لماذا يقل حرق الدهون عندما نصوم؟
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
اكتشف علماء من معهد سكريبس جزيئا تنتجه أمعاء الديدان المستديرة يُرسل إشارات إلى الدماغ لتبطئ فقدان الدهون عندما لا يكون الطعام متاحا. هذا العمل الجديد يساعد العلماء على فهم أفضل للتواصل المعقد بين الأمعاء والدماغ. كما قد يوضح السبب وراء أن الصيام (عدم تناول الطعام لفترات زمنية محددة) له فوائد تتجاوز عدد السعرات الحرارية التي يستهلكها الشخص.
على الرغم من أن الجزيء الذي تم تحديده في الديدان لم تتم دراسته بعد في البشر، إلا أنه قد يمنحنا فهما لما قد يحدث في أجسامنا. ويعمل آلاف العلماء بدوام كامل على دراسة بيولوجيا الديدان المستديرة في مختلف أنحاء العالم. وفي الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول 1994 ويناير/كانون الثاني 1995، ظهرت 73 مقالة علمية عن هذا المخلوق في مجلات علمية دولية.
إن الديدان المستديرة هي كائن بدائي إلى حد كبير، ولكنها رغم ذلك تشترك في العديد من الخصائص البيولوجية الأساسية التي تشكل مشاكل مركزية في علم الأحياء البشري. فالدودة المستديرة خلية واحدة تخضع لعملية معقدة من النمو، تبدأ بالانقسام الجنيني، وتمر عبر التشكل والنمو إلى أن تصل إلى مرحلة البلوغ. ولديها جهاز عصبي فيه "دماغ". وهي تظهر سلوكا، بل إنها قادرة على التعلم البدائي. وهكذا توفر الديدان المستديرة للباحث الحل الوسط المثالي بين التعقيد والقدرة على التعامل.
في صراع قد يبدو مألوفا لمتبعي الحميات الغذائية في كل مكان، كلما قلَّ ما تأكله الدودة المستديرة، قلَّ معدل فقدان الدهون لديها. الآن، اكتشف العلماء في معهد سكريبس السبب: جزيء صغير تنتجه أمعاء الديدان أثناء الصيام ينتقل إلى الدماغ ليعطل إشارة حرق الدهون خلال هذه الفترة. ونُشرت هذه النتائج في مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications) في 11 أغسطس/آب 2024.
تقول الدكتورة سوبريا سرينيفاسان، أستاذة علم الأعصاب في معهد سكريبس، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "لقد اكتشفنا أول مرة أن الصيام ينقل معلومات إلى الدماغ تتجاوز مجرد سحب السعرات الحرارية". وتضيف: "تجعلني هذه النتائج أتساءل عما إذا كانت هناك جزيئات تُنتَج في أمعاء الحيوانات الأخرى، بما في ذلك الثدييات، التي تفسر بعض النتائج الصحية المرتبطة بالصيام".
كيف تخبر الأمعاء الدماغ بما يحدث حولها؟عرف الباحثون أن الدماغ يتحكم في إنتاج وتحلل الدهون في البشر والثدييات الأخرى والكائنات الحية النموذجية مثل الدودة المستديرة. وفي عام 2017، حدَّدت مجموعة سرينيفاسان هرمونا في الدماغ يُعرف بـ"إف إل بي -7″ (FLP-7)، والذي يحفز حرق الدهون في أمعاء الدودة المستديرة. ومع ذلك، فإن ديدان المستديرة لا تحتوي على أعصاب حسية في أمعائها، لذلك عانى العلماء من تحديد مسار الاتصال العكسي: كيف تُرسل الأمعاء إشارات إلى الدماغ؟
تقول سرينيفاسان: "كنا نعلم أن تغيير الحالة الأيضية للأمعاء يمكن أن يُغيّر خصائص الخلايا العصبية في الدماغ، ولكن كان من الغامض كيفية حدوث ذلك بالفعل".
في هذا العمل الجديد، أزال سرينيفاسان وزملاؤها أكثر من 100 جزيء إشارات من أمعاء الديدان المستديرة، واحدا تلو الآخر، وقاسوا تأثيرها على إنتاج الدماغ لـ"إف إل بي -7″.
وجدوا أن أحد الجزيئات كان له تأثير كبير على "إف إل بي -7" وهو نوع من الأنسولين يُعرف باسم "آي إن إس 7" (INS-7) في البشر. ويُعرف الأنسولين بشكل رئيسي بأنه الهرمون الذي تنتجه البنكرياس للتحكم في مستويات السكر في الدم. ولكن جزيء الأنسولين الجديد كان يُنتَج بدلا من ذلك بواسطة خلايا الأمعاء ويؤثر أيضا على عملية الأيض عبر الدماغ.
وتتذكر سرينيفاسان قائلة، وفقا لموقع يوريك أليرت": "عندما اكتشفنا أول مرة أن هذا جزيء أنسولين، اعتقدنا أنه كان غير معقول. الأنسولين مدروس جيدا في الثدييات، ولم يكن هناك سابقة لجزيء أنسولين يلعب هذا الدور".
ومع ذلك، عندما بحثت المجموعة في كيفية تأثير "آي إن إس 7" على الخلايا الدماغية المنتجة لـ"إف إل بي -7″، وجدوا أنه لا يقوم بتنشيط مستقبلات الأنسولين -كما تفعل جميع جزيئات الأنسولين المكتشفة سابقا- ولكنه يعمل عن طريق منع مستقبلات الأنسولين. في المقابل، أدى هذا المنع إلى إطلاق سلسلة من الأحداث الجزيئية التي جعلت في النهاية الخلايا الدماغية تتوقف عن إنتاج "إف إل بي -7".
