يناقش الدكتور محمد سليم شوشة، أستاذ الأدب العربي بجامعة الفيوم، في كتابه الصادر حديثا «فخ الحضارة» المخاطر المحتملة لثورة الذكاء الاصطناعي، وكيفية مجابهة هذه المخاطر، ومدى جاهزية المجتمعات العربية لمواكبة هذه الثورة وتداعياتها على الثقافة العربية، مشيرا إلى التدابير المتخذة من قبل علماء الغرب لمواجهة هذه الثورة الفائقة.

وأضاف «شوشة»، في تصريحات لـ«الوطن»، أن كتاب «فخ الحضارة»، يطرح عددا من الموضوعات على رأسها علاقة الثقافة بثورة الذكاء الاصطناعي، وضرورة اتخاذ تدابير خاصة لتطوير اللغة العربية لمواكبة الثورة الفائقة في الذكاء الاصطناعي.

ثورة الذكاء الاصطناعي في الدول المتقدمة

وأشار إلى أن إلى أن هناك استعدادات مسبقة وتصورات تخص البشرية في التعامل مع المخاطر المحتملة لثورة الذكاء الاصطناعي الفائق في الدول المتقدمة، موضحا: «زعماء الغرب لم يقصروا في تصور المسألة باحتمالاتها وكيفية معالجاتها وطرحوا كل ما يمكن أن يتوالد عنها من الأسئلة المهمة، سواء الخاصة بالتشريعات وحقوق الملكية الفكرية، ووضع قيود على الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعامل مع المحتوى العلمي والفكري ومع أسئلة الحقيقة والكذب أو الحقيقة وعمليات التزييف وغيرها».

وتابع: «ونظروا في المدى الزمني لاستقلال هذه الكائنات وبحثوا أثرها في البنية الاجتماعية وسوق العمل والتوظيف وأثرها على قدرات الإنسان وتناميها أو انكماشها مع احتمالات توسعه وإفراطه في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المهام والمهارات».

ويضيف «شوشة» لا تعني كثرة البيانات والمعلومات تحقيق درجة من التقدم في المعرفة ولا تعني المعرفة وحدها الحكمة، فالحكمة هي الاستبصار الإجمالي أو العام، فالفارق بين المتعلم والحكيم كبير وجوهري.

شوشة: العالم يحتاج إلى الحكمة في استخدام ما لديه من العلوم

وأكد أن ما يحتاجه العالم الآن ليس المزيد من المخترعات والاكتشافات، بل يحتاج إلى الحكمة في استخدام ما لديه من المعارف والعلوم، يحتاج إلى السلام النفسي، والسعي نحو مزيد من التعاون بين البشر، مزيد من التنسيق حول مصير واحد للبشرية دون مراهقة أو مثالية.

وينتقل إلى عدد من التساؤلات: «ما الذي يمكن أن يحقق الحكمة ويمنح البشرية القدر الذي تحتاجه منها ؟ على ماذا يمكن التعويل في تحقيق الحكمة ؟ من أين يمكن أن يتوافر الأمل في الوصول إلى البصيرة الإنسانية الشاملة؟».

ويقدم تصورا للخروج من هذا المأزق، مشيرا إلى أن نجاة البشرية في العلوم الإنسانية والتعاون، قائلا: في تقديري أن الحل يمكن في العلوم الإنسانية والفنون، موضحا: إذ من أدوار العلوم الإنسانية من الفلسفة وغيرها التخفيف من النزعة الإنسانية الاستهلاكية القائمة على الانتهازية والتضليل الإعلامي وتحجيم الانسياق بشكل كامل وراء نزعات التنامي المالي والتجاري بعيدا عن قيم إنسانية أخرى أكثر أهمية.

ويكمل: يمكن للحكمة أن تعود للعالم عبر تحقيق هذا التوازن النسبي بين القيمة الحقيقية والنزعة الاستهلاكية والرغبة في الانتشار وسباق الإنتاج، لافتا إلى أن ازدهار العلوم الإنسانية والفنون هو الأمل، بشرط أن تصبح العلوم الإنسانية أكثر فاعلية وأقرب للطابع العملي في حضورها في حياة الناس، أي أن تتحلى عن الطابع النظري النظري التجريدي الكامل كما كان غالبا في الفلسفة في أغلب مراحلها ومنعطفاتها وتوجهاتها.

