يوصف محصول البطاطس بأنه الغذاء الأساسي الرابع عالميا، بعد الذرة والأرز والقمح، لكن رغم أهميته فإن المبيدات الكيميائية التي يستخدمها المزارعون أصبحت عاجزة عن درء مصاصى الجذور المجهريين، وهي "ديدان خيطية" بإمكانها التسلل إلى الجذور، مسببة مرضا يلحق ضررا بالغا بالمحصول.

وتمنع الديدان -التي تعرف باسم "نيماتوردا التعقد الجذري"- جذور النباتات من امتصاص الماء والمواد الغذائية من التربة، وكما تشكل مسببات الأمراض التي تصيب البشر مقاومة ضد المضادات الحيوية المستخدمة في العلاج، طورت تلك الديدان مقاومة ضد المبيدات التقليدية، وهي المشكلة التي وفر فريق بحثي من مدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية بمدينة الإسكندرية المصرية حلا لها، عبر اعتماد طريقة للمقاومة الحيوية، تم الإعلان عنها في دورية "ساينتفك ريبورتيز"، تستخدم فيها "الفطريات الداخلية صديقة البيئة".

وتعيش تلك الفطريات الداخلية داخل أنسجة النباتات دون التسبب في ضرر، مثلما تعيش بعض الميكروبات النافعة في الجهاز الهضمي البشري، ويمكن أن تنتج هذه الفطريات مواد سامة لديدان "نيماتودا تعقد الجذور".

من بذور عشب "الحلبة" جاء الحل

وركزت الدراسة على فعالية فطر "اسبرجلس فلافس" المعزول من بذور عشب "الحلبة"، إذ قام الباحثون بتحليل السائل الذي نما فيه الفطر (مرق الاستزراع) لفهم المواد الكيميائية التي ينتجها الفطر.

وباستخدام قياس الطيف الكتلي المضاف إلى كروماتوغراف الغاز، تعرف الباحثون على عديد من المواد الكيميائية، التي يمكن أن تقتل أو تمنع الديدان الخيطية، وتشمل أحماض "الغادوليك"، و"الأوليك ثنائي إيثانولاميد"، و"الأوليك"، و"البالمتيك"، وتكمن أهمية هذه المركبات في قدرتها على مكافحة الديدان الخيطية الضارة التي تهاجم نباتات البطاطس.

كما استخدموا تقنية أخرى لفصل المكونات في الخليط وتحديدها وتحديد كميتها، ووجد الباحثون مركبات إضافية في (مرق الاستزراع)، مثل "حمض الغال"، و"الكاتشين"، و"حمض الفانيليك"، وتتمتع هذه المركبات بخصائص مفيدة مختلفة -من بينها النشاط المضاد للأكسدة- ويمكن أن تساعد في حماية النبات، وربما تساهم في فعالية الفطريات ضد الديدان الخيطية.

الباحثون وجدوا طريقة لحماية البطاطس ومنع تدهورها (بيكسابي) تقليل عدد العُقمات والبيض

وتقول الأستاذة بقسم وقاية النبات والتشخيص الجزيئي الحيوي بمعهد بحوث زراعة الأراضي القاحلة بمدينة البحوث العلمية والتطبيقات التكنولوجية بالإسكندرية، رحاب غريب، والباحثة الرئيسية بالدراسة، في تصريحات للجزيرة نت، إن "معاملة نبات البطاطس في التجارب المعملية بالمستخلص المائي للفطر، أتاح توظيف تلك المركبات في حماية البطاطس من مصاصي الجذور (ديدان نيماتوردا التعقد الجذري)، حيث ساعدت على تثبيط تطور وتكاثر الديدان الخيطية في نباتات البطاطس، مما أدى إلى تقليل عدد العُقمات ( نمو غير طبيعي أو نمو خارجي لأنسجة النبات نتيجة لتهيجها بسبب البكتيريا أو الفطريات أو الحشرات) وبيض الديدان بنسبة 90% و89% على التوالي"، وأضافت الباحثة أنه علاوة على ذلك، "رفعت نشاط الإنزيمات المرتبطة بالدفاع، مثل الكيتيناس والكاتالاز والبيروكسيديز، مما عزز مقاومة النبات للعدوى".

