الحرة:
2025-03-15@10:55:38 GMT

دور القناة السرية في إدارة الأزمات بين واشنطن وبكين

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

دور القناة السرية في إدارة الأزمات بين واشنطن وبكين

من المقرر أن يصل جيك سوليفان إلى بكين الثلاثاء في أول زيارة له للصين كمستشار للأمن القومي الأميركي لإجراء محادثات مع وزير الخارجية وانغ يي على مدار ثلاثة أيام.

لكن على مدار أكثر من عام، عقدت العديد من اللقاءات والمحادثات الصعبة بين الرجلين لسد الفجوة التي كانت تعمقت وتوسعت بين بلديهما بعد أزمة تحليق منطاد تجسس صيني فوق الولايات المتحدة في يناير 2023.

فبعد ثلاثة أشهر من الحادث، شرع سوليفان في مهمة سرية خاصة من أجل إدارة العلاقات بين القوتين العظميين المتنافستين عبر "قناة استراتيجية" خلال فترة محفوفة بالتوترات.

وبحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فقد سافر سوليفان إلى فيينا في العاشر من مايو 2023، لحضور "اجتماع سري" يتماشى مع السمعة التاريخية للعاصمة النمساوية، حيث التقى بوانغ يي وأجرى وفدان من البلدين سلسلة من المحادثات في فندق إمبريال امتدت لأكثر من ثماني ساعات على مدى يومين.

وتقول الصحيفة إن هذه الاجتماعات كانت الأولى ضمن لقاءات سرية عديدة حول العالم، بما في ذلك مالطا وتايلاند، فيما أصبح يطلق عليها الآن "القناة الاستراتيجية".

وتشير إلى أن هذه القناة كانت بمثابة ممتص للصدمات وساعدت في الحد من خطر سوء التقدير من الدولتين، رغم أنها لم تحل القضايا الأساسية بينهما.

وستكون زيارة سوليفان هي الأولى لمستشار أميركي للأمن القومي إلى الصين منذ العام 2016، رغم أن مسؤولين آخرين كبار بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن قاموا بزيارات خلال العامين الماضيين.

ولم تكن حادثة البالون هي الوحيدة التي جعلت العلاقات بين البلدين تنزلق إلى أدنى مستوى بينهما منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية في عام 1979.

فقد اشتعلت التوترات في أغسطس 2022 عندما أصبحت نانسي بيلوسي أول رئيسة لمجلس النواب الأميركي تزور تايوان منذ 25 عاما. وردت الصين بتدريبات عسكرية ضخمة وأطلقت صواريخ باليستية فوق الجزيرة لأول مرة.

رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي خلال زيارتها لتايوان

وكانت الصين غاضبة من ضوابط التصدير الأميركية على أشباه الموصلات، في حين كانت واشنطن غاضبة من أن بكين بدا أنها تقدم الدعم لحرب روسيا في أوكرانيا.

ويبدو أنه تم اختيار فيينا للاجتماع الأول بين الرجلين لأنها كانت على مسافة متساوية من واشنطن وبكين، وحيث يمكن للمسؤولين الاجتماع دون جذب كثير من الاهتمام.

قبل ستة أشهر، اتفق الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ على إنشاء قناة استراتيجية عندما التقيا في قمة العشرين في بالي بإندونيسيا، لوضع "أرضية" للعلاقة لمنعها من الانحدار أكثر. ولكن في غضون أشهر، خرجت الخطة عن مسارها بسبب قضية البالون، فكانت فيينا فرصة لمحاولة إعادة العلاقات.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاجتماعات السرية في فيينا تضمنت أربعة مسؤولين من كل جانب.

التقى الرجلان مجددا بشكل سري في مالطا في سبتمبر 2023، قبل أن يزور وانغ واشنطن للقاء بايدن في أكتوبر من نفس العام ليمهد الطريق لقمة بين الرئيسين الأميركي والصيني في سان فرانسيسكو في نوفمبر 2023.

وبحسب "فاينانشيال تايمز" عقد اجتماع سري ثالث في بانكون في يناير 2024.

وتشير الصحيفة إلى أن كلا من فريقي الطرفين دخل إلى الاجتماعات بقائمة مخصصة من القضايا الاستراتيجية التي أرادوا مناقشتها بالتفصيل.

