السودان.. انهيار سد أربعات يخلف عشرات القتلى ويقطع طريقا مع مصر
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
أطلق ناشطون وعاملون في المجال الإنساني بالسودان، دعوات لإغاثة عشرات المناطق الواقعة في ولاية البحر الأحمر بشرق البلاد، بعد تعرضها لموجة من الأمطار والسيول، مما أدى لوقوع عدد من الخسائر في الأرواح والممتلكات.
وأكدت صحف محلية انهيار سد أربعات، الذي يقع على بعد 40 كيلومتر شمال مدينة بورتسودان، التي اتخذتها الحكومة مقرا لها، بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023.
ولم يصدر توضيح رسمي من السلطات السودانية . وحاول موقع الحرة الحصول على تعليق من مكتب الإعلام بولاية البحر الأحمر، ولم يحصل على رد حتى نشر هذا التقرير.
وقال الصحفي السوداني، عبد القادر باكاش، من مقر إقامته في مدينة بورتسودان لموقع الحرة، إن المنطقة القريبة من البحر الأحمر شهدت كميات ضخمة من الأمطار لم يتحملها جسم السد، مما أدى إلى انهياره.
وأشار باكاش إلى أن السد غمر عددا من القرى في المنطقة، مما أدى إلى مصرع أكثر من 11 شخصا، وفقدان أكثر من 100 آخرين، وفقا لإحصائيات أولية.
وأوضح أن سد أربعات يعد المصدر الرئيسي لمياه الشرب لسكان مدينة بورتسودان، الأمر الذي يترتب عليه مشكلة "كارثية" في المدينة، وعدد من المناطق.
ولفت إلى أن مياه السيل جرفت عددا من السيارات وتسببت في نفوق أعداد ضخمة من الماشية، كما تسببت في انهيار آلاف المنازل في المناطق القريبة من السد.
وأكد الصحفي السوداني أن انهيار سد أربعات أدى إلى قطع الطريق الدائري الشرقي الذي يربط السودان بمصر، مما تسبب في توقف الحركة تماما.
مياه الأمطار والسيول وسد أربعات تغمر منطقة أربعات في ولاية البحر الأحمر.. والمواطنون يتوجهون إلى الجبال.#السودان #sudan pic.twitter.com/qnDUZuAvhf
— Ataf Mohamed عطاف محمد (@atafmohamed3) August 24, 2024
وكانت عاصفة قوية ضربت مدينة بورتسودان صباح السبت، مما أدى إلى تدمير الخيام التي تأوي النازحين بمراكز الإيواء بالمدينة، وفق ما أعلنت منصة الناطق الرسمي لحكومة السودان، على فيسبوك.
وأشارت المنصة إلى أن السيول قطعت الطريق الذي يربط بورتسودان بعدد من ولايات السودان، عند المنطقة بين العقبة وجبيت، الأمر الذي أسهم في تكدس المركبات السفرية بالطريق.
ومن جانبه، يشير المحلل السياسي، الطاهر إدريس، إلى أن مشرحة بورتسودان استقبلت أكثر من 60 جثة، من ضحايا انهيار سد أربعات.
وقال إدريس لموقع الحرة، من بورتسودان، إن عمليات الحصر مستمرة، مضيفا أن "فرق الإنقاذ والحصر لم تتمكن من الوصول إلى كل المناطق، لأن أغلبها محاصر بالمياه".
وأشار إلى أن المياه تحاصر عددا من القرى في منطقة مرافيت بمحلية عقيق بجنوب ولاية البحر الأحمر، مما يرجح ارتفاع حصيلة الأضرار والخسائر.
وأوضح أن المنطقة التي شهدت انهيار السد تضم المزارع التي توفر الخضراوات والفواكه لسكان مدينة بورتسودان، ولعدد كبير من مناطق ولاية البحر الأحمر.
وأورد موقع "سودان تربيون" الإخباري، نقلا عن مصادر محلية، أن خور بركة القريب من بورتسودان، شهد موجة فيضان عزلت محلية عقيق عن باقي مناطق ولاية البحر الأحمر.