ويقول شوشة إن الأمل في الليبرالية التي تتبنى مبادئ وأخلاقا تعتمد على الإتاحة وتوسيع دائرة الفرص والحقوق للآخرين الليبرالية التي تؤمن بوحدة الإنسان أو وحدة النوع البشري بل تؤمن بحق الحيوانات والكائنات الأخرى في النجاة والبقاء.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي ثورة الذكاء الاصطناعي الفنون الذکاء الاصطناعی العلوم الإنسانیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

مايكروسوفت.. شركة رائدة في قطاع المعلوماتية عند منعطف الذكاء الاصطناعي

سان فرانسيسكو (أ.ف.ب) - تحتفل مايكروسوفت غدًا في الرابع من أبريل بمرور خمسين عامًا على تأسيس الشركة التي قدمت للعالم ابتكارات تكنولوجية نقلتها إلى قمة وول ستريت وجعلت أنظمتها المعلوماتية أساسية، لكنها لم تنجح يومًا في تحقيق خرق حقيقي على صعيد الإنترنت الموجه للعامة.

يقول المحلل في شركة "إي ماركتر" جيريمي غولدمان: إن صورة مايكروسوفت تظهرها على أنها "شركة مملة وأسهمها في البورصة مملة".

قد تكون الشركة مملة، لكنها مربحة: فمع قيمة سوقية تناهز 3 تريليونات دولار، تمتلك مايكروسوفت أكبر قيمة سوقية في العالم بعد "أبل".

تعتمد مايكروسوفت بشكل أساسي على خدمات الحوسبة عن بعد (السحابة)، وهو قطاع سريع النمو ازدادت قوته مع الطلب على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ويضيف غولدمان: "أنها ليست بنية تحتية مثيرة للغاية، لكنها ذات قيمة كبيرة؛ فهي تدر الكثير من المال".

أسس بيل جيتس وبول ألين شركة مايكروسوفت في عام 1975، وأطلقا نظام التشغيل "ام اس دوس" MS-DOS الذي كان نجاحه سببا في تحقيق ثروتهما. وسُمي هذا النظام لاحقا بـ"ويندوز" Windows، نظام التشغيل المستخدم في أكثرية أجهزة الكمبيوتر في العالم.

وأصبحت برمجيات "مايكروسوفت أوفيس" (أبرزها "وورد" و"إكسل" و"باوربوينت") مرادفا لأدوات المكتب اليومية، لكن المنافسة المتزايدة مع أدوات "غوغل دوكس" Google Docs تغيّر المعادلة.

ويوضح غولدمان "أن يكون (أوفيس) لا يزال مجالا مهما بالنسبة إلى مايكروسوفت يكشف الكثير عن قدرتها على الابتكار".

ويتابع: "لقد وجدوا طريقةً لإنشاء منتج قائم على السحابة يمكن الإفادة منه بموجب اشتراك. لولا ذلك، ومع ظهور خدمات مجانية ومميزة، لكانت حصتهم السوقية قد انخفضت إلى الصفر".

- "الأقل مهارة" - لكن على صعيد التطبيقات التي يستخدمها ملايين الأشخاص يوميا، تظل مايكروسوفت في ظل شبكات التواصل الاجتماعي فائقة الشعبية، والهواتف الذكية الأكثر رواجا، ومساعدي الذكاء الاصطناعي متعددي الاستخدامات.

غير أن مايكروسوفت حاولت التوسع في هذه المجالات، فقد أطلقت الشركة التي تتخذ مقرًا في ريدموند في شمال غرب الولايات المتحدة، جهاز ألعاب الفيديو "اكس بوكس" Xbox في عام 2001 ومحرك البحث "بينغ" Bing في عام 2009. واستحوذت على الشبكة المهنية "لينكد إن" LinkedIn في عام 2016 واستوديوهات "أكتيفيجن بليزارد" Activision Blizzard في عام 2023.

وكانت الشركة تسعى للاستحواذ على تيك توك في عام 2020، وهي من بين الطامحين حاليا لضمّ هذه المنصة التي تواجه مجددا تهديدا بالحظر في الولايات المتحدة.

