الخليج الجديد:
2024-10-05@06:45:19 GMT

مواجهة عودة الاستعمار

تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT

مواجهة عودة الاستعمار

مواجهة عودة الاستعمار

هل من هبات غضب تزيل هذا الغبار الخانق وتحرر الغالبية الساحقة من شعوب العالم من هيمنة قلة أنانية استعمارية لا أخلاقية؟

تدخل الدول الاستعمارية ما كان لينجح ويخلق الفوضى في كل مكان ويهين كل تلك الشعوب لولا وجود الفراغ السياسي والأمني والاقتصادي.

الاستعمار الغربي لا يخجل من أفعال ماضيه ولا من أفعال حاضره، ولا يعرف حدودًا لتدخلاته في شؤون الغير وأطماعه في الاستيلاء على كل خيرات وثروات الآخرين.

يوميا تعلن أمريكا بلا خجل ملاحظات وتهديدات وترسل الوفود لتشعر الآخرين بأن حل أي موضوع يجب أن يمر من خلالها أولاً وإلا فلن يصل قط إلى أي حل.

ما دخل أمريكا في كل أمر داخلي في دول آسيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا حيث توجه وتهدد وتعاقب وتتآمر على كل محاولة استقلالية، حتى ولو كانت ديمقراطية؟

عقلية متجذرة بمؤسسات دول الاستعمار تفسر ما نراه ببلاد العرب من سيطرة سياسية وأمنية استخباراتية وعسكرية تؤكد أن حقبة الاستعمار تعود أقبح وأخطر وبتسهيلات داخلية وإقليمية أسهل وأيسر.

* * *

لقد ظنت الأجيال السابقة بأن دحر الاستعمار وإخراجه من أوطانها سينهي الحقبة الاستعمارية وسينقل تلك الأوطان إلى رحاب حرية الاستقلال الوطني والقومي.

لكن الاستعمار، وجله تقريباً هو استعمار غربي من قبل أمريكا وبعض دول أوروبا، لا يعرف الخجل من أفعال ماضيه ولا من أفعال حاضره، ولا يعرف لأطماعه وتدخلاته في شؤون الغير وتذكيرهم بتميز وهيمنة حضارة الغرب الكونية الأبدية على حضاراتهم المتخلفة في كل مجال… لا يعرف حدوداً لأطماعه في الاستيلاء على كل ذرة من خيرات وثروات الآخرين.

هذه العقلية المتجذرة في أنظمة حكم ومؤسسات اقتصاد دول الاستعمار هي التي تفسر ما نراه أمامنا، هنا في بلاد العرب وفي بلدان الآخرين، من مشاهد سياسية وأمنية استخباراتية وعسكرية تذكرنا يومياً بأن حقبة الاستعمار السابقة تعود بصور أقبح وبمخاطر أشد وبتسهيلات داخلية وإقليمية أسهل وأيسر وأقل كلفة.

وإلا كيف تسمح فرنسا لنفسها أن تغضب وتهدد بالتدخل العسكري وبشتى أشكال العقاب الإقتصادي والمالي تجاه حدث محلي في دولة النيجر بأفريقيا وهو لا يخصها ولا يقع تحت مسؤولياتها القانونية؟

والسبب في واقعه ليس حباً في شعب ذلك البلد الفقير المستباح وإنما طمعاً في الاستحواذ الاستغلالي الأبدي لثروات اليورانيوم وغيرها الموجودة في ذلك البلد.

وإلا أيضاً كيف تسمح فرنسا لنفسها للتصرف في الشأن السياسي والمالي اللبناني الداخلي، وكأنها هي التي تحكم وهي التي مازالت متواجدة في مستعمراتها القديمة؟

وإلا كيف تسمح أمريكا لنفسها أن تدير الشأن الفلسطيني واليمني والليبي والسوري والعراقي والسوداني والمصري والخليجي والمغربي وكأن كل تلك البلدان هي ولايات أمريكية خاضعة لسلطة الحكم في واشنطن؟

يومياً تعلن بدون خجل الملاحظات والانتقادات والتهديدات، ويومياً ترسل الوفود لتشعر الآخرين بأن حل هذا الموضوع أو ذاك يجب أن يمر من خلال واشنطن أولاً وإلا فإنه لن يصل قط إلى أي حل.

كما فعلوا مثلاً بمباحثات أوسلو الشهيرة حين سرقوا الموضوع الفلسطيني من الأمم المتحدة وأبقوه في أيديهم الملطخة بظلم شعب فلسطين، وبمصالح اللوبيات الصهيونية المالية في كل مكان، وبكل ممارسات عرفها الاستعمار طيلة تاريخه.

وإلا أيضاً فما دخل أمريكا في كل أمر داخلي في كل دول آسيا ودول أمريكا الجنوبية وحتى في أوروبا حيث تخيط وتبيط وتوجه وتهدد وتعاقب وتتئآمر على كل محاولة استقلالية، حتى ولو كانت ديمقراطية؟

تدخل تلك الدول الاستعمارية، مما ذكرنا ومما لم نذكر، ما كان لينجح ويخلق الفوضى في كل مكان ويهين كل تلك الشعوب لولا وجود الفراغ السياسي والأمني والاقتصادي الذي سمحت بوجوده أنظمة حكم ضعيفة في الداخل ومشوشة في محيطها الإقليمي وغير مشاركة لمجتمعاتها المدنية في اتخاذ القرارات وفي حمل المسؤولية.

وكمثال على ذلك ما أصاب الجامعة العربية في وطن العرب، ومجلس التعاون في الخليج العربي، والاتحاد المغاربي في بلدان المغرب العربي ومنظمة التعاون الإسلامي المتفرجة.