إمام الدين هاشم بامكار، مواطن فى منطقة أربعات شمال بورتسودان، يروى حجم المأساة التى شهدتها ولاية البحر الأحمر وسط تجاهل حكومة بورتسودان بقيادة البرهان و جبريل.#انقذوا_السودان#KeepEyesOnSudan pic.twitter.com/FLCUNAMeF4
— أنقذوا السودان Save Sudan ???????? (@blackboy) August 25, 2024
وتوقعت وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية السودانية، استمرار هطول أمطار مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية وسيول حتى منتصف سبتمبر، وفق وكالة السودان للأنباء.
وحذرت منظمات محلية من تفشي الأمراض من جراء المعدلات العالية للسيول في عدد من الولايات السودانية، خاصة الكوليرا. في حين طالبت نقابة أطباء السودان برفع الاستعداد لمواجهة انتشار الوباء، بعد إعلانه رسميا.
وكانت وزارة الصحة السودانية، أعلنت الأسبوع الماضي، انتشار وباء الكوليرا في عدد من الولايات، خاصة ولايتي كسلا والقضارف بشرق البلاد، مؤكدة إصابة 354 شخصا، ووفاة 22 آخرين بالمرض.
والكوليرا عدوى حادة تنتج عن تناول طعام أو ماء ملوث ببكتيريا ضمة الكوليرا. ويتسبب المرض بالإسهال والجفاف الشديد الذي قد يؤدي إلى الوفاة خلال ساعات.
وكانت منظمة الصحة العالمية قالت في مايو الماضي، إن نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار، بينما تُدمر المرافق الصحية وتتعرض للنهب وتعاني نقصا حادا في الموظفين والأدوية واللقاحات والمعدات.
وقال المتحدث باسم المنظمة، كريستيان ليندميير، إن ما بين 20 إلى 30 بالمئة فقط من المرافق الصحية تعمل في السودان، منوها إلى أن أكثر تلك المرافق يعمل بالحد الأدنى.
وأشار ليندميير إلى أن الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 بالمائة من الاحتياجات، لافتا إلى أن بعض الولايات مثل دارفور "لم تتلق الإمدادات الطبية خلال العام الماضي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: ولایة البحر الأحمر مدینة بورتسودان فی السودان أدى إلى مما أدى إلى أن
إقرأ أيضاً:
الخطاب السياسي الذي أشعل الحروب في السودان
الخطاب السياسي لدولة السادس والخمسين منذ مجيئها إلى حيز الوجود، قبل إعلان (الاستغلال) ببضعة أشهر ساهم في اندلاع جميع الحروب، ابتداء من حرب الجنوب الأولى – تمرد توريت – وانتهاء بالحرب القائمة الآن، دشن السياسيون الشماليون خطاباً عدائياً تجاه نخب الجنوب السياسية، وتمركز التوجه العام لهذا الخطاب حول الكراهية العرقية والدينية والفرز الجهوي، واشتغلت الأجهزة الإعلامية والصحفية على ترميز الجنوب والجنوبيين على أساس أنها شعوب بدائية لم تبلغ الحلم، وبالتالي لابد من وجود كفيل يقوم برعايتها، استمر ذلك الخطاب طيلة مدة اشتعال حروب الجنوب الثلاث، وتم تغييب وعي المجتمعات الشمالية، فتبنت السردية المجحفة بحق شقيقهم شعب الأبنوس الجميل، فالحروب بالشرق الأوسط وافريقيا تندلع بدوافع التباينات الجغرافية والدينية والعرقية، فأخذ الجنوبيون حظهم من الفرز الوطني بحجة أن غالبهم يعتنق المسيحية، فعمل الخطاب السياسي للشمال المسلم ما في وسعه لقطع صلات التلاقي الاجتماعي بين الجهتين، ولا يجب أن ننسى الدور الفاعل الملعوب من الإدارة البريطانية، وقرارها ببذر بذور الشقاق وسياسة فرق تسد والمناطق المغلقة، ولكن، ما كان يجب على النخبة الحاكمة بعد ذهاب "الخواجة" أن تواصل فيما خلّفه المستعمرون من سياسات ظالمة، وأيضاً لا يستقيم منطقاً أن يكون هذا مبرراً للفاشلين من الحكام لإخفاقهم في حل مشكلة الجنوب.
