لجريدة عمان:
2024-09-13@09:00:45 GMT

إيمان أهل غزة

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

وأنا أشاهد مقاطع الفيديو الكثيرة عن أمهات شهداء غزة وهن يستقبلن أبناءهن الشهداء بالتسليم والإيمان التام لله، ويرددن: «الحمد لله الذي اصطفانا، فداءً للأقصى وفلسطين»، كنتُ أتساءل في قرارة نفسي عن سر هذه القوة والصلابة، وعن الأسباب التي أوصلتهم إلى هذا التسليم؛ ثم توصلت إلى سبب وجيه لا ثانيَ له وهو أنّ أهل غزة تربّوا على الإيمان، الذي رضعوه من صدور أمهاتهم، كما أنّ هناك نشاطًا ملحوظًا في تحفيظ النشء القرآن الكريم وتعليمه مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، إضافة بالطبع إلى الظروف القاسية التي عاشها أهل غزة؛ والتي صنعت منهم رجالًا تسلحوا بإيمان ثابت بالله؛ ويعود الفضل في ذلك لقادة غزة وعلمائها الحافظين لكتاب الله، الذين خرّجوا أجيالًا تؤمن بأنّ وعد الله حق، ومستعدة للشهادة في سبيل الله.

وفي اعتقادي أنّ أهم أسباب النجاح، أنّ القادة والعلماء كانوا القدوة؛ لذا فإنّ الشباب اتبعوهم؛ والناس - كما يقال - على دين ملوكهم.

بالتأكيد لستُ الوحيد الذي شغله إيمان أهل غزة، بعد انتشار كلّ تلك المقاطع؛ فالموضوع أصبح عالميًّا، وبدأ الغربيون - خاصة الأمريكان - يبحثون عن الإسلام ويقرأون القرآن للتعرف على مصدر هذه القوة في أمهات الشهداء، اللاتي اتصفن بالصلابة والقوة والإيمان والسكينة في تلك اللحظات الحرجة؛ فما من امرأة غزاوية إلا وهي شهيدة أو زوجة شهيد أو أم شهيد أو أخت شهيد أو ابنة شهيد، وفي أحيان غير قليلة تجمع امرأة واحدة كلّ هذه الألقاب، وكثيرٌ من الأمهات في غزة حملن أولادهن مرتين؛ الأولى حين وضعنهم من بطونهن، والثانية حين ودّعنهم شهداء. ولا يخفى أنّ مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورًا مهمًّا في نشر تلك المشاهد للعالم خاصة لفئة الشباب؛ ومن هنا اهتم الكيان الصهيوني بتوجهات هذه المواقع لدراسة ردود فعلها عن طوفان الأقصى. وممّا ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» مثلا بعد شهرين فقط من بداية «الطوفان»، أنّ الشباب في أمريكا الذين يبحثون عن مغزى للحياة وجدوا ضالتهم في اعتناق الإسلام، وأنّ موقع «تيك توك» ضج بفيديوهات توثّق اعتناق الشباب الأمريكي للإسلام، كان أبرزهم الناشطة الأمريكية ميجان رايس، التي أسلمت بعد أيامٍ قليلة من إعلان دعمها لصمود الشعب الفلسطيني في غزة، وبحثها عن سرّ هذا الصمود، بدعوتها إلى التأمل في القرآن الكريم. ومن ضمن المقاطع التي نشرتها، فيديو تقول فيه: «إنّ الفلسطينيين مصرّون على التوجه إلى الله بالشكوى والحمد، حتى وهم يحملون جثامين أطفالهم بين أيديهم. مثل هذه المشاهد تظهر إيمانًا قويًّا ثابتًا على عكس مَنْ يدّعون المحبة والرحمة وهم مجرد كذابين منافقين»؛ أما أليكس وهي شابة شهيرة تقدّم محتوى مميزًا في «التيك توك» فقد ذكرت أنّ أهم سبب لإسلامها، مشاهدتها للفلسطينيين الذين يتعرضون للقتل اليومي، ومع ذلك لا يشككون في دينهم أو معتقداتهم، وعلقت على ذلك قائلة: «لو حدث لي ما حدث لهم، لكنتُ طرحتُ عدة أسئلة حول وجود إله أصلًا!»، وأكدت أنّ أول ما أعجبها واستغربته بسبب حملات الغرب ضد الإسلام، وهي تقرأ القرآن، اهتمام الإسلام بحقوق النساء، وتشديده على ضرورة الالتزام بمطالبهن، وأنهن متساويات في الحقوق والواجبات مع الرجال.

