بدر العبري يفتح ثغرة للنور والجمال
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
«سنظلُ نحفرُ في الجدارِ
إما فتحنا ثغرةً للنورِ
أو مُتنا على وجهِ الجدارِ»
لم تكن الأبيات أعلاه للشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح ذات صلة مباشرة بموضوع مقالي اليوم، وسياقها كان مختلفا تماما وسياسيا بامتياز، غير أنني وجدتها مناسبة لمقالي الثقافي هذا الذي أحاول فيه تسليط الضوء على المهمة بالغة الحساسية التي يشتغل عليها بدر العبري بشأن بلورة رؤية فقهية جمالية تنويرية للفنون عامة وللموسيقى على وجهه الخصوص تختلف اختلافا حقيقيا عن الرؤية الفقهية التقليدية في عُمان.
من هنا أود في هذا المقال التنويه بأهمية جهود بدر الفكرية ومنهجيته الموضوعية والواقعية وضرورة تطويرها في البحث والتأليف والممارسة، وأدعو في هذه المناسبة إلى مغادرة الآراء الفقهية المتشددة بشأن مسألة الموسيقى والغناء بما في ذلك المعاني والمصطلحات التاريخية، مثل:«الملاهي واللهو» الجامدة والمقللة في الوقت نفسه من قيمة الفن الموسيقي غناء وآلات.
لقد حبس بعض الفقهاء أنفسهم قرونا طويلة داخل نصوص الروايات التي أقل ما يقال بشأنها إنها محل اختلاف علاوة على عدم ثبوت صحتها، فتأخروا عن المشاركة في صياغة الفكر والصناعة الفنية والجمالية العربية الإسلامية التي تولاها الفلاسفة والمنظرون العرب الذين ساهموا مساهمة كبيرة في تطوير فن الموسيقى وصناعة الآلات الموسيقية، ليس في الحضارة العربية الإسلامية فحسب بل والأوروبية والعالم.
بدر مثال للشخصية العُمانية المتواضعة جدا، وهو واسع المعرفة كثير النشاط والبحث، ينطلق في بحثه عن «الجمال الإلهي والمعرفي» حسب تعبيره من قوله تعالي: «قل سيروا في الأرض»، فكلما سار الإنسان في الأرض توسّعت مداركه كما قال في إحدى حواراته الإذاعية.
استمعت إلى ملخّص كتابه المشار إليه الذي سجله بصوته، وقد استعرض فيه جزءا من تاريخ الغناء والموسيقى كظاهرة إنسانية، ثم عرج على آراء عدد من النظريات والفلسفات بشأن الفنون والموسيقى قبل أن يقدّم بشكل مفصل آراء وحجج الفقهاء في جميع المذاهب الإسلامية بما فيها المذهب الإباضي، ويختم استعراضه هذا برؤيته الخاصة بأن الغناء والمعازف من مسائل الرأي المختلف عليها منذ عهد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقتنا هذا. وفي هذا الشأن يقول: «ونحن إذا ما تأملنا الأدلة كما رأينا سلفا نجد أدلة الجواز أقرب إلى روح الشريعة وأبعد عن التكلّف في الصناعة»، ويضيف في هذا السياق ( مع التصرف في الصياغة للاختصار)، إن: «الأوائل من الإباضية.. رأوا أن ضرب الطبل لا بأس به ولم يرخصوا بضربه للهو.. كما أجاز بعضهم الاستماع إلى القصبة الكبيرة أي المزمار». ورغم أن هذا الرأي يبدو ضيقا ومتشددا إلا أنني أفهمه في سياقه التاريخي المختلف تماما عن واقعنا اليوم، ومع ذلك يمكن تطوير الفكرة وتجديدها بما يتناسب مع واقع الممارسة الموسيقية المعاصرة من نظريات وتطبيقات فنية، ولعل ما يطرحه بدر يندرج في هذا السياق التجديدي.
