أثارت تصريحات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بخصوص الانقلاب في النيجر ووصفه بالشأن الداخلي، ورفض وصفه بانقلاب عسكري، تساؤلات حول دلالة التصريحات الآن، وما إذا كانت دعما ضمنيا لما حدث في النيجر.

وأكد المتحدث باسم "حفتر" اللواء أحمد المسماري، أن "ما يحدث في النيجر هو شأن داخلي وهذه رؤية القيادة العامة، وأن قواتهم لن تغلق الحدود في الوقت الحالي مع النيجر أو السودان، إلا إذا تطور الموقف، رافضا التدخل العسكري في النيجر من قبل مجموعة "إيكواس" بحجة أنها لن تخدم أي طرف، وفق تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية.



"رفض الدبيبة والمنفي"

وجاءت هذه التصريحات كأول رد فعل رسمي من قبل القوات التي يترأسها حفتر بعد صمت منذ وقوع الانقلاب في النيجر.

في المقابل، ندد كل من المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الوحدة الوطنية بالأحداث هنا واصفين إياها بالانقلاب العسكري، مطالبين المجتمع الدولي بالتدخل لإعادة الشرعية للرئيس "بازوم"، إلا أن حفتر رفض وصف الخطوة بالانقلاب.



فهل يدعم "حفتر" انقلاب النيجر ضمنيا؟وماذا يستفيد من الانقلاب هناك؟

"خدمة روسيا"

وقال أحد الضباط الليبيين من الجنوب برتية عميد، طلب عدم ذكر اسمه لحساسية منصبه إن "حفتر يدور في فلك روسيا ويخدم استراتيجيتها في أفريقيا، ومن مصلحة روسيا أن ينجح الانقلاب في النيجر، وأن تظل الحدود مفتوحة لتقديم الدعم للانقلاب عبر الحدود عن طريق حفتر في حالة حدوث تدخل عسكري هناك".

وأشار العميد الليبي لـ"عربي21" إلى أنه "من مصلحة الروس أن ترتبط مناطق نفوذهم جغرافيا من ليبيا إلى النيجر إلى مالي وبوركينا فاسو، والأهم أن عمليات التهريب بأنواعها التي تمر عبر الحدود مع النيجر تدر أرباحا طائلة للنقيب صدام نجل حفتر، لذا ليس من مصلحة حفتر إغلاق الحدود وليس من مصلحته إسقاط الانقلاب وعودة "بازوم" إلى منصبه"، وفق قوله.

"تعامل حذر"

من جهته، قال رئيس التجمع الوطني "فزان" (الجنوب الليبي)، وسام عبدالكبير إن "وصف حفتر لما يحدث في النيجر بالشأن الداخلي هي محاولة منه للتعامل بحذر مع الوضع السياسي الحالي هناك، وربما يفضل حفتر أن تكون دول الجوار تحت الحكم العسكري، لكن وجود أنظمة عسكرية لايعني أنها ستكون علاقاتها جيدة دائمة".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "علاقة حفتر بالرئيس النيجري المعزول "بازوم" ليست واضحة ولا معروفة، لكن في المجمل الحكومة الليبية والرئاسي رفضوا الخطوة وهم أكثر ارتباطا وعلاقة بالنيجر، وللعلم حتى الآن لم تعلن الدولة الليبية إغلاق حدودها رسميا مع النيجر".

وتابع: "أعتقد أن الوضع في النبجر قابل للتصعيد والتدخل العسكري والإنفلات الأمني، وبالتالي فإن هذا التصادم ليس في مصلحة حفتر وهو المسيطر على الجنوب الليبي المحاذي للنيجر فليس من مصلحته حدوث ذلك الانهيار"، وفق رأيه.

"دعم ضمني للفاغنر"

في حين رأى الباحث السوداني المتخصص في الشأن الليبي، عباس محمد صالح أن "الحدود المشتركة بين ليبيا والنيجر ظلت مصدر تهديد للسلطات المركزية وأمن المجتمعات الحدودية بالبلدين وكذلك لشركائهم الدوليين مع تزايد الأنشطة والتهديد العابرة للحدود خلال السنوات الأخيرة".

وأكد في تصريحه لـ"عربي21" أن "الانقسام الحاصل في ليبيا يفسر هذا التباين في إدراك التطورات في النيجر المجاورة وما إذا كانت شأنا داخليا أم تهديدا محتملا، لكن موقف حفتر يفسره ارتباطه بمجموعة "فاغنر" الروسية التي تشير بعض المعطيات لوقوفها وراء الإنقلاب الأخير في النيجر"، وفق كلامه.



