الخليج الجديد:
2024-11-18@15:38:05 GMT

مواجهة عودة الاستعمار

تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT

مواجهة عودة الاستعمار

مواجهة عودة الاستعمار

هل من هبات غضب تزيل هذا الغبار الخانق وتحرر الغالبية الساحقة من شعوب العالم من هيمنة قلة أنانية استعمارية لا أخلاقية؟

تدخل الدول الاستعمارية ما كان لينجح ويخلق الفوضى في كل مكان ويهين كل تلك الشعوب لولا وجود الفراغ السياسي والأمني والاقتصادي.

الاستعمار الغربي لا يخجل من أفعال ماضيه ولا من أفعال حاضره، ولا يعرف حدودًا لتدخلاته في شؤون الغير وأطماعه في الاستيلاء على كل خيرات وثروات الآخرين.

يوميا تعلن أمريكا بلا خجل ملاحظات وتهديدات وترسل الوفود لتشعر الآخرين بأن حل أي موضوع يجب أن يمر من خلالها أولاً وإلا فلن يصل قط إلى أي حل.

ما دخل أمريكا في كل أمر داخلي في دول آسيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا حيث توجه وتهدد وتعاقب وتتآمر على كل محاولة استقلالية، حتى ولو كانت ديمقراطية؟

عقلية متجذرة بمؤسسات دول الاستعمار تفسر ما نراه ببلاد العرب من سيطرة سياسية وأمنية استخباراتية وعسكرية تؤكد أن حقبة الاستعمار تعود أقبح وأخطر وبتسهيلات داخلية وإقليمية أسهل وأيسر.

* * *

لقد ظنت الأجيال السابقة بأن دحر الاستعمار وإخراجه من أوطانها سينهي الحقبة الاستعمارية وسينقل تلك الأوطان إلى رحاب حرية الاستقلال الوطني والقومي.

لكن الاستعمار، وجله تقريباً هو استعمار غربي من قبل أمريكا وبعض دول أوروبا، لا يعرف الخجل من أفعال ماضيه ولا من أفعال حاضره، ولا يعرف لأطماعه وتدخلاته في شؤون الغير وتذكيرهم بتميز وهيمنة حضارة الغرب الكونية الأبدية على حضاراتهم المتخلفة في كل مجال… لا يعرف حدوداً لأطماعه في الاستيلاء على كل ذرة من خيرات وثروات الآخرين.

هذه العقلية المتجذرة في أنظمة حكم ومؤسسات اقتصاد دول الاستعمار هي التي تفسر ما نراه أمامنا، هنا في بلاد العرب وفي بلدان الآخرين، من مشاهد سياسية وأمنية استخباراتية وعسكرية تذكرنا يومياً بأن حقبة الاستعمار السابقة تعود بصور أقبح وبمخاطر أشد وبتسهيلات داخلية وإقليمية أسهل وأيسر وأقل كلفة.

وإلا كيف تسمح فرنسا لنفسها أن تغضب وتهدد بالتدخل العسكري وبشتى أشكال العقاب الإقتصادي والمالي تجاه حدث محلي في دولة النيجر بأفريقيا وهو لا يخصها ولا يقع تحت مسؤولياتها القانونية؟

والسبب في واقعه ليس حباً في شعب ذلك البلد الفقير المستباح وإنما طمعاً في الاستحواذ الاستغلالي الأبدي لثروات اليورانيوم وغيرها الموجودة في ذلك البلد.

وإلا أيضاً كيف تسمح فرنسا لنفسها للتصرف في الشأن السياسي والمالي اللبناني الداخلي، وكأنها هي التي تحكم وهي التي مازالت متواجدة في مستعمراتها القديمة؟

وإلا كيف تسمح أمريكا لنفسها أن تدير الشأن الفلسطيني واليمني والليبي والسوري والعراقي والسوداني والمصري والخليجي والمغربي وكأن كل تلك البلدان هي ولايات أمريكية خاضعة لسلطة الحكم في واشنطن؟

يومياً تعلن بدون خجل الملاحظات والانتقادات والتهديدات، ويومياً ترسل الوفود لتشعر الآخرين بأن حل هذا الموضوع أو ذاك يجب أن يمر من خلال واشنطن أولاً وإلا فإنه لن يصل قط إلى أي حل.

