عن اللبناني الـمهضوم.. كيف يقتل قضاياه بالهراء والتفاهة؟
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
بدءا من "الكهرباء المقطوعة" وصولا الى جدار الصوت الذي يغزو سماء لبنان، الى المواجهات العسكرية ، من دون إغفال الهزات الأرضية من حين الى آخر، وما بات لافتا، ردة فعل اللبناني مع كل أزمة يمر بها، بحيث يحول المصيبة الى "نكتة " يضحك عليها إلى درجة السخرية.
يتفاجأ كُثر من المتابعين كيف أن الشعب اللبناني بمختلف طبقاته وأعماره يتمكّن من تقبل الأزمات .
ومن هذا المنطلق نرى ارتفاعًا ملحوظًا في استخدام اسلوب السخرية والنكت، خاصة على السوشيال ميديا، ففور وقوع أي كارثة امنية، او صحيّة او اقتصادية، تشهد تلك المواقع غزوًا بمظهر الاستهزاء والسخرية، فالضحك وسيلة علاجية اعتمدت في علاجات اضطراب ما بعد الصدمة .
والإحباط النفسي غالباً ما يتم التعبير عنه من خلال النُكتة وخفة الدم التي تعتبر المتنفس الأهم، وهناك تفاعل واندماج في النكات والنهفات بين الفئات العمرية كافّة. والسوشيل ميديا و"قفشاتها" تتكلّم وحدها عن ذلك، وهو مسرح آخر تتجلّى عليه "ميزة" التناقضات اللبنانية.
ما هو سر الضحك والممازحة الطارىء على يوميات اللبناني؟ لماذا تحوّل الى شخص غير مبال بشيء يلجأ، مع كل مصيبة الى التهكم عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الهاشتاغ والصور المركبة والأفكار المضحكة؟
يفسر ذلك استاذ علم النفس حسن شكر بأن اللبناني يحب الحياة والفرح بطبعه، وأن أكبر دليل على ذلك هو الحفلات التي تُقام رغم الأزمات، حيث تزخر المطاعم والمقاهي بالرواد، وتنظم المهرجانات الفنية والثقافية، مما يوحي بأن اللبنانيين تأقلموا مع الظروف الصعبة ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي.
ويلفت إلى أن "الشعب بمعظمه يُعاني، وبالتالي إطلاق النكات هدفه السخرية من واقعنا، أي التخفيف من حدة الأزمة، لكن لا أستبعد، في ظل الأوضاع المهيمنة، أن يخسر اللبناني السيطرة على نفسه، وأن يحتفظ اللبنانيون بروح الدعابة في كل الأحوال، مؤكدا أن في لبنان لا يخلو أي حوار من روح الدعابة، وإلا فإنه يعتبر حوارا ناقصاً".
وأكد شكر أن الأمر تخطى كونه مجرد كلماتٍ تُخفف من وطأة الأحداث السياسية، بل أصبح لدى البعض أسلوبًا اجتماعيًا لا يُفرقون فيه بين موقف قد يتحمل السخرية وآخر لا يقبلها ولا تجوزُ فيه بشكلٍ من الأشكال.
وأوضح أن خلفية لجوء اللبنانيين إلى السخرية من الوضع الاقتصادي المتأزم، سببها أنه عندما يضحك الناس على شيء ما، فذلك راجع في الغالب إلى أنهم لا يستطيعون تغيير أي شيء في الواقع. و "إنها ببساطة طريقة للتعامل مع الوضع".
وأكد شكر ان الشعب اللبناني يحمل في "العقل الباطن الجماعي" كل معاناته منذ الحرب العالمية الاولى وما تخللها من "مجاعة وخوف ومرض وموت" الى الحرب الاهلية والصدامات الطائفية .
وبيّن أن آلام الشعوب وتقلّبات الحكم والسياسة مادّة خصبة لفن النُكتة السياسية والإجتماعية، فالنُكتة وليدة أشكال سوسيولوجية محددة تاريخياً واجتماعياً، على صعيد آخر، إنّ الضحك الناتج عن سماع نكتة يخفّف الأوجاع بعد ان ينتج الجسم هرمونات الاندروفين التي تقتل الالم، كما أنّ النكات المضحكة ترفع من قدرات جهاز المناعة.
