انكشافٌ فاضحٌ لانحطاط الأنظمة العربية والغربية
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
يمانيون/عبدالرحمن المختار/
لم تكن حالةُ الضَّعْفِ والوَهَنِ والعجزِ والانحطاطِ التي عليها الأنظمةُ العربيةُ، وليدةَ اللحظة؛ وبمعنىً آخرَ لم تنشأْ هذه الحالةُ متزامِنةً مع تهديدِ وإرجافِ القوى الاستعمارية الغربية الشريكة للكيان الصهيوني بجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزةَ.
بل إن هذه الجريمةَ كشفت فقط عن حالةِ الانحطاط والعجز والوهن والضعف الموجودة مسبقًا في تكوُّنِ أنظمةِ الحُكم العربية، التي تُعَدُّ في مواجهة شعوبها ومواجهةِ بعضِها عنيفةً شديدةً صُلبةً متصلبة، لكنها في مواجهةِ القوى الاستعمارية الغربية شديدةُ الضعف والوهن، وهذه الحالةُ أَسَاسُها ابتلاءُ شعوب الأُمَّــة العربية منذ عقود، بنخب تولَّت مقاليدَ الحكم، اتصفت هذه النخب بالضعف الشديد في مواجهة القوى الاستعمارية الغربية؛ باعتبَار أن هذه القوى هي من نصَّبَ تلك النُّخَبَ على رأس الدول التي رسمت هي حدودَها، ونطاقاتِها الجغرافيةَ والديموغرافية.
وقد نتجَ عن الحالةِ السابقة تبعيةُ النخب الحاكمة بشكل كلي للقوى الاستعمارية الغربية وارتماؤها في أحضانها، وارتهانُها لها، ورهنُ مصيرِ ومستقبلِ شعوبِ الأُمَّــة بيدها، فاستعبدت تلك القوى الشعوبَ العربيةَ ونهبت ثرواتِها، وفتكت بأبنائها في مراحلَ متعددة، رغم أن ثرواتِ شعوبِ الأُمَّــة العربية تؤهِّلُها لتكونَ في الصدارة، وفي مركز السيطرة، لكن النخب الحاكمة في هذه الشعوب دفعت ثرواتِها ومواردَها ثمنًا لخزيها وذلها وضعفها وهوانها، بدلًا عن عزتها وكرامتها ومجدها وسموها ورقيها، وانتهى الأمرُ بتلك النخب لتكونَ مُجَـرَّدَ أدوات بيد القوى الاستعمارية الغربية تحَرِّكُها في الاتّجاه الذي يخدُمُ مصالحَها وأهدافها.
وقد استخدمت القوى الاستعماريةُ الحكامَ العربَ في قمعِ أية حركاتٍ أَو تحَرُّكاتٍ شعبيّةٍ مناهِضةٍ لأطماعِ وهيمنةِ هذه القوى، وما جرائمُ النظامِ الحاكم في العاصمةِ صنعاءَ خلالَ العقود الماضية بحق أبناء شعبنا في محافظة صعدةَ والمحافظات المجاورة لها على مدى ما يقرُبُ من عقد من الزمن خدمةً للقوى الاستعمارية الغربية، إلا شاهدٌ حيٌّ على مدى تبعية وارتهان أنظمة الحكم العربية للقوى الاستعمارية، واستعدادِها للفتك بشعوبها خدمةً لأهداف ومصالح تلك القوى الإجرامية، وما يجري اليوم في السودان من تدميرٍ لمقومات هذا البلد وقتل لأبنائه على أيدي المتصارعين، الذين تحَرِّكُهم القوى الاستعمارية الغربية، وعلى رأسها الإدارةُ الأمريكية إلا شاهدٌ آخر على خدمة القائمين على رأس أنظمة الحُكم العربية للقوى الاستعمارية، حتى لو كان الثمنُ التضحيةَ بمقدراتِ ومقوماتِ بلدانِهم، وسفكَ دماء شعوبهم.
