حقبة جديدة في منطقة تنافس دولي على النفوذ:

 

توقيع الحكومة المصرية بروتوكولاً للتعاون العسكري مع الصومال قبل أيام أثار تساؤلات بشأن طبيعية العلاقة القائمة اليوم بين الصومال وتركيا بعد 8 أشهر من توقيعهما اتفاقية تعاون دفاعي، أرسلت أنقرة بموجبها قوات بحرية إلى السواحل الصومالية لحمايتها من التوغلات الأثيوبية، كما شيدت فيها قاعدة عسكرية بالتزامن مع اطلاقها أكبر مشروع استثماري نفطي في السواحل الصومالية.

الثورة  / أبو بكر عبدالله

منذ إفصاح إثيوبيا وجمهورية ارض الصومال الانفصالية غير المعترف بها دوليا عن إعلان مبادئ يمنح إثيوبيا منفذا بحريا في خليج عدن عبر ميناء بربرة، لم توقف الحكومة الصومالية تحركاتها الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي في محاولة لإجهاض الاتفاق من خلال توقيعها اتفاقية دفاعية مع تركيا لحماية سواحلها المطلة على خليج عدن، ثم توقيعها قبل أيام بروتوكول تعاون عسكري مع مصر لحماية الداخل الصومالي والمساعدة في مواجهة التهديدات الخارجية.
كل التقديرات تشير إلى أن التحركات الأخيرة للحكومة الصومالية بالتوجه نحو مصر، جاءت في سياق الترتيبات الأمنية الداخلية خصوصا بعد أن شرعت أديس أبابا بتعزيز وجودها العسكري في الجمهورية الانفصالية “صوماليالاند” من خلال برامج التدريب الأمني والشرطي والتأسيس لقاعدة عسكرية، وهي التحركات التي أرسلت إشارات إلى الحكومة الصومالية بأن إثيوبيا ليست بصدد التراجع عن مشروعها الاستراتيجي في الحصول على منفذ بحري عبر الأراضي الصومالية.
ومن جانب آخر فقد جاءت التحركات الصومالية لإشراك مصر في ملف أزمتها مع إثيوبيا، بعد أشهر من شروع تركيا قيادة جهود وساطة لإيجاد حل توافقي مشترك للنزاع والذي تصاعد بعد إعلان الصومال الغاء اتفاق المبادئ المعلن بين جمهورية ارض الصومال وإثيوبيا القاضي بمنح إثيوبيا منفذا بحريا على خليج عدن بمساحة 20 كيلومتراً لمدة 50 سنة مقابل حصول الجمهورية الانفصالية على اعتراف من إثيوبيا.
ورغم الاطمئنان الحذر من جانب مقديشو للدور التركي في حماية سواحلها من التهديدات الإثيوبية إلا أن هواجسها الأمنية على الأرض ظلت قائمة وأثمرت عن توقيع بروتوكول عسكري مع القاهرة قالت مصر أنه يترجم التزاماتها المعلنة بالحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي الصومالية.
ومعلوم أن الصومال وخلال الفترة الماضية سعت لإنهاء مهمة البعثة الأفريقية لحفظ السلام والتي تهيمن عليها القوات الأثيوبية وتعويضها بقوات تركية، وهي المساعي التي واجهت انتقادات حادة من الاتحاد الأفريقي وبعض دول المنطقة التي اقترحت على مقديشو الاستعانة بقوات إفريقية عوضاً عن استقدام قوات من خارج القارة السمراء.
هذه الانتقادات دفعت القاهرة للعب دور في إعادة المشهد من خلال توقيعها بروتوكول التعاون العسكري مع الصومال يهدف إلى بسط الأمن والاستقرار في الصومال، وتسهيل عمليات انتقال المهام الشرطية والأمنية إلى الأجهزة الصومالية ضمن خطة تمكين القوات الصومالية من القيام بالمهام الأمنية والعسكرية.
خلط أوراق
التطورات الأخيرة في ملف الأزمة الصومالية مع إثيوبيا كشفت أن لدى القاهرة هواجس من التواجد الأثيوبي في منطقة القرن الأفريقي لا تقل عن هواجس الحكومة الصومالية خصوصا بعد أن بدأت أديس أبابا بتنفيذ برامج تدريب لقوات الجمهورية الانفصالية وبناء قاعدة عسكرية هناك، مع احتفاظها بقواتها بداخل الأراضي الصومالية سواء المعنية بحماية العاصمة من الهجمات الإرهابية أو المشاركة ضمن بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي.
وفي زيارته الأخيرة إلى القاهرة أفلح الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بتوقيع بروتوكول تعاون عسكري بدد -إلى حد- ما المخاوف الصومالية من أمكانية أن تنجح إثيوبيا في الحصول على المنفذ البحري بوسائل القوة الناعمة، خصوصا بعد استجابة أنقرة لطلب أثيوبيا بلعب دور الوسيط بينها والصومال وعقدها جولتي مباحثات لهذا الغرض خلال الشهور الماضية.