وتوضح سرينيفاسان: "جزيء "آي إن إس 7″ هو في الأساس إشارة تأتي من الأمعاء تُخبر الدماغ بعدم حرق المزيد من مخزون الدهون في الوقت الحالي لأنه لا يوجد طعام قادم".
وأظهرت دراسات سابقة أن فترات الصيام يمكن أن تؤثر على الجسم بطرق متنوعة، ولكن كانت الآليات التي تسبب هذه التغيرات غير واضحة. وتشير الدراسة الجديدة إلى طريقة يمكن أن ترسل بها الأمعاء الفارغة إشارات إلى الدماغ، وهذا قد يؤدي إلى مجموعة متنوعة من التأثيرات الصحية التي تتجاوز الدهون.
ماذا بعد؟تقول سرينيفاسان إن النتائج الجديدة تساعد في تفسير كيفية تواصل الدماغ والجهاز الهضمي في كلا الاتجاهين للتحكم في عملية التمثيل الغذائي بناءً على توفر الطعام. وهناك حاجة إلى مزيد من البحث للكشف عن المسارات المحددة المشاركة في إشارات جديدة من الأمعاء إلى الدماغ في الثدييات. ويمكن أن تُضاف الببتيدات المعوية الجديدة إلى فئة الأدوية الحالية التي تحاكي هرمونات الأمعاء، مثل سيماغلوتايد. كما تخطط سرينيفاسان لإجراء تجارب لاستكشاف كيفية تحفيز خلايا الأمعاء في الدودة المستديرة لإنتاج "آي إن إس 7" أثناء الصيام، وأنواع الخلايا الدماغية التي تتأثر بالجزيء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الدودة المستدیرة إلى الدماغ إف إل بی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
رمضان الفوائد وليس الموائد!
فلندع السياسة وغثاءها جانباً، ولنرحل قليلاً في روحانية الشهر الكريم وما يحمله من فوائد جمة للإنسان المسلم، وعلى مختلف المستويات الصحية والذهنية والاجتماعية والنفسية، وقبل هذا وذاك الجانب الروحي الذي يحتاج من الغذاء الخاص به، ما لا يقل عن احتياجات الجسد من الأكل والشرب وإشباع الغرائز.
-يقول الأطباء والمختصون أن عبادة الصيام -ومن وجهة نظر علمية بحتة- تعد من أهم الوسائل الفعالة جدا لإعادة شحن الدماغ، وتعزيز نمو وتطور خلايا دماغية جديدة، وشحذ القدرة على الاستجابة للمعلومات من العالم المحيط.. وأثبتت الدراسات العلمية، أن الصيام يجعل الدماغ أكثر قدرة على تحمل الإجهاد، والتأقلم مع التغيير، كما يحسّن المزاج والذاكرة ويعزّز من القدرة على التعلّم.
-في الجوانب الصحية، يوضح الأطباء أن الصوم يساهم بشكل كبير في تعزيز الوقاية ضد عدد من الأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، فهو يؤدي إلى إراحة الجهاز الهضمي، والتحكّم في الوزن، ويقلّل من ضغط الدم والكوليسترول، ويحسّن من وظائف القلب، ويساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم كما يحسن من مستوى حساسية الجسم للأنسولين، ويعمل على تحسين صحة الجهاز الهضمي والتخلص من السموم ويحسّن وظائف الدماغ، ويعزّز الذاكرة والتركيز.. ويساعد على مكافحة علامات الشيخوخة، كما يقلّل من التوتر والقلق.
-الحديث عن الفوائد والمنافع الصحية، التي تعود على الإنسان المسلم نتيجة أدائه فريضة الصيام كثير ومتشعب، ولا يمكن لمقال صحفي عابر أن يحيط بها علماً، وهي تحتاج كما يؤكد أصحاب الشأن إلى أبحاث ودراسات ومجلدات كما أن الكثير منها ما زال غامضا وربما يكشفه العلم وتطوراته التي تؤكد يوما بعد آخر كيف أن الخالق العظيم رؤوف بعباده رحيم بهم، حتى التكاليف التي يستثقلها البعض ويغفل عنها البعض الآخر تنطوي على منافع جمة للعباد أمّا هو سبحانه وتعالى غنيٌ عن العالمين.
– على المستوى النفسي والذهني يقول المختصون أن الصوم يساعد على الشعور بالراحة النفسية ويعلّم الصبر والتحكم في النفس ويلعب الدور الكبير في تحقيق السلام الداخلي والعمق الروحي، ويترك صفاء ورقة في القلب، ويقظة في البصيرة، ويزيد من مستويات التأثر بالذكر والعبادات وهي التي تُعد الغذاء الرئيس للروح.
– في الأخير كل هذه المنافع التي يأتي بها شهر الخير والحب والسلام قد تصبح في حكم العدم إذا لم يتجسد المسلم في أدائه الصيام الغايات والمقاصد والالتزام بالآداب والأهداف لهذه العبادة وأبدى الحرص الكافي على التزوّد من هذه القيم والمبادئ الروحية السامية لا أن يجعل منه كما يفعل البعض للأسف موسما للتخمة والنوم وفي تضييع وقته في التفاهات والسفاسف، والتفنن في إقامة الموائد واقتناء والتهام ما لا يحصى من أنواع الأطعمة والمأكولات، فعندئذ يكون الصائم من هذا النوع مصداقا لقول الرسول الكريم عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم” رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش”