دور القناة السرية في إدارة الأزمات بين واشنطن وبكين
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
من المقرر أن يصل جيك سوليفان إلى بكين الثلاثاء في أول زيارة له للصين كمستشار للأمن القومي الأميركي لإجراء محادثات مع وزير الخارجية وانغ يي على مدار ثلاثة أيام.
لكن على مدار أكثر من عام، عقدت العديد من اللقاءات والمحادثات الصعبة بين الرجلين لسد الفجوة التي كانت تعمقت وتوسعت بين بلديهما بعد أزمة تحليق منطاد تجسس صيني فوق الولايات المتحدة في يناير 2023.
فبعد ثلاثة أشهر من الحادث، شرع سوليفان في مهمة سرية خاصة من أجل إدارة العلاقات بين القوتين العظميين المتنافستين عبر "قناة استراتيجية" خلال فترة محفوفة بالتوترات.
وبحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فقد سافر سوليفان إلى فيينا في العاشر من مايو 2023، لحضور "اجتماع سري" يتماشى مع السمعة التاريخية للعاصمة النمساوية، حيث التقى بوانغ يي وأجرى وفدان من البلدين سلسلة من المحادثات في فندق إمبريال امتدت لأكثر من ثماني ساعات على مدى يومين.
وتقول الصحيفة إن هذه الاجتماعات كانت الأولى ضمن لقاءات سرية عديدة حول العالم، بما في ذلك مالطا وتايلاند، فيما أصبح يطلق عليها الآن "القناة الاستراتيجية".
وتشير إلى أن هذه القناة كانت بمثابة ممتص للصدمات وساعدت في الحد من خطر سوء التقدير من الدولتين، رغم أنها لم تحل القضايا الأساسية بينهما.
وستكون زيارة سوليفان هي الأولى لمستشار أميركي للأمن القومي إلى الصين منذ العام 2016، رغم أن مسؤولين آخرين كبار بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن قاموا بزيارات خلال العامين الماضيين.
ولم تكن حادثة البالون هي الوحيدة التي جعلت العلاقات بين البلدين تنزلق إلى أدنى مستوى بينهما منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية في عام 1979.
فقد اشتعلت التوترات في أغسطس 2022 عندما أصبحت نانسي بيلوسي أول رئيسة لمجلس النواب الأميركي تزور تايوان منذ 25 عاما. وردت الصين بتدريبات عسكرية ضخمة وأطلقت صواريخ باليستية فوق الجزيرة لأول مرة.
وكانت الصين غاضبة من ضوابط التصدير الأميركية على أشباه الموصلات، في حين كانت واشنطن غاضبة من أن بكين بدا أنها تقدم الدعم لحرب روسيا في أوكرانيا.
ويبدو أنه تم اختيار فيينا للاجتماع الأول بين الرجلين لأنها كانت على مسافة متساوية من واشنطن وبكين، وحيث يمكن للمسؤولين الاجتماع دون جذب كثير من الاهتمام.
قبل ستة أشهر، اتفق الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ على إنشاء قناة استراتيجية عندما التقيا في قمة العشرين في بالي بإندونيسيا، لوضع "أرضية" للعلاقة لمنعها من الانحدار أكثر. ولكن في غضون أشهر، خرجت الخطة عن مسارها بسبب قضية البالون، فكانت فيينا فرصة لمحاولة إعادة العلاقات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاجتماعات السرية في فيينا تضمنت أربعة مسؤولين من كل جانب.
التقى الرجلان مجددا بشكل سري في مالطا في سبتمبر 2023، قبل أن يزور وانغ واشنطن للقاء بايدن في أكتوبر من نفس العام ليمهد الطريق لقمة بين الرئيسين الأميركي والصيني في سان فرانسيسكو في نوفمبر 2023.
وبحسب "فاينانشيال تايمز" عقد اجتماع سري ثالث في بانكون في يناير 2024.
وتشير الصحيفة إلى أن كلا من فريقي الطرفين دخل إلى الاجتماعات بقائمة مخصصة من القضايا الاستراتيجية التي أرادوا مناقشتها بالتفصيل.
كانت رسالة الصين الرئيسية تتعلق بتايوان باعتبارها القضية الأكثر أهمية، و"خطا أحمر" لا ينبغي تجاوزه أبدا.
وتنظر الصين إلى مشاركة الولايات المتحدة مع تايوان باعتبارها تدخلاً في شؤونها الداخلية.