ولم يقتصِرْ استخدامُ القوى الغربية لأدواتها من النخب العربية الحاكمة في قمعِ الشعوب لوأد أيةِ حركات مناهِضَةٍ في مهدها، بل إن تلك القوى الإجراميةَ استخدمت بعضَ الحكام العرب في مواجهة أية حكومة عربية أَو إسلامية وحصارها، إذَا كان توجُّـهُها مناهضًا للقوى الاستعمارية الغربية؛ فتعمل هذه القوى على تسليط أدواتِها لحياكة المؤامرات ضد الحكومات المناهضة لها، وافتعال الأزمات، وتأجيج الأوضاع الداخلية، والعمل على إسقاطها خدمةً للأجندات الإجرامية للقوى الاستعمارية الغربية.
ومع أن الأنظمةَ الحاكمةَ في الشعوب العربية تمتلكُ ترساناتٍ من مختلف صنوف القوة المسلحة برية وبحرية وجوية، لكن حكام هذه الأنظمة لا يجرُؤون؛ -بسَببِ ضَعفِهم وتبعيتهم وارتهانهم للقوى الاستعمارية الغربية- أن يرفعوا تلك الأسلحةَ في وجه الكيان الصهيوني الذي اقترف جريمةَ إبادة جماعية بحق إخوانهم من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزةَ؛ فمنذ عشرة أشهر وإلى اليوم لا يزالُ هذا الكيانُ المجرمُ يقترفُ أفعالَ تلك الجريمة.
ولم يقتصرْ موقفُ حكام الأنظمة العربية المُهينُ والمخزي على مُجَـرَّدِ الخِذلانِ لأبناء الشعب الفلسطيني، بل إن خزيَهم وانحطاطَهم تجاوز ذلك إلى ما هو أَحَطُّ وأخزى، حين قدَّموا للكيان الصهيوني المساعَدةَ بكل صورها دونَ خجلٍ أَو وجل أَو حياء من الله ورسوله، وتلك الدماء البريئة المسفوكة ظلمًا وعدوانًا والأشلاء الممزقة لطفولة غزة، ووصل القبحُ بحكام العار العرب وأنظمة الذل والانحطاط إلى تجاهل المآسي والآلام التي ألحقتها قوى الإجرام الصهيوغربية بأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حين يستقبل أُولئك الحكامُ بين الحين والآخر المجرمين بالابتسامات العريضة، والمبالَغة في الترحيب بزياراتهم والحفاوة والتكريم لهم في العواصم العربية!
وبجوارِ غزةَ جيشُ العار العربي المصري الذي لم يتردَّدْ لحظةً واحدةً في الاستجابة للمشارَكَةِ في العدوان على شعبنا اليمني دون وجه حق تحت مسمى التحالف العربي خدمةً للقوى الاستعمارية الغربية، رغم بُعد المسافة الجغرافية، لكن حين تعلَّق الأمرُ بغزةَ التي لا يفصلُه عنها سوى حائطٍ إسمنتي وبوابة حديدة، فَــإنَّه مع ذلك لم يكتفِ بحالة الجمود، وانعدامِ الحركة، بل الأسوأُ من كُـلّ ذلك أنه تجنَّد في خدمة القوى الصهيوغربية ووقَفَ حارسًا أمينًا على بوابة رفح لمنعِ دخول أية مستلزمات واحتياجات إنسانية، ناهيك عن سماحِه بدخول مستلزمات ووسائل المجاهدين التي تمكّنهم من الاستمرار في مواجهة كيان الاحتلال والإجرام الصهيوني.