كانت رسالة الصين الرئيسية تتعلق بتايوان باعتبارها القضية الأكثر أهمية، و"خطا أحمر" لا ينبغي تجاوزه أبدا.

وتنظر الصين إلى مشاركة الولايات المتحدة مع تايوان باعتبارها تدخلاً في شؤونها الداخلية.

في فيينا، على سبيل المثال، أكد سوليفان أن واشنطن لا تحاول إشعال حرب، وفقا لما نقلت الصحيفة عن أحد المطلعين على هذه الاجتماعات

وبينما حاول سوليفان والمسؤولون الأميركيون توضيح أن وجود منافسة بين الدولتين لا ينبغي أن يمنع التعاون، رفض الصينيون تأطير الولايات المتحدة للعلاقة باعتبارها "منافسة"، وأرادوا تعريف العلاقة والاختيار ما بين "شركاء"، بحسب الصحيفة.

وفي مالطا، ناقش الطرفان الصفقات المحتملة للقمة، بما في ذلك التسوية التي تتضمن رفع الولايات المتحدة للعقوبات المفروضة على معهد الطب الشرعي التابع للحكومة الصينية في مقابل قيام بكين باتخاذ إجراءات صارمة ضد تصدير المواد الكيميائية المستخدمة في صنع الفنتانيل. كما تحدثا عن إحياء قنوات الاتصال بين الجيشين التي أغلقتها الصين بعد زيارة بيلوسي لتايوان، كما دار حوار بشأن الذكاء الاصطناعي.

وخلال المناقشات التي تمت، تحدثت الولايات المتحدة عن مخاوفها بشأن مساعدة الصين لروسيا في إعادة بناء قاعدتها الصناعية الدفاعية، وهي قضية تم الحديث عنها علنا من جانب واشنطن.

والجمعة، أعلنت واشنطن سلسلة جديدة من العقوبات تستهدف 400 كيان وفرد، في روسيا والخارج وبينهم العديد من الشركات الصينية.

وتشمل العقوبات شركات في الصين تقوم بشحن الأجهزة الإلكترونية الدقيقة وأدوات الآلات إلى روسيا، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية يوضح العقوبات.

وبعد شهرين من القمة في سان فرانسيسكو، التقى وانغ وسوليفان مرة أخرى في بانكوك.

ركز وانغ هذه المرة على قضيتين هما تقاطع الاقتصاد والتكنولوجيا والأمن، وتايوان.

كانت الصين قد عبرت مرارا وتكرارا عن غضبها من ضوابط تصدير التكنولوجيا الأميركية، وترى أن الولايات المتحدة تحاول احتواء صعود الصين الاقتصادي.

وبالرغم من أن هذه "القناة الاستراتيجية" لم تحل الكثير من القضايا إلا أنها على ما يبدو منعت تصعيد الأزمات وحلت أيضا بعض المشاكل.

ففي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت الصين فرض قيود جديدة على المواد الكيميائية المستخدمة في إنتاج الفنتانيل، وهي مادة أفيونية صناعية قوية، تعتبر "التهديد الأكثر فتكا الذي واجهته الولايات المتحدة على الإطلاق"، بحسب وصف وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند.

وبدءا من الأول من سبتمبر، ستفرض السلطات الصينية رقابة أكثر صرامة على إنتاج وبيع المواد الثلاث الكيميائية، بما في ذلك إلزام المصدرين بالحصول على ترخيص، وفقا لإشعار حكومي نُشر عبر الإنترنت الاثنين، بحسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال".

بعد سنوات من الضغط الأميركي.. الصين تقيد استخدام الفنتانيل بعد سنوات من الضغط، أعلنت الصين أخيرا فرض قيود جديدة على المواد الكيميائية المستخدمة في إنتاج الفنتانيل، هي مادة أفيونية صناعية قوية، تعتبر "التهديد الأكثر فتكا الذي واجهته الولايات المتحدة على الإطلاق"، بحسب وصف وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند.