في فيينا، على سبيل المثال، أكد سوليفان أن واشنطن لا تحاول إشعال حرب، وفقا لما نقلت الصحيفة عن أحد المطلعين على هذه الاجتماعات
وبينما حاول سوليفان والمسؤولون الأميركيون توضيح أن وجود منافسة بين الدولتين لا ينبغي أن يمنع التعاون، رفض الصينيون تأطير الولايات المتحدة للعلاقة باعتبارها "منافسة"، وأرادوا تعريف العلاقة والاختيار ما بين "شركاء"، بحسب الصحيفة.
وفي مالطا، ناقش الطرفان الصفقات المحتملة للقمة، بما في ذلك التسوية التي تتضمن رفع الولايات المتحدة للعقوبات المفروضة على معهد الطب الشرعي التابع للحكومة الصينية في مقابل قيام بكين باتخاذ إجراءات صارمة ضد تصدير المواد الكيميائية المستخدمة في صنع الفنتانيل. كما تحدثا عن إحياء قنوات الاتصال بين الجيشين التي أغلقتها الصين بعد زيارة بيلوسي لتايوان، كما دار حوار بشأن الذكاء الاصطناعي.
وخلال المناقشات التي تمت، تحدثت الولايات المتحدة عن مخاوفها بشأن مساعدة الصين لروسيا في إعادة بناء قاعدتها الصناعية الدفاعية، وهي قضية تم الحديث عنها علنا من جانب واشنطن.
والجمعة، أعلنت واشنطن سلسلة جديدة من العقوبات تستهدف 400 كيان وفرد، في روسيا والخارج وبينهم العديد من الشركات الصينية.
وتشمل العقوبات شركات في الصين تقوم بشحن الأجهزة الإلكترونية الدقيقة وأدوات الآلات إلى روسيا، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية يوضح العقوبات.
وبعد شهرين من القمة في سان فرانسيسكو، التقى وانغ وسوليفان مرة أخرى في بانكوك.
ركز وانغ هذه المرة على قضيتين هما تقاطع الاقتصاد والتكنولوجيا والأمن، وتايوان.
كانت الصين قد عبرت مرارا وتكرارا عن غضبها من ضوابط تصدير التكنولوجيا الأميركية، وترى أن الولايات المتحدة تحاول احتواء صعود الصين الاقتصادي.
وبالرغم من أن هذه "القناة الاستراتيجية" لم تحل الكثير من القضايا إلا أنها على ما يبدو منعت تصعيد الأزمات وحلت أيضا بعض المشاكل.
ففي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت الصين فرض قيود جديدة على المواد الكيميائية المستخدمة في إنتاج الفنتانيل، وهي مادة أفيونية صناعية قوية، تعتبر "التهديد الأكثر فتكا الذي واجهته الولايات المتحدة على الإطلاق"، بحسب وصف وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند.
وبدءا من الأول من سبتمبر، ستفرض السلطات الصينية رقابة أكثر صرامة على إنتاج وبيع المواد الثلاث الكيميائية، بما في ذلك إلزام المصدرين بالحصول على ترخيص، وفقا لإشعار حكومي نُشر عبر الإنترنت الاثنين، بحسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال".
واستباقا لزيارة سوليفان، قالت شبكة البث الرسمية "سي سي تي في" نقلا عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية إن "الصين ستركّز على التعبير عن مخاوف جديّة وتوضيح موقفها القوي وتقديم مطالب صارمة تتعلّق بمسألة تايوان وحقوق التنمية وأمن الصين الاستراتيجي".
وأفادت "سي سي تي في" بأن "مسألة تايوان أول خط أحمر لا يمكن تجاوزه في العلاقات الأميركية الصينية واستقلال تايوان هو الخطر الأكبر على السلام والاستقرار في مضيق تايوان".
وأضافت أن "على الولايات المتحدة الامتثال إلى مبدأ الصين الواحدة والبيانات الأميركية الصينية الثلاثة المشتركة والإيفاء بالتزامها عدم دعم استقلال تايوان".
من جانب آخر، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية الجمعة أن سوليفان ووانغ يي سيناقشان خلال المحادثات، التي ستجرى بين 27 و29 أغسطس في بكين، قضايا تايوان والمحادثات العسكرية بين البلدين والذكاء الاصطناعي، ودعم الصين لصناعة الدفاع الروسية وجهود مكافحة المخدرات فضلا عن تطورات الأوضاع في بحر الصين الجنوبي وكوريا الشمالية والشرق الأوسط وميانمار.