وأضاف الباحث السوداني: "بالتالي ينظر حفتر لهذه التطورات أنها ستصب في صالحه في ظل استمرار صراعه مع السلطات الأمنية والسياسية في الغرب الليبي"، كما رأى.

"حرج بين روسيا وفرنسا"

الناشط الليبي، إسماعيل بازنكة قال من جانبه إن "حفتر في موقف حرج أمام اثنين من كبار داعميه الدوليين روسيا وفرنسا، وبالتالي الوضع يتطلب منه موقفا أكثر حيادية وألا يتورط في الصراع النيجري مجددا مثلما فعل في السودان وأصبح بين خيارين أحلاهما مر، فالصراع في النيجر غير واضح المعالم والمطلوب منه التريث حتى لا يتورط".

وأضاف لـ"عربي21": "حتى الآن الصراع في النيجر بين الأجنحة الموالية لفرنسا والغرب وما يحدث الآن من إجراءات لا تعد كونها أكثر من ضغوطات فرنسية وغربية لضمان النفوذ في النيجر، والمعروف أن فرنسا لاتهمها الديمقراطية بقدر مصالحها، لذا رأى حفتر ألا يورط نفسه وقواته في الأمر حتى لا يخسر فرنسا وروسيا"، بحسب تقديره.

"دعم الانقلاب رسميا"

لكن الصحفي من الجنوب الليبي، موسى تيهو ساي رأى أن "حفتر سعيد بتمدد الانقلابات العسكرية خصوصا في محيط ليبيا لأن ذلك يخلق له مناخا جيد لرؤيته القائمة على ضرورة إقامة حكم عسكري طويل الأمد في ليبيا وتصوير الحكم المدني على أنه غير مناسب لوضع لييبا الحالي".

وأضاف: "لذلك ستجده يتعاطف مع كل انقلابيي المنطقة خصوصا في المحيط القريب، أما رفضه إغلاق الحدود مع النيجر فهي رسالة مزدوجة بأنه هو من سيطر هناك وأنه لن يستجيب لأي أوامر من طرابلس تتعلق بالوضع في النيجر وسيعود الوضع وفقا لما يخدم رؤيته التي قد تكون دعم الانقلابيين في حال نشوب صراع مسلح"، بحسب تصريحاته لـ"عربي21".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات حفتر الانقلاب النيجر انقلاب النيجر حفتر سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی النیجر مع النیجر

إقرأ أيضاً:

شرعنة الانقلاب و تأثيرها على الديموقراطية (1/2)

