لماذا حسم معاوية المعركة لصالحه؟.. قراءة في موازين القوة بين علي ومعاوية (5)
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
ثالثاً: جَلَد أهل الشام وتخاذل أهل العراق
من خلال قراءة الحالة العسكرية بين الطرفين؛ طرف أهل الشام مع معاوية، وطرف أهل العراق مع علي، لم يسجل المؤرخون حادثة ناهيك عن حوادث لأهل الشام أنهم تخلوا عن معاوية، أو تذمروا عليه، أو خذلوه؛ بل على العكس من ذلك تماماً فقد كانوا ملتفين حوله أيما التفاف، وتعاضدوا معه تعاضداً كبيراً، والقوم ليسوا أهل بيع وخذلان، وقد خبرهم معاوية منذ زمن بعيد حين تولى ولايتهم فقرّب وأبعد، وأسس وألّف، واستقطب وجمع حوله أهل الرأي والمشورة والقوة، فقد كان رجلاً كثير المشورة رغم دهائه المعروف، وكان لا يستنقص رأياً ولا يكتفي برأيه، بعكس علي -رضي الله عنه- الذي كان يكتفي برأيه ومشورته قليلة جداً، وقد كان يغلبه على رأيه واستشارته شابان طريان لما تنضجهم الخبرة والأحداث بعد وهما محمد بن ابي بكر ومحمد بن جعفر.
هناك روايات قليلة تذكر بعض الانحيازات البسيطة من جيش معاوية لعلي بعد مقتل عمار بن ياسر وقوفاً على رواية "تقتلك الفئة الباغية" كعلامة من علامات أن معاوية لم يكن معه الحق في ذلك، رغم أن كثيراً من علماء الحديث يضعفون هذا الحديث، ولم يسعَ علي للاستقطاب منهم كما فعل معاوية مع أتباع علي.
لقد مثل أهل الشام لمعاوية نواة صلبة يصعب إسقاطها أو اختراقها، وقد كانوا متحمسين بشكل قوي للقتال مع معاوية كما تقول الروايات أيضاً، وحتى شهد بذلك علي نفسه وهو يخاطب أتباعه ويقارنهم بهم، وهو الأمر الذي أدركه فيما بعد الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وتصالح مع معاوية، ولم يدركه الحسين الذي دفع حياته ثمناً لتخاذل أهل العراق.
اقرأ أيضاً القيادي الحوثي ”هاشم الشامي” يهدد 1228 موظف في مؤسسة الكهرباء بالسجن بسبب مطالبتهم بالرواتب بعد فوزه على الشرطة العراقي..النصر السعودي يتأهل إلى نهائي بطولة كأس الملك سلمان للأندية العربية لماذا حسم معاوية المعركة لصالحه؟.. قراءة في موازين القوة بين علي ومعاوية (4) فضيحة علنية لـ”العزي والشامي” بشأن يوتيوب وفيسبوك وأكاديمي: ”اسحبوا منهم التلفونات يكفي فضائح أمام العالم” العراق تحجب التليجرام ”لأسباب تتعلق بالأمن القومي” لماذا حسم معاوية المعركة لصالحه؟.. قراءة في موازين القوة بين علي ومعاوية (3) في ذكرى اجتياح الكويت .. النفيسي يستدل بآية قرآنية على ‘‘الغزو الصدامي’’ لماذا حسم معاوية المعركة لصالحه؟ .. قراءة في موازين القوة بين علي ومعاوية (2) إجتماع حوثي للتخلص من ضباط الداخلية الغير موالين بالطريقة العراقية بإحلال جيش طائفي عقائدي -تفاصيل الحوثيون يعيدون آل الشامي للمناصب العليا بعد اقصائهم منها عقب تصفيه اللواء يحيى الشامي (قرار) العراق يصدر بيانا عاجلا عقب أنباء تفيد ببيع أراض للكويت لماذا حسم معاوية المعركة لصالحه؟.. قراءة في موازين القوة بين علي ومعاوية (1-6)على الجانب الآخر فقد كان أهل العراق نكاثين عهود ومواثيق، خاذلين لأمرائهم، لا يتم الوثوق بهم؛ يستنهضهم علي فلا ينهضون، ويأمرهم فلا يأتمرون، لا يركن عليهم بمواقف، ويسهل بيعهم وشراؤهم من قبل من يدفع أكثر، كما فعلوا مع علي ومع الحسن ومع الحسين ومع زيد بن علي ومع غيرهم، فقد استنهضهم لمناصرة محمد بن أبي بكر حتى لا تسقط أهم إمارة في خلافته وهي مصر، فتركوه وسقطت مصر بيد عمرو بن العاص لصالح معاوية.