كما فعلوا مثلاً بمباحثات أوسلو الشهيرة حين سرقوا الموضوع الفلسطيني من الأمم المتحدة وأبقوه في أيديهم الملطخة بظلم شعب فلسطين، وبمصالح اللوبيات الصهيونية المالية في كل مكان، وبكل ممارسات عرفها الاستعمار طيلة تاريخه.

وإلا أيضاً فما دخل أمريكا في كل أمر داخلي في كل دول آسيا ودول أمريكا الجنوبية وحتى في أوروبا حيث تخيط وتبيط وتوجه وتهدد وتعاقب وتتئآمر على كل محاولة استقلالية، حتى ولو كانت ديمقراطية؟

تدخل تلك الدول الاستعمارية، مما ذكرنا ومما لم نذكر، ما كان لينجح ويخلق الفوضى في كل مكان ويهين كل تلك الشعوب لولا وجود الفراغ السياسي والأمني والاقتصادي الذي سمحت بوجوده أنظمة حكم ضعيفة في الداخل ومشوشة في محيطها الإقليمي وغير مشاركة لمجتمعاتها المدنية في اتخاذ القرارات وفي حمل المسؤولية.

وكمثال على ذلك ما أصاب الجامعة العربية في وطن العرب، ومجلس التعاون في الخليج العربي، والاتحاد المغاربي في بلدان المغرب العربي ومنظمة التعاون الإسلامي المتفرجة.

لا يعرف الإنسان إذا كان رؤساء كل تلك الدول المستباحة يدركون مدى وشدة التاثيرات المدمرة لنفوس وعقول الشعوب، والذي يقودها إلى الشعور بالدونية والعجز، كلما تصحوا تلك الشعوب يومياً لترى وتسمع عن تلك التدخلات الاستعمارية بينما تظل الساحات بدون من يرفضون أو يدعون للتكاتف لمواجهة تلك الظاهرة المضحكة المبكية، لكأن الشلل أو اللامبالاة قد أصابا تلك الأنظمة عبر القارات كلها.

لسنا في حاجة لمن يذكرنا بهذه المحاولة المحدودة أو تلك، فذلك لن يكفي ولا يليق بإنسانية شعوب كل تلك البلدان في هذا العصر البليد المختطف الذي أفرغت كل طاقاته لتنحبس في ملاعب الرياضة ومهرجانات الغناء المسطح المبتذل والركض وراء الاستهلاك الطفولي النهم وقبول كل أنواع الشذوذ والانحطاط الأخلاقي.

هل من هبات غضب تزيل هذا الغبار الخانق وتحرر الغالبية الساحقة من شعوب العالم من هيمنة قلة أنانية استعمارية لا أخلاقية؟

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الاستعمار التدخل أوروبا أمريكا فرنسا الاستقلال الفراغ السياسي الجامعة العربية لا یعرف کل تلک على کل

إقرأ أيضاً:

أمريكا على حقيقتها!

 

 

