من المقرر أخيرا أن تصل أول عشرة آلاف جرعة من لقاح جدري القردة الأسبوع المقبل إلى إفريقيا حيث تسببت سلالة جديدة خطيرة من الفيروس التي أصابت الناس لعقود، في إثارة القلق العالمي.

وقال ستة من مسؤولي الصحة العامة والعلماء إن التأخير في وصول اللقاحات التي تم توفيرها بالفعل في أكثر من 70 دولة خارج إفريقيا، أظهر أن الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19 بشأن عدم المساواة في الرعاية الصحية العالمية كانت بطيئة في إحداث التغيير.

ومن بين العقبات أن منظمة الصحة العالمية لم تبدأ رسميا إلا هذا الشهر في تنفيذ العملية اللازمة لمنح البلدان الفقيرة إمكانية الوصول بسهولة إلى كميات كبيرة من اللقاحات من خلال الوكالات الدولية. وقال العديد من المسؤولين والعلماء لوكالة "رويترز" إن ذلك ربما كان منذ سنوات.

جدري القردة هو عدوى قاتلة محتملة تسبب أعراضا تشبه أعراض الأنفلونزا وإصابات مليئة بالصديد وتنتشر من خلال الاتصال الجسدي.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عالمية في 14 أغسطس بعد أن بدأت السلالة الجديدة، المعروفة باسم clade Ib، في الانتشار من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول الإفريقية المجاورة.

وردا على أسئلة وسائل الإعلام حول التأخير في نشر اللقاح، قالت وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة يوم الجمعة، إنها ستخفف بعض إجراءاتها في هذا الشأن في محاولة لتسريع وصول  لقاحات جدري القردة إلى الدول الفقيرة

شراء اللقاحات الباهظة الثمن بشكل مباشر أمر بعيد المنال بالنسبة للعديد من البلدان الفقيرة، وهناك نوعان رئيسيان من لقاحات جدري القردة، تصنعهما شركة Bavarian Nordic الدنماركية وشركة KM Biologics اليابانية، وتبلغ تكلفة لقاح Bavarian Nordic مئة دولار للجرعة الواحدة، وسعر لقاح KM Biologics غير معروف بعد.

لقد أجبر الانتظار الطويل للحصول على موافقة منظمة الصحة العالمية على قيام الوكالات الدولية بشراء وتوزيع اللقاح، الحكومات الإفريقية الفردية ووكالة الصحة العامة في القارة (مراكز إفريقيا لمكافحة الأمراض والوقاية منها) على طلب التبرع باللقاحات من الدول الغنية بدلا من ذلك.

وهذه العملية المرهقة مهددة بالانهيار كما حدث من قبل، إذا شعر المانحون أنهم يجب أن يحتفظوا باللقاح لحماية شعوبهم.

وتم التبرع بأول 10 آلاف لقاح في طريقها إلى إفريقيا من صنع شركة Bavarian Nordic من قبل الولايات المتحدة، ولم يتم توفيرها من قبل منظومة الأمم المتحدة.

وقالت هيلين ريس، عضو لجنة الطوارئ التابعة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في إفريقيا والمديرة التنفيذية لمعهد أبحاث RHI التابع لجامعة ويتس في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، إنه "من الفاضح حقا" أنه بعد أن كافحت إفريقيا للوصول إلى اللقاحات أثناء جائحة كوفيد، تخلفت المنطقة مرة أخرى عن الركب".

وفي عام 2022، بعد انتشار سلالة مختلفة من فيروس الجدري خارج إفريقيا، أعادت الحكومات استخدام اللقاحات في غضون أسابيع، وحصلت على موافقة الجهات التنظيمية واستخدمت في حوالي 70 دولة ذات دخل مرتفع ومتوسط لحماية الأشخاص الأكثر عرضة للخطر.

وقد وصلت هذه اللقاحات الآن إلى 1.2 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها، وفقا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. ولكن لم تتوفر أي لقاحات في إفريقيا خارج التجارب السريرية، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو أن اللقاحات كانت بحاجة إلى موافقة منظمة الصحة العالمية قبل أن تتمكن مجموعات الرعاية الصحية العامة، من شرائها.

