صحيفة الاتحاد:
2025-04-25@13:41:24 GMT

شيخة الجابري تكتب: أغاني الصغار.. جملٌ ملونة

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

حينما كنا صغاراً، لم تكن السماء تغيم ليهطل المطر وحسب، وإنما كانت كل المفردات حولنا تهطل حبّاً، وكنا نملأ الحياة من حولنا براءة، ونسقي الأرض ولعاً واشتياقاً، وتعلقاً بشيء اسمه طفولة، ما كنّا عليه كان عبارة عن أسلوب حياة، وامتداد لنظام اجتماعي يعتمد الفطرة والبديهة والتعاملات الإنسانية الرفيعة، ويجعل من التعاون والتعاضد في نظام يسمى «الفزعة» أساس حياة، وتعاملاً يومياً لا يتجاوزون حدوده.


لقد حفلت حياة الأجداد والآباء في فترة ما قبل ظهور النفط، والانفتاح على الحياة الجديدة بما تحمل من تغيرات، بالكثير من التعب والقسوة والمعاناة في سبيل تأمين الحياة الحرة الكريمة لهم ولأبنائهم، متكئين في ذلك على ثقافة إسلامية واضحة تكرس لقيم نبيلة تتمثل في احترام الإنسان وحبه، اعتماداً على مصادر دخل بسيطة، ومحدودة، وفقيرة نوعاً ما، لم تخرج عن الغوص لجمع اللؤلؤ في مواسمه السنوية المعتادة، وزراعة النخيل وبيع منتجات الغلات الزراعية قليلة التنوع، إضافة إلى حرفة أخرى امتهنها البدو، وهي حرفة الرعي، وصناعة السدو عند النساء.
غير أن شظف الحياة لم يكن مصدراً للملل، أو الضيق، بل كان محفزاً على العمل والعطاء والتعاضد، سلوانهم في ذلك أهزوجات شعبية يؤدونها أثناء العمل، وأحاجٍ وألغاز يتنافسون في حلها، وأشعار تحفظها ذاكرتهم فتنقلها من سمع إلى آخر.
هكذا مضت بهم الحياة، بين جدب وخصب، عطاء وجفاء، ولم تكن الطفولة بمعزل عن كل تلك المعطيات، بل كان الطفل شريكاً رئيساً فيها، فالصبي منذ أن يبدأ ذهنه في فهم الحياة صار مرافقاً لوالده، وسنداً وعضداً لأسرته، والفتاة ما إن تصل إلى مرحلة الوعي بما حولها حتى تصبح رفيقة أمها، وساعدها الأيمن، ورغم ذلك عاشوا طفولة على بساطتها لم تتوافر لأقرانهم من أبناء الجيل الحالي، مثل الألعاب الإلكترونية الذكية، والمتنقلة.
إن مجتمع الإمارات، كغيره من المجتمعات الأخرى، مر بمرحلة تغيرات كبيرة وما زال هذا التطور يسجل ملحمة تهتم بالإنسان ومآثره، ولكن في ظل هذه الثورة من التغيرات لم ينسَ هذا المجتمع المتطلع إلى المستقبل بقوة العلم والاتكاء على ماضٍ وإرث عريق، لم ينسَ تراثه، وتكريسه، فقد تنامى الاهتمام بالتراث بشكل لافت في الآونة الأخيرة، وعلى كافة الصُّعد.
ولا شك أن أغاني الأطفال وألعابهم التي اقترنت بها تلك الأهازيج والأناشيد البسيطة العفوية، كانت أحد أوجه التراث التي حظيت باهتمام الدولة، من خلال تكريسها في أنشطة المدارس، والأيام والمناسبات التي تُعنى بالتراث.
تغيّر الزمان، وتغيّرت الألعاب، وبقيت قلوبنا التي كبُرت تحنّ إلى تلك الأغنيات والأيام الحلوة.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: أصواتهم ذاكرتنا شيخة الجابري تكتب: متلازمة رقص المشاهير

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: شيخة الجابري أحوال

إقرأ أيضاً:

منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع

كنت أنوي الكتابة عن المسلسل من زاوية فنية خالصة؛ عن الأرقام القياسية التي حققها في نسب المشاهدة خلال وقت وجيز، عن براعة الكاميرا في تقنية الـ"وان شوت" التي خلقت تواصلًا بصريًا حيًا مع المشاهد، عن الأداء التمثيلي الذي تجاوز حدود النص، وعن الإخراج الذي التقط اللحظة قبل أن تنفلت.

لكن قلبي سبق قلمي،
فوجدت نفسي لا أكتب عن "نجاح عمل" فقط، وإنما عن قيمة أبعد من الأرقام. 

لا أتوقف عند "مشهد جميل"، وإنما أتتبع أثرًا تركه في الوجدان ولا يزال حاضرًا.

وجدتني أقرأ المسلسل من منظور تربوي، قبل أن أقرأه بعين ناقدة. 

رأيت في المراهقين الذين على الشاشة، وجوهًا حقيقية نراها كل يوم في بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا.

في زمن تتسابق فيه المسلسلات على اقتناص انتباه المشاهد، نجح هذا العمل في الرهان على الحصان الذي غالبًا ما يخشاه صناع الدراما: المراهقة.

