هجرة مليون مستوطن ترفع أسعار عقارات أوروبا
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
بعد مرور أكثر من عشرة أشهر وأسبوعين على معركة «طوفان الأقصى» المباركة، أفضل ما يمكن فعله اليوم هو إعادة توصيف وقياس بعض النتائج المهولة للطوفان، وتقديمها، على نحو ينزع قشرة الوهم عن كيان بات «أوهن من بيت العنكبوت».
لقراءة الحاضر واستشراف المستقبل، لا بد من سلاح التاريخ، هناك الأجوبة الحقيقية والقاطعة، وعند لحظة أزمة كيان العدو فإن العقل سرعان ما يستحضر أرفع المؤرخين العرب للعصور الوسطى، البروفيسور الراحل قاسم عبده قاسم، الذي تعرّض عدة مرات لهذا الكيان بالنقد والتشريح والتحليل، في ثنايا كلامه عن المشروع الغربي القديم لإقامة قاعدة دائمة في الأراضي العربية عمادها «بيت المقدس»، باختصار كان «قاسم» يرى إن «زرع الكيان في المنطقة هو فصل من فصول الحروب الأوروبية الاستعمارية، وإن تغير اسمها وتبدلت أهدافها المعلنة».
أما اليوم فقد رسم «طوفان الأقصى» ما يريد في كراسة إيقاع التاريخ، ففي اللحظة التي سيفقد فيها الصهاينة الأمل وتتبخر من بين أيديهم الوعود، فإن جنسيتهم الأخرى جاهزة، ووطنهم القديم الذي أتوا منه لن يطردهم، فالكيان القائم على تشجيع الهجرة الدائمة إليه، فقد عنصر الجذب منذ زمن بظل التهديدات الوجودية التي مثلتها جبهة المقاومة خلال السنوات الأخيرة، والتي أضعفت فرص أو أكاذيب «الملجأ الآمن»..، وقد جاءت معركة «طوفان الأقصى» لتضع نقاط النور ومدات النار على حروف ساخنة بدماء الأبطال الشهداء، وتقتل كل فرصة حياة لهذا الكيان المسخ.
ولمعرفة حجر أساس خطط كيان العدو، يلزمنا العودة إلى مؤسس الكيان «دافيد بن غوريون»، الذي أوصى أتباعه قبل موته بـ»استمرار الهجرة اليهودية الكثيفة»، معتبرًا أن «الهجرة الواسعة هي الضامن الأهم والأكثر فعالية لهم..».. كلام يوحي بأن «بن غوريون» أدرك الواقع الحقيقي للكيان، فهو ليس «دولة» عادية يرفدها تاريخ مثبت، ويعززها انتماء واحد مشترك، وتحكمها منظومة قيمية من أي نوع، بل إنه كيان قائم على بطش القوة المسلحة الفتاكة، وإنه كيان مهدد في بقائه، وبالتالي فإن معدلات نمو زيادة عدد مستوطنيه ستظل ضعيفة، بفعل التوتر الذي قام ويعيش عليه وفيه، وبالتالي فإن الهجرة الدائمة إليه هي الدم الجديد الذي ينشط وينعش الجسد الصهيوني باستمرار..
وإذا كانت الأرقام هي تجريد الحقيقة، بلا تزييف ولا ادعاء، فإنه من المهم أن نضع بعضها في سياق ملائم للقراءة، يبلغ عدد المسجلين في الكيان نحو 9.5 مليون، منهم 7.5 مليون مستوطن (بينهم مئات الآلاف من الاتحاد السوفيتي السابق)، ومليونا عربي يتوزعون في أراضي 48، والجزء الشرقي من القدس المحتلة، أما بعض المحللين والمهتمين بالشأن الصهيوني فيجزمون بأن عدد المستوطنين الصهاينة في الكيان لا يزيد عن 7 ملايين نسمة فقط.
ما بعد 7 أكتوبر العظيم، كل التقارير وحتى صور المسافرين المزدحمين في المطارات تقول بأن هذا الكيان قد بدأ نزيف الهجرة، أي الهجرة المعاكسة، بالتزامن مع ارتجاج الضربة الهائلة التي أصيب بها في اللحظة الأولى من «طوفان الأقصى»، والتي دمرت كل جسور الثقة بين المستوطن والكيان الذي كان يظن نفسه منيعًا، إثر ذلك كان الهروب الكبير هو رد الفعل التلقائي لعضو غريب زرع في جسد يلفظه، وكانت تلك واحدة من الانتصارات الاستراتيجية في معركة «طوفان الأقصى».
إذا ما أردنا التحديد أكثر، فإن اشتعال عدة جبهات في وقت واحد، غزة وجنوب لبنان واليمن والعراق، تسببا بعمليات إجلاء واسعة، من غلاف غزة ومن الجنوب في أم الرشراش «ايلات»، ثم في شمال فلسطين كله، ليس في مناطق اشتباك حزب الله فحسب التي تحولت إلى حزام أمني، بل في حيفا وغيرها التي لا يشعر سكانها بالأمان، مما خلق واقعًا جديدًا على الأرض دفع كل من استطاع سبيلًا للهروب من الكيان، وإلى أرقامهم الرسمية –رغم ما بها من تضليل- فإن ما يسمى بـ»سلطة السكان والهجرة الصهيونية» تقول إنه «منذ بداية الحرب وإلى غاية نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، غادر حوالي 370 ألف مواطن إلى الخارج، يضاف إليهم 600 ألف غادروا خلال العطلات ولم يعودوا حتى الآن». وبذلك يصبح مجموع المستوطنين الهاربين من الكيان المؤقت نحو 970 ألفًا.
أحدث التقارير الصحفية في إعلام العدو (يديعوت أحرونوت)، أكدت الأرقام السابقة فقال إن أكثر من 550 ألف مستوطن غادروا الأراضي المحتلة في أول 6 شهور من عملية «طوفان الأقصى»، بما يتفق وتسريبات سلطة السكان والهجرة، أن الكيان فقد في 10 شهور نحو مليون مستوطن، بينما كل ما استطاع الكيان استقطابه من مهاجرين بالكاد بلغ 2500 مستوطن. ولم تذكر الصحيفة شيئًا بالطبع عن المغادرين قبل الطوفان، والذين قرروا عدم العودة، لكنها أشارت إلى أن «طوفان الأقصى» والانقسام السياسي والحكومي وفشل الجيش الصهيوني في حربه على كل الجبهات، قد ساهمت في إنشاء تجمعات وحركات رفعت شعار «لنغادر معًا»، وهو مؤشر على ما تمر به جموع المستوطنين من يأس كامل وشامل.
أما بالنسبة للبيانات المستقلة المتاحة، ووفقًا لموقع «فلايت رادار 24»، قدر عدد الرحلات المغادرة لمطار «بن غوريون» بنحو 120 رحلة يوميًا، وهو المعدل الأكبر المسجل في المطار على الإطلاق، بمعدل 24 ألف مسافر يوميًا، وشهد مطارا «إيلات» وحيفا معدلات سفر مغادرة عالية، إضافة إلى السفر عن طريق البحر عبر السفن والرحلات الجماعية، بما يرفع العدد إلى مستويات قياسية، لا تعكس حقيقتها وسائل الإعلام العبرية.
موقع «يسرائيل زمان» العبري أشار في تقرير له عن الهجرة العكسية إلى أن مكاتب العقارات تتلقى يوميًا 4 من كل 10 طلبات للاستفسار عن شراء عقارات بالدول الأوروبية، وعلى رأسها اليونان والبرتغال وقبرص، وفي اليونان بالذات فإن الشركات العقارية أعلنت عن زيادات هائلة في أسعار البيع والاستئجار للعقارات، بحيث قدرت بعض الشركات ونتيجة للفارق الكبير بين الطلب المرتفع والعرض الثابت، أن أسعار الوحدات السكنية قد تضاعفت 3 إلى 4 مرات، بسبب الهجرة الصهيونية الكثيفة إليها.
في الأخير، يخوض الكيان حربًا وجودية، وهو يعتبر التعمية والكذب والتغطية على الخسائر أولوية تتجاوز ما عداها، ولن تصدر حكومة العدو اليوم أو غدًا أرقامًا لمن هربوا منها، وفضلوا الحياة في دولهم الأصلية التي أتوا منها، إلا أن أقل رقم رسمي يدور حول المليون ويمثل نحو 14 % من كل المسجلين في الكيان، وهو رقم مذهل، ولم يكن بالإمكان تصوره، هذا كله والكيان لا يزال في مرحلة الحرب المحدودة، ولم يجرب حظه مع مواجهة سواعد الرجال الشريفة المتوضئة، هذا كله نتيجة لمعركة نقاط (بالنسبة لنا) كما سماها سماحة السيد الأمين العام ووصفها.. فكيف اذا وقعت الواقعة الكبرى؟!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مجدداً.. الكيان الإسرائيلي في مواجهة الحصار اليمني
يمانيون/ تقارير
حاولت أمريكا استباق نهاية المهلة التي حددها السيد القائد لاستئناف العمليات البحرية ضد الملاحة الإسرائيلية، بتوجيه الرأي العام العالمي إلى الزاوية التي تتماشى مع نواياها الباهتة في مسعى لسحب المجتمع الدولي إلى صفها. فزعمت في بيان نشرته قيادة القوات المركزية الثلاثاء أن الهجمات اليمنية تسببت بتضخم في الاقتصاد العالمي من خلال إجبار السفن على اتخاذ مسارات طويلة بعيدة عن البحر الأحمر. وعززت مساعيها بمحاولة إضفاء شرعية دولية على أي تصعيد أمريكي صهيوني محتمل ضد اليمن.
الحقيقة التي تلاحظها وتؤكدها مؤسسات عالمية سواء سياسية أو اقتصادية أو بحثية، هي أن أمريكا من تعمل على زعزعة الاستقرار، وتتعمد إبقاء المنطقة ملتهبة، أولا بما تمنحه من غطاء للكيان الصهيوني للاستمرار في ممارسة إجرامه ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وثانيا بتحركاتها العملية من خلال عودة حاملة الطائرات “ترومان” إلى المنطقة.
خلال الشهرين الماضيين ومع سريان اتفاق وقف إطلاق النار شهد العالم التعاطي غير المسؤول من قبل الكيان الإسرائيلي وأمريكا مع استحقاقات الاتفاق، فيما التزمّت المقاومة والقوى المساندة لها وعلى رأسها اليمن بوقف الهجمات، ما حقق هدوءا ملحوظا في محور العمليات البحرية، ورغم ظهور ترامب ببدعته المرفوضة عالميا بتهجير الفلسطينيين من غزة إلا أن اليمن مارس ضبطا للنفس على أمل مواصلة الكيان الصهيوني في تنفيذ مراحل الانفاق.
هذا التدخل الأمريكي كشف للعالم أن واشنطن هي من تقف أمام السلام وأمام عودة أمن الملاحة، لذلك أكد الرئيس التنفيذي لشركة (تورم) الدنماركية للشحن أن فرصة عودة الحركة عبر البحر الأحمر كانت مواتية لولا تدخل ترامب بمقترح تهجير سكان غزة، وقال: إن الوضع يبدو اليوم أكثر هشاشة بشأن ما يمكن أن يحدث، مقارنة بما كان عليه قبل ثلاثة أشهر”. حسب موقع “تريد ويندز” النرويجي البريطاني.
ودائما كانت أمريكا مستفزة لدول المنطقة بتواجدها بشكل لافت في البحر الأحمر، ما كان يزيد من التوتر، وزاد ذلك خلال العدوان الصهيوني على غزة في تحرك صريح ومعلن لحماية الكيان، لذلك جاء تحرك اليمن كأمر طبيعي وقانوني، خصوصا وأن دخول جبهة الإسناد اليمنية كان على ضوء مطالب إنسانية متعلقة بإيقاف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، والسماح بدخول الغذاء والدواء ومختلف وسائل الحياة.
التحرك للإسناد يبدو اليوم حتمياعودة العمليات اليمنية لا تعير قدوم حاملة الطائرات الأمريكية مرة أخرى أي اهتمام، لكنها بطبيعة الحال تدخلها ضمن أهدافها في الجولة الجديدة من عمليات الإسناد للشعب الفلسطيني الذي بدأت منظمات دولية تدق ناقوس اقتراب المجاعة منه.
وسواء تماهى المجتمع الدولي مع البلطجة الأمريكية، وهو ما تنشط فيه إدارة ترامب، أو كان في صف الحق والإنسانية، فإن اليمن ماض في إسناده التزاما بثوابت الدين والقيم الأخلاقية والإنسانية، وهذا ما يعيه الجميع، لذلك ربما يجدون حرجا في انتقاد هذا التحرك. والأمر يبدو اليوم حتميا خصوصا وأن الحصار الخانق ضد الفلسطينيين إنما يراد منه التضييق على الفلسطينيين لاتخاذ قرار مغادرة أراضيهم طواعية، الأمر الذي يفرض على اليمن هذا التحرك مصداقا لرفض هذه الممارسات الإجرامية.