وذكر موقع أكسيوس أنه من المتوقع أن يضع سوليفان ويي الأساس لاجتماع محتمل بين بايدن ونظيره الصيني في وقت لاحق من العام لمتابعة نتائج القمة التي عُقدت في كاليفورنيا في نوفمبر الماضي.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
شؤون اللاجئين بالمنظمة تدين القرار الأميركي برفع الحصانة عن الأونروا
أدانت دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير الفلسطينية، قرار وزارة العدل الأميركية بعدم اعتبار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا "، هيئة تابعة للأمم المتحدة ولا تتمتع بالحصانة الدبلوماسية التي تحميها من الدعاوى القضائية في الولايات المتحدة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي، إن قرار العدل الأميركية يُعتبر سابقة خطيرة، ويشكل هجوما على المجموعة الدولية التي اعتمدت قرار 302 عام 1949 بأغلبية كبيرة دون اعتراض، وتعديا على القانون الدولي، وانتهاكا فاضحا لميثاق الأمم المتحدة (بما في ذلك المادتان (2) و(105)، ولقراراتها ذات الصلة بحصانات وحماية المنظمات الدولية بما فيها قرار تأسيس الأونروا رقم 302 وفق المادة (17)، ولاتفاقية 1946 بشأن امتيازات وحصانات الأمم المتحدة.
وأضاف: أن القرار الأميركي برفع الحصانة عن الأونروا وعدم اعتبارها جزءا من الأمم المتحدة سي فتح الطريق لمقاضاتها أمام المحاكم الأميركية، لافتا إلى أن القرار يتقاطع مع خطط دولة الاحتلال الإسرائيلي بتفكيك الأونروا، ومع القانونين اللذين أقرتهما الكنيست في أكتوبر الماضي والقاضيين بحظر عمل أنشطة الأونروا في القدس الشرقية المحتلة، ويقوضان ولايتها في مناطق عملياتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، ما سيدفع بدولة الاحتلال إلى المضي قدما في تنفيذ القانونين بحظر أنشطة الأونروا وإغلاق مقراتها ومدارسها وعياداتها الصحية ومراكزها الإغاثية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وفي قطاع غزة .
ووصف أبو هولي القرار الأميركي، بـ"قرار مسيس ومتسرع"، خاصة أن مجموعة المراجعة الخارجية (المستقلة) التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش في 5 فبراير/ شباط 2024، برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا لتقييم حيادية الأونروا والرد على الاتهامات الإسرائيلية التي استهدفت عددا من موظفيها أثبت عدم صحة الادعاءات الإسرائيلية.
وأكد أبو هولي أن الأونروا جزء لا يتجزأ من الأمم المتحدة، وهي جزء من المنظومة الدولية التي ترسخ للنظام المتعدد الأطراف، لافتا إلى أن القرار الأميركي لا يلغي وضعية الأونروا باعتبارها هيئة تابعة للأمم المتحدة، وهو يشكل عقابا جماعيا لملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون المساعدات المنقذة للحياة من الأونروا، في مناطق عملياتها الخمس وخاصة في قطاع غزة التي تشكل لهم شريان الحياة في ظل حرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال منذ أكثر من 17 شهرا.
وأضاف: أن مصير الأونروا يحدد من طرف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي يبلغ عددها 194 دولة، والتي تُمثَّل فيها الدول تمثيلًا متساويًا، والولايات المتحدة ودولة الاحتلال لا تملكان الحق في إسقاط الصفة الأممية عن الأونروا أو ملاحقتها قضائيا، لافتا إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة جددت تفويض عمل الأونروا بأغلبية ساحقة بتصويت 168 عضوا في الجمعية العامة لثلاث سنوات جدد في عام 2023، وتستمر الولاية الجديدة إلى العشرين من شهر يونيو/ حزيران 2026.
وطالب أبو هولي الإدارة الأميركية بالعدول عن قرارها المناهض للأونروا، وأن تتخذ خطوة إلى الأمام بعودة تمويلها للأونروا وحماية ولايتها، إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين طبقا لما ورد في المادة (11) من القرار 194، والضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي لوقف العمل بالقانونين اللذين يحظران عمل الأونروا، وإلزامها حماية الأونروا والعاملين فيها، وتمكينها من القيام بولايتها الممنوحة لها بالقرار 302.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين بالفيديو: 3 شهداء في استهداف الاحتلال المواطنين بمواصي خان يونس فتح: قرار السلم والحرب يجب ان يكون بيد منظمة التحرير نائبان بريطانيان: تعرضنا للتحقيق من الاحتلال خلال زيارتنا فلسطين الأكثر قراءة نحو اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني عن قوة نتنياهو وضعف المعارضة أبو عبيدة: انتشال شهيد كان مكلفا بتأمين الأسير عيدان الكسندر الإعلام العبري: مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين بحدث أمني شرق غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025