تمددت الحرب شمالاً وغرباً لذات السبب – الخطاب السياسي الرافض للآخر والمشيطن له، وجميعنا يستحضر خطاب الدكتاتور عمر البشير بعد انفصال جنوب السودان، ووصفه لفترة حكومة الوحدة الوطنية (بالدغمسة) – عدم الوضوح، في إشارة لانعدام الإرادة الوطنية من جانبهم لاستكمال اهداف اتفاق السلام الشامل، والدكتاتور في حقيقة قوله يعني خروج الجنوب المسيحي، وبقاء الشمال (المسلم) خالصاً لأهله لإقامة (دولة الخلافة الراشدة)، متناسياً المسيحيين المتبقين بالشمال، فالخطاب السياسي الداعم لخط الانحياز الديني أدى لتقطيع الوطن إلى جزئين، مختلفاً عن الخطاب الموجه للسودانيين بعد تمرد دارفور حيث دق إسفين العروبة والأفريقانية، بين المكونين الاجتماعيين اللذين عاشا ردحاً من الزمن، في تماسك اجتماعي واقتصادي وسياسي، أما الخطاب المدشن بعد اندلاع الحرب بين الجيش المختطف من الحركة الإسلامية وقوات الدعم السريع، لم يجد منظروه بداً من وصف أفراد القوة العسكرية الشقيقة بأنهم غزاة أجانب، في مهزلة مضحكة للطفل قبل الشيخ الهرم، إذ كيف لرمز سيادة البلاد أن يكون سيّداً وأجنبياً في آن واحد؟، فالخطاب الأخير جاء غير مقنع لقطاعات عريضة من المجتمعات السودانية، وفضح الجذر المتأصل للمأساة الممتدة من بدايات تأسيس دولة السادس والخمسين، والذي عمل مصدروه بكل جهد لتفكيك وحدة البلاد واستمراء المضي قدماً في ذات الاتجاه السالب.
الفشل الكبير للخطاب السياسي المركزي عبر الحقب، ظهرت آخر مخرجاته في القفز على الواقع الداخلي وإصدار التهم للدول الجارة والشقيقة، التي تضامنت مع السودانيين في محنهم، فبعد أن أكدت الحرب المشتعلة بين الجيشين على سقوط السيادة الوطنية، وخروج الدولة من الفاعلية الإقليمية والدولية، بفقدانها لنظام الحكم الشرعي الذي كان قبل انقلاب أكتوبر، اصبح الجيش المختطف من جماعة الاخوان يتأرجح مثل الذي يتخبطه الشيطان من المس، في نهاية منطقية للاستمرار في توجيه هذا الخطاب الفطير داخلياً، والمحاولة اليائسة لتسويقه خارجياً، لقد صنع هذا الخطاب كادر حزبي وعسكري لا يعي أهمية العلاقات الدبلوماسية ولا الروابط الودية بين الشعوب، فأساء هذا الكادر للوشائج الأزلية بين السودان وجواره العربي والإفريقي، وعمّق الأزمة الوطنية ودولها وأقلمها، فزيادة على كارثة الحرب التي ما يزال المواطنون يدفعون ثمنها الباهظ، خلق توترات حدودية ودبلوماسية لا مبرر لها مع بلدان مباركة لمساعي الحل السلمي التفاوضي، ولها أياد بيضاء في ساحة العمل الإنساني السوداني، ومارس فوضوية في خلط الأوراق لدرجة أن المراقبين والمحللين والمسهّلين دخلوا في حيرة من أمرهم، جراء هذه المهزلة الحكومية التي ألمت بالسودانيين، والتي آخرها تلعثم مندوب جيش الاخوان وهو يقدم دعواه الباطلة أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com