ذلك هو حالُ جيوش الخزي والذل العار العربية، التي أُعِدَّت وجُهِّزت لتكونَ مُجَـرّدَ وسيلةٍ وأدَاةٍ بيد قوى الإجرام الاستعمارية الغربية، لتستخدمَها في قمعِ الشعوب وإسكاتِ أية تحَرّكات مناهضة لها، أَو استخدامها في مواجهة بعضِها في حالة الانقسامات الداخلية، المخطَّط لها من جانب القوى الاستعمارية، كما هو حاصلٌ اليومَ في السودان، أَو استخدامها في مواجهة جيوش أنظمة عربية أُخرى، أما أن تواجِهَ هذه الجيوشُ المخاطرَ الوجودية المحدقة بشعوب الأُمَّــة العربية فذلك حلمٌ بعيدُ المنال؛ وهو ما يعني أن الجيوشَ العربية التي يتجاوزُ تعدادُها البشريُّ تعدادَ سُكان الكيان الصهيوني، أصبحت هذه الجيوشُ عبئًا ثقيلًا على الشعوب العربية، وخطرًا حقيقيًّا يهدّدُ أمنَها واستقرارَها.
فقد أثبتت معطياتُ الواقع وبما لا يدع مجالًا للشك أن هذه الجيوش ليس لها أيُّ دور يُذكَرُ في دفع المخاطر الخارجية المحدِقة بشعوب الأُمَّــة العربية، بل على العكس من ذلك أصبحت هذه الجيوش تشكّل خطرًا داخليًّا مضافًا للمخاطر الخارجية الموجهة نحوَ الشعوب العربية من جانب القوى الاستعمارية الغربية، ومثلما تحولت الثرواتُ والموارد الطبيعية لشعوب الأُمَّــة من نعمةٍ إلى نقمة على هذه الشعوب، فكذلك الحالُ بالنسبة للجيوش العربية التي تمثل عاملَ خطورة عالية على الشعوب، بدلًا عن كونها عاملَ أمانٍ واستقرار لها، ولعل أبرزَ مثال على ذلك ما يتعرض له شعبُ السودان من مآسٍ وآلام؛ بسَببِ انقسام جيشِه، الذي يمثل مِن حَيثُ الأصل درعَ أمان لهذا الشعب في مواجهة أية مخاطر، أصبح هو ذاته الخطر الداهم عليه، فوسائلُه الدفاعية والهجومية أصبحت موجهةً إلى رؤوس وصدور المواطنين السودانيين، تنزع أرواحَهم وتدمّـر مأواهم، وتحرق مخزونَ غذائهم.
ولذلك فليس أمامَ شعوب الأُمَّــة العربية من خيارٍ إلا الاستيقاظ من حالة السبات ونفض غبار الذلة والخنوع والاستكانة، التي فرضها عليها حكامُها خدمةً لأهداف القوى الاستعمارية الغربية، واستمرارُ الشعوب العربية في حالتها الراهنة، يعني أن كُـلَّ شعب ينتظرُ دورَه ومصيرَه المحتومَ ليُقضَى عليه منفردًا، وفي هذه الحالة، وبكل أسف، لن يختلفَ حالُ هذه الشعوب عن حال قطيعِ الأغنام في حظيرةِ الجزّار، الذي يذبح كُـلَّ يومٍ حاجة المشترين للحومها.
أما الأنظمةُ الغربية فالأصلُ أنها مفضوحةٌ، وأساليبُها الإجرامية مكشوفة، تدركُها شعوبُ الأُمَّــة العربية، لكن حالة الاستضعاف والقمع الذي تعرضت له طيلة عقود من الزمن ثبطت هذه الشعوب عن التحَرّك متأثرة بحالة القمع والتضليل وتزييف الوعي، التي كرسها علماء الحكام والتي أَدَّت إلى تدجين الشعوب تحت عناوينَ دينيةٍ زائفة بطاعة متعلقة بولي الأمر، والابتعاد عن إثارة الفتن، ومع ذلك، ورغم كُـلّ ذلك، فشعوبُ الأُمَّــة العربية حيةٌ من حَيثُ الأصل، وقابلةٌ للنهوض، ويمكنها مواجهةُ أعدائها، وشاهدُ الحال على ذلك السيد القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- الذي تحَرّكَ مناهِضًا للقوى الاستعمارية الغربية وعلى رأسِها الإدارة الأمريكية، ومواجِهًا أدواتِها في الداخل والمحيطِ الإقليمي، وفي ظل ذلك الخضم القاتم.