واستباقا لزيارة سوليفان، قالت شبكة البث الرسمية "سي سي تي في" نقلا عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية إن "الصين ستركّز على التعبير عن مخاوف جديّة وتوضيح موقفها القوي وتقديم مطالب صارمة تتعلّق بمسألة تايوان وحقوق التنمية وأمن الصين الاستراتيجي".

وأفادت "سي سي تي في" بأن "مسألة تايوان أول خط أحمر لا يمكن تجاوزه في العلاقات الأميركية الصينية واستقلال تايوان هو الخطر الأكبر على السلام والاستقرار في مضيق تايوان".

وأضافت أن "على الولايات المتحدة الامتثال إلى مبدأ الصين الواحدة والبيانات الأميركية الصينية الثلاثة المشتركة والإيفاء بالتزامها عدم دعم استقلال تايوان".

من جانب آخر، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية الجمعة أن سوليفان ووانغ يي سيناقشان خلال المحادثات، التي ستجرى بين 27 و29 أغسطس في بكين، قضايا تايوان والمحادثات العسكرية بين البلدين والذكاء الاصطناعي، ودعم الصين لصناعة الدفاع الروسية وجهود مكافحة المخدرات فضلا عن تطورات الأوضاع في بحر الصين الجنوبي وكوريا الشمالية والشرق الأوسط وميانمار.

وذكر موقع أكسيوس أنه من المتوقع أن يضع سوليفان ويي الأساس لاجتماع محتمل بين بايدن ونظيره الصيني في وقت لاحق من العام لمتابعة نتائج القمة التي عُقدت في كاليفورنيا في نوفمبر الماضي.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

واشنطن بوست: توتر بين القوميين المتطرفين الروسييين في ظل التقارب المفاجئ مع الولايات المتحدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أنه في أعقاب التحول الكبير في سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه روسيا، يسعى القوميون المتطرفون المؤثرون في روسيا لفهم التغير المفاجئ في العلاقات مع أكبر أعداء روسيا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ الهجوم الروسي الكامل على أوكرانيا قبل ثلاث سنوات، كان العديد من أفراد المجتمع الروسي، وخاصة أولئك الذين يشاركون بنشاط في الحرب، قد تم تغذيتهم بالأيديولوجيا التي يروج لها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقوميون الروس، والتي تعتبر أن روسيا تخوض حربًا وجودية ضد "الغرب الجماعي" بقيادة الولايات المتحدة.

وأعطت الحرب انكشافًا كبيرًا لما يُعرف بمجتمع "Z" الروسي - المتطوعين المؤيدين للحرب، والمدونين العسكريين، والقوميين المتطرفين الذين يرغبون في رؤية إخضاع أوكرانيا تمامًا.

وقال العديد ممن تمت مقابلتهم من قبل واشنطن بوست إنهم لن يقبلوا بتسوية سلام إلا إذا تضمنت إقالة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وتغيير السلطة في كييف.

ومع تقدم المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة ببطء، سيضطر بوتين إلى مراقبة هذه الفئة الصاخبة (والمسلحة جيدًا) من المجتمع، التي أصبحت أقوى خلال الحرب وفي مرحلة ما انفجرت في تمرد مفتوح مع تمرد قائد المرتزقة يفجيني بريجوجين.

وذكرت الصحيفة أن القوميين المتطرفين لعبوا دورًا مهمًا طوال الصراع، فالعديد منهم قاتلوا في الصفوف الأمامية وتم مكافأتهم بزيادة في مكانتهم الاجتماعية في المجتمع الروسي خلال الحرب، ولعقود من الزمن، كان هؤلاء الشخصيات القومية يُنظر إليهم من قبل الرئاسة الروسية "الكرملين" كمصدر غير مستقر للمعارضة المحتملة، ولكن تم استخدامهم لدعم الرسالة الحكومية حول ضرورة هذه الحرب الدموية والمستمرة.

ومع ذلك، ظهرت هذه الفئة أيضًا كمصدر نادر للنقد تجاه بوتين وقرارات حكومته، وتم التعامل مع بعضهم عندما تجاوزوا الحدود، فلقد تم تهديد الكرملين داخليًا عندما حدث تمرد بريجوجين ومجموعة فاجنر في 2023، والذي كان يمثل أكبر تهديد داخلي في الذاكرة الحديثة. وتم احتواء تمرده، ولقي بريجوجين وقادته مصرعهم في حادث تحطم طائرة غامض.

