لجريدة عمان:
2025-04-24@15:51:38 GMT

التدافع لشراء الذهب يعكس مخاوف العالم

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

جون جابار

ترجمة: قاسم مكي

عندما أبحر الأسطول الهولندي إلى مصب نهر التايمز في عام 1667 وشن هجوما مباغتا على السفن البريطانية أصاب الذعر الإداري البحرية وكاتب اليوميات صموئيل بيبيس كتب «لقد قضي على المملكة». أخرج بيبيس زوجته ووالده من لندن وحمَّلهما قطعًا ذهبية أودع فيها ثروته لدفنها في حديقة.

اليوم الصينيون والهنود الذين يشترون المجوهرات والسبائك الذهبية ليسوا أوائل من وضعوا ثقتهم في الذهب لحماية أموالهم.

الذهب لا يحقق مردودًا وثقيل الوزن. لكن وجوده في أوقات الحرب والأزمات والتضخم والاضطراب الاقتصادي يبعث على الاطمئنان.

يقول جون ريد كبير إستراتيجي السوق بمجلس الذهب العالمي «عندما تحدث الأشياء السيئة يتجلَّى الذهب». لذلك عودة الذهب انعكاس مزعج للأوضاع الحالية بعدما اعتبره مستثمرون عديدون أصلا استثماريا عتيقا فات أوانه.

بلغ سعر الذهب 2531 دولارًا للأونصة (الأوقية) يوم الثلاثاء الماضي. وهذا مستوى قياسي يساوي بعد احتساب التضخم خمسة أضعاف السعر الذي حصلت عليه بريطانيا عندما باعت بعض احتياطيها من الذهب قبل ربع قرن (سويسرا أيضا باعت كميات كبيرة من الذهب وقتها).

عادت البنوك المركزية إلى شراء الذهب خصوصًا بنوك الصين وروسيا إلى جانب بلدان أخرى تريد تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي. كما تدافع المستثمرون الصينيون الأفراد الذين أربكتهم أزمة العقارات وأوضاع البلبلة الاقتصادية لشراء المعدن الأصفر. أيضا يشتري أثرياء العالم المزيد من الذهب. واتبعت صناديق التحوط في الولايات المتحدة اتجاه السوق.

إذ بدت في هذه الأيام ملامح تدافع نحو الذهب مع تراكض المشترين من كل شاكلة ولون حتى لا يفوتهم شراؤه إلا أن شركات التنقيب عن الذهب لم تتأثر بهذا الحماس. فخلافا لما حدث في كاليفورنيا عام 1848 وجنوب إفريقيا في ثمانينيات القرن التاسع عشر تصارع شركات استكشاف وتعدين الذهب لتأمين الاستثمار. تداول الذهب والمشتقَّات في الواقع أيسر من استخراج وتنقية المزيد من الذهب.

«نحن لا نزال في حالة ركود» هذا ما قاله لي نيكولاس برودي الرئيس التنفيذي لشركة كندية صغيرة مدرجة تعمل في مجال التنقيب عن الذهب اسمها «جولكوندا جولد». في مايو بدأت جولكوندا إنتاج مسحوق خام الذهب من جزء من منجم جنوب إفريقي استحوذت عليه عندما كان غير مستخدم في عام 2015. وكان المنجم أصلا يسمى أغنيس نسبة إلى اسم زوجة مستكشف بريطاني عثر على الذهب هناك عام 1888.

مشكلة الشركات الصغيرة مثل جولكوندا أن تكلفة الإنتاج ارتفعت. أوضح برودي ذلك بقوله «كل بنس أحصل عليه أدفنه (أنفقه) مرة أخرى في المنجم». فمُرَكَّز خام الذهب يلزم شحنه إلى الصين لتنقيته. وفي حين أن ارتفاع الأسعار سيزيد الأرباح يومًا ما إلا أن المنجم لن يصل إلى الإنتاج الكامل إلا بعد ثلاث سنوات. فالتنقيب عن الذهب ليس استثمارًا للثراء السريع.