فقد كان علي -رضي الله عنه- قد ملهم وملوه، وتذمره منهم وتذمرهم منه، حتى إنه خاطبهم بالقول: "ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي، ما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عز يعتصم إليه. لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم!
إنكم تكادون ولا تكيدون، وينتقص أطرافكم ولا تتحامثون، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون، إن أخا الحرب اليقظان ذو عقل، وبات لذل من وادع، وغلب المتجادلون، والمغلوب مقهور ومسلوب..." إلخ. (تاريخ الطبري: صـ874، وكذلك
نهج البلاغة).
فقد كان علي - رضي الله عنه - كلما أمر أتباعه بأمر، وكلما ندبهم إلى أمر، أو استحثهم إلى حرب كانوا يتثاقلون إلى الأرض، ولا يلبون دعوته، بل ويخالفون أوامره في أحيان كثيرة. ولم يجد له من المخلصين، وخاصة من القادة سوى عمار بن ياسر والخارجي قاتل عثمان بشر بن كنانة التيجيبي، والقعقاع بن عمرو، والأشتر النخعي إلى حد لا بأس به، وابن عباس في معظم أيامه، قبل أن يوجه له ولخلافته الضربة القاضية في نهاية الأمر.
يقارن علي بين أتباعه وأتباع معاوية فتصيبه الحسرة على ذلك، فيقول لهم: "أوليس عجباً أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه على غير عطاء ولا معونة، ويجيبونه في السنة المرتين والثلاث إلى أي وجه شاء، وأنا أدعوكم – وأنتم أولو النهي وبقية الناس- على المعونة وطائفة منكم على العطاء، فتقومون عني وتعصونني، وتختلفون علي؟!"( المصدر السابق: صـ881).
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: رضی الله فقد کان
إقرأ أيضاً:
ورطة إسرائيل مع القوة التركية المتصاعدة في سوريا
سلط ضابط إسرائيلي رفيع الضوء على ما أسماه الخطر الذي يشكله تنامي نفوذ تركيا في المنطقة بعد أن تمكن الثوار السوريون من السيطرة على سوريا بعد إسقاط حكم بشار الأسد بمساعدة من أنقرة.
وفي مقاله في صحيفة معاريف دعا المقدم أميت ياغور، وهو النائب السابق لرئيس الساحة الفلسطينية في مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي ورئيس الساحة الشمالية في المخابرات البحرية، إلى مواجهة هذا النفوذ من خلال التعاون مع الولايات المتحدة عبر تفعيل "خطة مارشال" تشمل إعادة إعمار سوريا وتقديم الدعم المالي والاقتصادي من خلال تحالفات إقليمية ودولية.
تركيا.. القوة الصاعدةوبدأ ياغور مقاله بمحاولة التهويل مما جرى في سوريا، معتبرا أن تركيا وقطر "تحاولان تشكيل نظام إقليمي جديد، ومنطقة قيادة ونفوذ لمحور الإخوان المسلمين السني المتطرف، الذي يحل فعليا محل محور المقاومة الشيعي الذي انهار بإخراج سوريا من المعادلة".
واعتبر الضابط الإسرائيلي أن الوجود التركي في سوريا يشكل تحديا غير مباشر لإسرائيل، يتعلق بقدرة تركيا على تجميع وتحريك قواتها العسكرية عبر الأراضي السورية، بما يهدد حدود إسرائيل سواء على مستوى الهجوم المباشر أو من خلال تمويل جماعات مسلحة معادية لإسرائيل.
إعلانويرى أن "هذا التهديد يزداد تعقيدا في ظل دعم تركيا لجماعات إسلامية متطرفة مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تعتبرها إسرائيل تهديدا مباشرا على أمنها القومي".
