منسق الحراك الطلابي ببنغلاديش للجزيرة نت: أولويتنا الحفاظ على الوحدة الوطنية وتنظيم انتخابات عادلة
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
داكا– من اللافت أن يصل طلاب من قادة ومنسقي حراك طلابي معارض ضد حكومة ما إلى كرسي الوزارة بعد أسابيع قليلة فقط من مشاركتهم في احتجاجات طلابية وشعبية واسعة، وهو بالضبط ما حدث مع محمد ناهد إسلام، أحد أبرز منسقي الحراك الطلابي الذي أطاح بحكم الشيخة حسينة في بنغلاديش، وفتح الباب أمام تغييرات واسعة في مختلف مستويات الدولة.
ولد محمد ناهد إسلام في العاصمة البنغلاديشية عام 1998 لأسرة من الطبقة المتوسطة، وتخرج في قسم علم الاجتماع بجامعة داكا عام 2022. وخلال فترة الدراسة، شارك مع زملائه في حراكات سابقة ونشط في عدد من الاتحادات الطلابية لكنه لم ينضم لأي حزب سياسي.
وفي 2023 تأسست منظمة طلابية جديدة في جامعة داكا باسم "قوة الطلاب الديمقراطيين"، فصار سكرتيرا للجنة المركزية لهذه المنظمة.
تعرض محمد ناهد إسلام للاعتقال مرات عديدة، وبعد الاحتجاجات وإسقاط حكم الشيخة حسينة ومغادرتها يوم الخامس من أغسطس/آب، طالب منسقو الاحتجاجات بتعجيل تشكيل حكومة مؤقتة يكون رئيسها (أو كبير مستشاريها حسب المصطلح القانوني لمسمى رئيس الحكومة) المصرفي والاقتصادي المعروف محليا ودوليا، محمد يونس، وهو لا ينتمي لأي حزب سياسي.
وفوجئ كثيرون أن بين المستشارين أو الوزراء طالبين، هما محمد ناهد إسلام وزميله آصف محمود شوجيب بوهيان، الذي تسلم حقيبتين هما "الشباب والرياضة" و"العمالة والتوظيف"، وكلتا الوزارتين لهما علاقة مباشرة بسبب خروج الاحتجاجات في الأيام الأولى.
وبعد تسلم محمد ناهد إسلام وزارتي "البريد والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات" و"الإعلام والبث الإذاعي والتلفزيوني" في الحكومة المؤقتة في بنغلاديش، كان للجزيرة نت معه هذا الحوار:
ما زال الحراك الطلابي في بنغلاديش متمسكا بفعالياته للحفاظ على مكتسبات ثورته (الجزيرة) كيف تقيم ما حققته الحركة الطلابية حتى الآن؟ وهل تشعر بالرضا عما تم إنجازه؟الثورة التي توجت حراكنا كانت منطلقة من مطلب واحد: إسقاط حكومة الشيخة حسينة الاستبدادية، وإنهاء النظام الفاشي. في الخامس من أغسطس/آب استقالت الشيخة حسينة وهربت من البلاد مما أدى إلى انهيار حكومتها، وهو إنجاز عظيم لبنغلاديش.
وفي ضوء هذا الأمر، شكلنا حكومة مؤقتة نيابة عن الطلاب الذين قادوا الثورة، وينصب تركيزنا على تفكيك النظام الفاشي وإصلاح هيكل الدولة بهدف بناء نظام جديد وعادل، وأعظم إنجازاتنا أننا -ونحن تحت قيادة هؤلاء الطلبة- نجحنا في إسقاط نظام استبدادي وأسسنا حكومتنا، وهذا ما يعد إنجازا مهما لبنغلاديش.