يوجد سلفا الكثير من الذهب. فخزائن البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك تحوي 507 آلاف سبيكة ذهبية تبلغ قيمتها 510 بلايين دولار بأسعار هذا الأسبوع (يُحتفظ بهذا الذهب نسبة لثقله في خزائن على الأرض الصخرية لجزيرة مانهاتن عند عمق 15 مترًا تحت سطح البحر). كما تحوي خزائن لندن بما في ذلك تلك التابعة لبنك إنجلترا كمية أخرى تبلغ 6850 طنًا بقيمة 690 بليون دولار. فالكثير من الذهب يُستخرج ثم يُدفن مرة أخرى.

الذهب الذي يحرسه البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك ليس مملوكًا له. فالكثير منه وصل بالطريقة نفسها التي نُقِلَت بها ثروة بيبيس إلى حديقة. أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية نقلت عدة بلدان ذهبها إلى ما اعتبرته ملاذًا آمنًا وراء البحار. كما فعل ذلك مستثمرون أيضًا. لقد حظي بحراسة جيدة ولم يَرَ عديدون أن ثمة حاجة إلى نقله مرة أخرى.

أصبح تخزين الذهب الآن أكثر قيمة. وهذا يعكس المخاوف العميقة وسط المستثمرين (مخاوفهم من الاستثمار في الأصول الأخرى).

يميل سعر الذهب إلى الارتفاع خلال الأزمات مثل غزو أوكرانيا بواسطة روسيا في عام 2022 مع هروب المستثمرين من الأصول الخطرة. استمر ذلك بعد رَدِّ مجموعة السبع على الغزو بتجميد احتياطيات روسيا من العملة الصعبة (الموجودة في بلدان أخرى). أما الذهب الذي تحتفظ به روسيا في الداخل فأقل تأثرًا بمثل هذا الإجراء.

ومع محاولة بلدان من بينها روسيا والصين والهند وكازاخستان التخلي عن «الدولرَة» زادت مشتريات الذهب بواسطة البنوك المركزية في العامين الماضيين. وتقول البنوك المركزية أيضًا إنها تشتري المزيد من الذهب لخشيتها من مخاطر ارتفاع التضخم في الأجل الطويل. هذا أيضا خبر لا يُطَمئِن لأن مهمة هذه البنوك السيطرة على التضخم.

مُغرَمو الاستثمار في الذهب يبالغون في التحذير من تآكل قيمة العملة والانهيار المالي. في أبريل الماضي كتب روبرت كيوساكي المؤلف والمستثمر «كل شيء يتحول إلى فقاعة. احموا أنفسكم. من فضلكم اشتروا المزيد من الذهب.. وأيضًا الفضة وعملة البيتكوين».

لمن ينتابهم القلق هنالك الكثير الذي يستدعي القلق هذا العام. فسعر البيتكوين ارتفع أيضًا، مدفوعًا بتجدد الثقة في العملات المشفرة والشكوك حول الدولار.

لكن الذاكرة قصيرة. فالذهب كان مفضلا بعد الأزمة المالية في 2008-2009 حينما قادت المخاوف من إشعال التيسير الكمي التضخمَ إلى ارتفاع سعره لأكثر من 1900 دولار للأونصة في عام 2011 (وهذا السعر أعلى بالقيمة الحقيقية من سعره اليوم) قبل أن يهبط مرة أخرى.

قد يتضح أن الحماس لشراء الذهب هذه الأيام مؤقت بنفس القدر. فالتضخم ربما يستمر في الهبوط والضغوط الجيوسياسية قد تخفّ.

مع ذلك تزداد قيمة الذهب في نظر الناس عندما تسوء أحوال العالم في أوقات الأزمات. كتب صموئيل بيبيس في يومياته بعد أيام قليلة من الغارة الهولندية «في الليل أنا وزوجتي نسير على أقدامنا ونتحدث مرة أخرى عن ذهبنا الذي ينتابني القلق من أنه ليس في مأمن»

لحسن حظه، صمدت بريطانيا أمام هجوم أسطول هولندا واستعاد بيبيس معظم الذهب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المزید من الذهب مرة أخرى الذهب ی الذهب ا فی عام

إقرأ أيضاً:

آخر فرصة للاستثمار.. الموعد الأخير لشراء الشهادات بعائد 27% قبل تخفيض الفائدة

في خطوة مفاجئة اعتبرها كثير من المحللين إشارة إلى تحول استراتيجي في السياسة النقدية، أعلن البنك المركزي المصري، عبر لجنة السياسة النقدية، عن خفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات. جاء القرار في اجتماع اللجنة المنعقد يوم 17 أبريل 2025، بعد فترة طويلة من التثبيت استمرت سبعة اجتماعات متتالية في عام 2024.