بقلم:. د. محمد حمد مفرح

بالرغم من اسهامات علماء المسلمين المقدرة في مجال التشريع الاسلامي ذي الصلة بنظام الحكم، الا انهم لم يقوموا بابتداع نظام حكم
متكامل يقوم على الشريعة و معطيات العصر، موفقا بين الأصل و العصر عبر التقيد بالقطعي الورود من الدين الاسلامي كالشعائر، مع الاجتهاد في ما عدا ذلك من مستجدات. و يستلزم هذا النظام، بطبيعة الحال، الاستناد الى الشريعة الاسلامية باعتبارها تدعو الى و تعبر عن قيم الدين مثل الحرية Freedom و العدالة Justice و السلام Peace، كأساسيات لا بد منها لارساء دعائم الاستقرار و التنمية والرفاه، كما يتعين عليه مخاطبة كل المستجدات الناتجة عن حضارة العصر الحالي من جميع مناحيها، و ذلك بالاستعانة بالخبراء في المجالات المختلفة. و من المؤكد انهم، أي علماء المسلمين، لو فعلوا ذلك و بشروا به على المستوى الدولي لتصدرت الشريعة انظمة الحكم الأخرى و لكان لذلك مردودات ايجابية كبيرة على مستوى عالمنا الاسلامي.
و في ظل عدم توافر نظام حكم اسلامي وفقا للتوصيف انف الذكر، فقد تسيدت الديموقراطية، كنظام حكم، انظمة الحكم الأخرى. و بذا فقد غدت توجها عالميا انتظم الكثير من دول العالم غربا و شرقا و عمل على احداث تحولات اجتماعية و سياسية و اقتصادية ايجابية كبيرة في هذه الدول. لذا فقد قطعت الدول التي طبقت نظام الحكم الديموقراطي اشواطا حضارية جد بعيدة نقلتها الى افاق النهضة و التطور الحقيقيين. و كان لطبيعة الديموقراطية القائمة على الحرية و العدالة و المساءلة Accountability و الشفافيةTransparency و كل ما هو ضروري لارساء دعائم الاستقرار، كان لها القدح المعلى في استشراف الدول المشار إليها افاق النهضة و الرفاه.
و نظرا لالتقاء الديموقراطية مع الشريعة في قيام كليهما على قيم الحرية و العدل و المساءلة بناء على اقرار الحقوق و الواجبات للمواطن، و استهداف سعادة الانسان و رفاهه، مع تفوق الشريعة، بطبيعة الحال، على الديموقراطية في الكثير من المناحي كونها (الشريعة) تعد ذات بعد اخروى، نظرا لذلك يمكن، في غياب نظام الحكم انف الذكر، اعتماد الديموقراطية كنظام حكم في العالم الاسلامي. غير ان من الضروري استلهام الديموقراطية لروح الدين مع اخضاعها لواقع الدول و تأصيلها، و ذلك حرصا على مخاطبتها لواقع دولنا الاسلامية و عدم اصطدامها بقيم الدين و الاصول المرعية بهذه الدول. و هذا يحتم، بالقطع، عدم التقيد الحرفي بالديموقراطية كمنتوج فكري غربي (ديموقراطية ويستمنستر) Westminister Democracy بل تأصيلها بما يتماشى مع قيم ديننا و مجتمعاتنا. بمعنى اخر يمكن أن يتم ابتداع نظام حكم ديموقراطي Democratic rule يناسب واقع الدول الاسلامية الحضاري و يتناغم مع قيمها و أصولها مع تلبيته لحاجات الشعوب المتحركة في عالم سريع التطور.
و تأتي أهمية ابتداع نظام الحكم الديموقراطي هذا من حتمية تمسكنا بقيم الدين مع اخضاع العديد من المسائل الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية و الفكرية و الثقافية التي تفرضها ضرورات الحياة و تعاملاتها، الى الاجتهاد المؤطر بالدين. و لا شك في ان قيم الدين التي يعبر عنها الكتاب و السنة تمثل معينا قيميا لا ينضب، يحتاج الى البحث ليتم استيعابه في التشريعات و القوانين. كما ان ثمة حاجة للالمام بالمستجدات العصرية في كل المجالات و اسنيعاب التشريع لها.
و إذا كانت الدول غير الاسلامية التي طبقت و تطبق الديموقراطية حريصة على قيم الحرية والعدل و السلام كممسكات للاستقرار و رفاه الشعوب Welfare of nations فمن باب أولى ان تحرص الدول الاسلامية على هذه القيم التي سبق ديننا الاسلامي كل المعتقدات لها. و تبعا لذلك فليس من الدين في شيء الالتفافOutflanking على هذه القيم بشتى الأساليب و ذلك في مسعى مكشوف لتحييدها من اهدافها و مقاصدها، تحت أي دعاوي كانت. و بالقطع فان التذرع بأي دعاوى او مبررات تتقاطع مع الدين و لا تتسق مع قيمه يصادم مقاصد الدين و يفضح أهداف الحكم المعني خاصة إذا كان هذا الحكم ينتهج الاسلام، وفقا لبرنامجه و فكره المعلن.

mohammedhamad11960@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • عضو «النواب الليبي»: مصر داعم رئيسي لاستقرار ليبيا على مختلف المستويات
  • مجلس النواب الليبي: مصر لم تتخل عن ليبيا رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة
  • عربي21 تنشر بيان القاهرة لمشاورات البرلمان الليبي و الأعلى للدولة
  • أوامر رئاسية بوضع تصور شامل بخصوص تطور الإستهلاك الداخلي للغاز والمنتوجات النفطية
  • مختص بالشأن الإسرائيلي: الاحتلال يحاول فرض شروط جديدة استباقا للمرحلة الثانية من الصفقة
  • السودانيون لا توحدهم حكومتان
  • رائدة بالجيش الأميركي: إغلاق قواعدنا في النيجر انتكاسة إستراتيجية
  • روسيا تمدّد حظر تصدير البنزين 6 أشهر لدول من بينها ليبيا
  • شرعنة الانقلاب و تأثيرها على الديموقراطية (1/2)
  • أي أفق للديمقراطية في ظل منظومة الاستعمار الداخلي؟