لكن من بين كل عمالقة التكنولوجيا، "تُعتبر مايكروسوفت الأقل مهارة في التعامل مع واجهات المستخدم، ويشكل ذلك في الواقع نقطة ضعفهم"، بحسب جيريمي غولدمان.

وفي عهد ستيف بالمر (2000-2013)، فشلت مايكروسوفت أيضا في تحقيق التحول إلى الأجهزة المحمولة.

وقد أدرك خليفته ساتيا ناديلا إمكانات نماذج الذكاء الاصطناعي في وقت مبكر، واستثمر بشكل كبير في "أوبن إيه آي" OpenAI حتى قبل أن تصبح الشركة الناشئة نجمة بين شركات سيليكون فالي بفضل "تشات جي بي تي" في نهاية عام 2022.

وفي العام التالي اعتقدت الشركة أنها قد تنجح أخيرا في هز عرش جوجل في مجال محركات البحث عبر الإنترنت، من خلال إطلاقها نسخة جديدة من محرك بينغ قادرة على الرد على أسئلة مستخدمي الإنترنت باللغة اليومية، وذلك بفضل نموذج الذكاء الاصطناعي من OpenAI.

وقد فاجأت مايكروسوفت المجموعة الأمريكية العملاقة التي تتخذ مقرا في كاليفورنيا، والتي سارعت إلى ابتكار مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بها.

تأخر في مجال الذكاء الاصطناعي

وفي نهاية المطاف، كانت إعادة تصميم بينغ بمثابة فشل، بحسب جاك غولد. على الرغم من زيادة مايكروسوفت حصتها في السوق، إلا أن غوغل لا تزال تستحوذ على حوالي 90% منها. ويختتم المحلل المستقل قائلا: "لقد كانت (جوجل) موجودة (في سوق محركات البحث) أولا، بمنتج أفضل".

ويبدي المحلل اعتقاده بأن مايكروسوفت لا تزال متأخرة في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل عام، وذلك لأنها لا تملك (حتى الآن) شرائحها أو نموذجها الخاص.

وتعمل المجموعة على نشر خدمات الذكاء الاصطناعي بسرعة على منصة "أزور" Azure السحابية الخاصة بها ومجموعة أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي "كو بايلوت" Copilot.

لكن "نمو إيرادات +أزور+، من حيث البنية الأساسية للذكاء الاصطناعي، أقل وضوحًا من نمو منافسيها"، وفق جاك غولد. ويؤكد أن خدمة الحوسبة السحابية "غوغل كلاود" Google Cloud، التي تحتل المركز الثالث في السوق بعد "ايه دبليو اس" من امازون و"أزور"، قد تتقدم إلى المركز الثاني في غضون عامين.

ويضيف المحلل أن جوجل تجذب بسهولة أكبر الشركات الناشئة، لأن أسعار مايكروسوفت موجهة نحو المؤسسات الكبيرة.

ويتابع غولد: "تكمن قوة ريدموند (مايكروسوفت) في أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بالشركات الكبرى. لديهم كل الحوافز للتركيز على ذلك، بدلا من التركيز على المستهلكين، حيث توجد بالفعل منافسة شديدة".

لكن هل يصل ذلك إلى حد الاستغناء عن "إكس بوكس"؟ يجيب غولد "تُحقق ألعاب الفيديو أداءً جيدا، لكنها لا تُمثل سوى جزء ضئيل من إيرادات مايكروسوفت. لو حوّلت الشركة ميزانية البحث والتطوير إلى حلول الأعمال، لكان ذلك منطقيًا، برأيي".

مقالات مشابهة

  • مايكروسوفت.. شركة رائدة في قطاع المعلوماتية عند منعطف الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يكشف مخاطر أمراض القلب عبر مسح شبكية العين
  • المخرج محمد ناير يكشف عن فكرة مسلسل أثينا ودور الذكاء الاصطناعي في الدراما
  • 3 وظائف فقط ستنجو من سيطرة الذكاء الاصطناعي
  • مايكروسوفت.. قصة نجاح من الحوسبة إلى الذكاء الاصطناعي والسحابة
  • تحديات جوهرية تواجه تطور الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي واغتيال الخيال
  • الذكاء الاصطناعي يجمع أساطير الكرة وأم كلثوم في احتفالات العيد
  • أبل تطلق ثورة صحية.. طبيب بالذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يتقن الخداع!