ورغم كُـلّ الصعوبات والإشكاليات تمكّن خلال فترة وجيزة من استعادة ما غيبه الحكام من وعي الأُمَّــة خدمةً لأعدائها، وبارتقائه شهيدًا في سبيل الله “سُبحانَه وتعالى”، كان جهده وسعيه المشكور، قد أثمر ثمرة يانعة، حين وثب حَمَلَةُ مشروعه الإيمَـاني التنويري التحرّري النهضوي بقوة، بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، فعندما نهضوا بمسؤوليتهم الإيمَـانية مكّنهم اللهُ “سُبحانَه وتعالى” من أدوات القوى الاستعمارية في الداخل والمحيط الإقليمي، وسيمكّنهم الله “تعالى” القادرُ على كُـلّ شيء من القوى الاستعمارية ذاتها، بعد أن أصبحوا اليومَ في مواجَهةٍ مباشرةٍ معها.
وبفعلِ انكشافِ القوى الإجرامية الاستعمارية في عقر دارها، وانفضاحِ زعمها وزيفها وتضليلها خلال العقود الماضية، بحماية حقوق الإنسان حول العالم، وتحديدًا في المنطقة العربية من التعسُّفِ بها من جانب الحكام المستبدين، حسب زعمها، وقد لقي ترويجها المضلِّل الزائف قُبُولًا لدى شعوبها، التي كانت فخورة بأنظمتها حامية حقوق الإنسان، وقد تكرست هذه القناعةُ لدى غالبية الشعوب الغربية، لكن هذه القناعة المبنية على زيفِ وتضليلِ تلك الأنظمة اصطدمت بسلوكها على أرض الواقع في قطاع غزة، فانكشف لهذه الشعوب ما سبق لأنظمة حكمها أن كرَّسته في ذاكرتها من قناعات وهمية زائفة مضلِّلة عن حمايتها لحقوق الإنسان؛ فالشعوب -وهي تشاهدُ أفعالَ الإبادة الجماعية في قطاع غزة التي أغلب ضحاياها الأطفالُ والنساءُ وكِبارُ السن- أدركت يقينًا مدى انخداعها خلال العقود الماضية، فتحَرّكت في احتجاجات شعبيّة واسعة رافضة إفراط أنظمتها الحاكمة في الوحشية والهمجية، التي أهدرت بها أسمى حَقٍّ من حقوق الإنسان في قطاعِ غزةَ وهو الحَقُّ في الحياة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشعوب العربیة ــة العربیة فی قطاع غزة هذه الجیوش هذه الشعوب العربیة من فی مواجهة العربیة ا التی أ
إقرأ أيضاً:
فلسطين بريئة لهذه الأسباب
#فلسطين_بريئة لهذه الأسباب _ #ماهر_أبوطير
لا يوجد قضية تم توظيفها لظلم الشعوب مثل قضية فلسطين، وكل نظام عربي ظالم يريد سحق شعبه والاستمرار في حكم شعبه، أو تدمير مصالحه يتدثر ويتغطى بفلسطين وأهل فلسطين.
هذا الكلام نراه في نماذج وأمثلة عربية كثيرة منذ الأربعينيات حتى يومنا هذا، وفلسطين لدى بعض الأنظمة العربية القائمة أو البائدة مجرد عنوان لتحسين السمعة، أو شد أعصاب الداخل نحو خطر يتعلق بفلسطين، وهو شد زائف يستهدف النيل من حقوق أي شعب عربي.
أنظمة عربية مختلفة رفعت شعار تحرير فلسطين، بعضها كان صادقا ودفع ثمن صدقه، وبعضها الآخر كان كاذبا منذ اليوم الأول، ولربما هذا الكاذب قدم خدمات جليلة لإسرائيل.