عن روسيا اليوم

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: منظمة الصحة العالمیة جدری القردة

إقرأ أيضاً:

كيف تحول إسرائيل معبر رفح إلى سلاح سياسي وتحاصر الجرحى بآلية معقدة؟

 

الثورة / متابعات

ينتظر الطفل عبدالعزيز عامر بفارغ الصبر أن يعاد فتح معبر رفح كي يتمكن من السفر لتلقي العلاج في الخارج.
أصيب عامر (14 عاما) بجروح بالغة في أفقدته إحدى ساقيه، فيما تهدد شظاها صاروخية قدرته على المشي إذا ما تحركت من مكانها.
تقول والدته إن طفلها يحتاج إلى طرف صناعي، والأهم من ذلك عملية جراحية دقيقة لإزالة شظايا عالقة قرب النخاع الشوكي، مشيرة إلى أن الأطباء أخبروها بأنهم لا يملكون أي إمكانيات لإجراء تلك العملية داخل قطاع غزة، لعدم توفر الأجهزة والمعدات الطبية، عوضا عن النقص الحاد الذي تواجهه في مستلزمات العمليات من أدوية ومستهلكات طبية.
ويعيش المرضى والجرحى في قطاع غزة بين فكي المرض والحصار، وسط آمال معلّقة على ورقة تحويل طبي قد تفتح لهم طريق السفر، لكن قرار رئيس حكومة الإحلال بالإبقاء على المعابر مغلقة، يجعل الوقت سيفاً على رقابهم.
وأوعز رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعدم فتح معبر رفح الحدودي حتى إشعارٍ آخر، في خطوة تهدد حياة آلاف الجرحى والمرضى.
وقال مكتب نتنياهو، إن إعادة فتح المعبر ستُبحث فقط وفق الطريقة التي ستنفّذ بها حركة حماس الجزء المتعلق بها من الاتفاق، والمتمثل في إعادة جثامين الأسرى الإسرائيليين وتنفيذ التفاهمات الأخيرة، رغم تأكيد الحركة في أكثر من مناسبة أنها سلّمت جميع الجثامين التي تمكنت من العثور عليها.
وجاء القرار الإسرائيلي عقب إعلان السفارة الفلسطينية، أمس السبت، عن إعادة فتح معبر رفح اعتبارًا من يوم غد الاثنين، وذلك بعد إغلاق تام للمعبر منذ مايو 2024.
وتُقدّر وزارة الصحة في غزة وجود عجز دوائي خطير داخل مستشفيات القطاع، إذ وصلت 47% من الأصناف الدوائية إلى الصفر، إضافة إلى نفاد 65% من المستهلكات الطبية، وأكثر من 53% من أدوية الأمراض المزمنة، ما يجعل علاج أصحاب الأمراض المزمنة والأمراض السرطانية، والمصابين بجروح خطرة شبه مستحيل في مستشفيات القطاع.
وفي ظل هذا الانهيار، لم يعد أمام آلاف المرضى سوى انتظار السفر للعلاج خارج القطاع، لكنهم يجدون أنفسهم محاصرين بآلية معقدة تتحكم فيها إسرائيل مباشرة.
آلية عقيمة
وأفاد مدير وحدة المعلومات الصحية في وزارة الصحة في قطاع غزة، زاهر الوحيدي، بأن أكثر من 17 ألف مريض وجريح في القطاع بحاجة ماسة إلى السفر لتلقي العلاج في الخارج، من بينهم مئات الحالات الطارئة.
وأشار إلى أن استمرار إغلاق المعابر يحرم هؤلاء من العلاج، في وقتٍ تشهد فيه المراكز الصحية تدهورًا خطيرًا في الخدمات والإمكانات الطبية.
وأوضح الوحيدي أن من بين المرضى المنتظرين للسفر 322 حالة إنقاذ حياة و2851 حالة عاجلة للغاية، مؤكدًا أن أكثر من 662 مريضًا فقدوا حياتهم وهم بانتظار استكمال تحويلاتهم الطبية.
وأضاف أن دور وزارة الصحة يقتصر على استكمال الإجراءات الطبية، وعرض الملفات على اللجنة المختصة، ثم إرسال الكشوف إلى منظمة الصحة العالمية التي تتولى التنسيق مع الجانب الإسرائيلي والدول المستضيفة.
ووصف الوحيدي هذه الآلية بأنها “عقيمة”، لأنها لا تسمح بخروج سوى 20 إلى 30 مريضًا كل أسبوعين أو ثلاثة، مشيرًا إلى أنه منذ أكثر من شهر لم يُسمح بالسفر إلا للأطفال، ولم يتجاوز عددهم 50 طفلًا في الشهر الواحد.
وبيّن أن أوضاع المرضى والجرحى تتدهور يومًا بعد يوم نتيجة طول الانتظار، موضحًا أن العديد من الحالات التي كانت تحتاج إلى تدخلات جراحية بسيطة أصبحت الآن تحتاج إلى عمليات معقدة.
تعميم الأزمة الإنسانية
كما أشار الوحيدي إلى أن جميع مرضى الأورام تدهورت أوضاعهم بسبب غياب بروتوكولات العلاج المنتظمة ونفاد الجرعات الدوائية الأساسية، مؤكدا أن العجز الدوائي يهدد حياة مرضى الأورام والكلى، ويحرم الأطفال من التطعيمات الأساسية، مما ينذر بـ كارثة صحية وشيكة إذا استمر الوضع الراهن.
