لوحات فارس.. معزوفة جمالية للأحياء الشعبية
تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT
أحمد عاطف (القاهرة)
أخبار ذات صلةمنذ العام 1980، وريشته ترسم جماليات حياة الأحياء الشعبية اليومية في مصر، بأسلوب فريد، يمزج التشكيلي فارس أحمد فارس بين عدة ألوان، ليصنع حالة من البهجة في اللوحات. انجذب منذ بداية مسيرته التشكيلية إلى التراث الشعبي المصري، وجد فيه ثراءً بلا حدود من الألوان والرموز، خاصة أجواء الاحتفالات التقليدية مثل الموالد والكرنفالات الشعبية التي كانت دائماً مصدر إلهام له.
يقول فارس لـ«الاتحاد» إن تلك الأجواء، من الزحام، الأعلام الملونة، وحلقات الذكر، أمور جذبته وشجعته على تحويل هذه المشاهد إلى أعمال فنية، تعكس هذا الجمال الشعبي، وهو ما ترجمه في أعماله التي تعود للعام 1995.
تأثرت أعمال فارس كثيراً بالبيئة المحيطة التي يتعامل معها يومياً وكانت المصدر الرئيس لإلهامه، هناك القاهرة القديمة، منطقة الأزهر والمشهد الحسيني، وكذلك الريف والإسكندرية والأقصر وأسوان.
يرى أن لكل مكان في مصر جمالياته الخاصة التي تلهمه، مثل ألوان الطبيعة، سطوع الشمس، وتنوع الأزياء التقليدية والموتيفات المنتشرة على جدران المنازل في الأحياء الشعبية، تعبر عن تلقائية وبساطة الحياة، وأيضاً جمالها مثل السمكة والكف والعين والزهور، واندمجت تلك العناصر في مخيلته لتضفي على أعماله تنوعاً وثراءً نادراً وبهجة لا مثيل لها من الصعب أن تجتمع دون المشاهدة الكثيفة.
تجمع أعمال فارس بين فن النحت والتصوير والحفر، يقول عن ذلك: «كل شكل من أشكال الفن يكمل الآخر، أحب أن أمزج بينها لأصنع معزوفة جمالية تعكس رؤيتي الخاصة، هذا الامتزاج يتيح لي استكشاف أبعاد جديدة في التعبير الفني، ويضيف لعملي عمقاً يعبر عن مشاعري وأفكاري بشكل أفضل».
العديد من لوحاته تحمل لمسات عصرية، ويحاول التشكيلي المصري صنع التوازن بين الأصالة والمعاصرة، ويصفه بالتحدي بأن يظل وفياً للجذور والتراث وفي نفس الوقت أن تعكس الأعمال الروح العصرية، يؤمن بأن الفن ليس مجرد تقليد للواقع، بل وسيلة لخلق واقع جمالي جديد، يثير حواس المشاهد ويجعله يرى الأمور من زاوية مختلفة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأحياء الشعبية مصر التراث الشعبي
إقرأ أيضاً:
خبراء: ما يجري بحق الأسرى الفلسطينيين من الاحتلال حرب انتقامية
اتفق خبراء وحقوقيون على أن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية يشكل مستوى غير مسبوق من الانتهاكات وصلت حد التعذيب المنهجي والتجويع المتعمد، في ظل تجاهل عربي ودولي وخذلان شعبي.
ورأى المتحدثون في برنامج "مسار الأحداث" أن هذه الانتهاكات المتصاعدة، التي أدت إلى استشهاد 64 أسيرا خلال عام ونصف عام فقط، ليست سوى جزء من سياسات إسرائيلية موسعة تهدف إلى تحطيم إرادة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته عبر معاقبة رموزه الأسرى وعزلهم جسديا ونفسيا.
وقال عميد الأسرى الفلسطينيين المحررين نائل البرغوثي إن ما يجري في السجون الإسرائيلية اليوم هو "قتل بطيء" تمارسه منظومة الاحتلال بكامل أجهزتها، مشيرا إلى أن الخوف الإسرائيلي من الأسير لا يقل عن خوفها من المقاوم، لأن كليهما يعكس فشل الاحتلال في كسر الإرادة الفلسطينية.
وأضاف البرغوثي أن تجاربه الشخصية كشفت له أن التغذية الممنهجة داخل المعتقلات وضعها خبراء تشريح نفسي وغذائي بهدف إضعاف جسد الأسير تدريجيا، مؤكدا أن الفحوص الطبية التي أجراها بعد خروجه من الأسر أثبتت آثار تجويع مدروس "قد يؤدي إلى الموت".
ووفق تقارير حقوقية فلسطينية، فإن الاحتلال اعتمد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 سياسة تجويع ممنهج بحق الأسرى مترافقة مع انتشار أمراض جلدية وإهمال طبي متعمد، مما أدى لوفاة العشرات وسط تقديرات تشير إلى وجود شهداء لم يكشف عن هوياتهم بسبب سياسة الإخفاء القسري.
