في عصر الإنترنت والفضاء المفتوح في ظل تعدد وسائل التواصل الاجتماعي وما تمتاز به من سرعة في نقل وتبادل المعلومات والرؤى والأفكار والمواقف، وقدرة على الوصول لأكبر عدد ممكن من المتابعين في مختلف أرجاء المعمورة وفي زمن قياسي جدا ؛ بات التحلي بالوعي والبصيرة من أهم الوسائل التي يجب أن يتحلى بها كل اليمنيين وخصوصا في ظل العدوان والحصار وتداعياتهما، والحرب الإعلامية التي تشنها أبواق العدوان وقطيع المرتزقة على السلطة الشرعية اليمنية الحقيقية التي تمثل الإرادة الشعبية للسواد الأعظم من اليمنيين .
من غير المنطقي على الإطلاق ما نشاهده في وسائل التواصل الاجتماعي من إنسياق للكثير من أبناء المجتمع اليمني مع الشائعات والأكاذيب والأخبار المفبركة والتسريبات التي لا تمت للحقيقة بأدنى صلة، ومن المؤسف جدا أن تجد في أوساط هؤلاء من يحملون شهادات عليا، ومن ينتمون لشرائح من المفترض أن تمثل النخب النيرة والقدوة الحسنة من ذوي العقول الراجحة، حيث يذهبون للتماهي مع منشور فيسبوكي لحساب مزيف ويسارعون إلى الترويج لمحتواه والتعاطي معه على أنه حقيقة .
رغم أن الأمر يتطلب التريث قبل النشر للتأكد من صحة المعلومات التي يراد نشرها والترويج لها، من المعيب أن تكون بوقا لنشر الشائعات والأراجيف والترهات والخزعبلات والأخبار الكاذبة، والتي دائما ما يكون مصدرها مطابخ العدوان والمرتزقة، ومنشورات بعض السذج الذين يبحثون عن السبق ويسعون للظهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نشر الشائعات التي لا تعدو أن تكون في الغالب مجرد (تخديرة قات) أو تخمينات وأوهام وأفكار تجول في مخيلة أصحابها، وجدت من يلتقطها وينشرها ويروج لها على أنها الحقيقة التي حصلوا عليها من مصادر مطلعة، أو موثوقة، أو مقربة، بعد أن تضاف عليها البهارات والتوابل اللازمة لخلق حالة من الإثارة والتشويق وشد الانتباه .
والعجيب الغريب هنا أن الكثير من هذه الشائعات والاجتهادات الفيسبوكية التي أدمنها البعض، غير منطقية ولم يمكن لذي عقل سوي أن يقبل بها أو يصدقها، ومع ذلك تلقى الرواج وتحظى بالتداول والانتشار على نطاق واسع، فكم سمعنا وقرأنا قبل الإعلان عن تكليف الأستاذ أحمد الرهوي بتشكيل حكومة التغيير والبناء عن شخصيات عديدة مرشحة لرئاسة الحكومة، هذا يقول (فلتان)، وذاك يقول (زعطان)، وكل واحد يدعي أن مصادره موثوقة، ولم يحصل أن تطرق أحد هؤلاء المفسبكين إلى شخصية الأستاذ أحمد الرهوي، ومع ذلك لم يتوقفوا عن نشر الشائعات عن تشكيلة حكومة التغيير والبناء، كل مفسبك ذهب لتشكيل الحكومة بطريقته، وهات يا اجتهادات وقوائم، وفي الأخير تبخرت في الهواء، فظهرت التشكيلة مغايرة تماما لشلة الفسبكة والسبق وأصحاب (عاجل)، وما يزال هؤلاء يواصلون هوايتهم في نشر التعيينات والقرارات للمحافظين والوكلاء ونواب الوزراء والوكلاء بحسب رغباتهم وأمزجتهم، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أنها التغييرات المرتقبة، رغم أنها غير واقعية ولا تمت للحقيقة بصلة، المهم الحصول على الإعجابات والتعليقات والمتابعة.