وترى مقديشو أن الدعوة الإثيوبية للوساطة التركية لم تكن سوى محاولات التفافية لكسب الوقت من جانب أثيوبيا التي بدأت فعلا بتأسيس قاعدة عسكرية في جمهورية ارض الصومال الانفصالية بما حملته هذه الخطوة من رسائل عن إصرارها المضي بمشروعها للحصول على المنفذ البحري سواء بموافقة الحكومة الصومالية أم رغما عنها.
وصار واضحا أن الحكومة الصومالية القت العبء على القاهرة استنادا إلى التزاماتها تجاه الصومال ومساعيها للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في ظل التنافس الدولي المحموم على المنطقة، والتوافق الحاصل بينها ومقديشو بكون أثيوبيا دولة يصعب الوثوق بها.
أسباب وجيهة
بعد الإطاحة بنظام الديكتاتور محمد سياد بري عام 1990 عانى الصومال لنحو 30 عاما من الاضطرابات والحرب الأهلية وأسفرت عن انشقاق إقليم “أرض الصومال” الشمالي عن الدولة وإعلان جمهورية ارض الصومال التي لم تحظ بأي اعتراف دولي.
ومع انتهاء الحرب الأهلية وعودة الاستقرار التدريجي إلى الصومال وخوض القوى السياسية عدة تجارب انتخابية، تفاجأت الحكومة الصومالية مطلع يناير الماضي بإعلان جمهورية ارض الصومال وإثيوبيا اتفاق مبادئ تحصّل فيه الأخيرة على ميناء بحري في منطقة بربرة المطلة على خليج عدن معززا بقاعدة عسكرية لحماية مصالحها هناك.
ومع إعلان الحكومة الصومالية رفضها لهذا الاتفاق، وإصدارها قرارا عبر البرلمان بإلغائه، سارعت إلى توقيع اتفاق تعاون دفاعي وعسكري واقتصادي مدته 10 سنوات مع تركيا لتأمين سواحلها الممتدة لحوالي 3 آلاف كيلومترا لمنع أي توغلات إثيوبية في أراضيها.
وهذه الخطوة لم تكن كافية لمقديشو التي ذهبت بعد نحو8 أشهر إلى توقيع بروتوكول تعاون عسكري مع مصر، خصوصا بعد إفصاح تركيا عن ان دور الوساطة الذي تقوم به يستهدف ابرام صفقة تفاهم بين إثيوبيا والصومال تسمح لإثيوبيا الوصول إلى المياه الدولية عبر الصومال دون المساس بسيادتها الإقليمية ما اعتبرته مقديشو معاكسا لمصالحها.
طبقا لذلك سعت مقديشو من خلال توقيعها بروتوكول التعاون العسكري مع مصر إلى توسيع دائرة الشركاء وعدم انفراد تركيا بالقرار، كما سعت إلى توجيه رسالة تطمين لدول المنطقة التي أبدت مخاوف من اتفاقها الدفاعي مع تركيا خصوصا بعد أن تمكنت من بناء أكبر قاعدة عسكرية في الأراضي الصومالية بناء على اتفاقية التعاون الدفاعي الموقعة.
مخاوف مستقبلية
منذ أن بدأت تركيا برعاية مباحثات للوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لم يُخف الصوماليون قلقهم من احتمال أن تقود سياسة القوة الناعمة التي تتبناها تركيا لبناء شراكات متعددة مع دول شرق وشمال إفريقيا، إلى عقد صفقة قد تمنح إثيوبيا منفذا بحريا خصوصا وأن اتفاقية التعاون العسكري الدفاعي منحت أنقرة إلى جانب مسؤولية حماية وتأمين المياه الصومالية- الحق في تطوير الموارد البحرية وإدارة المنطقة الاقتصادية بما في ذلك الميناء الرئيسي ومطار العاصمة مقديشو.
وفي ظل التنافس المحموم على المناطق الاقتصادية الصومالية بين تركيا وروسيا والصين والغرب ودول الخليج، ثمة خشية من أن تركيا التي استثمرت العام الماضي فقط أكثر من مليار دولار على شكل مساعدات قدمتها لمقديشو، لن تضيع استثماراتها المكلفة في القرن الأفريقي بسبب خلافات يمكن حلها بين الصومال وإثيوبيا.
يزيد من ذلك أن الطموحات التركية تبدو أكبر من مسألة استثمار الموارد البحرية الصومالية بعد أن أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مؤخرا عن خطط بلاده للتنقيب عن النفط والغاز في 3 مناطق قبالة السواحل الصومالية، في خطوة أفصحت عن اهتمام أنقرة المتزايد بالموارد الطبيعية والاستراتيجية في المنطقة بصورة عامة.
وفي حين تحاول مقديشو أن تبدو مطمئنة حيال وجود القوات التركية لكون مهامها بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي تختص فقط بحماية السواحل الصومالية، إلا أن ذلك لم يُخف قلقها من انفراد القوات التركية بالقرار في ظل وجود القاعدة العسكرية التركية في البر الصومالي والتي تعتبر من أكبر القواعد العسكرية التركية خارج تركيا.
والمخاوف الصومالية لا تبدو مقتصرة على هذا الجانب وحسب، فهناك مخاوف أخرى على صلة بالفراغ الذي يمكن أن يحدثه انسحاب القوات الأثيوبية في ظل التقديرات التي تتحدث عن مهام محددة للقوات المصرية والجيبوتية التي ينتظر أرسالها إلى الصومال ضمن البعثة الإفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال.
وهذا الدور قد يتقلص أمام الدور المركزي لأثيوبيا الذي يتعزز بفعل المعطيات الجغرافية والسكانية لصالح إثيوبيا المرتبطة بحدود مشتركة مع الصومال تمتد لنحو 800 كيلومتر فضلا عن امتلاك إثيوبيا الخبرة في التعامل مع تعقيدات المشهد الصومالي استنادا إلى الدور الذي لعبته لسنوات طويلة في ترتيب البيت الصومالي الداخلي ورعايتها توقيع العديد من الاتفاقيات بين الفرقاء الصوماليين.
أزمات جديدة
يصعب التكهن ان توقيع مصر والصومال بروتوكول التعاون العسكري الذي ينتظر أن ترسل فيه مصر قوات عسكرية إلى الصومال تحل محل القوات الأثيوبية ضمن البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام سيمر بصورة سلسلة دون أن يواجه بتحركات إثيوبية قد تزيد من تعقيدات المشهد الأمني في الصومال.
ذلك أن إثيوبيا دفعت خلال العقود الماضية ثمنا باهظا للمساهمة في دعم الاستقرار في الصومال وبناء الدولة الجديدة، كما شاركت بآلاف من جيشها لتأمين العاصمة الصومالية بعد سيطرة مسلحي التنظيمات المتشددة عليها، ناهيك عن دورها في الحرب التي تقودها الحكومة على المنظمات الإرهابية وهي معطيات قد تجعل من انسحابها من الصومال مفتتحا لحقبة جديدة من الاضطرابات المهددة لبناء الدولة الصومالية الحديثة.
وعلى أن إثيوبيا استطاعت تجنب الصدام العسكري مع القوات التركية المتمركزة في المياه والبر الصومالي، فإنه من غير المرجح أن تخطو أديس أبابا الخطوة ذاتها مع مصر في ظل حال التوتر القائم بين البلدين في ظل الاعتقاد السائد لدى الساسة في أديس أبابا أن تواجد القوات المصرية يهدف لمنعها من الحصول على منفذ بحري.
والعزم الأثيوبي في الحصول على منفذ بحري على خليج عدن، يبدو أكبر من مجرد صفقة اقتصادية، فالتصريحات المتكررة للقيادات الأثيوبية ترى في إنجاز هذا المشروع أمرا مصيريا سواء بالحرب أم السلم، وهو أمر يعزز من احتمالات حصول تصادم بين القوات الأثيوبية والمصرية.
وهذا الأمر أعلنه بوضوح رئيس جمهورية ارض الصومال الانفصالية مؤخراَ بتأكيده على توقيع بروتوكول التعاون العسكري المصري الصومالي يمكن أن يقود إلى تصعيد الصراعات القائمة.
ومن غير المستبعد أيضا أن يؤدي بروتوكول التعاون المصري الصومالي إلى تفجر صراع داخلي في الصومال مع استعدادات الحكومة الصومالية في الوقت الراهن لتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، قد تعمل إثيوبيا على أن تؤول نتائجها لحكومة جديدة لها مواقف مختلفة عن المواقف التي يقودها الرئيس الحالي للصومال حسين شيخ محمود، وهو امر متوقع في ظل الحضور الإثيوبي الواسع في المشهد السياسي الصومالي.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: جمهوریة ارض الصومال الحکومة الصومالیة السواحل الصومالیة الأراضی الصومالیة القوات الأثیوبیة الصومال وإثیوبیا توقیع بروتوکول قاعدة عسکریة على خلیج عدن فی الصومال العسکری مع أدیس أبابا الحصول على خصوصا بعد عسکری مع من خلال بعد أن مع مصر

إقرأ أيضاً:

السيد ذي يزن: الحكومة حريصة على تعزيز الحوار مع المواطن حول مختلف القرارات

◄ السيد ذي يزن: نُركِّز على "المدينة الرياضية" لاستضافة البطولات الإقليمية والدولية

◄ وزير الإعلام: "معًا نتقدم" منصة حوارية رئيسية بين أفراد المجتمع والجهات الحكومية

◄ سعيد بن سلطان: نُركِّز على الاستثمار في الصناعات الإبداعية للقطاع الثقافي

◄ الرواس: الإعلان عن تفاصيل مشروع المدينة الرياضية قريبًا فور انتهاء الاعتمادات

◄ باعوين: جودة عالية في المخرجات التعليمية.. وسوق العمل يتطلب مهارات إضافية مختلفة

◄ 14 آلاف فرصة تدريبية مقرونة بالتشغيل خلال العام الجاري

◄ توجه لتقييم منظومة التدريب على المستويين الحكومي والخاص والتدريب المهني

◄ 1.472 مليون مستفيد من منظومة الحماية الاجتماعية

◄ العوفي: العمل جارٍ على تطوير منظومة الحماية الاجتماعية

◄ 590 ألف مواطن مؤمَّن عليه في جميع برامج التأمين الاجتماعي

 

 

مسقط- العُمانية

 

أكّد صاحب السُّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب الحرص على تعزيز الحوار بين الحكومة والمواطن في كل ما يتمُّ اتخاذه من قرارات بشكل عام، والتركيز على أبرز الإنجازات في مجالات الثقافة والرياضة والشباب، وذلك خلال الجلسة الحوارية الثالثة حول "الثقافة والرياضة والشباب" ضمن ملتقى "معًا نتقدم".

وأشار سموّه إلى وجود تعاون مع وزارة التربية والتعليم لدعم الموهوبين في سن مبكرة، مؤكدًا رغبة الوزارة في اكتشاف المواهب سواء كانت ثقافية أو رياضية. وقال سموّه إن التركيز في الوقت الراهن على مشروع المدينة الرياضية المتكاملة والمكون الأساسي فيها استاد رياضي لكرة القدم، مما يعطي المجال لسلطنة عُمان لاستضافة البطولات الإقليمية والدولية.

وأضاف سموّه أن برنامج الانضباط العسكري شَهِدَ خلال العام الماضي مشاركة ما يُقارب 700 طالب، وهي تجربة مُثرية تبني وتصقل الشباب وتهيئهم لمواجهة تحدّيات المستقبل.

فيما أشار سعادة السّيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة إلى أنّ الوزارة تركز على الاستثمار في الصناعات الإبداعية للقطاع الثقافي، وهناك العديد من الدارسات التي تتمُّ مع مختلف الجهات الحكومية في هذا الجانب.

من جانبه، قال سعادة باسل بن أحمد الرواس وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للرياضة والشباب إنه جرى اعتماد تحديث استراتيجية الرياضة العُمانية منتصف العام الماضي، وتضم 4 محاور مرتبطة بالمجتمع والرياضة وحوكمة الهيئات الرياضية والاقتصاد الرياضي بعد دراسة واقع الرياضة العُمانية. وأضاف سعادته أنه جرى الوصول إلى التصاميم النهائية لمشروع المدينة الرياضية، والآن في مرحلة المكونات الرئيسة للمدينة، وأنه من المقرر الإعلان عن كل التفاصيل قريبًا فور انتهاء الاعتمادات، لافتًا إلى صدور قرار من وزارة العمل في شهر ديسمبر الماضي بتفريغ اللاعبين بالأندية الرياضية طوال الموسم الرياضي المنتمين لقطاع الخدمة المدنية، والعمل جارٍ على دراسة تفريغ اللاعبين في القطاعات الأخرى.

وأفاد سعادته أنّ الوزارة تُنفّذ العديد من البرامج التي تسهم في رعاية الرياضيين الواعدين، مثل مراكز الإعداد التي تهدف إلى صقل المواهب في عدد من الرياضات بالتعاون مع الأندية والاتحادات الرياضية، وفي خطوة قادمة سيتم ربطها مع المدارس مشيرًا إلى أنّ الوزارة تركز على الاستثمار في الصناعات الإبداعية للقطاع الثقافي، وهناك العديد من الدراسات التي تتم مع مختلف الجهات الحكومية في هذا الجانب.

واستعرضت الجلسة الحوارية حول مستقبل المِهَن والوظائف في سلطنة عُمان، الرؤى والتطلعات لسوق العمل؛ شارك فيها كلٌّ من معالي الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل، وسعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية، وسعادة خالد بن سالم الغماري وكيل وزارة العمل للعمل، وسعادة الدكتور علي بن عامر الشيذاني وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للاتصالات وتقنية المعلومات.

وقال معالي الدكتور وزير العمل إنّ هناك جودة عالية في المخرجات، وسوق العمل يتطلب مهارات إضافية مختلفة، والوزارة تعمل على سدّ هذه الفجوة عن طريق التدريب المقرون بالتشغيل والتدريب على رأس العمل، مشيرًا إلى أنّ الوزارة خصّصت في عام 2024 نحو 9 آلاف فرصة تدريبية مقرونة بالتشغيل، وتم رفع السقف هذا العام إلى حوالي 14 ألف فرصة تدريبية مقرونة بالتشغيل.

وأضاف معاليه أن التوظيف في القطاع الحكومي سيكون بحسب الحاجة الفعلية، خاصة في المجالين الصحي والتربوي، ويوفران حوالي 6 آلاف وظيفة سنويًّا، والقطاع العسكري بعدد مماثل، موضحًا أنّ الحراك الاقتصادي في سلطنة عُمان أثمر عن استثمارات جديدة، تتطلب وقتًا إلى أن تظهر نتائجها بالنسبة للتوظيف.

من جانبه، أوضح سعادة السيد وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية أن مخرجات التعليم المهني لها قبول في التوظيف في بعض القطاعات الحكومية والخاصة، وهناك أكثر من 8 آلاف طالب في 8 كليات، مبينًا أن هناك توجه لتقييم منظومة التدريب في سلطنة عُمان على المستويين الحكومي والخاص والتدريب المهني.

وأشار سعادته إلى أنه يشترك في منصة "توطين" أكثر من 66 شركة و43 ألف باحث عن عمل، وتُعنى المنصة بتطابق الوظيفة الشاغرة مع مؤهلات الباحث وعند التوافق يتم التواصل معه، موضحًا أن الوزارة تعمل حاليًّا على ما يعرف بتهيئة الخريج قبل الدخول إلى سوق العمل من خلال إنشاء حاضنات رقمية وحاضنات في الوزارات والشركات الكبرى.

من جهته أكد سعادة وكيل وزارة العمل للعمل أنّ هناك مبادرات لعقود في مجال التبريد والتكييف يمكن لأصحاب المهارات من مخرجات الكليات المهنية التنافس عليها، مشيرًا إلى أنه تم إعداد فريق لتسويق مخرجات كليات التدريب وتخصصاتهم في سوق العمل.

وقال سعادة الدكتور وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للاتصالات وتقنية المعلومات إنّ التدريب والتأهيل ورسم السياسات الصحيحة من أبرز الخطوات التي يتمُّ العمل عليها في الوقت الحالي للتعامل مع سوق العمل في ظل الطفرات التقنية وما يشهده من تطور وفقدان لبعض الوظائف. وأضاف سعادته أن الحكومة تستجيب لمهن المستقبل عن طريق برامج مختلفة منها مبادرة "مكين" التي تسعى لتوفير فرص مولدة للدخل للشباب العُماني في القطاع الرقمي، مشيرًا إلى أنّ وزارة العمل قامت بتدريب 100 شخص في مجال أشباه الموصلات.

في حين تطرّقت الجلسة الحوارية الثانية حول نظام التقاعد إلى منظومة الحماية الاجتماعية في سلطنة عُمان التي تهدف إلى تعزيز الحماية لجميع الفئات العاملة بعد انتهاء فترة عملهم في القطاعين العام والخاص، شارك فيها كل من معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن رئيس مجلس إدارة صندوق الحماية الاجتماعية، والدكتور فيصل بن عبدالله الفارسي الرئيس التنفيذي لصندوق الحماية الاجتماعية.

وبيّن معالي المهندس وزير الطاقة والمعادن رئيس مجلس إدارة صندوق الحماية الاجتماعية أن إجمالي عدد المستحقين لمنافع الصندوق التي تشمل: كبار السن والطفولة والأشخاص ذوي الإعاقة والأرامل والأيتام ودخل الأسرة، بلغ حتى فبراير الجاري أكثر من مليون و472 ألف مستفيد.

وأكّد معاليه أنّ العمل جارٍ على تطوير منظومة الحماية الاجتماعية، ويتم رصد الملاحظات والاقتراحات من المجتمع لتحسين المنظومة.