هناك من عبر عن قلقه من أنه لو طالت الفترة الانتقالية فإن ذلك قد يخلق إشكالية سياسية جديدة؟ فالأحزاب المعارضة تتوقع انتخابات مبكرة.. هل أنتم قلقون بهذا الشأن؟لسنا قلقين بشأن الانتخابات أو الفترة الزمنية لهذه الحكومة، وليس هناك داع لذلك القلق، فهذه الانتفاضة الشعبية قد عززت الشعور بالوحدة الوطنية، التي سترشد كل مبادراتنا وأفعالنا، وقد أوضحنا أن هذه ليست حكومة تصريف أعمال مهمتها فقط تسليم السلطة لحكومة أخرى، إنها حكومة مؤقتة شكلت من خلال انتفاضة شعبية، وهي ملتزمة بالوفاء بوعود ثورة الشعب، وستكون خيانة للشعب لو أننا أجرينا ببساطة الانتخابات دون أن نجري إصلاحا لهيكل الدولة.
نحتاج بعض الوقت لتنفيذ تلك الإصلاحات، وهدفنا تنظيم عملية انتخابية عادلة في بنغلاديش من خلال تلك التغييرات التي ستنجز عبر نقاشات مع الأطراف والقوى السياسية وبناء على الإجماع الوطني.
كيف هي علاقاتكم مع المنظمات الطلابية المختلفة ومنها المنظمات الطلابية الحزبية؟لقد ظلت "الحركة الطلابية ضد التمييز" منصة مفتوحة للجميع، ترحب بأي شخص من أي حزب، ولكن دون إبراز أي انتماءات حزبية، فالحراك الذي قادته "الحركة الطلابية ضد التمييز" شهد مشاركة فاعلة وتضحيات من أعضاء أحزاب سياسية معارضة ومنظمات طلابية، كلهم انضموا للحركة دون أن يكونوا ممثلين عن هويات أحزابهم.
وقد سمح هذا للحركة الطلابية بأن تحافظ على تواصل مع أطياف واسعة من المنظمات والقوى السياسية، ولكن "الحركة الطلابية ضد التمييز" في ذاتها لم تكن تحالفا أو منظمة سياسية، بل هي منصة لكل الطلاب وعامة الناس، والمشاركة من خلال الحركة في الحراك كان مندفعا من منطلق هدف مشترك، وليس من منطلق هوية حزبية، وظلت الحركة الطلابية هذه تمثل صوت عامة الناس.
ما مستقبل الحركة الطلابية خاصة أن المشهد تجاوز الحراك الطلابي الآن؟ هل ترى أي دور رقابي أو سياسي أو اجتماعي للطلاب؟ وهل ستتجهون نحو تشكيل معين مستقبلا؟سيظلون في الشوارع حتى تتحقق كامل وعود حركتنا وآمال الانتفاضة الشعبية، وسيستمرون في كونهم قوة اجتماعية وسياسية مهمة.
سيركز الطلاب على البناء الوطني والتكافل الاجتماعي، ونحن ننظم حوارات مع كل الأطراف والمواطنين من مختلف فئات المجتمع لدعم مبادرات البناء الوطني وإصلاح الدولة التي نقوم بها من خلال الحكومة، ومن خلال ذلك الحوار يتشكل التصور المستقبلي لبنغلاديش، بناء على الإجماع الوطني.
ما الدور الذي سيلعبه الطلاب في مستقبل بنغلاديش بعد الحراك؟ (الجزيرة) ما الذي تقومون به من أعمال في الوزارتين اللتين أسندتا لكم؟ وما أولوياتكم كونكم من الطلاب الإصلاحيين؟نحن نركز على إعادة تقييم المشاكل الهيكلية الموجودة داخل كل وزارة وقطاع، وكذلك القضايا البارزة المتعلقة بالقوانين واللوائح، وللتعامل مع هذا الأمر شكلنا لجان تحقيق في كل القطاعات للتحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري في الماضي، أي خلال الفترات التي كان فيها أولئك ممسكين بزمام الأمور، وبناء على نتائج تلك التقارير نتخذ إجراءات ضد المسؤولين الحكوميين وغيرهم ممن هم متورطون في الفساد أو سوء السلوك.