وفي العام الماضي، تم سجن إيجور جيركين، وهو ضابط سابق في جهاز الأمن الفيدرالي وقائد انفصاليين، لمدة أربع سنوات بتهم التطرف.

وأشارت الصحيفة إلى هناك حالة قلق أخرى من المجتمع الأرثوذكسي الروسي، الذي كان قد دعم بسرعة رواية الكرملين بأن الغزو جزء من "حرب حضارية" و"روحية" ضد الغرب الفاسد والشيطاني، وبعد البداية الحماسية لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، بدأ القلق في الظهور.

وكتب بوريس كورشيفنيكوف، مقدم برنامج على قناة "سباس" الدينية التابعة للدولة الروسية، على تليجرام الأسبوع الماضي أن الأمريكيين يرونها "صفقة" بينما هي بالنسبة لهم "حرب وتضحية من أجل مستقبل روسيا".

وأضاف أن "كلمة صفقة" مثيرة للاشمئزاز لأنها تتغاضى عن التضحية الروسية وشرف الجيش الروسي.

ومن جهة أخرى، يشعر العديد من الجنود الروس في الخطوط الأمامية أن الحرب هي أكثر من مجرد قتال ضد الأوكرانيين، حيث يعتقدون أنهم يخوضون حربًا ضد الناتو والولايات المتحدة، بعدما شهدوا بشكل مباشر الأثر المدمر للأسلحة المقدمة من الولايات المتحدة إلى أوكرانيا.

وقال قائد وحدة استطلاع في تشاسيف يار إن معظم الجنود الروس "لا يهتمون" بتقارير وسائل الإعلام التي وصفوها بأنها "هراء عاطفي" كانت موجهة للاستهلاك الغربي، وقال إنه هو وزملاؤه يركزون فقط على تنفيذ الأوامر.

وأضاف "نحن نعمل، ليس لدينا وقت، ولسنا مهتمين بالأمر. كل شيء يتعلق بالنصر، النصر، النصر بالنسبة لنا".

ويعتقد بعض القوميين المتطرفين أن أي تسوية سلام ستضر بمصالحهم الوطنية. وعلى الرغم من وجود فرصة ضئيلة لقيام هؤلاء الراديكاليين في وقت لاحق بالاعتراض على صفقة سلام محتملة، إلا أنهم لا يزالون يمثلون أقلية في المجتمع الروسي، حيث يظل غالبية الروس غير مهتمين ومستعدين لدعم أي قرار يتخذه بوتين - على حد تفسير الصحيفة الأمريكية.

وقال أليكسي فيديديكتوف، رئيس تحرير محطة "إيكو موسكفي" الإذاعية، إن "السؤال دائمًا هو، ماذا نحن نقاتل من أجله؟ ومن ضد من؟ الآن أصبح الأمر مكشوفًا مجددًا أننا لا نقاتل ضد أحد، بل نحن نقاتل من أجل مكاننا تحت الشمس، والقمر، والسماء".
 

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست: على الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا
  • الصين : تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني تعطل بسبب انسحاب الولايات المتحدة منه
  • الصين تختبر سفن إنزال ضخمة تحسبًا لغزو محتمل لـ تايوان
  • روبيو يعلن أن سفير جنوب إفريقيا في واشنطن شخص غير مرغوب به في الولايات المتحدة
  • واشنطن بوست: توتر بين القوميين المتطرفين الروسييين في ظل التقارب المفاجئ مع الولايات المتحدة
  • "CNN": تكليف البنتاجون بوضع خيارات عسكرية لتأمين وصول الولايات المتحدة إلى قناة بنما
  • من واشنطن يبحث مستقبل مفاوضات الولايات المتحدة المباشرة مع حماس
  • بين التصريحات المتناقضة والمفاوضات السرية.. هل تتجه إيران نحو صفقة جديدة مع واشنطن عبر وساطة عمانية؟
  • روسيا: مستعدون لمحادثات مع الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا
  • الصين تتفوق على الولايات المتحدة في معركة الأسواق المالية بفضل التكنولوجيا