وقال الدكتور الرئيس التنفيذي لصندوق الحماية الاجتماعية إنّ قانون الحماية الاجتماعية يُركز بشكل مباشر على الأسرة من خلال بعض المزايا المقدمة، مبينًا أن عدد المؤمَّن عليهم من العُمانيين النشطين لدى صندوق الحماية الاجتماعية بلغ نحو 590 ألف مؤمَّن عليه في جميع برامج التأمين الاجتماعي.

واختتم الملتقى أعماله بالجلسة الحوارية الرابعة حول قطاعات التنويع الاقتصادي؛ استعرضت خلالها المشروعات النوعية التي تركز عليها الشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني لتعزيز الاستدامة الاقتصادية واستكشاف آفاق التطوير والابتكار في مختلف القطاعات، شارك فيها كل من المهندس عبدالرحمن بن سالم الحاتمي الرئيس التنفيذي لمجموعة أسياد، والدكتور هاشل بن عبيد المحروقي الرئيس التنفيذي لمجموعة عُمران، وأشرف بن حمد المعمري الرئيس التنفيذي لمجموعة أوكيو، والمهندس مطر بن سالم البادي الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عُمان، والمهندس سعيد بن عبدالله المنذري الرئيس التنفيذي لمجموعة إذكاء، وطلال بن سعيد المعمري الرئيس التنفيذي لشركة عُمانتل، وهيثم بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط، وعبدالله بن محمد الراشدي الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية للاستثمار الغذائي.

وقام صاحب السُّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب خلال الملتقى بتكريم الفائزين في مبادرة "صنّاع الأفكار" في نسختها الثانية ضمن ملتقى "معًا نتقدم"، وتشمل 3 محاور هي: تنمية المحافظات، وتحدّيات الشركات الحكومية، والبحوث الأكَادِيمِيَّة المتخصّصة بتوطين التقنيات الحديثة محليًّا.

وتطرّق الرؤساء التنفيذيون لهذه الشركات، خلال الجلسة، إلى المشروعات التي تنفذها هذه الشركات في مختلف القطاعات وإسهامها في جهود التوظيف والتعمين وتمكين الكفاءات الوطنية والتركيز على التحوّل الرقمي في أعمالها وأنشطتها. وأكّدوا أهمية تعزيز القيمة المحلية المضافة من خلال البرامج والمبادرات التي تقوم بها هذه الشركات لتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ ما يعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني.

وفي محور تنمية المحافظات، فاز بالمركز الأول فريق جيلاتوس عن ابتكاره صناعة الجيلاتين الحلال من مهدرات الأسماك، فيما حصل فريق بريفي المتمثل في ابتكار مادة حافظة طبيعية تُستخلص من مخلّفات الثروة البحرية على المركز الثاني، وحصد المركز الثالث فريق الابتكار عن ابتكاره طائرة مسيرة مطورة بالذّكاء الاصطناعي لمعالجة الحفر على الطرق الأسفلتية.

وفي محور تحدّيات الشركات الحكومية، حصل فريق "انفو 8" وهي منصة رقمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعد الشركات على اكتشاف التسريبات في خطوط أنابيب المياه والتنبؤ بها، وحلّ فريق "أرضك" ثانيًا عن مشروعه في استخدام الموارد الوراثية الحيوية المحلية لاستخلاص المعادن ومنتجات ذات قيمة مضافة، وجاء فريق "وادي رونب / الأسفلت البارد" ثالثًا عن فكرته في تحويل مخلفات الهدم والبناء إلى أسفلت بارد يستخدم في صيانة الطرق.

أما في محور البحوث الأكَادِيمِيَّة المتخصّصة بتوطين التقنيات الحديثة محليًّا، فقد فاز المشروع البحثي "بلاستيك بقيمة مضافة" بالمركز الأول، فيما حصل مشروع معالجة الراشح، ويُعنى بالتخثر الحيوي باستخدام التانينات الطبيعية المستخلصة من نواة التمر، على المركز الثاني، وحصد مشروع دراسة اختيار أغشية التناضح العكسي، الأكثر كفاءة، على المركز الثالث.

وأكد معالي الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام أنّ ملتقى "معًا نتقدم" في نسخته الثالثة منصة رئيسية من منصات الحوار بين أفراد المجتمع والجهات الحكومية، وأنّ هذه النسخة حققت نجاحًا كبيرًا؛ إذ شهدت حوارًا معمّقًا، قدم فيه أفراد المجتمع الكثير من الرؤى والأفكار حول أوجه العمل الحكومي في جوانب وطنية أساسية، مثل: الاقتصاد والاستثمار والتنويع الاقتصادي وتنمية المحافظات وغيرها.

وأضاف معاليه: " إن هذه الرؤى تؤخذ باهتمام من قبل الحكومة وتُدرَس بعمق، وقد شَهِدَ اليوم الأول عرضًا مرئيًّا قدم كثيرًا من المقترحات التي طرحها أفراد المجتمع في النسخة الثانية من الملتقى، وما تمّ تحقيقه وتنفيذه من خلال سياسات وبرامج وقرارات حكومية". وأوضح معاليه أنّ أفكار ومقترحات أفراد المجتمع، خصوصًا فئة الشباب، تنظر لها الحكومة على أنها مشاركة اجتماعية مهمة وأساس راسخ لتطوير العمل الحكومي والتنمية الوطنية بشكل عام.

وتضمن الملتقى، على مدى يومين، جلستين نقاشيتين حول محور الاقتصاد والتنمية، أبرزت ملامح الخطة الخمسية القادمة وجهود التنويع الاقتصادي، والاستثمار ودوره في تنمية الاقتصاد الوطني، و5 جلسات حوارية تطرّقت لموضوعات تنمية المحافظات ودورها في تنمية الاقتصاد الوطني، ومستقبل المهن والوظائف، ونظام التقاعد، والثقافة والرياضة والشباب، ومستقبل قطاعات التنويع الاقتصادي. وشَهِدَ الملتقى في يومه الأول إطلاق 3 منصات وطنية إلكترونية تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الحكومية وتيسير الوصول إليها.

ويمثّل مُلتقى "معًا نتقدم" منصة لتعزيز التفاعل والتواصل بين الحكومة والمجتمع، والاطلاع على السياسات، والبرامج التنموية والمبادرات الحكومية، وإتاحة الفرصة للمواطنين للتعبير عن آرائهم واقتراحاتهم، ومشاركة اهتماماتهم وتحدّياتهم مع المسؤولين في بيئة تشاركية.

مقالات مشابهة

  • قائد الجيش بالإنابة بحث مع الملحق العسكري المصري التعاون بين جيشي البلدين
  • وزير الطاقة التقى السفير القطري لبحث تعزيز التعاون في قطاع الطاقة
  • البيشمركة تبحث تعزيز التعاون العسكري مع ألمانيا
  • لتعزيز التعاون العسكري.. تمرين بحري مشترك بين العراق وفرنسا
  • تركيا تستعد لإطلاق مركز تجاري للغاز
  • بالصور | الحداد يزور تونس لبحث التعاون العسكري بين البلدين
  • التعليم العالي: بروتوكول تعاون بين مدينة الأبحاث العلمية وشركة شباب بتفكر بالأخضر
  • السيد ذي يزن: الحكومة حريصة على تعزيز الحوار مع المواطن حول مختلف القرارات
  • اليمن ضمن نطاق التصعيد العسكري الأمريكي بعد قرار ترامب تخفيف قيود الضربات الجوية خارج مناطق الحرب
  • نتنياهو يرسل سكرتيره العسكري إلى موسكو لبحث تعزيز التواجد الروسي في سوريا