وعن النفوذ الاقتصادي لتركيا، يشير ياغور إلى أن تركيا تعتزم بدء مفاوضات مع سوريا حول تحديد الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط، وهو اتفاق سيسمح للبلدين بزيادة منطقة نفوذهما بحثا عن الطاقة، فضلا عن التعاون مع سوريا في مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك الموانئ.
وذكّر الضابط الإسرائيلي باتفاق مماثل وقعته تركيا مع ليبيا عام 2019 تم فيه ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، مما سمح لسفن الأبحاث التركية بالتنقيب عن الغاز برفقة السفن العسكرية، حيث قدمت أنقرة في المقابل مساعدات عسكرية (أسلحة وطائرات بدون طيار ومستشارين عسكريين وقوات).
وربما الأهم من ذلك وفقا لياغور، أن من المرجح جدا أن تشمل خطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أيضا إحياء الحلم التركي وتحويل تركيا إلى مركز لتسويق الغاز إلى أوروبا، حيث سيمر خط أنابيب الغاز من قطر، عبر أراضي البر الرئيسي السوري إلى تركيا، وصولا إلى ألمانيا التي وقّعت بالفعل اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي المسال من قطر".
ويلفت ياغور الانتباه إلى أن هذا الطريق قد يكون منافسا لرؤية الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب ضمن صفقة القرن، والتي تتضمن تصورا لطريق بري جديد سيتم إنشاؤه من الشرق عبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والذي من المفترض أن يمر عبر إسرائيل ومن هناك إلى أوروبا.
بديل عسكري أم مدني؟وفي مواجهة التحديات التي يمثلها الوجود التركي في سوريا، يرى الضابط الإسرائيلي أن أمام تل أبيب عدة سيناريوهات، "السيناريو الأول الذي قد تطرحه إسرائيل هو معارضة الحكومة السورية الجديدة، واعتبارها "ذئبا في ثياب حمل"، بمعنى أن الإدارة التي ستحل مكان الأسد قد تكون خاضعة لنفوذ تركي قوي، مما يعرّض إسرائيل لخطر وجود محور سني متطرف يقوده أردوغان، وهو ما قد يؤدي إلى تهديد طويل الأمد على حدودها، سواء عبر البحر أو البر أو الجو" على حد زعمه.
إعلانوحسب ياغور، فهناك خيار آخر قد يفكر فيه صانعو القرار في إسرائيل، وهو الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة في محاولة للتأثير على صورة سوريا المستقبلية وضمان عدم هيمنة تركيا بشكل مطلق على المنطقة.
ويهدف "هذا السيناريو إلى إبطاء مساعي أردوغان في إقامة "أردوغانستان" إستراتيجي على حدود إسرائيل، ولكن هذا الخيار يحمل أيضا مخاطر كبيرة بما يخص الأمن الإقليمي".
ويضيف "رغم صعوبة كلا الخيارين، فإن البعض في إسرائيل يعتقد أن حياة المنطقة ليست بالأبيض والأسود، وأن هناك بديلا ثالثا قد يسمح لإسرائيل بالتحكم في مجريات الأمور بشكل أفضل، وهو مسعى يعكس التوجهات الأميركية في المنطقة".
إعادة الإعمار كأداة للنفوذالبديل الثالث الذي يقترحه المقدم أميت ياغور هو استخدام "المدنية" كأداة للتأثير، وهي فكرة تتجاوز التوجهات العسكرية البحتة إلى لعب دور محوري في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، بالشراكة مع الولايات المتحدة ودول اتفاقيات أبراهام، مستفيدة من التمويل الاقتصادي والدعم السياسي في هذه المرحلة الحرجة.
ويمضي بالقول إن الولايات المتحدة قد تكون شريطا فعالا في هذه المبادرة عبر تفعيل "خطة مارشال" تشمل إعادة إعمار سوريا وتقديم الدعم المالي والاقتصادي من خلال تحالفات إقليمية ودولية. وهو ما يمكن إسرائيل من التأثير في عملية تشكيل سوريا الجديدة بما يخدم مصالحها على المدى الطويل".
ويضيف ياغور "إن إعادة الإعمار في هذا السياق ليست فقط مشروعا اقتصاديا، بل أداة إستراتيجية قد تعزز من النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، مما يقلل من أهمية التدخلات العسكرية التركية".