ونحن نتعامل مع ما يشغل المواطن العادي، مثل خفض كلفة شبكة الإنترنت ومنع حدوث قطع لبث الإنترنت في قطاع تكنولوجيا والاتصال المعلوماتي، بالإضافة إلى سعينا لمعالجة القضايا ذات العلاقة بالبث المعلوماتي ووسائل الإعلام، فبنغلاديش في الماضي شهدت تراجعا في مؤشر الحريات الصحفية، وواجه الصحفيون قيودا بسبب قوانين كثيرة، ونحن نعمل اليوم على حل تلك القضايا لنستجيب لمطالب الشعب بأسرع وقت ممكن.
كانت وزارة الإعلام الآلة الدعائية لحزب رابطة عوامي -الحاكم سابقا- واليوم هي بيد الطلبة الذين أسقطوا الحكم، ما الذي يجب تغييره؟ وكيف ترى مستقبل حرية الصحافة في بنغلاديش؟أحوال وسائل الإعلام في بنغلاديش معقدة للغاية، فمن ناحية هناك قيود والتزامات كبيرة فرضها الحكم الاستبدادي، ومن ناحية أخرى هناك ثقافة الرقابة الذاتية المنتشرة بين الصحفيين مدفوعة بالميل إلى استرضاء الحكومة.
كما أن الصحافة في بنغلاديش مسيسة إلى حد كبير، حيث ينحاز الصحفيون في كثير من الأحيان إلى الأحزاب السياسية، وهذا التسييس امتد إلى هيكلية الرواتب، حيث يتزايد عزوف المواهب الشابة عن دخول هذا المجال بسبب عدم وجود جدول موحد لأجور المراسلين المبتدئين.
وهناك انتقادات واسعة بخصوص ملكية مؤسسات وسائل الإعلام، بسبب ارتباط كثير من المؤسسات الإعلامية بقوى سياسية مختلفة، مما يقلص فرصة نشر محتوى خارج أجنداتها.
وسلامة الصحفيين قضية أخرى شديدة الأهمية، فكثيرون استشهدوا أو أصيبوا أثناء قيامهم بالواجب الصحفي، وأمام هذه التحديات، فمن المهم بمكان التعامل مع كل هذه القضايا بشكل شامل، ومن وجهة نظر الحكومة فإن ضمان سلامة الصحفيين، وتأسيس سلم رواتب عادل، وتطبيق قوانين ولوائح واضحة هي من أولوياتنا، وهناك في اعتبارنا تأسيس لجنة إعلامية مستقلة تسعى لحماية مبادئ حرية الصحافة.
كيف تقيم علاقتكم كطلاب مع الجيش؟ هل ترون أن الجيش قد قام بدور إيجابي بوقف نزيف الدم وأسهم في تحقق التغيير؟ وكيف ترون دور الجيش في فترة الحكومة الانتقالية هذه؟لقد تعاون معنا الجيش خلال الانتفاضة، فالجيش لم يقف ضد الشعب، ونحن ممتنون لذلك الموقف، ابتداء عندما بدأت الأوضاع تتصاعد، فرض الجيش حظرا للتجول، ولعب دورا مهما في التعامل مع الاضطرابات، وإن كان على نطاق أصغر.
ولكن خلال فترة الحظر الثانية يومي الرابع والخامس من أغسطس/آب لاحظنا أن سلوكيات الجيش ليست ضد الشعب بل دعما له، ولهذا السبب فنحن قدمنا شكرنا للجيش، ونؤمن بأنه إذا تم تحريض الجيش ضد الشعب فقد يؤدي ذلك إلى تقويض مؤسسته وجعلها مثيرة للجدل.
لقد كانت بنغلاديش على شفا حرب أهلية، ولكن في تلك اللحظة الحاسمة لعب الجيش دوره وأظهر وطنيته، ولكننا لطالما أكدنا أننا نرفض أي شكل من أشكال الدعم العسكري أو الحكم العسكري.
ففي تاريخ بنغلاديش لم تكن الأنظمة المدعومة عسكريا في الغالب تتماشى مع مصالح الشعب، ولا نريد تأييدا بالشكل الذي حصل في حكومة 11 يناير لعام 2007، عندما كان الجيش يتحكم بالحكومة من وراء الكواليس، نتوقع من الجيش أن يخدم البلاد وشعبه، وأن يظل متعاونا مع الحكومة، ونأمل الحفاظ على علاقة الجيش بحكومة ديمقراطية خلال الفترة الانتقالية.
هل أنتم قلقون من أن تفشل ثورتكم أو تختطف أو تحصل انتكاسة ويزداد الوضع سوءا؟هذا الاحتمال وارد، لكننا يقظون ومدركون لذلك، ولهذا السبب يظل الطلاب فاعلون في الميدان، فهم يسعون إلى حماية هذه الانتفاضة وحماية بنغلاديش، ولأننا ندرك الأهمية الجيوسياسية لبلادنا، فإننا نواجه أعداء داخليين وخارجيين، وخاصة منذ أن أهملت الحكومة السابقة المصالح الوطنية وتعاونت مع قوى كبرى عديدة، ولأن الهيكل الحالي للدولة ظل كما هو.
وفي حين ما زال بعض الأشخاص من النظام السابق في أماكنهم، فإن هذا يمثل تهديدا ممكنا. ندرك هذه المصاعب وندرك أن المخاطر لا يمكن تفاديها بشكل كامل، لكننا نظل حذرين ونؤمن بأن أيا من هذه الحوادث لا يمكن أن تستمر في بنغلاديش، فالشعب سيقف ضد أي من محاولات الثورة المضادة ولن يقبلها.
إن الشعب يريد حماية الثورة وأن يرى تمثيلها في الحكومة، وحزب رابطة عوامي ليس في وضع يجعله قادرا على الحركة، فقياداته هربت من البلاد تاركة عمال حزبها والجميع في خطر، وهذا ما تسبب في غضب بين أعضاء حزب رابطة عوامي ومؤيديه في عموم بنغلاديش، ونحن ملتزمون بالعدالة للجميع وأن نصون حقوق الإنسان، وأن نحاكم المجرمين من خلال الإجراءات القانونية الواجبة.
إلى متى ستظل الحكومة المؤقتة تدير شؤون البلاد؟ فالبعض يتحدث عن شهور وآخرون يتحدثون عن عام أو عامين أو 3 أعوام والموضوع محل نقاش ساخن. وهل ترى دورا سياسيا للطلبة في الانتخابات المقبلة ؟الفترة الزمنية لهذه الحكومة لم تحدد بعد، وقد وضحنا أن الجدول الزمني سيعتمد على مهام إعادة هكيلة الحكومة، ونحن قائمون على إعداد هذا الجدول الزمني الآن، ونحن لن نقرر منفردين نشاطات الحكومة أو العهدة الزمنية لها بل سنتبع في ذلك سلوكا ديمقراطيا.
ليس لدينا خطة لتأسيس حزب سياسي في هذا الوقت، ولا نريد الدخول في أي منافسات سياسية، فأولويتنا هي الحفاظ على الوحدة الوطنية التي شكلتها قيادة الطلاب.
ربما يتخذ القرار لاحقا بناء على تطورات الأوضاع، وهناك تطلع من الشعب بأن يأخذ الطلاب دورا قياديا، وإذا كان الشعب والرأي العام مؤيدا لذلك، فإن قرارا يمكن أن يتخذ في المستقبل، ولكن في الظروف الراهنة، أولوية اهتمامنا هي البناء الوطني والحفاظ على الوحدة الوطنية من خلال الحكومة المؤقتة و"الحركة الطلابية ضد التمييز".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحراک الطلابی الشیخة حسینة فی بنغلادیش من خلال
إقرأ أيضاً:
عاجل - الحكومة: الموافقة على إطلاق الخطة العاجلة للاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية
ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، اجتماع المجلس القومي للسكان.
جاء ذلك بحضور الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، والفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، والدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والمستشار عدنان فنجري، وزير العدل، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والمهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ومحمد جبران، وزير العمل، والدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، ومحمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، واللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والسكان لشئون السكان، والسفير نبيل حبشي، نائب وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، واللواء منار مختار، مدير الإدارة العامة للتواصل المجتمعي بوزارة الداخلية، والدكتور خالد فتح الله، رئيس معهد الإذاعة والتليفزيون، المشرف على مركز المعلومات بالهيئة الوطنية للإعلام، والدكتور عيد عبد الواحد، رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، والدكتورة أميرة تواضروس، مدير المركز الديموغرافي بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، المسئول عن المشروع القومي لتنمية السكان، والدكتور أحمد الشرقاوي، وكيل قطاع المعاهد الأزهرية بالأزهر الشريف، والقس انطونيوس صبحي، استشاري تطوير البرامج بأسقفية الخدمات العامة، ومسئولي الوزارات والجهات المعنية.
وأكد رئيس الوزراء الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة المصرية لملف السكان، سعيًا لتحقيق أهداف الاستراتيجية القومية للسكان، كأحد محاور العمل لتعزيز خطط التنمية البشرية، ودفع معدلات النمو الاقتصادي، مشيرًا إلى أهمية دور المجلس القومي للسكان في هذا الصدد، لضمان التنسيق الفاعل بين مختلف الجهات المعنية لتحقيق تلك الأهداف.
وفي مستهل الاجتماع، عرض نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، أبرز الإجراءات المُتخذة لتنفيذ التوصيات الصادرة عن الاجتماعات السابقة للمجلس القومي للسكان، وذلك فيما يتعلق بعدة محاور، على رأسها تعزيز الخدمات في قطاع الرعاية الصحية الأولية وتنمية الأسرة المصرية، والتصدي لظاهرة التسرب من التعليم، ودفع جهود التمكين الاقتصادي للمرأة، والعديد من المحاور الأخرى ذلك الصلة.
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع شهد استعراض أبرز ملامح الخطة التنفيذية العاجلة للاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023-2030، والتي تستهدف الوصول إلى معدل إنجاب كلي 2.1 لكل سيدة بحلول عام 3030، بما يضمن إطارًا أكبر من حوكمة الملف السكاني، وضمان الحقوق اللازمة للمرأة والطفل، وتعزيز جهود التنمية.
وتمت الإشارة إلى أن هذه الخطة العاجلة تتضمن محاور عمل، في مقدمتها تحسين الخصائص السكانية في المراكز المستهدفة، مثل خفض البطالة، وخفض الأمية، والحد من التسرب من التعليم، وغيرها، وتطوير ورفع كفاءة مراكز الرعاية الصحية الأولية، وبناء شراكات مع مختلف القطاعات لتعزيز فعالية خدمات تنظيم الأسرة والرعاية الصحية.
وتم استعراض تقرير المؤشرات الديموغرافية على مستوى محافظات الجمهورية لعام 2023، والذي يمثل وثيقة مهمة لمُتخذ القرار لتحقيق أهداف الاستراتيجية القومية للسكان، حيث تضمن التقرير مؤشرات عامة، وأخرى تفصيلية لكل محافظة على حدة، تتضمن عدد السكان الحالي، ونسب النوع والحضر والريف، والمساحة المأهولة بالسكان من الأرض المصرية، ومعدلات المواليد والوفيات، وكذا مُعدلات الزواج والطلاق، إلى جانب مؤشرات أخرى من بينها معدل الكثافة في الفصول الدراسية، ونصيب المدرس من التلاميذ، ونسب التسرب من التعليم، وتطور معدلات الأمية، ومعدلات البطالة، وغيرها.