لم تكن ميجان رايس وأليكس الوحيدتين اللتين تحدثتا عن إيمان وصمود أهل غزة؛ فهناك كثيرون غيرهما، إلا أنّ ما جمع بين هؤلاء، الاندهاش الشديد من ذلك الإيمان الذي جعل الفلسطينيين يرددون من وسط الدمار والقتل: «الحمد لله»، مبدين تعجّبهم من سحر تلك الكلمة وقوة إيمانهم وصبرهم بعد فقْد ذويهم؛ مما دفع هؤلاء الناشطين للبحث وقراءة القرآن ثم اعتناق الإسلام. ولم يسلم هؤلاء الذين انخرطوا في حملة قراءة القرآن الكريم من انتقادات شديدة من طرف صهاينة ومؤيدين للصهيونية ولـ«إسرائيل»، وطالبوهم بعدم نشر أيِّ شيء عن الإسلام، بزعم أنه «دين خطِر»؛ لكن ميجان وأليكس أكدتا أنهما ستستمران في دراسة القرآن ونشره وتعريف الأمريكيين به، ونشر قصص صمود أهالي غزة، كما أنهما تشاركان في حملات مقاطعة شركات ومطاعم تدعم «إسرائيل».

تنقل صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن علماء متخصصين في دراسة الإسلام، أنّ عملية «طوفان الأقصى» التي كانت تمثل «في ظاهرها» ضربة قوية للمسلمين في الولايات المتحدة، كانت فعليًا «حافزًا» لجعل الأمريكيين فضوليين ومهتمين بفهم الإسلام. ولم يفتها أن تشير إلى قوة وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أشارت إلى أنه في السنوات التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، اعتمد الدعاة المسلمون على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الإسلام، حيث يروِّجون له «بلغة إنجليزية لا تشوبها شائبة» بطريقة إيجابية وموضوعية ومحبة للسلام، وأنّ الشباب الأمريكي يتهافتون مؤخرًا على منصة «تيك توك»، وانخرطوا «مسرورين» في قراءة القرآن، وكانوا في غاية الحماس بشأنه، حتى إنّ البعض منهم اعتنق الإسلام. بل وذهبت الصحيفة إلى أبعد من ذلك بالقول إنّ الدين الإسلامي عثر هذه المرة على جمهور «مثالي» من الشباب المولودين بين منتصف التسعينيات وأوائل عام 2010، الذين وجدوا في القرآن وعلومه منطلقًا لوجهات نظرهم العالمية.

لقد مثّل أهل قطاع غزة بعزيمتهم والإيمان الذي تحلوا به في مواجهة الإبادة التي يتعرضون لها، صورة ناصعة البياض للدين الإسلامي الحقيقيّ. وبذلك الشموخ والكبرياء الذي استقبلت به الأمهات الفلسطينيات نبأ استشهاد أبنائهن؛ فقد جسّدن نماذج للخنساء؛ لذا فلا غرابة أبدًا أن يتساءل العالم عن سر ذلك الإيمان، وهو في الواقع إيمان نفتقده -نحن المسلمين- لأنّ فهمنا للدين قاصرٌ للأسف الشديد، فلم نأخذ منه إلا القشور. وفي اعتقادي أنّ مسلمي العالم الجدد سيكونون أفضل إسلامًا منا نحن، الذين أخذنا الدين بالوراثة وبشهادة الميلاد فقط، وكأنّ ذلك كفيلٌ لنا بضمان رضا الله علينا. ولكن هل اكتفينا بالتدين الشكلي وانتهى الأمر؟! لو كان الأمر كذلك ربما كان الأمر هيّنًا؛ لكن وُجِد فينا للأسف من يحارب المجاهدين وينتقص من الشهداء ويتناولهم بألسنةٍ حِدادٍ لدرجة الشماتة في قتلهم. فهل يمكن أن ينصر الله مثل هؤلاء ويمكنهم في الدنيا؟! وهل مجرد التلفظ بكلمة «لا إله إلا الله، محمد رسول الله» مع محاربة المسلمين يكفي للدلالة على إسلام المرء؟!

لقد قدّم أهل غزة لنا جميعًا درسًا بليغًا بأنّ نجاح أيِّ أمة لا يكون إلا بالإيمان، ولا مبالغة إذا ردّدنا ما قاله أحد الأصدقاء: لو وُزِن إيمان أهل غزة بإيمان أهل الأرض جميعًا لرجح إيمان أهل غزة، ولا نبالغ أيضًا إنْ قلنا إنّ غزة - بتضحيات أهلها - وهبت للأمة العزة والكرامة والإباء.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إیمان ا

إقرأ أيضاً:

النعيمي: التنشئة على حفظ كتاب الله خير معين على التربية الصالحة

حاكم عجمان:
لا تدخر جهداً في توفير كل الإمكانات للمركز ليتوسع في برامجه ويضاعف أنشطته