وتُنتقد الموسيقى ليس لذاتها بل للسلوكيات التي قد ترتبط بممارستها أحيانا، ولعلنا إذا طبقنا هذه القاعدة سيتعمم النقد على كل شيء نمارسه في الحياة الدنيا. ومن وجهة نظري ففقه الموسيقى والفنون لا يزال متأخرا عن الواقع المعاش، وهذا الفكر التقليدي يبدو دائما إما متشددا، أو محاولا بحذر اللحاق بالمتغيرات الكثيرة دون أن يتقدمها، ولكن بدر العبري قد تجرأ وقال ما يراه صوابا يتفق مع الفطرة الإنسانية وواقع الحياة، مستوعبا المتغيرات التاريخية ووظائف الموسيقى المتنوعة والمتعددة في حياتنا المعاصرة، حيث أقيمت لها المنشآت الخاصة، وكثر الممارسون وتنوّعت الآلات الموسيقية والتعبير الموسيقي وأنماط الممارسة الفنية، علاوة على أنها صناعة ثقافية معاصرة، ومادة أساسية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، والتربية والتعليم، والثقافة والسياحة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی هذا
إقرأ أيضاً:
الإعلام العبري يتحدث عن “مرارة” الانسحاب من نتساريم.. هذه حالة الجنود المغادرين
#سواليف
قالت القناة الـ14 الإسرائيلية، إن #الجنود #الإسرائيليين غادروا #محور_نتساريم “مفرق الشهداء”، الذي أقامه #جيش_الاحتلال، وهم “يذرفون الدموع ويشعرون أن ما فعلوه أكثر من عام بغزة يذهب هباء”.
قال المراسل العسكري للقناة الـ14 الإسرائيلية هاليل روزين: “يمكنني أن أخبرك أن المقاتلين الذين غادروا ممر نتساريم غادروا وهم يبكون، وقالوا إنهم يشعرون أن كل ما فعلوه على مدار أكثر من عام في قطاع #غزة قد ذهب #هباء”.
وأضاف أن “هذا الأمر يثير الغضب، كانت التكلفة سابقا هي الإفراج عن أسرى أمنيين، أما اليوم فقد أصبحت التكلفة عملياتية، لأن شمال القطاع بات الآن مكشوفا، سيضعون (المقاومة) لنا عبوات ناسفة تحت الأرض، وسيزرعون ألغاما في أماكن لم نعمل فيها بعد”.
مقالات ذات صلة مشاهد لإجلاء جنديين إسرائيليين جريحين من غزة 2024/12/23وأوضح روزين، أنه “إذا كان هناك آلاف المسلحين في منطقة بيت حانون وجباليا، فقد يرتفع العدد الآن إلى أكثر من 10 آلاف، وسيكون في انتظارنا -في حال عدنا للحرب- قتال عنيف ومكثف لا يقل عما رأيناه من قبل”.
وأشار المراسل العسكري، إلى أن “التحصينات التي ستقام والأسلحة التي سيتم تهريبها تجعل أي عملية عسكرية مستقبلية أكثر خطورة وتعقيدا”، واعتبر أن هذا الأمر “يمثل ضربة كبيرة لكل الجهود التي بذلتها قواتنا في القطاع، والآن، يبدو أن كل ذلك يُهدر تماما”.
وفي وقت سابق الاثنين، انسحب جيش الاحتلال من محور نتساريم بعدما توصلت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ودولة الاحتلال إلى اتفاق يقضي بالإفراج عن ستة أسرى إسرائيليين، بينهم الأسيرة أربيل يهود، مقابل السماح اعتبارا من صباح اليوم للمهجرين الفلسطينيين بالعودة إلى شمال القطاع.
ومع انسحاب جيش الاحتلال من نتساريم، الذي أنشأه مع بدء عمليته البرية في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تدفق عشرات آلاف النازحين عبر طريقين رئيسيين، أحدهما شارع الرشيد الذي شهد مَسيرات طويلة للعائدين سيرا على الأقدام، بينما بدأ آلاف آخرون بالمرور بمركباتهم من جنوب قطاع غزة عبر محور نتساريم.
وجاءت عودة الفلسطينيين المهجرين إلى شمال القطاع بعد أشهر من القصف الإسرائيلي والحصار الذي أدى إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرا، ورافقت ذلك ظروف معيشية قاسية من تجويع وعرقلة وصول المساعدات الغذائية، ما جعل رحلة العودة بمثابة لحظة استثنائية تحمل الأمل والألم في آن واحد.
ويوم 19 كانون الثاني/ يناير الجاري، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة الدوحة والقاهرة وواشنطن.