وأضاف المتحدث الرسمي، بأن الاجتماع شهد استعراض مؤشرات إيجابية منها زيادة مساهمة المرأة في سوق العمل لتصل إلى 15.9% عام 2023 مقارنة بـ 14.9% عام 2021، كدليل على نجاح السياسات الداعمة لعمل المرأة وتمكينها اقتصاديًا، إلى جانب انخفاض معدل الأمية ليصبح 16.1% عام 2023 مقارنة بنسبة 17.5% عام 2021. وأشار المستشار محمد الحمصاني، إلى أن المجلس القومي للسكان استعرض أيضًا في اجتماعه اليوم، الموقف التنفيذي للمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية حتى نهاية سبتمبر 2024، حيث تشتمل الخطة التنفيذية للمشروع الذي أطلقه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في فبراير 2022، على عدة محاور، وهي: المحور التشريعي، والمحور الثقافي والتوعوي والتعليمي، والمحور الخدمي، والمحور التمكيني.
وفيما يتعلق بالمحور التشريعي، تم استعراض عدد من القوانين التي تم إصدارها، ومن بينها القانون رقم 186 لسنة 2023 بتعديل بعض أحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 والمتضمن تغليظ عقوبة عدم تسجيل المواليد، ومنح الأم الكافلة إجازة رعاية لمدة أربعة أشهر مدفوعة الأجر وذلك حال قيامها بكفالة طفل أقل من ستة أشهر، وكذا قانون رقم 185 لسنة 2023 بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وتشديد العقوبات بشأن التحرش والعنف والتنمر، إلى جانب قانون رقم 28 لسنة 2023 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، الخاصة بمنح الأولاد القُصر الجنسية المصرية للأم الأجنبية سواء التي اكتسبت الجنسية المصرية أو كانت مولودة في مصر وتنتمي لبلد لغته العربية أو دينه الإسلام، وذلك تحقيقًا لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة على حد سواء في اكساب الجنسية المصرية للأبناء.
وفيما يتصل بالمحور الثقافي والتوعوي والتعليمي، تم استعراض عدد من الأنشطة التي تم تنفيذها في هذا الإطار، حيث قامت وزارة التضامن الاجتماعي بتدريب 4500 رائدة ريفية من بين 15 ألف رائدة مستهدفة، وقامت الرائدات بتنفيذ أكثر من 14 مليون زيارة سنويًا من مستهدف 15 مليونًا، لإجمالي 1.5 مليون مستفيد، كما تم من خلال برنامج «مودة» توعية أكثر من مليون شاب وشابة من المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا، كما استفاد من منصة «مودة» الرقمية نحو 5 ملايين شخص، مع استفادة نحو 10 آلاف مستفيد من خدمة «اسأل مودة» للاستشارات الرقمية.
واتصالًا بهذا المحور، تم استعراض دور المجلس القومي للمرأة، والذي تضمن تنفيذ 58 قافلة طبية استهدفت أكثر من 17 ألف مواطن، وتنظيم 700 فعالية ثقافية لأكثر من 365 ألف مستفيد مع تنفيذ 40 حملة على مستوى 20 محافظة بالتعاون مع وحدة «لم الشمل» بالأزهر الشريف، استفاد منها نحو 247 ألف سيدة، وعقد ندوات تثقيفية بالإضافة إلى تدريب 900 رائدة مجتمعية لتساعد المجلس في نشر الحملة بمجتمعها.