ويعتمد هذا البحث على دراسات سابقة استكشفت عوامل المكافحة البيولوجية لمسببات الأمراض النباتية، فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة أن استخدام المبيدات الحيوية الطبيعية مثل أحد أنواع الخميرة "ميتشنيكوفيا بولشيريما"، وبكتيريا حمض اللاكتيك "لاكتيبلانتيباسيلوس بلانتاروم"، ومستخلص الثوم المائي، كانت له آثار إيجابية على فسيولوجيا البطاطس وتقليل إنتاج السموم الفطرية بواسطة مسببات الأمراض الفطرية.

وبالمثل، قامت دراسة أخرى بتقييم استخدام السليلوز الجريزوفولفين (مسحوق يستخدم في صناعة الأدوية) المضمن في جسيمات الفضة النانوية كمبيد للنيماتودا صديق للبيئة.

وتقول غريب: " تقدم دراستنا الحالية طريقة أخرى مستدامة تعتمد على معاملة النبات بالمستخلص المائي للفطر، وليس بمسحوق الفطر، كما فعلت الدراسات السابقة، وهذه الطريقة أسهل في التعامل، وتحقق نتائج أفضل".

المبيدات الكيميائية التي يستخدمها المزارعون أصبحت عاجزة عن درء مصاصى الجذور المجهريين، وهي "ديدان خيطية" بإمكانها التسلل إلى الجذور، مسببة مرضا يلحق ضررا بالغا بالمحصول (بيكسابي) التطوير بتقنية النانو

وأظهرت التجارب المعملية أن المستخلص المائي ( مرق الاستزراع) لفطر "اسبرجلس فلافس" عندما يتم تطبيقه عن طريق رش التربة، يعمل على تحسين نمو البادرات وتقليل انتشار الديدان الخيطية، وأدى ذلك إلى تعزيز المقاومة للعدوى بالديدان الخيطية، مما يجعل هذه الطريقة الحيوية الآمنة على البيئة عاملا واعدا في المكافحة البيولوجية، وتوفر حلا مستداما للمزارعين.

وتقول غريب إنهم "لم يكتفوا بما توصلوا له في هذه الدراسة، بل عملوا على تحسين تلك الطريقة بتحميل (مرق الاستزراع) للفطر على جزيئات زنك نانونية، وهذا ساعد على إعطاء هذا الحل مزيدا من الفاعلية بسبب الاستفادة من ميزة جزيئات النانو، وتم نشر هذا الإنجاز أيضا في دورية بي إم سي بلانت بيولوجي".

ويسمح التحميل على جسيمات الزنك النانوية بتوصيل المركبات القاتلة للنيماتودا والمفيدة بشكل أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول في التربة، مما يوفر حماية ممتدة ضد النيماتودا وفوائد مستمرة للنباتات، ويضيف الزنك فوائد إضافية، لكونه من المغذيات الدقيقة الأساسية للنباتات، ويلعب دورا حاسما في وظيفة الإنزيم، وتخليق البروتين، ونمو النبات بشكل عام، ومن ثم فإن تحضير "مرق الاستزراع" للفطر في جسيمات نانونية من الزنك يساعد -إلى جانب التحكم في النيماتودا- في تحسين الحالة الغذائية للتربة، وتعزيز نمو النبات بشكل أكثر صحة وقوة.

وعن إمكانية خروج هذا العمل من النطاق المعملي إلى التطبيق العملي، تضيف الباحثة "فكرتنا آمنة على البيئة والإنسان وتحمي النبات وتزيد دخل المزارع، وهي جاهزة للتقديم إلى أي مستثمر زراعي يريد إنتاجها تجاريا، لا سيما أن استخدام فطر اسبرجلس فلافس يمثل طريقة حيوية آمنة على البيئة والإنسان ويزيد من إنتاجية النبات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الدیدان الخیطیة

إقرأ أيضاً:

فريق طبي بمستشفيات جامعة أسيوط ينجح في إنقاذ حياة شاب أُصيب بطلق ناري وتوقف عضلة القلب

نجح فريق طبي، بقسم جراحة القلب والصدر، بمستشفيات جامعة أسيوط في إنقاذ حياة شاب يبلغ من العمر (٢٥) عامًا، تعرّض للإصابة بطلق ناري نافذ بالناحية اليمنى من الصدر، مع توقف عضلة القلب، ونزيف شديد.وتمكن الفريق الطبي فور وصوله لمستشفى الإصابات والطوارئ الجامعي من إجراء اللازم، وإجراء الجراحة بكفاءة ونجاح، حتى تماثله التام للشفاء، وخروجه من المستشفى.