ويأمل شكر بتوقف المعارك قريباً وعودة المغتربين اللبنانيين لزيارة وطنهم، فكثيرون منهم يُحجمون عن القدوم بسبب مخاوف من إغلاق المطار، مما يسبب لهم التوتر والقلق.
وأوضح الشاب علي البالغ 27 عاما أن الضحك أصبح يُعتمد كعلاج للتغلّب على القلق والاكتئاب. فنحن شعب "المهضوم" و"الغاضب" نواجه واقعا لبنانيا مختلفا. نخلق "النكتة" من تحت تاسع أرض. اللبناني شعب "عيّيش" وبحثُنا عن سُبل المرح والتسلية لا يتوقّف.
وأكد أن انتشار السخرية بهذا الشكل الواسع يفقد قيمة الأحداث وأهميتها والشعور بخطرها الحقيقي فترى الشعوب تظلُ تسخر من المنظومة السياسية، حتى تراهم يُسرقون حقوقهم وعلى العلن وتُنهب كل ثرواتهم بل وهم يضحكون.
وقال أن من يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي يدرك أن هذا الشعب، بالرغم من كل ما حل به من مصائب، يحاول معالجة أزماته باللجوء إلى الضحك، لعله يفرغ الغضب داخله والحزن الظاهر في عينيه وغيرهما من المشاعر السلبية أو على الأقل تخفيف حدتها.
في ما يلي عينة من ردود الفعل الساخرة الصادرة عن اللبنانيين:
"إذا ظل الوضع هيك، رح بلش إسحب من مصاري الـ monopoly".
"نحنا شعب إذا بتقلوا محلات دفن الموتى رح تسكر بكرا... بيركض بيشتري 10 توابيت احتياط".
جربتوا تاخدوا لبنان عند شيخ؟
النفق تحت الارض مضوي اكتر من نفق المطار.
أنا برأيي لبنان يطلع ع أفريقيا سنتين ثلاثة.. يأمن حالو ويرجع.
أصبح الشعب اللبناني غير مبال ولا يتأثر، فمع كل أزمة تتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى مهرجانات من الضحك يعبر اللبناني من خلالها عن عمق ما يتراكم داخله من معاناة وهذا مؤلم اكثر. فالضحك والبكاء في الوقت عينه صعب جداً، يزداد وجع الروح وتتراكم الألأم نتيجة تجاهل الحلول الممكنة لإنقاذه مما ابتُلي به.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يعلن عن 60 مليون يورو مساعدات للجيش اللبناني
سرايا - أعلن الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، عن مساعدة بقيمة 60 مليون يورو (62 مليون دولار) للجيش في لبنان، حيث تسعى الدولة إلى ضمان الامتثال لهدنة هشّة مع إسرائيل.
ويأتي هذا الدعم "في لحظة حرجة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل"، بحسب ما صرّحت كايا كالاس مفوّضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
وشدّدت المسؤولة على أن الجيش اللبناني يضطلع بـ"دور أساسي في الاستقرار على الصعيدين الإقليمي والوطني ويستحقّ منّا كل الدعم في أداء مهمّته المحورية".
ويسري منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وقف لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وينصّ على انسحاب إسرائيل من مناطق دخلتها في جنوب لبنان، بحلول 26 كانون الثاني/يناير 2025.
ويتعيّن على حزب الله بموجب الاتفاق أن يسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني، على بعد قرابة 30 كيلومترا من الحدود، وأن يفكك أي بنية تحتية عسكرية في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من النهر.
والسبت، قال الرئيس اللبناني المنتخب حديثا جوزاف عون إن "لبنان متمسك بضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من أراضيه المحتلة في الجنوب ضمن المهلة التي حددها الاتفاق الذي تم التوصل إليه".
وقبل أيّام من حلول مهلة 26 كانون الثاني/يناير، لم تنجز بعد كلّ الترتيبات اللازمة للانسحاب.
والجمعة الماضي، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان بغية دعم القيادة الجديدة في البلد.
وأعلن عن انعقاد مؤتمر دولي مقبل في باريس للمساعدة في إعمار البلد بعد الحرب مع إسرائيل.
وتأتي المساعدة التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي لتضاف إلى تلك التي تعهّدت الولايات المتحدة بتقديمها الأسبوع الماضي والتي تتخطّى قيمتها 117 مليون دولار في مجال الأمن.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 554
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 21-01-2025 06:33 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...