عمر الدقير: نرحب بالالتزامات التي قطعها الطرفان فيما يخص حماية المدنيين
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
قال رئيس حزب المؤتمر السوداني “عمر الدقير” نرحب بالالتزامات التي قطعها الطرفان فيما يخص حماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية ونأمل أن يتم الوفاء بها.الجزيرة – السودانإنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
تجويع المدنيين جريمة حرب
منذ عصور قديمة كانت هناك رغبة بدافع ديني أو فلسفي لجعل الحرب أكثر إنسانية، وقد وردت أفكار لحكماء وفلاسفة صينيين قدماء (القرن الرابع والقرن الخامس قبل الميلاد) ، تحث علي احترام أعراف معينة في الحروب لمن لا يشاركون في الحرب والسعي نحو حرب نبيلة المقاصد والأخلاق، وقد كان أهم دافع لهؤلاء الفلاسفة هو حماية حياة الإنسان ، فمنذ ذاك الزمان والعالم يبحث عن سبل تخفيف معاناة الحرب على المدنيين وحماية وجودهم في الحياة ، ورغم قسوة تلك المجتمعات الا أنه كانت هناك أعراف صارمة متبعة في الحرب.
مع تطور الحياة الإنسانية وتطور الافكار والعلوم وظهور الاديان السماوية أصبح الحق في الحياة حقا انسانيا مكفولا في كل الشرائع السماوية وله ضمانات في القوانين الوضعية ، وهو أول حق في منظومة حقوق الإنسان العالمية، وحق الحياة محل التزام لكل الدول في مختلف الأحوال سلما وحربا خاصة للمدنيين.
وليكون حق الحياة موجودا علي أرض الواقع لابد من توافر عناصر مهمة منها توفير الأشياء الأساسية لحياة الإنسان وأهمها الغذاء ، وهذا يتطلب ثلاث نقاط جوهرية هي الوفرة ، وإمكانية توصيله للأشخاص المعنيين من السكان المدنيين ، وكذلك الكفاية بمعني أن يكفي حاجتهم للعيش .
تتعدد أساليب تجويع المدنيين في الحرب أما بتدمير مخازن الأغذية أو حرق أو إتلاف المحاصيل الزراعية في الأسواق والمطاحن والمخابز، أو عبر التحكم بفتح أو إغلاق سدود المياه أو شبكات الري أو بفرض حصار على المدن ومنع وصول المواد الغذائية أو الاغاثات والمساعدات الغذائية للمدنيين.
تجويع المدنيين كتكتيك حربي يستخدم منذ القدم فالتاريخ الإنساني حافل بالعديد من صور الحصار والتجويع للمدنيين وموتهم نتيجة الجوع بأعداد كبيرة، لذلك دعا المجتمع الدولي عقب الحرب العالمية الثانية إلى ضرورة إجلاء المدنيين ، أو علي الأقل يسمح لهم بمغادرة أماكن الاشتباك حماية لهم .
أما في العصر الحديث فهو محظور دوليا لأن القانون الدولي الإنساني يشمل جميع المدنيين بالحماية من الجرائم التي ترتكب بحقهم في الحروب دون أن يكونوا مشاركين فيها لكنهم يفقدون حياتهم بسببها، لذلك حظر العديد من الجرائم التي قد تقع عليهم ومنها تجويع المدنيين بحرمانهم من دخول المواد الغذائية ومنع وصول المساعدات الإنسانية حيث يعتبر دليلا كافيا علي قصد التجويع للمدنيين وبالتالي وقوع جريمة حرب.
و بما أن القانون الدولي الإنساني يجرم تجويع المدنيين و هذه القاعدة القانونية تستمد شرعيتها من مبدأ التمييز المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني عبر المادة 14 في البرتوكولين الاضافيين لعام 1977م وكذلك مادة 24 فقرة (2) التي تقر بحماية المدنيين وحظر تجويعهم .
وكذلك تنص المادة 2 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية علي أن إخضاع مجموعة بشرية عمدا لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئياً، ينطبق عليه مفهوم الإبادة الجماعية، هذه وجهة نظر قانونية أخرى إضافية بمعنى أن تجويع المدنيين قد يصنف جريمة إبادة جماعية أو قد يصنف جريمة حرب ، في الحالتين هي جريمة دولية يعاقب عليها القانون الدولي الانساني ويعتبر من يرتكبها أو يشارك فيها أو يحرض عليها مجرم حرب .
في 6 ديسمبر 2019م تم تعديل نظام روما الأساسي ليشمل التجويع المتعمد للمدنيين باعتباره جريمة حرب في النزاعات المسلحة غير الدولية، والقاعدة 156 من القانون الدولي الإنساني العرفي والتي تعتبر تجويع المدنيين وحرمانهم من الغذاء للبقاء علي قيد الحياة، جريمة حرب.
كما اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 24 مايو 2018م قرارا يدين استخدام تجويع المدنيين كأسلوب للحرب ، وكذلك منع وصول المواد الغذائية أو الاغاثات والاعانات التي لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة، ودعا جميع الدول الأعضاء إلى تجريم التجويع واعتباره جريمة حرب.
في كل الأحوال يلتزم القانون الدولي الإنساني بتوفير الحماية للمدنيين الذين يغادرون منطقة محاصرة أو الذين يجري إجلاؤهم منها طوعا لحمايتهم .
علي ضوء ما سبق نجد أنه مع استمرار المعاناة الناتجة عن الحرب في السودان، اتهم خبراء تابعون للأمم المتحدة مليشيا الدعم السريع الإرهابية باستخدام أساليب التجويع بحق المدنيين كأسلوب حرب مما يضاعف معاناة المدنيين ويقتل الأطفال وكبار السن .
إضافة إلى تجويع المحتجزين قسريا في سجون المليشيا، والأمثلة كثيرة، ذكرت منها بعض الحالات في صحيفة تايمز البريطانية حيث نشرت تقريراً مطولاً يسلط الضوء على الافراج عن العديد من الأسرى والمحتجزين قسريا في سجون المليشيا بعد انتصارات القوات المسلحة في ود مدني ، وكيف خرج الالاف من الأسرى في حالة صحية متردية وسوء تغذية وأنهم تعرضوا للضرب والتعذيب الوحشي والمعاملة القاسية ونتيجة لذلك مات منهم عدد كبير ، وأن الأسرى المفرج عنهم يحتاجون للرعاية الصحية والتغذية الصحيحة لتجاوز مرحلة سوء التغذية ، جميعهم يروون قصصاً يشيب لها الولدان من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والتجويع المتعمد مع إعطائهم (كوب صغير من العدس) فقط في اليوم، ومثله من الماء .
من جهة أخرى نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما حدث في مارس 2024 م حين احتجزت المليشيا شاحنات المساعدات الإنسانية المقدمة من (اليونسيف) وكانت في طريقها للفاشر للمساهمة في تخفيف الأزمة الغذائية والصحية في معسكرات النازحين خاصة بعد انتشار سوء التغذية بين الأطفال ، فقامت المليشيا بقطع الطريق على قوافل المساعدات الإنسانية و حشدت مرتزقتها عبر طريق مليط – الفاشر واستولت على المساعدات الإنسانية، ونددت اليونسيف بالواقعة واعتبرتها مخالفة للقانون الدولي الإنساني، العجيب في الأمر أن المليشيا نفسها هي مَن نشر الخبر عبر الوسائط الإعلامية !!
في يناير 2025م ونقلا عن وكالة الأنباء السودانية دشنت مفوضية العون الإنساني دخول شحنات مساعدات إنسانية من جمهورية الصين الشعبية تتمثل في (1200) طن من الأرز وجهت لعدد من الولايات التي تأثرت بالحرب ، وذكرت الأستاذة سلوى آدم بنية مفوضية العون الانساني في تصريح صحفي مشترك مع السفير الصيني تشاينغ شيانغ أن الشحنات تستهدف السكان المدنيين في عدد من الولايات إلا أنها وجهت اتهامات للمليشيا بتعمدها منع وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين واستخدام ذلك كسلاح في الحرب ضد المدنيين ، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حاسمة ضد المليشيا الإرهابية، والأمثلة كثيرة.
لكنها صورة أخرى من الصور القاتمة والمؤلمة وجريمة أخرى ضمن سلسلة جرائم الحرب التي ترتكبها المليشيا وهي تبحث كذبا عن (الديمقراطية) بين دماء الأبرياء وأرواح الأطفال .
د.إيناس محمد أحمد
إنضم لقناة النيلين على واتساب