إعلانوحذر البرغوثي من أن ما يمارس داخل السجون لا يمكن أن يكون مجرد تجاوزات فردية، بل هو نهج منظم يشمل ضربا مبرحا وحرمانا من الدواء واستعانة بكلاب هجومية مستوردة، بل وحتى استخدام السم في الطعام كما حدث في إحدى المرات حين أصيب عشرات الأسرى بتسمم حاد داخل سجن شطة.
تعتيم كامل
وحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد الأسرى تجاوز 10 آلاف معتقل حتى مطلع الشهر الجاري بينهم 400 طفل و30 أسيرة، بينما ما زال عدد الأسرى من قطاع غزة مجهولا في ظل التعتيم الكامل الذي تفرضه سلطات الاحتلال.
من جهته، قال الدكتور وليام تشاباس أستاذ القانون الدولي والرئيس السابق للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن ما تمارسه إسرائيل بحق الأسرى يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، مؤكدا أن "نظام الاعتقال الإسرائيلي يشبه سجون أسوأ الدكتاتوريات في التاريخ".
واعتبر تشاباس أن الاعتقال الإداري من دون تهمة أو محاكمة، والذي يشمل أكثر من 3500 فلسطيني، بينهم نساء وأطفال، يمثل انتهاكا صارخا لكل المواثيق الدولية، مشيرا إلى أن ارتفاع عدد الوفيات داخل المعتقلات يؤكد الطبيعة الوحشية للنظام القائم.
وأشار إلى أن ازدواجية النظام القضائي الإسرائيلي تعكس جوهر نظام الفصل العنصري، إذ تعامل القوانين اليهود بمعايير مختلفة تماما عن الفلسطينيين سواء داخل الخط الأخضر أو في الأراضي المحتلة، موضحا أن ما يجري هو نموذج استعماري حديث يستنسخ أسوأ أدوات القمع.
وتؤكد المؤسسات الفلسطينية المعنية أن سياسة العزل ومنع الزيارات والتضييق القانوني شكلت غطاء لانتهاكات واسعة، فالمحامون يتعرضون للتهديد وتمنع بعض القضايا من الوصول إلى القضاء، بينما المؤسسات الحقوقية الدولية كالصليب الأحمر اختفت تقريبا من المشهد.
وفي هذا السياق، وصف البرغوثي جهاز القضاء الإسرائيلي بأنه "متواطئ بالكامل"، مشيرا إلى أن القضاة ينسقون مع السجانين ويدعمون قرارات العقاب الجماعي، بل ويتغاضون عن جرائم التسميم والتعذيب والاغتصاب التي ترتكب داخل المعتقلات.
إعلان
حرب انتقامية
بدوره، أكد قدورة فارس الرئيس السابق لهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين أن ما يجري بحق الأسرى هو "حرب انتقامية" بدأت منذ اليوم الأول للحرب على غزة، موضحا أن وحدات إسرائيلية خاصة اقتحمت الأقسام بالسلاح الحي واعتدت بوحشية على المعتقلين.
وقال فارس إن الاعتداءات شملت كل مناحي الحياة داخل السجون من منع الزيارات ومصادرة الملابس إلى فرض الجوع والإذلال، مشيرا إلى أن ظروف الاحتجاز أدت إلى فقدان مئات الأسرى للوزن وإصابة أغلبهم بأمراض جلدية خطيرة مثل الجرب.
كما أشار فارس إلى وجود ما يشبه "السجون السرية"، إذ افتتحت إسرائيل مؤخرا أقساما تحت الأرض في سجن رامون، مؤكدا أن ما يمارس في كل السجون هو جرائم ضد الإنسانية ترتكب بغطاء سياسي وقضائي كامل وتورط مباشر من الجيش والشرطة وجهاز الشاباك.
وتابع أن الاحتلال يعتمد على هذه الممارسات لإرهاب المجتمع الفلسطيني ككل وخلق حالة استنزاف شاملة بحق الأسرى والعائلات والمجتمع، مشيرا إلى أن الاعتقال بات وسيلة لتيئيس الفلسطينيين وثنيهم عن المطالبة بحقوقهم.
وأوضح فارس أن الاحتلال يعتقل الفلسطينيين من دون تمييز بين نساء وأطفال وشيوخ، لافتا إلى أن أكثر من 16 ألف فلسطيني اعتقلوا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بينهم 1300 طفل و500 امرأة، في حين استشهد أكثر من 900 فلسطيني في الضفة الغربية خلال الفترة ذاتها.
وشدد على أن هذه الانتهاكات تعكس "عقلية استعمارية فاشية" ترى في الفلسطيني تهديدا حتى بعد وفاته، حيث يحتجز الشهداء في مقابر الأرقام، ويُحرمون من حقهم في الدفن بينما يستمر العالم في الصمت أو -في أحسن الأحوال- يمارس ازدواجية فاضحة في التعاطي مع قضايا الأسرى.