هذا التحول أثار اهتمام الأسواق المحلية والدولية، خاصة مع استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، وعلى رأسها التضخم المرتفع وأثره على مستويات المعيشة والاستثمار.

تفاصيل القرار: 225 نقطة أساس دفعة واحدة

قررت لجنة السياسة النقدية خفض سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 225 نقطة أساس، أي ما يعادل 2.25%. لتصبح المعدلات الجديدة كالتالي:

سعر الفائدة على الإيداع: 25.00%

سعر الفائدة على الإقراض: 26.00%

سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي: 25.50%

سعر الائتمان والخصم: 25.50%

ووصفت اللجنة هذا الخفض بأنه "مناسب للحفاظ على سياسة نقدية ملائمة"، وأكدت على أهمية ترسيخ التوقعات المستقبلية ودعم التراجع التدريجي لمعدلات التضخم.

تفاعل البنوك الحكومية.. اجتماعات حاسمة لتحديد مستقبل الشهادات

ردود الفعل على قرار المركزي لم تتأخر. فقد أعلن محمد الإتربي، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري، أن لجنة الأصول والخصوم بالبنك (الكو) ستجتمع خلال الأسبوع الجاري لبحث أسعار فائدة الشهادات في ضوء قرار خفض الفائدة.

بدوره، أعلن بنك مصر عن عقد لجنة الأصول والخصوم (الأليكو) اجتماعًا خلال الأسبوع أيضًا، لمراجعة أسعار العائد على شهادات الادخار، وهو ما يترقبه الملايين من المدخرين والمستثمرين.

دوافع القرار.. مواجهة التضخم وتعديل بوصلة التوقعات

أوضحت لجنة السياسة النقدية أن هذا الخفض يستند إلى رؤية مستقبلية تهدف إلى خفض التضخم تدريجيًا، وتوجيهه نحو المستهدف البالغ 7% ± 2 نقطة مئوية بحلول الربع الرابع من عام 2026.

كما أكدت اللجنة على استمرار تقييم الأوضاع النقدية والمالية بدقة في كل اجتماع، مع الالتزام باستخدام كافة الأدوات المتاحة لتحقيق الاستقرار السعري.

قرار خفض الفائدة يفتح الباب أمام تحولات محتملة في السياسة النقدية المصرية، وقد يكون بداية لتيسير نقدي تدريجي بعد سنوات من التشديد. الأسواق تترقب الآن ما إذا كانت هذه الخطوة بداية لسلسلة من التخفيضات، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية التي تطال جميع القطاعات.

مقالات مشابهة

  • العالم المصري الذي ساهم في جعل المدفوعات عبر الإنترنت آمنة.. من هو؟
  • أوبن إيه آي تخطط لشراء متصفح كروم من غوغل بعد تعثرها في المحكمة
  • أوبن أيه آي تسعى لشراء جوجل كروم
  • ما هي حكاية يوم الأرض الذي يحتفل به العالم في 22 أبريل من كل عام؟
  • "بص يا كبير" أولى أغنيات ألبوم مروان موسى الجديد "الرجل الذي فقد قلبه"
  • إصابة 3 مواطنين بعملية تسليب بعد استدراجهم لشراء سيارة جنوبي العراق
  • الرجل الذي فقد قلبه.. تفاصيل ألبوم مروان موسى الجديد
  • الذهب يقفز إلى 3500 دولار مع تصاعد التوتر بين ترامب وباول
  • آخر فرصة للاستثمار.. الموعد الأخير لشراء الشهادات بعائد 27% قبل تخفيض الفائدة
  • روسيا .. محطة أخرى