كارثة جديدة تثير الـ خوف والهلع بين صفوف النازحين من انتشار فيروس شلل الأطفال في غزة
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
"يا ربي وين نروح" كانت كلمات السيدة سماح مدويه وهى تجري وتسرع الخطي باتجاه بحر مواصي خانيونس، تحمل ابنتها التي تبلغ من العمر تسعة أشهر.
تبكي وتقول: "لقد أكل منا التعب وشرب، هربت من غزة خوفًا على نفسي وأطفالي، كنت حينها حاملا في الشهر الثاني، نزحت أكثر من ست مرات متتالية، هربنا من الموت بأعجوبة حتى وصلنا مدينة رفح، أنجبت طفلتى هناك داخل المستشفى الإماراتي".
واصلت حديثها بعدما ارتشفت شربة ماء "انظري إلى طفلتي حتى اللحظة لا تستطيع الجلوس أو الحركة بسبب سوء التغذية الذي تعاني منه منذ ولادتها، لم تحصل على التطعيمات والجرعات الوقائية بشكل منتظم بسبب عدم توافر اللقاح، وكثرة التنقل من مكان إلى آخر".
وعن سماعها لنبأ اكتشاف حالة جديدة من حالات شلل الأطفال قالت "أشعر بانقباض في قلبي كلما سمعت عن هذا الأمر، لم تتلق ابنتي كافة الجرعات الخاصة بشلل الأطفال، يقلقني ألا أستطيع الحصول على الجرعة المطلوبة حتى الآن، نحن نعيش أيامًا صعبة للغاية ولا نعلم ما مصيرنا في ظل عدم سماح الاحتلال الإسرائيلي لدخول اللقاحات إلى قطاع غزة، ذهبت أكثر من مرة إلى قسم الأطفال بمستشفى ناصر للسؤال عن وصول التطعيمات، لكنني كنت أتلقى إجابة بعدم وصول التطعيمات"، فيما تساءلت السيدة سماح عن دور المنظمات الإنسانية والإغاثية والطبية الدولية قائلة: "أين دور منظمة الصحة العالمية مما يحدث، كيف يمكن الصمت أمام هذه الجريمة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي الذي اغلق كافه المعابر ومنع دخول اللقاحات والمستلزمات الطبية إلى قطاع غزة الذي يعاني من إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية".
"خوف ورعب وقلق" تشعر به الأمهات اللواتي أنجبن في فترة الحرب وما قبلها بأسابيع حيث إن النزوح المتكرر والقصف المتعمد للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية أدى إلى زيادة المشكلات الصحية لدى الأطفال يأتي ذلك بالتزامن مع انقطاع الإمدادات الطبية والأدوية التي تصل القطاع بسبب إغلاق المعابر البرية في قطاع غزة فيما يبقى وصول اللقاح مجرد وعودات من قبل المنظمات الدولية والأممية.
بدوره فقد صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس يوم الجمعة الماضي بعد الإعلان عن اكتشاف وانتشار شلل الأطفال بين أطفال قطاع غزة قائلًا: "إن منع واحتواء انتشار شلل الأطفال في غزة سيتطلب جهودا ضخمة ومنسقة وعاجلة".
وناشد غوتيريس الذي كان يتحدث إلى الصحفيين في الأمم المتحدة جميع الأطراف لتقديم ضمانات ملموسة على الفور لتنفيذ هدنات إنسانية من أجل إجراء حملات التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة.
وطالبت الأمم المتحدة، بهدنة لسبعة أيام في غزة لتلقيح 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال.
كما أفادت منظمة الصحة العالمية بأن وكالات الأمم المتحدة تريد تقديم لقاح شلل الأطفال الفموي النوع 2 للأطفال تحت سن العاشرة في وقت لاحق هذا الشهر.
وأضافت المنظمة أنه "في غياب الهدن الإنسانية، لن يكون من الممكن تنفيذ الحملة في الوقت الذي نسعى فيه لإرسال أكثر من مليون لقاح لشلل الأطفال إلى غزة، كنا نخطط لبدء أول جولة من التحصين ضد مرض شلل الأطفال بغزة في 17 أغسطس، نواجه تحديا لوجستيا ضخما لضمان توزيع 1.2 مليون جرعة تحصين من مرض شلل الأطفال في غزة".
