنها، هناك 148 وفاة، 43 منها في محافظة لحج، و38 في أبين، و34 وفاة في تعز، و23 في عدن، بينما سجلت مأرب 7 وفيات، والحديدة وَفاتين، وفي المكلا وفاة واحدة.
وفي منتصف أغسطس/آب الجاري، أكدت مديرة قسم التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية؛ ليزا دوتن، أمام الاجتماع الشهري لمجلس الأمن بشأن اليمن، أن عدد حالات الاشتباه بالإصابة بالكوليرا في جميع أنحاء اليمن، وصلت إلى أكثر من 147 ألف حالة، بينها أكثر من 118 ألف حالة في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين.
والأربعاء الماضي، أعلنت منظمة “أطباء بلا حدود”، تسجيل أكثر من 2500 إصابة بأمراض الكوليرا والملاريا وحمى الضنك في مديرية موزع بمحافظة تعز، خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. وقالت المنظمة إنها عالجت ما مجموعه 2542 إصابة في مركز مفرق المخا للرعاية الصحية، والذي تدعمه منذ عام 2023، بهدف زيادة قدرة الرعاية الصحية الأولية في المناطق الريفية في محافظة تعز، من بينها 965 إصابة ملاريا، و488 إصابة حمى ضنك، كما عالجت 1089 تظهر عليهم أعراض وباء الكوليرا.
وأشار وزير الصحة في الحكومة المعترف بها دولياً، قاسم بحيبح، في تصريحات صحافية، إلى انتشار وباء الكوليرا انتشاراً مقلقاً، مؤكداً أن “تراجع التمويل الدولي أثر بشكل كبير على الوضع الصحي، ويهدد حياة الكثير من الأطفال والنساء. الأوضاع قد تتفاقم مع استمرار السيول والأمطار الغزيرة التي ضربت عدة محافظات، ما يزيد من مخاطر انتشار الأمراض الوبائية”.
ويقول مسؤول الإعلام الصحي بمكتب الصحة في تعز، تيسير السامعي، لـ”العربي الجديد”، إن “محافظة تعز سجلت منذ بداية العام حتى 24 أغسطس 35 وفاة، و4618 إصابة مشتبهة، و695 إصابة مؤكدة بالفحص المخبري، ولا يمكن الحديث عن الإحصائيات على مستوى الجمهورية نظراً إلى حالة التكتم وعدم نشر الإحصائيات في مناطق سيطرة الحوثيين، لكن آخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية أوردت تسجيل أكثر من 40 ألف إصابة، ومعظمها في مناطق الحوثيين”.
وأوضح السامعي أن “الوباء ظهر في 2016 مع انهيار المنظومة الصحية، وكثرة حالات النزوح، وانهيار منظومتي الصرف الصحي والمياه، وعدم حصول السكان على مياه نظيفة بسبب الحرب، وتعد الحرب عاملاً أساسياً في عودة الكوليرا الذي بدأ بالتلاشي في عام 2020، قبل أن يعود هذا العام للظهور من جديد. تتعاون وزارة الصحة مع شركاء التنمية الصحية من المنظمات الدولية والمحلية، وهناك جهود كبيرة لاحتواء الوباء، بما يشمل الجانب التوعوي والتثقيفي من خلال فرق المتطوعين المنتشرة في كل المديريات، والتي تقوم بتوعية الناس بالإجراءات الوقائية”
يتابع: “في الجانب العلاجي، قامت وزارة الصحة بتخصيص مراكز لاستقبال الإصابات في معظم المحافظات، وتقوم المراكز المتخصصة في تعز بتقديم الخدمات العلاجية للمصابين، ولدينا فرق للاستجابة السريعة في كل المديريات، ومهمتها رصد الحالات وتسجيلها ومتابعتها بحسب الإمكانيات المتاحة”.
وجاء تفشي الموجة الجديدة من وباء الكوليرا في ظل حالة تكتم شديدة من قبل جماعة أنصار الله “الحوثيين” حول أعداد الإصابات المسجلة، وكذا أعداد الوفيات بسبب الكوليرا في مناطق سيطرتها.