ما علاقة فلسطين بإضاعة ثروات شعوب عربية مثل العراقيين والسوريين والمصريين وغيرهم في مراحل قديمة وجديدة، وما علاقة فلسطين بانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها بعض الأنظمة حين تعتبر أن كل ناقد وصاحب رأي يهدد المجهود الحربي لتحرير فلسطين، فيتم الانتقام منه بوسائل مختلفة، والعنوان الكاذب هو فلسطين في حالات كثيرة، بما أدى إلى الزج بشعوب عربية في معارك ومحارق، حتى صدقت بعض هذه الشعوب أنه لولا فلسطين لما تعرضوا إلى كوارث كبرى، بل إن بعض الشعوب انتقمت من الفلسطينيين ذاتهم الذين يعيشون بينهم باعتبارهم سبب البلاء، وهذا أمر شهدناه في أكثر من دولة عربية خلال العقود الماضية.
تخيلوا أن أبشع فرع أمني في سورية مثلا، يتم فيه سفك دماء الفلسطينيين كان يسمى فرع فلسطين، حتى يصل الناس الى مرحلة يتمنون فيها حرق فلسطين من شدة المظالم التي تقع عليهم في هذا الفرع الأمني الدموي، والذي سمي هكذا لأنه كان حلقة وصل بين النظام السوري السابق والتنظيمات الفلسطينية في سورية، لكن المؤلم ان يخرج الضحايا اليوم ليحكوا لك عن معاناتهم في فرع فلسطين، وكأن الاسم المقدس، أصبح عنوانا للظلم والإذلال والقتل.
مقالات ذات صلة تبيان الخيط الأبيض من الأسود 2024/12/18في السياق ذاته تورطت تنظيمات فلسطينية في دول مختلفة في العراق، وسورية، ولبنان، وربما دول ثانية بالتبعية للأنظمة الحاكمة في تلك الدول، مقابل الإقامة والدعم المالي والعسكري، وتورط بعضهم في أعمال عسكرية ضد شعوب تلك الدول، وهي أعمال لا علاقة لها بفلسطين أساسا لكنها خدمة للنظام الظالم، وهكذا تشوهت سمعة الفلسطينيين لدى بعض الشعوب العربية، حين تدخلت بعض هذه التنظيمات بأزمات داخلية، في سياقات مختلفة، بعضها كان ظاهره وطنيا، وبعضها الآخر كان خدمة لطرف ما، وبعضها من باب رد الفعل، لكن الأهم أن فلسطين تم الزج بها بحروب مدنسة، لا علاقة لها بفلسطين، ولا تحرير فلسطين، فوق ما تفعله إسرائيل من اختراقات لهذه التنظيمات بهدف تفكيكها، أو توريطها في حروب أهلية في دول عربية لغايات محددة.
لم ينجز أي نظام رسمي اختبأ تحت مظلة فلسطين، على شكل حزب حاكم، أو عنوان ثوري، أو أي طريقة، أي إنجاز، بل على العكس ثبت أن فلسطين مجرد عنوان يتم التزين به، فلا فلسطين عادت، ولا الأشقاء العرب الذين تم حكمهم بالحديد والنار عاشوا، حتى أن بعضهم يظن أن أزمته المالية الخانقة كانت بسبب حروب مثل 1973، وما سبقها من حروب، في سياقات تغذية الأنظمة لرواية الهزيمة، والبحث عن أكتاف لتحميلها مسؤولية النتيجة.
لو نطقت فلسطين، لما قبلت ظلم أي إنسان عربي، باسمها، أو شن حروب خاسرة مسبقا باسمها، أو تضييع موارد أي بلد باسمها، فهي لم تطلب ذلك وهي أيضا بريئة من مهازل النظام الرسمي العربي الذي يبحث عن شرعيات لتبرير إخفاقاته، أو هزائمه، أو جوره وظلمه.
ولولا الملامة والعتب والغضب ربما، لدخلنا بالتفاصيل، حالة تلو حالة، لكن الطريق إلى فلسطين لا يمكن أن يمر عبر مظالم الأشقاء العرب، حيث لا يجتمع الجور مع العدل.
فلسطين تجارة لأنظمة وأحزاب وجهات وأشخاص، عدا الأطهار حقا.
الغد