لا يعرف الإنسان إذا كان رؤساء كل تلك الدول المستباحة يدركون مدى وشدة التاثيرات المدمرة لنفوس وعقول الشعوب، والذي يقودها إلى الشعور بالدونية والعجز، كلما تصحوا تلك الشعوب يومياً لترى وتسمع عن تلك التدخلات الاستعمارية بينما تظل الساحات بدون من يرفضون أو يدعون للتكاتف لمواجهة تلك الظاهرة المضحكة المبكية، لكأن الشلل أو اللامبالاة قد أصابا تلك الأنظمة عبر القارات كلها.

لسنا في حاجة لمن يذكرنا بهذه المحاولة المحدودة أو تلك، فذلك لن يكفي ولا يليق بإنسانية شعوب كل تلك البلدان في هذا العصر البليد المختطف الذي أفرغت كل طاقاته لتنحبس في ملاعب الرياضة ومهرجانات الغناء المسطح المبتذل والركض وراء الاستهلاك الطفولي النهم وقبول كل أنواع الشذوذ والانحطاط الأخلاقي.

هل من هبات غضب تزيل هذا الغبار الخانق وتحرر الغالبية الساحقة من شعوب العالم من هيمنة قلة أنانية استعمارية لا أخلاقية؟

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الاستعمار التدخل أوروبا أمريكا فرنسا الاستقلال الفراغ السياسي الجامعة العربية لا یعرف کل تلک على کل

إقرأ أيضاً:

خروج بلا عودة

يغادر اللبناني بلاده يافعا، ويحن إليها ثم يعود إليها كهلاً. وما بين العمرين -اليفاعة والكهولة- يتعرّف إلى جميع ديار الأرض. ويحطُّ في مطارات العالم وموانئها وقطاراتها، وكأنه يعبر عتبة المنزل ذاهباً أو عائداً. الأرض الوحيدة التي لا يعرفها جيداً ولا يملك الوقت للتعرّف إليها، هي أرضه الصغيرة، التي لا تزيد مساحتها على عشرة آلاف كيلومتر.

كشفت لنا الحرب الحالية إلى أي مدىً نجهلُ لبنان في جهاته الأربع. أنا على سبيل المثال، لا أعرف أي مناطق نعني بالإشارة إلى شمال شرقي البلاد. ومثل الشمال؛ كذلك الجنوب، والغرب والشرق. فإنني أجهل مدنها وقراها جميعاً، بالرغم من أنني أستقلُّ السيارة المستأجرة وأقودها لحظة وصولي إلى أي مطار أميركي أو أوروبي.

يقدم لنا الإسرائيلي، هذه الأيام، في الصباح والمساء، دروسا في الجغرافيا لا يمكن نسيانها. يعدد لنا القرى التي لا نعرفها واحدةً واحدة، ويدعو أصحابها إلى إخلاء منازلهم على الفور، لأنه سوف يقصفها على الفور. ولم يخلف في وعده مرة واحدة.

فرمَّد الورود وردةً وردة، وشرَّد العائلات عائلةً عائلة، وقتل بعض أفرادها فرداً فرداً. وكل ذلك كان على عجلةٍ من أمره، لم يترك وقتاً للجنازات، والصحف خالية من إعلان الوفيات، لأن الموت مباحٌ دون إذن بالتشييع.
الجغرافيا لا تقل حزنا ولا وحشية عن التاريخ
الجغرافيا لا تقل حزناً ولا وحشيةً عن التاريخ. والإسرائيلي يكتب اليوم أسماء ضحاياه، وشهدائنا، بحبرٍ أحمر قاتمٍ، حتى صار لونها لون حدادنا، ممتداً على خريطة بلاد بأكملها. وليس ذلك صعباً على ما يبدو، لقد امتلأ، مثل وعاء ألماسي، بجثث الأحلام وأصحابها.

وصار الحلم الأكبر والوحيد لدى البائسين هو البُعد عن هذا البلد الصغير، الذي كانوا يغادرونه طوعاً في الماضي، بحثاً عن الثروة، أو الكفاية، أو ما يستطيعون جمعه، من أجل أن يعودوا ويتمتعوا به في جبال لبنان، وعلى ضفاف الأنهر.

لا بيوت يعودون إليها، فقد تفتتت جدرانها مثل الرماد. وطمر ركامها الصور التذكارية عن الطفولة والحقول والأعراس.

كثيرٌ كل هذا على بلدٍ بهذا الحجم، وكثير عليه، خصوصاً أن الفازعين إليه من بلدان الجوار، اعتادوه وطناً دائماً.

الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • 7 معلومات عن مخبأ نتنياهو.. يعرف بـ«حفرة يوم القيامة»
  • ‎بيولي يطلب من النصر طائرة خاصة لتأمين عودة بينتو
  • إحتفالات 26 سبتمبر المفاصلة الإجتماعية الهوياتية , الدولة العميقة ومخلفات الإستعمار البريطاني
  • خروج بلا عودة
  • حارس يد الأهلي بعد برونزية المونديال : الأحمر لا يعرف المستحيل
  • أمين الفتوى: الاعتداء على حريات الآخرين ومجاوزة الحدود من المحرمات
  • الجابر: لا نريد إغاظة الآخرين ولكن الهلال متكامل بقيادة البرتغالي خيسوس.. فيديو
  • إسرائيل غُده سرطانية لخدمة مصالح الاستعمار
  • الاتحاد يعلن عودة أحمد شراحيلي لتدريبات الفريق
  • هل الأفكار المهاجرة يتم توطينها أم تأتي اختيارًا ؟