اطلع صاحب السموّ الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، بحضور سموّ الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان، رئيس المجلس التنفيذي على تقرير نتائج النشاط الصيفي 12 لمركز «حميد بن راشد النعيمي لخدمة القرآن»، الذي استمر 45 يوماً، واستفاد منه 512 طالباً وطالبة 37% منهم من المواطنين و57% من العرب، و6% من جنسيات أخرى.
جاء ذلك خلال استقبال سموّه، في ديوان الحاكم الخميس، حسين الحمادي، المدير التنفيذي للمركز
وأكد سموّه، حرص دولة الإمارات على تنشئة أبناء الوطن على حفظ كتاب الله وتعلّم تلاوته والتعمق في فهم معانيه، وتدبرها، فهي خير معين على التربية الصالحة منذ الصغر.
وقال سموّه «إن تحفيظ القرآن الكريم للنشء من أسمى الأعمال لخدمة الإسلام والمسلمين. وإمارة عجمان بشكل خاص، ودولة الإمارات بشكل عام، توليان اهتماماً كبيراً بمراكز التحفيظ، وتوفر لها الدعم الكامل لتؤدي الدور المنوط بها في تخريج أجيال حافظة لكتاب الله، وقادرة على تلاوته وتجويده وملمّة بتعاليمه وتسير على نهجه في سلوكها ومعاملاتها».
وأضاف سموّه، أن «الإمارة لا تدخر جهداً في توفير كل الإمكانات للمركز، ليتوسع في برامجه، ويضاعف أنشطته لتشمل قطاعاً أكبر من المستفيدين من مختلف الأعمار والفئات من المواطنين والمقيمين».
وأثنى على جهود المركز في العناية بكتاب الله وطباعته ونشره، وحرصه على تنظيم أنشطة متميزة ومثمرة على مدار العام، والوصول بها لمختلف أنحاء الإمارة.
حضر الاستقبال، الشيخ أحمد بن حميد النعيمي، ممثل صاحب السموّ حاكم عجمان للشؤون الإدارية والمالية، وعدد من الشيوخ وكبار المسؤولين.
وقال حسين الحمادي «بفضل الدعم المستمر والرعاية الكاملة من صاحب السموّ حاكم عجمان، للمركز، ومتابعة سموّ ولي العهد، يمضي المركز في تنفيذ برامج دينية وتربوية وتثقيفية ورياضية متنوعة يستفيد منها آلاف الطلاب والطالبات سنوياً».
وأضاف أن برامج النشاط الصيفي للمركز، خلال الأسابيع الماضية، تضمّنت سبع دورات هي: «الحفظ الميسر للمواطنين»و«صحبة القرآن لحفظ من 3 الى 10 أجزاء» و«قصار السور» و«التجويد»متن الجزرية”. (حضوريا)، و«الحفظ المكثف»، و«الحفظ الميسر»، و«المراجعة وضبط المتشابهات» (عن بُعد)
وأوضح أن النشاط الصيفي شهد 33 حلقة، تنوعت بين حلقات للذكور والإناث وحلقات للبراعم وحلقات للمواطنين، وبلغ مجموع أجزاء الحفظ 626، ومجموع أجزاء المراجعة 1389، وبلغ عدد الخاتمين 10 طلاب وطالبات، فيما وصل عدد المجازين بالجزرية 24.
وأشار إلى أن الأنشطة عقدت في مسجدي «الشيخ زايد» و«مستشفى الشيخ خليفة»، ومركز عبيد الحلو في مصفوت، وعبر منصة عجمان لتعليم القرآن عن بُعد.
وذكر أن المركز نظم خلال النشاط الصيفي 2024، ورشاً وأنشطة رياضية.
وأكد أن المركز مستمر في تنظيم فعاليات جديدة، وزيادة أنشطته والتوسع في برامجه التي تعتني بكتاب الله تعالى وتسهم في خدمة الدين الحنيف. (وام)

مقالات مشابهة

  • ما حكم الزوج الذي لا ينفق على أسرته؟.. (فيديو)
  • تعرف على تفسير حديث «حرم على النار كل هين لين».. سر سعادة الإنسان في الدارين
  • حميد بن راشد: حفظ كتاب الله خير معين على التربية الصالحة
  • النعيمي: التنشئة على حفظ كتاب الله خير معين على التربية الصالحة
  • نبي الإسلام.. سيرته وآثاره لمحمد حميد الله
  • محمد أكرم دياب يكتب: 10 قراءات للقرآن "خالي عمل"
  • تكريم حفظة القرآن الكريم بولاية بخاء
  • مركز نور الإسلام للتعليم العربي الإسلامي بنيجيريا يعلن المشاركة مبادرة (خُلُقٌ عَظِيمٌ) لوزارة الأوقاف
  • جامعة المعرفة والعلوم الحديثة تحيي ذكرى المولد النبوي وتحتفي بالطلاب الأوائل
  • فعالية لوزارة الصحة والبيئة والهيئة العليا للأدوية إحياءً لذكرى المولد النبوي الشريف