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن في منتصف أغسطس/آب الجاري، قال المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إن “النزاع في اليمن أودى بحياة مئات آلاف الضحايا، وأضعف النسيج الاجتماعي في اليمن، وقوض توفير الخدمات العامة فيه، ما جعل البلاد أكثر هشاشة في مواجهة الكوارث الطبيعية والمخاطر البيئية والأمراض، وبرز ذلك جلياً خلال الفيضانات التي شهدتها مؤخراً الحديدة ومأرب وتعز، إضافة إلى تفشي وباء الكوليرا”.
والأسبوع الماضي، أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن زيادة حملات القمع من جانب الحوثيين ضد موظفي الأمم المتحدة والفضاء المدني في اليمن، يفاقم الأزمات الإنسانية المتعددة في البلاد، بما في ذلك تفشي الكوليرا وتداعيات الفيضانات التي أودت بحياة العديد من الأشخاص.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: وباء الکولیرا فی مناطق أکثر من
إقرأ أيضاً:
تقرير دولي صادم: مخاطر تهدد مستقبل اليمن!
شمسان بوست / متابعات:
أكد تقرير حديث أن اليمن التي تعاني بالفعل من عقد من الصراع، تواجه مخاطر متزايدة ناجمة عن تغير المناخ، مما يؤدي إلى تكثيف التهديدات القائمة مثل ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي.
ويسلط تقرير المناخ والتنمية في اليمن الصادر حديثًا عن مجموعة البنك الدولي الضوء على الحاجة الماسة للاستثمارات المستجيبة للمناخ لمعالجة التحديات العاجلة المتعلقة بالمياه والزراعة وإدارة مخاطر الكوارث، مع مراعاة الظروف الهشة والمتأثرة بالصراع في البلاد.
ويواجه اليمن ارتفاع درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وأحداث الطقس المتطرفة بشكل متكرر، مع تأثيرات كبيرة على السكان الأكثر ضعفاً وآفاقهم الاقتصادية. نصف اليمنيين معرضون بالفعل لخطر مناخي واحد على الأقل – الحرارة الشديدة أو الجفاف أو الفيضانات – مع تأثيرات مركبة على انعدام الأمن الغذائي والفقر.
ومن المتوقع أن تشتد هذه المخاطر دون اتخاذ إجراءات فورية وقد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بمعدل 3.9٪ بحلول عام 2040 في ظل سيناريوهات مناخية متشائمة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية وتلف البنية التحتية.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يحدد التقرير فرصاً استراتيجية لتعزيز القدرة على الصمود، وتحسين الأمن الغذائي والمائي، وإطلاق العنان للنمو المستدام. على سبيل المثال، يمكن للاستثمارات المستهدفة في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، إلى جانب تقنيات الزراعة التكيفية، أن تؤدي إلى مكاسب إنتاجية تصل إلى 13.5% في إنتاج المحاصيل في ظل سيناريوهات مناخية متفائلة للفترة من 2041 إلى 2050. ومع ذلك، لا يزال قطاع مصايد الأسماك في اليمن عرضة للخطر، مع خسائر محتملة تصل إلى 23% بحلول منتصف القرن بسبب ارتفاع درجات حرارة البحر.
وقال ستيفان جيمبرت، مدير البنك الدولي لمصر واليمن وجيبوتي: “يواجه اليمن تقاربًا غير مسبوق للأزمات – الصراع وتغير المناخ والفقر، مشيرًا إلى أن اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة بشأن القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ هو مسألة بقاء لملايين اليمنيين”.
وأضاف: “من خلال الاستثمار في الأمن المائي والزراعة الذكية مناخيًا والطاقة المتجددة، يمكن لليمن حماية رأس المال البشري وبناء القدرة على الصمود وإرساء الأسس لمسار التعافي المستدام”.
وقال إن كافة السيناريوهات المتعلقة بالتنمية المستقبلية في اليمن سوف تتطلب جهود بناء السلام والتزامات كبيرة من جانب المجتمع الدولي. وفي حين أن المساعدات الإنسانية من الممكن أن تدعم قدرة الأسر على التعامل مع الصدمات المناخية وبناء القدرة على الصمود على نطاق أوسع، فإن تأمين السلام المستدام سوف يكون مطلوباً لتوفير التمويل واتخاذ الإجراءات اللازمة لبناء القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ على المدى الطويل.