18 عامًا تمر هذا الأسبوع على رحيل العبقرى نجيب محفوظ، ولم يحاول أى أحد من صناع السينما أو الدراما أن يقدم رائعتيه الفاتنتين (رحلة ابن فطومة/ 1983)، و(العائش فى الحقيقة/ 1985) على الشاشة، سواء الكبيرة أو الصغيرة، وهو أمر أتمنى تداركه سريعًا، وسأشرح لماذا؟
كتب محفوظ الرواية الأولى (رحلة ابن فطومة) وعمره 72 عامًا تقريبًا، بينما أنجز الثانية (العائش فى الحقيقة) وقد تجاوز الرابعة والسبعين، أى أنه تصدى لكتابة هاتين الروايتين بعد أن عاش الحياة بطولها وعرضها.
من هنا أدرك الرجل كيف يعتصر جوهر الحياة ويقطر أبرز خصائص ذلك الجوهر ليقدمه لنا فى نصوص أدبية بالغة العمق والروعة والجمال.
أرجو ألا تظن أن الأمر يقتصر على خبرات محفوظ المكثفة مع الحياة فحسب، بل مع اللغة العربية الفصحى أيضًا، إذ عرف صاحب نوبل 1988، بامتداد عمره الطويل وعشرات الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات والمقالات التى كتبها، علاوة على موهبته الخارقة، أقول عرف كيف يطور مهاراته اللغوية مع مرور السنين لتغدو أكثر فصاحة وحلاوة وكثافة وتعبيرًا عن مكنون النفس البشرية بكل ما يموج بها من تناقضات وصراعات وأحلام وآمال وإحباطات وخيالات إلى آخره.
أعلم طبعًا أن هاتين الروايتين فى حاجة إلى إنتاج ضخم ليتم تحويلهما من دنيا الورق فى كتاب إلى عالم الأطياف على الشاشة، وأنهما فى حاجة أيضًا إلى مخرج متفرد وسيناريست متميز وممثلين أكفاء كى ينقلوا لنا، قدر المستطاع، السحر الكامن فى تلك الروايتين.. ولا أظن أن مصر ينقصها لا هذا ولا ذاك، فالأموال موجودة، والمبدعون المحترمون حاضرون، فقط ينقصنا الرغبة والإرادة، وعلينا الإلحاح على توافرهما سريعًا.
لا يغيب عن ذكاء القارئ أن المسافة واسعة بين الرواية الجيدة، وبين الفيلم المأخوذ عن هذه الرواية مهما كانت جودته، فالنص المكتوب بإتقان يمنح القارئ الحصيف العديد من المتع عندما يطلع عليه بتركيز، حتى يمكن لهذا القارئ أن يغدو، وهو يقرأ وينفعل بما يقرأ، هو البطل والمخرج والمؤلف.
صحيح أن السينما أو الدراما تعملان على انتشار الرواية واسمها وصاحبها بين ملايين الناس من الطبقات كافة، لكن يظل عشاق اللغة يثمنون النص المكتوب ويجدون فيه أرفع المتع وأكثرها رهافة وحساسية.
ولعل رواية واحدة لمحفوظ، وهى (ملحمة الحرافيش/ 1977) التى قدمتها السينما فى نحو ستة أفلام منفصلة... أقول... لعل قراءة (الحرافيش) لمن يعشق الأدب الراقي، تهبه من المتع أضعاف ما تمنحه هذه الأفلام الستة بنجومها ومشاهدها وموسيقاها التصويرية.
ومع ذلك، علينا الدعوة، بل الإلحاح، على ضرورة تقديم (رحلة ابن فطومة)، و(العائش فى الحقيقة) على الشاشة، حتى يستمتع بهما عشاق السينما والدراما وهم بالملايين.
أجل... نجيب محفوظ كنز لا يفنى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ناصر عراق نجيب محفوظ صناع السينما
إقرأ أيضاً:
إبداع اليافعين في القصة القصيرة ضمن الورش الفنية بمعرض جازان للكتاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ضمن فعاليات "معرض جازان للكتاب 2025"، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، أُقيمت ورشة بعنوان "كتابة القصة القصيرة لليافعين" قدمتها نورة عبيري .
حيث ذكرت أن الورشة تهدف للتعريف بمفهوم القصة القصيرة لليافعين وما يجذبهم وكيف تختلف احتياجاتهم بناء على سنهم.
وأوضحت أن كتابة القصة القصيرة لليافعين تحتاج إلى أسلوب مشوّق وسلس، يجمع بين البساطة والعمق، ويمسّ قضايا قريبة من اهتماماتهم منها اختيار فكرة جذابة ومؤثرة تهم اليافعين مثل الصداقة والشجاعة وتحقيق الأحلام وتقبّل الذات، والمغامرات، والخيال العلمي، أو حتى قضايا اجتماعية مثل التنمر أو الضغوط الدراسية ، إضافة إلى تحديد بطل قريب من عالمهم في السنّ أو التجربة، حتى يتمكن القارئ من التماهي معه ، مشيراً إلى أن قوة البداية تجذب الانتباه، وكذلك تطوير الحبكة بأسلوب مشوّق يجعل القصة تتحرك بسرعة، بدون تفاصيل زائدة تبطئ الأحداث.
وذكرت أن الحوار لابد أن يكون واقعيًا ومناسبًا لعمر الشخصيات،مختتمة حديثها بأنه لابد أن تترك النهاية أثرًا بحيث تكون النهاية مفتوحة وتترك مجالًا للتفكير، أو مفاجئة، أو ذات مغزى يترك القارئ متأثرًا.
يُذكر أن معرض جازان للكتاب 2025 سيفتح أبوابه للزوار يوميًّا من الساعة 11 صباحًا وحتى 12 مساءً، ما عدا يوم الجمعة من الساعة 2 ظهرًا إلى 12 مساءً.