وفيما يتعلق بالمحور الخدمي، وفرت وزارة الصحة والسكان خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية بالمناطق النائية والأكثر احتياجًا بإجمالي 4.4 مليون منتفعة، وبالمستشفيات الجامعية والخاصة بإجمالي 24 مستشفى، وبالجمعيات الأهلية والمستشفيات الحكومية بإجمالي 23 مليون سيدة منتفعة، إلى جانب عمل نحو 29 ألف زيارة بالعيادات المتنقلة ونشر 2354 قافلة توعوية وخدمية وقوافل الصحة الإنجابية، مع تنظيم نحو 58 ألف زيارة بنظام الطبيب الزائر والتعاقد مع أطباء لسد الثغرات في توفير خدمات تنظيم الأسرة، فضلًا عن تنفيذ ورش عمل وتدريبات لأكثر من 25 ألفًا من الأطباء في مجالات تقديم خدمات تنظيم الأسرة، وتدريب أكثر من 12 ألف ممرضة في عدة دورات تدريبية لتقديم خدمات تنظيم الأسرة، وخدمات ما بعد الولادة أو الإجهاض، وكذلك أكثر من 12 ألفًا من الرائدات والمثقفات ومسؤولي الإعلام والصيادلة ومسؤولي الإحصاء بالمحافظات.
واتصالًا بهذا المحور، قامت وزارة التضامن الاجتماعي بشراء تجهيزات لعدد 65 عيادة، ومستهدف إنشاء 102 عيادة تنظيم أسرة بالجمعيات الأهلية، لإجمالي المترددات 550 ألف سيدة، وإجمالي مستخدمات الوسائل 420 ألف سيدة، وتجهيز وتكويد 37 عيادة أهلية لتنظيم الأسرة وخدمات الصحة الإنجابية.
وفيما يتصل بالمحور التمكيني، فقد تم تناول الموقف التنفيذي لوحدات تنمية الأسرة في مختلف المحافظات، والإشارة إلى أنه تم الانتهاء من الأعمال الإنشائية لعدد 20 مستشفى تكامليًا، وإعادة تصميمها لتصلح كوحدات لتنمية الأسرة، وتسليم 11 وحدة إنتاجية للمجلس القومي للمرأة لتشغيلها، وكذا تسليم 11 حضانة لوزارة التضامن الاجتماعي لتشغيلها، بجانب التشغيل التجريبي للجزء الطبي بعدد 10 وحدات.
وفي ختام الاجتماع، أصدر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عدة توجيهات، حيث تمت الموافقة على البدء في إطلاق الخطة العاجلة للاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية بداية من أول يناير 2025، مع التركيز على السنوات الثلاث الأولى للخطة، واستهداف الوصول إلى معدل إنجاب كلي 2.1 لكل سيدة بحلول عام 3030.
وكلف رئيس الوزراء وزارة التخطيط والتعاون الدولي بالتنسيق مع المؤسسات الدولية لتوفير المنح وبرامج المساعدات الداعمة لخطوات تنفيذ المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، وكلف وزارة الصناعة بتعزيز فرص عمالة السيدات بالقطاع الصناعي في إطار التمكين الاقتصادي لهن، كما كلف وزارة التضامن الاجتماعي بمواصلة جهود التمكين الاقتصادي للمرأة، وكلف أيضًا وزارة الصحة والسكان بوضع خطة عاجلة لتوفير الاحتياجات البشرية لعمل مراكز الصحة الإنجابية، وكلف وزارة العدل بمتابعة موقف التشريعات اللازمة في هذا الصدد، وبخاصة ما يخص التسريب من التعليم وعمالة الأطفال.
كما وجه الدكتور مصطفى مدبولي بالتركيز على البعد الإعلامي في توعية المواطنين بالقضايا السكانية، من خلال تسليط الضوء على هذه القضايا في الأعمال الدرامية، وخلال تنقل المواطنين في وسائل المواصلات الجديدة، مشيرًا في هذا الصدد إلى أهمية الخطاب الديني في تحقيق هذا الهدف من خلال دور المؤسسات الدينية.