وأشاد الدكتور أحمد المنشاوي بكفاءة الفريق الطبي في إنقاذ الشاب المصاب بطلق ناري والتدخل السريع لإنقاذ حياته، وقدرته على التعامل بدقة فور وصول المريض إلى استقبال الإنعاش القلبي بمستشفى الإصابات، مهنئًا إياهم على هذا النجاح المشرف، الذي يعكس الدور الحيوي للكوادر الطبية بالمستشفيات الجامعية، وإسهاماتها في تقديم خدمة طبية على مستوى عالٍ من الحرفية والمهارة، واستخدام أحدث الأساليب والتقنيات التشخيصية والعلاجية.

وكان مستشفى الإصابات والطوارئ الجامعي قد استقبل شابًا تعرّض للإصابة بطلق ناري نافذ بالناحية اليمنى من الصدر، مع توقف عضلة القلب ونزيف شديد إثر وصوله إلى استقبال الإنعاش القلبي بوحدة الاستقبال بالمستشفى. وتم إجراء إنعاش قلبي، ونقل المريض مباشرة إلى العمليات، ثم إجراء استكشاف عاجل للصدر، حيث تبيّن وجود تهتك شديد بالرئة اليمنى، ونزيف حاد.

ونجح الفريق الطبي في السيطرة على النزيف، مع إصلاح الرئة اليمنى دون استئصال أي جزء منها، وكذلك استقرار العلامات الحيوية للمصاب، ومن ثم نقله إلى العناية المركزة بمستشفى الإصابات، حيث مكث أسبوعًا على جهاز التنفس الصناعي لاستعادة الرئة لوظيفتها، وتلقي العلاجات المطلوبة، وإجراء تمارين التنفس لحين التحسن. وبعد ذلك، تم فصل المصاب عن جهاز التنفس، واستعادة حركته ونشاطه الطبيعي، ليتم نقله بعد ذلك إلى القسم الداخلي لمتابعته، ومن ثم خروجه إلى المنزل بعد التعافي التام.

وتكوّن الفريق الطبي بقسم جراحة القلب والصدر تحت إشراف الدكتور محمد عياد، رئيس القسم، من كلٍّ من: الدكتور الحسين عبد المطلب، مدرس جراحة القلب والصدر، والطبيب أحمد سمير، مدرس مساعد جراحة القلب والصدر، والطبيب أحمد وهبة، معيد بالقسم، والطبيبة الشيماء رفاعي، طبيبة الطوارئ.

وتشكل فريق التخدير تحت إشراف الدكتورة هالة سعد عبد الغفار، رئيس القسم، والمكوّن من: الطبيبة أسماء شعبان، مدرس مساعد التخدير، والأطباء محمود إكرام، وهالة هاشم، وعطية مدحت، نواب القسم، وبمساعدة الطبيبة داليا محمد، مدرس مساعد العناية، وبمعاونة فريق من التمريض بالمستشفى.

ويأتى هذا النجاح ليؤكد هذا النجاح على ريادة مستشفيات جامعة أسيوط، وأدائها المتميز في إجراء الكثير من الجراحات الدقيقة والنادرة بمهارة فائقة ودقة عالية، وذلك تحت إشراف الدكتور علاء عطية، عميد كلية الطب ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية، والدكتور محمد عبد الحميد، مدير مستشفى الإصابات والطوارئ الجامعي.

مقالات مشابهة

  • إنقاذ دولفين من شباك صيد ممنوعة على يد شباب الأنشطة البحرية
  • فريق طبي بمستشفيات جامعة أسيوط ينجح في إنقاذ حياة شاب أُصيب بطلق ناري وتوقف عضلة القلب
  • إنقاص الوزن.. فوائد غير متوقعة لتناول القرع
  • أخبار الوادي الجديد| طرح كميات من البطاطس بـ 2 جنيه.. ودورات التدريبية بشعبة نادي العلوم بمراكز الشباب
  • طرح كميات من البطاطس بـ 2 جنيه استعدادًا لشهر رمضان بالوادي الجديد
  • ترامب بين روسيا وأوكرانيا.. إنقاذ أم خيانة؟
  • من هو ملك الغابة المصرية القديمة وكيف انقرض؟
  • مصر.. إنقاذ درامي لشاب سقط من قمة جبل الجلالة
  • ترامب وأوكرانيا.. إنقاذ أم ابتزاز أم خيانة أم فوضى؟
  • جنوح 157 من الحيتان القاتلة الزائفة