وناشد الوحيدي المنظمات الدولية كافة، وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، التدخل الفوري والعاجل لفتح المعابر، وإدخال الأدوية والأجهزة الطبية اللازمة، وتمكين المرضى من السفر لاستكمال علاجهم قبل فوات الأوان.
بدوره، اتهم مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة الاحتلال بالسعي لتعميم الأزمة الإنسانية، مؤكدا أن مماطلة إسرائيل وعدم فتح المعابر يعكس تجاهلًا واضحًا للالتزامات الإنسانية.
وحذر من تلاعب قرار نتنياهو بمصير آلاف الجرحى والمرضى، خاصة وأن نحو 17 ألف جريح و10 آلاف مريض بالسرطان بحاجة ماسة للسفر لتلقي العلاج.
تسارع معدل الوفيات
في حين، وثقت منظمات طبية وهيئات صحية فلسطينية، وفاة مئات الأطفال وهم ينتظرون الإجلاء الطبي، بحسب ما نشرته رويترز.
وذكرت منظمة الصحة العالمية، التي تولت إدارة العملية العام الماضي، أن 740 شخصا، بينهم 137 طفلا مدرجون في القائمة، توفوا منذ يوليو/ تموز 2024.
وأوضحت المنظمة لرويترز أن من بين هؤلاء طفلة اسمها جنى عياد توفيت بسبب سوء التغذية الحاد في سبتمبر، مضيفة أنه لم توافق أي دولة على استضافتها.
ووفق منسق مشروع الإجلاء الطبي بمنظمة أطباء بلا حدود، هاني اسليم، فإن 19 من مرضى المنظمة المدرجين في قائمة الإجلاء استشهدوا خلال الحرب، بما في ذلك 12 طفلا.
وتابع قائلا: “إنه لأمر مؤلم حقا رؤية ملفات هؤلاء المرضى، والتواصل المباشر مع هؤلاء الأطفال، ثم تعلم أنك فقدتهم بسبب كل هذه التحديات والصعوبات”.
وأضاف اسليم لرويترز أن رفض سلطات الاحتلال حال دون إجلاء المرضى. ولم تستجب وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق لطلب للتعليق. وسبق أن قالت إن الموافقات تخضع لفحوصات أمنية.
وقالت كيت تيكس المحامية في منظمة “أطفال لا أرقام”، وهي مؤسسة خيرية مقرها بريطانيا تعمل في غزة وتشرف على حالات أطفال بحاجة إلى الإجلاء، إن “معدل الوفيات يرتفع بشكل مأساوي، كما هو متوقع في ضوء تدمير المنظومة الصحية والبنية الأساسية”.
ويمر نظام التحويل الطبي بمراحل، تبدأ من المستشفيات حيث تقر لجنة طبية الأولويات، ثم تُرسل الملفات إلى منظمة الصحة العالمية للتنسيق مع الدول المستضيفة والجهات الإقليمية، لكن المرور النهائي يتطلب موافقات إسرائيلية أمنية وعملية على المعابر، مما يُحوّل العملية إلى عنق زجاجة سياسي/أمني وبطء مُدمّر.
وكانت التحويلات الطبية في السابق نافذة نجاة لمرضى غزة، إذ اعتاد آلاف المرضى سنوياً على التوجه إلى مستشفيات القدس والضفة الغربية، أو إلى مصر والأردن، لإجراء العمليات المعقدة، أو الخضوع لعلاجات غير متوفرة محلياً، غير أن الحرب الإسرائيلية المستمرة غيّرت المعادلة جذرياً، إذ أُغلق معبر رفح منذ مايو 2024، وأصبح معبر كرم أبو سالم هو المنفذ الوحيد المتاح، لكن بشروط مشددة.

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: أكثر من 500 شخص ماتوا جوعا في غزة منذ بداية 2025
  • إبعاد كبير مفاوضي الصين من تمثيلها في منظمة التجارة العالمية
  • “الصحة العالمية”: ترسل إمدادات طبية لقطاع غزة
  • كيف تحول إسرائيل معبر رفح إلى سلاح سياسي وتحاصر الجرحى بآلية معقدة؟
  • الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي يوقعان اتفاقاً لدعم التحول الرقمي لأنظمة الصحة في إفريقيا جنوب الصحراء
  • وزيرا الطيران والخارجية يبحثا الدور الفاعل لمصر داخل منظمة الإيكاو ومشاركتها في صياغة المبادرات العالمية
  • ناميبيا ترصد بؤرة لتفشي جدري القردة
  • السيسي: إفريقيا تواجه أخطر تداعيات التحولات العالمية
  • الصحة العالمية: يجب زيادة المساعدات إلى غزة
  • صحة الوادي الجديد تنشر أماكن تلقي لقاح الأنفلونزا الموسمية