فيما كشفت منظمة الصحة العالمية أن هناك احتمالا كبيرا لخطر تفشي فيروس شلل الأطفال في أنحاء قطاع غزة وما حوله بسبب الوضع الصحي المزري وكذلك تدهور نظام الصرف الصحي في القطاع الفلسطيني المنكوب بالحرب.
جاء هذا البيان بعد أن أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أنه تم تشخيص إصابة طفل يبلغ عشرة أشهر بشلل الأطفال في قطاع غزة الذي تقول الأمم المتحدة إنه كان خاليا من هذا المرض منذ 25 عاما.
وأوضحت الوزارة في بيان اليوم الجمعة: "سجلت وزارة الصحة أول إصابة بفيروس شلل الأطفال في المحافظات الجنوبية، وذلك في مدينة دير البلح لطفل يبلغ عشرة أشهر لم يتلق أي جرعة تحصين ضد شلل الأطفال".
كما أضافت "اشتبه الأطباء بوجود أعراض مطابقة لمرض شلل الأطفال، وبعد إجراء الفحوصات اللازمة في العاصمة الأردنية عمان، تم تأكيد الإصابة بسلالة فيروس شلل الأطفال المشتقة من اللقاح".
وأشارت إلى أن "الحكومة الفلسطينية تسخر كل إمكاناتها لحماية شعبنا وأطفالنا"، مؤكّدة أن "طواقمها في المحافظات الجنوبية والشمالية، وبالتعاون مع كافة المؤسسات الدولية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، قد عملت خلال الأسابيع الماضية على وضع خطة شاملة متكاملة لتنفيذ حملة تطعيم موسعة ضد شلل الأطفال في قطاع غزة".
كذلك شددت الوزارة على أن "استمرار العدوان الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة قد نجم عنه كارثة صحية، بشهادة المنظمات الدولية، كما أن نقص احتياجات النظافة الأساسية، وعدم توافر خدمات الصرف الصحي، وتراكم النفايات في الشوارع وحول أماكن إيواء النازحين، وعدم توافر مياه الشرب الآمنة، قد خلقت بيئة مواتية لتفشي وانتقال العديد من الأوبئة".
وجدّدت الوزارة "مناشداتها المجتمع الدولي والمنظمات الصحية الدولية سرعة التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي الهمجي فورا على قطاع غزة".
ووجّهت: "نداءً عاجلاً لكافة المنظمات والهيئات الدولية بضرورة العمل الفوري لإعادة بناء أنظمة مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والتخلص من النفايات الطبية والصلبة، والعمل على إدخال الوقود لضخ المياه العذبة النقية، والسماح غير المشروط لدخول الإمدادات الطبية والأدوية والمواد الخاصة التي تستعمل للنظافة الشخصية".
أما مدير عام الرعاية الصحية في وزارة الصحة الفلسطينية موسى عابد فقد صرح أنه "لا يزال خطر انتشار فايروس "شلل الأطفال" في قطاع غزة قائمًا في ظل استمرار العدوان "الإسرائيلي"، وحرمان السكان أدوات النظافة العامة، قطاع غزة بحاجة لـ 1.3 مليون جرعة لقاح لمكافحة "شلل الأطفال"، لكن الاحتلال يرفض حتى اللحظة إدخالها، إن أي تأخير في توريد اللقاحات من شأنه أن يُفاقم الأوضاع الصحيّة المتردية بالأساس، ويترك آثارًا خطيرة على صحة الأطفال والشرائح الضعيفة مثل كبار السن والمرضى.
وبطرح سؤال يتعلق بشلل الأطفال فقد أوضح الدكتور سعد محرز أخصائي الأطفال في مستشفى الرنتيسي للأطفال بأن "شلل الأطفال هو فيروس خطير شديد العدوى يمكن أن يغزو الجهاز العصبي ويسبب الشلل، ويصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة، تحديدًا من لم يتلق منهم جميع الجرعات واللقاحات الوقائية".
وحول الأسباب والأعداد المؤهلة للإصابة فقد استطرد الطبيب قائلًا إن "تدمير البنية التحتية ومصادر المياه النظيفة يسهم في انتشار الأوبئة، كما أنه من المرجح وجود 200 إصابة بشلل الأطفال في القطاع فيما قام الاحتلال بتهيئة ظروف انتشار فيروس شلل الأطفال بعدما حصن جنوده منه".
إن ما يحدث في قطاع غزة المنكوب جراء استمرار الحرب يتطلب من العالم أجمع دعم لمطالبات الأمم المتحدة لوقف إنساني فوري لحرب الإبادة الإسرائيلية للعمل على محاصرة المرض، خصوصًا أن شلل الأطفال لن يتوقف عند حدود قطاع غزة بسبب الظروف الصعبة التي صنعتها الإبادة الإسرائيلية والتي أدت إلى ظهور فيروس شلل الأطفال في غزة مع تواصل الحصار الإسرائيلي والتدمير المتعمد للبنية التحتية الصحية سيسهم في انتشار الوباء، إن استمرار العدوان يعرقل أي جهود للتطعيم ضد شلل الأطفال.
كما أن الوقاية من انتشار الفيروس تتطلب جهدًا جماعيًا وتغطية تطعيم 95% خلال مرحلتين سيكون من المستحيل تنفيذها في ظل حرب الإبادة، فنجاح حملة التطعيم مرتبط بوقف إطلاق النار، وكما أشار الأمين العام للأمم المتحدة فإن حملة التطعيم بحاجة لحلول شاملة لمشاكل الصرف الصحي وتراكم القمامة واكتظاظ مراكز اللجوء، يمكن الخطر في أن اكتشاف انتشار الفيروس في مياه الصرف الصحي في دير البلح وخان يونس يشكل كارثة صحية بينما تواصل دولة الاحتلال تقيد وصول المنظمات الإنسانية وتقصف قوافل الإغاثة مع استمرار الإبادة الإسرائيلية التي عطلت معظم مستشفيات غزة وصعّبت الوصول للأطفال غير المُطعمين الأطفال دون الخمس سنوات هم الأكثر عرضة للفيروس خاصة بعد تدمير البنية التحتية الصحية.
*كاتبة فلسطينية من غزة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فیروس شلل الأطفال فی شلل الأطفال فی غزة ضد شلل الأطفال الأمم المتحدة بشلل الأطفال الصرف الصحی فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
لغة الضاد.. انتشار عالمي ومحدودية على الإنترنت
“يبلغ عدد الناطقين بها نحو 450 مليون شخص، كما يستخدمها حوالي ملياري مسلم لأداء صلاتهم وشعائرهم” وباعتبارها أحدى أقدم وأهم اللغات في العالم، خصصت الأمم المتحدة 18 ديسمبر من كل عام للاحتفاء باللغة العربية وتاريخها العريق، وهو اليوم الذي اُعتمدت فيه العربية لغة رسمية للأمم المتحدة بموجب قرار تبنته الجمعية العامة عام 1973.
وبمناسبة هذا اليوم، ذكرت الأمم المتحدة على موقعها أنه “رغم انتشار اللغة العربية، وتمتعها بصفة لغة رسمية في حوالي 25 دولة، فمع ذلك، لا يتجاوز المحتوى المتاح على شبكة الإنترنت باللغة العربية نسبة 3%، ما يحدّ من إمكانية انتفاع ملايين الأشخاص به”.
وأوضحت الأمم المتحدة أن “متحدثي العربية يتوزعون بين المنطقة العربية والعديد المناطق الأخرى المجاورة، مثل تركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا”.
وأشارت إلى أن “للعربية أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة (لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها. كما أن العربية هي كذلك لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية حيث كتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى”.
ولذلك، ذكرت الأمم المتحدة أنها الهدف من تخصيص هذا اليوم هو إذكاء الوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافاتها وتطورها على مدار القرون الماضية.
ولذلك تجمع فعالية تُقيمها يونسكو بهذه المناسبة صفوة العلماء والخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي ورواد الثقافة بغرض استكشاف سُبل سد هذه الفجوة الرقمية عن طريق الذكاء الاصطناعي، وتعزيز حضور اللغة العربية على شبكة الإنترنت، ودعم الابتكار وتشجيع الحفاظ على التراث.
تطور عبر القرون
ويرجع اهتمام اليونسكو بالعربية إلى تاريخها العريق وتطورها على مدار قرون عديدة، موضحة أنها انتشرت في المناطق الغربية من طرق الحرير، حيث ساعد التجار والعلماء العرب الذين سافروا على طول طرق الحرير في تعزيز انتشار لغتهم إلى مناطق مختلفة.
وذكرت أن اللغة العربية، التي ظهرت لأول مرة في شمال غرب شبه الجزيرة العربية، هي عضو في عائلة اللغات السامية التي تضم أيضًا العبرية والآرامية. وفي حين أن المظاهر المبكرة والأولية للغة العربية ترجع إلى القرن الثامن قبل الميلاد، فقد تم تعريف اللغة وصقلها على مدى فترة طويلة من الزمن. وحدث قدر كبير من هذا التطور بين القرنين الثالث والسادس الميلاديين، مع إضافات أخرى إلى النص في القرن السابع الميلادي عندما تمت إضافة علامات مساعدة إلى الحروف لتجنب الغموض حول كيفية قراءة النص.
وشهد القرن العاشر على وجه الخصوص اهتمامًا شديدًا بين اللغويين العرب، وخلال هذا الوقت تم تجميع ما لا يقل عن ستة قواميس عربية إلى جانب أعمال أكثر تخصصًا تهدف إلى تقديم أنواع معينة من المفردات مثل المرادفات والمتجانسات، بحسب اليونسكو.
ووفقا لليونسكو، كان البدو والتجار في وسط وشمال شبه الجزيرة العربية يتحدثون لهجات مختلفة. ومن المفترض عمومًا أن أصول اللهجات الحديثة توجد في هذه اللغات القديمة في وسط وشمال شبه الجزيرة العربية. وساهم هجرة هذه المجموعات في انتشار اللهجات العربية المختلفة إلى جنوب شبه الجزيرة وكذلك إلى مناطق بلاد ما بين النهرين.
وعلى هذا النحو، انتشرت لغة الضاد، جنبًا إلى جنب مع الإسلام، إلى أقصى أركان الأرض. وأخذ البدو لغتهم معهم غربًا إلى شمال إفريقيا، وشمالًا إلى حواف جبال طوروس. وفي شمال إفريقيا، أدى اختلاط القبائل المختلفة جنبًا إلى جنب مع اللغات المحلية المختلفة في هذه المناطق المتنوعة إلى ظهور أشكال اللهجات المحلية تدريجيًا. وبالتواصل مع أشكال الكلام الأساسية الموجودة في هذه المناطق المتنوعة، تطورت اللهجات العربية إلى اللهجات العامية المختلفة اليوم، والتي تأثرت ليس فقط باللهجات المحلية القديمة لكن أيضًا، في العصور الحديثة، باللغات الأوروبية مثل الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية، بحسب الموقع.
وعلاوة على ذلك، أوضح الموقع أنه في تطورها المبكر، تركت الاتصالات مع لغات المجتمعات ذات الحياة الثقافية المزدهرة، مثل الفارسية أو اليونانية، آثارًا في اللغة العربية. وعلى سبيل المثال، استعارت اللغة العربية بشكل ملحوظ مصطلحات من الفارسية تتعلق بالحرف والفنون الجميلة والإدارة. وفي الوقت نفسه، استعارت بعض الترجمات من اليونانية إلى العربية كلمات يونانية ببساطة. وبالمثل، خضعت بنية الجملة لتأثيرات مماثلة من الثقافات المختلفة التي اتصلت بها اللغة العربية بمرور الوقت.
كما لعبت اللغة العربية دورًا رئيسيًا في التبادلات المختلفة على طرق الحرير، خاصة فيما يتعلق بالتفاعلات بين علماء العالم الإسلامي. ومنذ القرن الثامن فصاعدًا، نظرًا لأن بغداد كانت أحد المراكز الرئيسية للعلوم وعلم الفلك، أصبحت اللغة العربية اللغة الرئيسية للدراسة في مجالات العلوم.
ولذلك، وبما أن اللغة العربية كانت في قلب التبادلات العلمية والثقافية، فإن هذه التفاعلات والتعاون المتنوعة في مجالات متنوعة أسهمت في نشرها على طول طرق الحرير، وبالتالي تعزيزها.
الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتساب