مشاهد لتمسك الغزيين بالحياة رغم محاولات الاحتلال إجهاضها
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
غزة- بينما تحاول إسرائيل وأد الحياة في غزة، وتجفيف كل ما يجعلها ممكنة، يعتنق الغزيون عقيدة البقاء، ويفشلون إرادة المحتل، فلا يعرف اليأس ولا الاستسلام طريقا إليهم.
ففي المسجد العمري الأقدم والأكبر في غزة، ما زال ينبعث صوت الأذان رغم تدمير جيش الاحتلال لمئذنته، وتقام الصلاة فيه رغم تحطيم مصلاه، وبعد أن دمرت إسرائيل 75% من مساحته البالغة 4 كيلومترات، نحّى الغزيون الركام جانبا ثم أقاموا الصلاة في الجزء القليل المتبقي.
قابلت الجزيرة نت المرشد السياحي للمسجد العمري الشيخ أبو محمود هنية، بعدما كان عاكفا على مكتبه، يؤلف كتابه الجديد في علوم القرآن بالمسجد.
الغزيون يفكرون بإعمار المسجد العمري وترميمه بعد القصف رغم أن الحرب لم تنتهِ بعد (الجزيرة) إحياء "العمريّ"بعد انسحاب جيش الاحتلال من البلدة القديمة، عاد هنية إلى حارته لتفقد منزله فوجده محروقا، ثم هرول ناحية المسجد، فوجده بلا مئذنة ولا أسقف ولا بوابة، وقف ولم يكمل سيره وجلس ينتحب، يقول للجزيرة نت "لم أبك على بيتي المحروق، لكني بكيت على المسجد وانحبست دموعي بعدها، فكانت هذه آخر مرة أبكي فيها خلال هذه الحرب".
كل الغزيين أبكاهم مشهد دمار المسجد العمري؛ فهو تاريخهم وماضيهم وقبلة الزوار والسياح ورائحة الحضارة، يرَون في أحجاره ثروة فيها من عبق التاريخ، ولا يزال تعلقهم فيه لافتا، حيث لم يرق للغزيين الابتعاد عن المسجد كثيرا، فبدأت العودة التدريجية للفتية والشيوخ عقب الانسحاب، وتكاتف جيران المسجد مع محبيه في تنظيفه وحصر الركام واستصلاح مكان للصلاة التي بدأت بآحاد الفتية، إلى أن اصطفوا بالعشرات.
يقول هنية "نصلي كل الصلوات عدا الفجر، ونجمع صلاتي المغرب والعشاء لصعوبة الحركة ليلا"، كما أن أهالي الحي أقاموا فيه طقوس العيد، ويؤدون خطبة وصلاة الجمعة، ويقولون "هذه عاداتنا لم نغيرها ولن نغيرها".
ورغم أن الحرب لم تضع أوزارها بعد، فإن ما يشغل تفكير الغزيين هو كيفية إعمار المسجد وإعادته "منارة غزة الأجمل"، وفي هذا السياق قال هنية "أكثر ما سرّني وجود محجر بلدي في غزة سنتمكن من خلاله من إعادة تصنيع الأحجار المدمرة واستخدامها".
العلم عن بُعديبحث الفلسطينيون عن حلول يتحايلون فيها على الألم، ويبتكرون طرقا تعينهم على التأقلم مع واقعهم الجديد، فبعدما دمرت قوات الاحتلال البنى التحتية في شمال قطاع غزة، استحدث الغزيون طرقا لبيع الإنترنت.
ففي الطرقات وعلى أرصفة الشوارع يتجمع العشرات من طلبة الجامعات أمام نقاط بيع الإنترنت، لتحميل محاضرات المواد الدراسية المقررة عليهم خلال الفصل الدراسي الذي التحقوا به، رغم المخاطرة الكبيرة لجلوسهم لساعات في هذه النقاط التي ركّز الاحتلال مؤخرا على استهدافها دون مبرر.
ومتربعا على الرصيف وحاسوبه بين يديه، يقول أحمد للجزيرة نت وهو طالب بكلية الهندسة في الجامعة الإسلامية "ضاع مستقبلنا ونحن ننتظر انتهاء الحرب للعودة إلى جامعاتنا ودراستنا".
وبشكل غير متوقع، امتلأت مقاعد الدراسة الجامعية عن بُعد رغم استمرار الحرب، وعاد 4500 طالب وطالبة في شطري قطاع غزة -منهم 1500 من شمال القطاع- إلى استكمال الدراسة في الجامعة الإسلامية، التي عاود الاحتلال استهدافها جوا عدة مرات، ثم نسف مبانيها المتبقية في دخوله البري، بعد أن اتخذها مقرا له وساحة لتمركز آلياته.
يقول القائم بأعمال رئيس الجامعة -الذي فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت إن "الطلبة عادوا للدراسة إلكترونيا، حيث يتم حاليا استدراك الفصل الدراسي الأول الذي توقف في أكتوبر/تشرين الأول من العام المنصرم"، ويضيف "اطلبوا العلم ولو في غزة!".
وقال المصدر إن الجامعة الإسلامية اتفقت مع جامعات أخرى في الضفة الغربية والأردن على تدريس المساقات التي لا تتوفر الإمكانيات لتدريسها في الجامعة خلال الوقت الراهن، كما أنه تم التواصل مع وزارة التربية والتعليم في رام الله من أجل تصديق الشهادات الإلكترونية، وتيسير المعاملات الخاصة بطلبة الجامعة.
ترميم واستصلاح غرفتين في قسم الكلى وإعادة تشغيله في مجمع الشفاء الطبي رغم تدميره وحرقه (الجزيرة) "الشفاء" مرة أخرىتتحد جهود المؤسسات الرسمية في القطاعات المختلفة في غزة لترميم ما يمكن من غرف غسيل الكلى، مدفوعين بشعور المسؤولية تجاه الفلسطينيين في شمال القطاع، وهو الدافع ذاته الذي حرّك الأطباء لإنقاذ مرضى الكلى الذين كانوا على حافة الموت.
ففي وسط مجمع الشفاء الذي عاثت فيه آلة الحرب الإسرائيلية حرقا وتدميرا، فأخرجته عن الخدمة إجباريا، استُصلحت غرفتان من أصل قسم كامل، و21 جهاز غسيل كلى من أصل 70، بحسب رئيس قسم أمراض وزراعة الكلى غازي اليازجي.
وقال المتحدث ذاته للجزيرة نت إن "هناك توجسا وخوفا كبيرين من وجودنا في المجمع بشكله الحالي، لكن لا خيارات، ونحن مضطرون لهذه الخطوة، وهذه مسؤوليتنا رغم كل المخاطر المحدقة".
ولفت اليازجي إلى معاناة المرضى في الوصول إلى قسم غسيل الكلى الوحيد في منطقة شمال وادي غزة، الذي يعد وجهة لـ61 مريضا، حيث يستأجر بعضهم العربات التي تجرها الحيوانات، والبعض الآخر يأتي مشيا على الأقدام من مسافات طويلة، فيما تحاول بعض الجهات المانحة تأمين مواصلات لسكان أقصى شمال القطاع.
ورغم نجاح الأطباء في تدشين العمل في قسم الكلى فإن هناك تحديات جمة يمكن أن تؤثر على استمرار عملهم، ذكر اليازجي من بينها شح السولار اللازم لتشغيل أجهزة الغسيل، ونقص الكوادر الطبية والتمريضية والفنية، وعدم توفر الأدوية والمستهلكات الطبية والمحاليل لإجراء الجلسات.
ولم تكن هذه آخر الخطوات التي أقدم عليها الأطباء، فقد لفت اليازجي إلى أن العيادة الخارجية لمجمع الشفاء في طور الترميم، وأنه سيعاد تشغيلها للاستقبال والطوارئ خلال أسبوعين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات للجزیرة نت فی غزة
إقرأ أيضاً:
مقتل الفلسطيني خالد نبهان.. الجد الذي أبكى العالم أثناء وداع حفيدته "روح الروح"
بعد مرور حوالي عام على لحظة وداعه المؤثرة لحفيدته الصغيرة ريم، ارتقى الجد الفلسطيني خالد نبهان، المعروف بلقب "أبو ضياء"، إثر قصف إسرائيلي استهدف مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. نبهان، الذي أصبحت صورته وهو يحتضن جثمان حفيدته رمزا لمعاناة الفلسطينيين، يكتب اليوم فصلا جديدا من المأساة التي لا تنتهي.
اعلانفي نوفمبر 2023، أبكى خالد نبهان العالم وهو يودع حفيدته ريم التي قتلت في غارة إسرائيلية، بكلمات حنونة خالدة: "روح الروح.. ما لي غيرك، ما لي بالدنيا غيرك". تلك اللحظة الحزينة انتشرت عالميا، مجسدة حجم الألم الذي يعيشه الفلسطينيون يوميا في ظل الحرب الإسرائيلية الدامية والمتواصلة منذ أكثر من 14 شهرا.
Relatedالحرب على غزة: مجازر إسرائيلية على وقع مفاوضات التبادل ونتنياهو يؤكد "غيرنا الشرق الأوسط وسنستمر"الحرب بيومها الـ437: قتلى في غزة ولبنان وقصف على سوريا وكاتس يعلن عن جهوزية الجيش لضرب إيرانمقتل 28 فلسطينياً بينهم أطفال ونساء في غارات إسرائيلية على غزةعشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على غزة والأونروا: قرار إسرائيل يهدف لتجريد اللاجئين من حق العودةكما ظهر الجد "أبو ضياء" في وقت سابق في لقاءات صحفية حيث تحدث عن معاناته بسبب الحرب ومقتل أحبائه. لم يصمد طويلاً أمام فراق حفيدته وصديقه الدكتور محمود الشيخ علي الذي قتل هو الآخر في وقت سابق من نفس الشهر في ضربة أخرى.
View this post on InstagramA post shared by khaledmnabhann (@khaledmnabhann)
منذ السابع من أكتوبر 2023، يعيش قطاع غزة تحت وطأة حرب شرسة شنها الجيش الإسرائيلي، أودت بحياة عشرات الآلاف وخلفت دمارا هائلا. وبحسب التقارير، تجاوزت الحصيلة أكثر من 151 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي حلت بالسكان المدنيين.
هذا وأسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة عن تدمير واسع للبنية التحتية في قطاع غزة، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق.
ويعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية والدواء، فيما تتضاعف المعاناة بسبب الحصار الذي يمنع وصول المساعدات الإنسانية الأساسية إلى المنطقة.
وفي وقت تتفاقم فيه الأزمة، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن تل أبيب باتت على وشك إنهاء "مهمتها" في القطاع، مع تأكيدات حول قرب إتمام صفقة تبادل الأسرى.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تل أبيب تغلق سفارتها في أيرلندا بسبب "السياسات المعادية لإسرائيل" أو هكذا قالت هل آن أوان "إسرائيل الكبرى"؟ حافظ الأسد أراد السباحة يوما في طبريا فاحتل نتنياهو أعلى قمم جبل الشيخ أستراليا تُباغت الزوار الإسرائيليين بإجراء جديد: استبيان يُشعل القلق في تل أبيب أزمة إنسانيةقطاع غزةضحاياقصفالصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيلاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. الحرب بيومها الـ437: قتلى في غزة ولبنان وقصف على سوريا وكاتس يعلن عن جهوزية الجيش لضرب إيران يعرض الآن Next الكرملين: لا قرارات نهائية بشأن مستقبل القواعد الروسية في سوريا حتى الآن يعرض الآن Next لمكافحة استغلال الأطفال عبر الإنترنت.. السويد تدرس فرض حدود عمرية على وسائل التواصل الاجتماعي! يعرض الآن Next البرلمان الألماني يصوت اليوم على منح الثقة لشولتس وحكومته: هل سيفشل؟ يعرض الآن Next أجسام طائرة مجهولة تثير الفزع في أمريكا وترامب يطالب بإسقاطها فورًا.. ماذا نعرف حتى الآن؟ اعلانالاكثر قراءة ما الذي يخبئه فروٌ على كتفي سيدة؟ كاميرا خفية تدخل مزارع تربية الثعالب في فنلندا فماذا وجدت؟ عزل رئيس كوريا الجنوبية.. احتجاجات حاشدة في سيول تطالب بسحب القرار مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز لصوص بالعشرات بينهم رجال ونساء وأطفال.. جرائم نهب وحرق للبيوت داخل مجمع سكني قرب دمشق سوريا ما بعد الأسد.. تصريحات أردوغان تثير البلبلة فهل تتحول البلاد إلى محمية تركية؟ اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومسورياإسرائيلبشار الأسدهيئة تحرير الشام روسياعيد الميلادإيرانبنيامين نتنياهوبودابستغزةدونالد ترامبداعشالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024