بالمختصر المفيد، بالوعي والبصيرة سنقضي على الشائعات والأكاذيب، يجب أن نكون جميعا على درجة عالية من الوعي والفطنة، وأن نتحلى بالعقل، ونبتعد عن الانجرار خلف السخافات التي ينشرها البعض على وسائل التواصل الاجتماعي، فمن غير اللائق أن تكون أكاديميا أو تربويا أو مثقفا أو إعلاميا أو ناشطا وتنطلي عليك مثل هذه الشائعات والأكاذيب، وأنت تدرك جيدا أن القرارات والتعيينات الرسمية دائما ما تنشرها وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» ووسائل الإعلام الرسمية، لا عبر صفحات وحسابات مشتركي وسائل التواصل الاجتماعي، التي تكون في الغالب مجرد تخمينات واجتهادات وخيالات وتوقعات تصدر من البعض تحت تأثير ( تخدير القات ) و(جنون العظمة ) و( حب الظهور ) .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نبات الآس… الواجب الديني والتقليد الاجتماعي وذكرى الراحلين
دمشق-سانا
يستقبل السوريون عيد الفطر بواجبات دينية واجتماعية، ومن بين تلك الواجبات زيارة قبور أحبائهم الراحلين، مصطحبين نبات الآس المعروف ب”الريحان”.
ومنذ مئات السنين، اعتاد السوريون أن يكون أول مكان يقصدونه بأول أيام العيد المقابر، لزيارة أهلهم وأقربائهم الذين غيبهم الموت، وفي جعبة كل زائر باقة من الآس ذي الرائحة الطيية، اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال : “إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما ما دام الغصنان رطبين”.
وتحرص رشا عجيب كل الحرص في أول يوم من كل عيد على زيارة قبر زوجها، مصطحبة نبات الآس الذي تزرعه بنفسها لتضعه على قبره وتدعو له بالرحمة والمغفرة، وورثت هذه العادة التي ترمز للمحبة والوفاء للراحلين من والدتها.
هدى عبد الله تضع أكاليل الآس “الريحان” على قبر ابنها في كل عيد، لأنه من ريح الجنة، مشيرة إلى ذكره في القرآن الكريم، بقوله تعالى : “فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ”، كما تعتبر هدى أن وضع الآس بأغصانه الفواحة العطرة جزء أساسي عند زيارة القبور، ورغبة منها للدعاء بالرحمة والمغفرة، في ظل الفرحة والسعادة التي نشعر بها أثناء العيد فلا نغفل عن الدعاء لأحبائنا الذين رحلوا عنا.
واكتشف الإنسان نبات الآس قبل خمسة آلاف سنة، وهو ينمو في الأماكن الرطبة والظلية، ويعتبر حوض البحر المتوسط والعراق موطنه الأصلي، وله أسماء عدة: الحبق، ريحان الملك، ريحان الحماحم، بادروج، حوك، “شامسفرم”، وسماه قدماء المصريين “ست” أو “شامو”،وفي سوريا يعرف باسم آس، وفي لبنان والعراق يسمى الياس، أما المغرب العربي فيسمى بـ الريحان وفي تركيا مرسين وفي إسبانيا آريان.
ولكن استخدام الآس لا يقتصر على الواجبات الاجتماعية والدينية، بل له استخدامات غذائية ودوائية، كشاي الريحان ومنقوع الأزهار والأوراق، حيث يذكر ابن القيم في كتابه الطب النبوي أن تناول منقوع الآس مفيد للهضم ومزيل للمغص المعوي، أما مغلي البذور فهو يقوي القلب ويستعمل كعلاج للإسهالات المزمنة، ويستخدم زيت الآس كدواء يدهن به الجسم عند الإصابة بنزلات البرد، ولإزالة الكدمات وتقرحات الفم، وأمراض الأذن، و علاج حب الشباب، ويعتبر قاتلاً للجراثيم، والديدان الطفيلية المعوية، كما يستعمل زيته كمطيب غذائي وعطري ويدخل في صناعة الروائح العطرية والصابون المعطر.
وتراجعت زراعة الآس “الريحان” في الأونة الأخيرة بسبب تغير أنماط الحياة في المجتمع، وارتفاع أسعار العقارات، ما دفع السكان لاستبدال الحدائق المنزلية بأسوار من الطوابق وبناء غرف أو مشتملات ملحقة لمنزلهم، ويجب العمل على إحياء زراعته تيمناً بالحديث النبوي: “من عرض عليه ريحان فلا يرده فإنه خفيف المحمل طيب الريح”.
ومن اللافت دخول الآس في الموروث الشعبي المنطوق، فكانت النساء الدمشقيات يرددن لأطفالهن وأزواجهن عبارة ‘تشكل آسي”، وهو دعاء بمعنى ألا يفجعن في حياتهن بوفاة أحد من عائلاتهن.