-قالها مرشح الرئيس الأمريكي المنتخب، لمنصب سفير أمريكا في إسرائيل، بكل صراحة: لا أعتقد ولا أعلم أن هناك رئيسا أمريكيا عبر التاريخ، دعم ويدعم إسرائيل، مثلما فعل وسيفعل الرئيس دونالد ترمب.
-كان اليهودي الصهيوني المتطرف مايك هاكابي، صريحا وواضحا، إلى درجة الوقاحة وهو يتحدث للإعلام العبري قبل يومين، منكرا ومستنكرا وجود شيء اسمه فلسطين أو الضفة الغربية، بل كل ما يؤمن به- كما يزعم- هو دولة اسرائيل التي يحق لها أن تفعل ما تريد بأراضيها وشعبها.
-المدعو هاكابي، بشّر بما ستكون عليه سياسة واشنطن خلال الأربع السنوات القادمة، في ظل حكم الرئيس ترمب، وهو المتعطش للسلطة والمال والظلم والاستبداد، بالقول: “تذكروا أنه خلال السنوات الأربع التي قضاها ترمب رئيسا، لم يكن هناك رئيس أكثر تأييدا لإسرائيل في التاريخ منه. وكان كل شيء لإسرائيل فاعترف بالقدس عاصمة لها، ونقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، ومن ثم الاعتراف بمرتفعات الجولان السورية المحتلة، ممتلكات شرعية لدولة إسرائيل، وأوقف جهود الدفع بحل الدولتين، لأنه غير عملي وغير قابل للتنفيذ”.. مضيفا “لا أعتقد أن حل الدولتين شرعي، هذا موقف احتفظت به لسنوات، وهو موقف يتفق معه ترمب وأتوقع استمراره-يقول هاكابي-“.
-تصريحات هذا المجرم، اعتبرها مراقبون ومحللون سياسيون أنها تمثل خروجا عن الموقف الرسمي الأمريكي التقليدي، الذي يزعم دعمه حل الدولتين، كإطار لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما أنها تتناقض كليا مع المجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية، التي تتعاطى مع الضفة الغربية كأرض محتلة، بموجب القانون الدولي، لكنها في حقيقة الأمر، ليست سوى تعبير حقيقي وعميق لطبيعة الموقف الأمريكي المعادي، لكل ما هو فلسطيني وعربي ومسلم، وهذا الرجل ربما كان أكثر جرأة في إعلانه، والإفصاح عنه وإظهاره إلى العلن، ليس إلّا.
-ترمب الذي وعد خلال حملته الانتخابية، بإنهاء الصراع وتحقيق السلام في الشرق الأوسط، واستقطب بذلك أصوات الناخبين من أصول عربية وإسلامية، وكان لهم دور مهم بانتصاره في السباق الرئاسي، أخذ يفاجئ المؤمّلين عليه، لتغيير سياسة سلفه بايدن تجاه قضايا المنطقة، ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني، باختيار أعضاء إدارته القادمة، من أشد المتعصبين للكيان الصهيوني، ومنهم على سبيل المثال، ترشيح المدعو بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع على الرغم من تاريخه العسكري الضئيل، وما أُثير عنه من قضايا وفضائح جنسية وأخلاقية، لكن مؤهلاته تكمن فقط في تأييده اللا محدود لإسرائيل، ودعواته الدائمة إلى تدمير غزة، وهدم المسجد الأقصى، إضافة إلى إيمانه بضرورة شن حروب جديدة، على الدول الإسلامية.
-كانت السياسة الأمريكية دائما وأبدا، منحازة كليا لكيان الاحتلال الصهيوني، وإن اختلفت التكتيكات والأساليب في التعبير عن ذلك الانحياز والتبنّي، وفقا لأداء ساسة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لكن الولاية الجديدة من حكم ترمب ستكون الطامة الكبرى على حقوق الفلسطينيين ومقدسات الأمة، وستترتب على ذلك- كما يؤكد مراقبون- المزيد من التوترات والصراعات الجديدة في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الثقافة تصدر «الكونجو الديمقراطية.. لعنة الموارد وإرث الاستعمار»
  • «الكونجو الديمقراطية لعنة الموارد وإرث الاستعمار» إصدار جديد لهيئة الكتاب
  • أمريكا على حقيقتها!
  • متى تصل عقوبة انتحال شخصية الآخرين إلى السجن المشدد؟.. القانون يجيب
  • الاستعمار والتدمير المنهجي: قراءة في خيار المقاومة (1-2)
  • فعاليات بألمانيا تناقش الإرث الاستعماري لمؤتمر برلين عام 1884
  • العزي: أمريكا دخلت المستنقع
  • تراجع جديد في صادرات العراق النفطية إلى أمريكا خلال أسبوع
  • مصطفى بكري: الرئيس السيسي يعرف جيدا مشاكل المصريين ويعمل على حلها
  • «اللي في قلبهم على لسانهم».. أصحاب أبراج فلكية يتعاملون بعفوية مع الآخرين