يؤكد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي في تعليقه عقب انتهاء المهلة أن القوات المسلحة في جهوزية عالية وعند مستوى المسؤولية المنوطة بها، وعلى استعداد لتنفيذ توجيهات القيادة العليا في مساندة أبناء غزة ودعم المجاهدين الفلسطينيين بقوة وفاعلية. فيما أكد مجلس الوزراء جاهزية جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات والمصالح الحكومية لأي تطورات أو تبعات للموقف اليمني المساند للأشقاء المظلومين في غزة وفي فلسطين عموماً، واتخاذ التدابير والإجراءات المتصلة بتنفيذ القرار على المستويات كافة.
كيف أثبت الكيان أنه عصابات إجراميةبالنسبة للكيان الصهيوني فقد أكدت سياسة الانتهاكات للمواثيق الدولية والقيم الإنسانية واستمراره في ارتكاب الجرائم أنه يعيش حالة الفوضى والانفلات، كما كان منذ تأسيسه غير الشرعي على الأراضي الفلسطينية، إذ قام على فكرة “الجيش والسلاح”، وفي دعوته لليهود من بقاع العالم للقدوم إلى الأراضي المحتلة وإنشاء المستوطنات. كان الفعل قائما على فكرة “الجيش كقوام كلي” لفكرة ما زعم بأنها دولة، مع غياب للصهاينة في سياسة الكيان إلا بكونه داعماً لفكرة تأسيس هذ الكيان المزعوم، لذلك كان شاهدا حيا وقريبا أن سياسة الصهاينة لم تكن مبالية بأمر أسراها لدى المقاومة الفلسطينية، وقد عرقلت اتفاقات الإفراج عنهم مرارا، بل وأحيانا كثيرة كانت تقتلهم، وقد استقبلت فعلا بعضا منهم في توابيت خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف الحرب على غزة.
وفكرة معاودة العدوان على غزة تأتي في هذا السياق، إذ يشعر “جيش” الكيان بالهزيمة رغم كل أشكال الإجرام التي نفذها، لذلك يأمل من مخططه المدعوم أمريكيا استعادة ثقته بنفسه، ضاربا بحياة من تبقى من أسراه عرض الحائط. وهي الثقة التي تضعضعت منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 التي قزّمت حجمه وكشفت هشاشته وكان الفشل حليفه.
وعلى إثر ذلك صار الصهاينة اليوم مجردين من الشعور بالأمان، فهزيمة طوفان الاقصى تبعتها هزائم استمرار عمليات المقاومة طيلة (15) شهرا من استهداف غزة، إضافة إلى الهزائم التي جاءت من دول محور المقاومة؛ حيث شهد عمق الكيان عمليات لم تكن في حسبانه ولا في حسبان واشنطن، شردت ملايين المستوطنين من منازلهم، كما فُرض عليه حصار بحري لم يكن بمقدور أمريكا وأوروبا فعل شيء تجاهه، ليعيش الكيان على إثر الحصار انحدارا اقتصاديا واضحا، وتراجعا لثقة المؤسسات الاقتصادية والبنوك الدولية به.
خياران أمام أمريكا والكيان المؤقتاليوم ومع بدء عمليات الإسناد اليمنية كخيار وحيد للدفاع عن القضية المركزية للأمة، بدا من اللحظة الأولى التي أطلق فيها السيد القائد تهديده، استنفار العدو الصهيوني لعصاباته المسلحة، مع ذلك فإن ما يبدو في الأفق، مآلات مختلفة عن ذي قبل، فإما أن يرضخ الكيان أو أن يتحمل تبعات استخفافه بالأمة.
والرهان على الأمريكان إنما يزيد من أسباب الهزيمة، فضلا عن أن أمريكا سيكون عليها أن تحسب حسابات المغامرة، وتدرك أن إرسال حاملات الطائرات لإرهاب المنطقة لم يكن له أي مفاعيل خلال (15) شهرا من العدوان الإسرائيلي، وكانت دائما حاملات الطائرات تعود إلى ورش الصيانة. زد على ذلك أن أي تصعيد على اليمن لن تكون عواقبه في صالح أمريكا إطلاقا، لذلك فضّل بن سلمان عدم التماشي مع محاولة وزير الخارجية الأمريكي إثارة مخاوف الرياض من صنعاء للدخول في عمليات الدفاع عن الكيان. إذ أن استهداف أي قواعد لأمريكا في المنطقة يعني أن السعودية ستكون أحد الأهداف.
نقلا عن موقع أنصار الله