ليست كل جريمة نهاية قصة، أحيانًا، تكون الجريمة بداية لأسئلة أكبر بكثير من القاتل والمقتول، هكذا يفتتح مسلسل Adolescence حكايته، بجريمة مروعة يرتكبها فتى في الثالثة عشرة من عمره، لكنها ليست سوى البوابة إلى عوالم داخلية معقدة.

فقد يبدو للوهلة الأولى أن المسلسل يقدم دراما ذات طابع بوليسي، لكن سرعان ما يتضح أن ما يُروى ليس عن الجريمة، وإنما عن السياقات التي سمحت لها أن تحدث.

الثيمة الأعمق هنا هي العزلة الرقمية، وكيف يمكن لطفل أن يضيع أمام أعين الجميع وهو متصل دائمًا، كيف أصبح الإنترنت وطنًا بديلًا للمراهقين حين غابت الأسرة والمدرسة عن احتضانهم.

يعالج المسلسل ببراعة مفهوم "الذكورة السامة"، ليس من خلال الخطاب المباشر أو التلقين، وإنما عبر تتبع التغير التدريجي في شخصية البطل "جيمي".

فتى يعاني من قلق داخلي، يبحث عن صورة لذاته في مرآة معطوبة، ويتلقى وابلًا من الرسائل الرقمية التي تشكل وعيه دون رقابة أو حوار.

جيمي ليس شريرًا، لكنه ضحية لفجوة بين الواقع والواقع الافتراضي؛ حيث تتحول مفاهيم القوة والقبول إلى معايير مشوهة تفرض عبر ضغط الأقران الرقمي.

المسلسل يدين فشل الأسرة والمدرسة في لعب دور الحامي والموجه، فرغم أن جيمي ينشأ في بيت محب، إلا أن الحوار الحقيقي غائب، واليقظة العاطفية مؤجلة. 

المدرسة، بدورها، تبدو مشغولة بالإدارة اليومية، غافلة عن مراهقين يتشكل وعيهم في أماكن أخرى لا يراها الكبار.

هذا الإخفاق المؤسسي لا يقدم بتجريم مباشر، وإنما كصورة متكررة لأب يحاول، لكن لا يرى، ومدرسة تحاول، لكن لا تسمع. 

وكأن الرسالة تقول إن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي حين تكون أدوات التواصل مفقودة.

يتعمق المسلسل أكثر من خلال اعتماده على أسلوب السرد المتعدد؛ إذ تروى كل حلقة من منظور مختلف: الأسرة، الشرطة، الطبيب النفسي، والأصدقاء، هذا التنوع يقدم رؤية فسيفسائية دقيقة لأثر العزلة الرقمية، حيث تتكامل الأصوات لتشكل صورة شاملة لأزمة جيل بأكمله.

فنحن لا نرى جريمة، وإنما سلسلة من الفراغات، كل واحدة منها تساهم في صنع النتيجة النهائية.

من أبرز ما يميز مسلسل Adolescence هو تسليطه الضوء على التناقض العميق بين الارتباط الرقمي والانفصال الاجتماعي.  

فالمراهقون في هذا العمل لا يفتقرون إلى الاتصال؛ على العكس تمامًا، فهم يغرقون فيه، لكنهم يفتقرون إلى الحضور الحقيقي، إلى من يُصغي، لا من يراقب.

"Adolescence" مسلسل يخلخل يقيننا اليومي ويعيد توجيه البوصلة نحو جيل يعيش في عزلة مزدحمة بالضجيج الرقمي.

هو تذكير صارخ بأن الاتصال الدائم لا يعني الحضور، وأن المراقبة لا تعني الرعاية.

في كل مشهد نواجه حقيقة مريرة، هناك مراهقون يتشكل وعيهم في فراغ، تعيد صياغتهم خوارزميات بلا قلب، وتهملهم مؤسسات فقدت قدرتها على الإصغاء.

حتى أدوات الإخراج لم تكن عبثية؛ فـتقنية الـ"وان شوت" تجاوزت حدود الإبهار البصري، ونجحت في إيصال عزلة جيمي إلى المشاهد بصدق مباشر، دون فواصل أو فلاتر.
المسلسل لا يُنهي الحكاية، وإنما يفتح نقاشًا نحتاجه بشدة.

لأن السؤال الأصعب لم يعد: ماذا فعل الطفل؟
بل: أين كنا نحن حين كان يبحث عمن يسمعه؟

مقالات مشابهة

  • أطفال خارج السوق: خطة عراقية لانتشال الصغار من براثن العمل والتسوّل
  • تفاصيل أغاني ألبوم محمد منير الجديد
  • «المصباح الكهربائي» يشعل فضول الصغار في «الشارقة القرائي للطفل»
  • د.نجلاء شمس تكتب: سيناء.. قصة أرض لا تُنسى ولا تُهمَل
  • إنستغرام تسخر «الذكاء الاصطناعي» لحماية الصغار من المخاطر الرقمية 
  • "سينا رجعت كاملة لينا" أشهر أغاني كتبت بمناسبة تحرير سيناء
  • هند عصام تكتب: الملك بيبي الأول
  • منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 51
  • مجد القاسم يكشف عن سر حرصه على أغاني المناسبات ويحذر من الابتزاز العاطفي