علماء يتمكنون من إنقاذ البطاطس المصرية بالفطريات الصديقة
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
يوصف محصول البطاطس بأنه الغذاء الأساسي الرابع عالميا، بعد الذرة والأرز والقمح، لكن رغم أهميته فإن المبيدات الكيميائية التي يستخدمها المزارعون أصبحت عاجزة عن درء مصاصى الجذور المجهريين، وهي "ديدان خيطية" بإمكانها التسلل إلى الجذور، مسببة مرضا يلحق ضررا بالغا بالمحصول.
وتمنع الديدان -التي تعرف باسم "نيماتوردا التعقد الجذري"- جذور النباتات من امتصاص الماء والمواد الغذائية من التربة، وكما تشكل مسببات الأمراض التي تصيب البشر مقاومة ضد المضادات الحيوية المستخدمة في العلاج، طورت تلك الديدان مقاومة ضد المبيدات التقليدية، وهي المشكلة التي وفر فريق بحثي من مدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية بمدينة الإسكندرية المصرية حلا لها، عبر اعتماد طريقة للمقاومة الحيوية، تم الإعلان عنها في دورية "ساينتفك ريبورتيز"، تستخدم فيها "الفطريات الداخلية صديقة البيئة".
وتعيش تلك الفطريات الداخلية داخل أنسجة النباتات دون التسبب في ضرر، مثلما تعيش بعض الميكروبات النافعة في الجهاز الهضمي البشري، ويمكن أن تنتج هذه الفطريات مواد سامة لديدان "نيماتودا تعقد الجذور".
من بذور عشب "الحلبة" جاء الحلوركزت الدراسة على فعالية فطر "اسبرجلس فلافس" المعزول من بذور عشب "الحلبة"، إذ قام الباحثون بتحليل السائل الذي نما فيه الفطر (مرق الاستزراع) لفهم المواد الكيميائية التي ينتجها الفطر.
وباستخدام قياس الطيف الكتلي المضاف إلى كروماتوغراف الغاز، تعرف الباحثون على عديد من المواد الكيميائية، التي يمكن أن تقتل أو تمنع الديدان الخيطية، وتشمل أحماض "الغادوليك"، و"الأوليك ثنائي إيثانولاميد"، و"الأوليك"، و"البالمتيك"، وتكمن أهمية هذه المركبات في قدرتها على مكافحة الديدان الخيطية الضارة التي تهاجم نباتات البطاطس.
كما استخدموا تقنية أخرى لفصل المكونات في الخليط وتحديدها وتحديد كميتها، ووجد الباحثون مركبات إضافية في (مرق الاستزراع)، مثل "حمض الغال"، و"الكاتشين"، و"حمض الفانيليك"، وتتمتع هذه المركبات بخصائص مفيدة مختلفة -من بينها النشاط المضاد للأكسدة- ويمكن أن تساعد في حماية النبات، وربما تساهم في فعالية الفطريات ضد الديدان الخيطية.
الباحثون وجدوا طريقة لحماية البطاطس ومنع تدهورها (بيكسابي) تقليل عدد العُقمات والبيضوتقول الأستاذة بقسم وقاية النبات والتشخيص الجزيئي الحيوي بمعهد بحوث زراعة الأراضي القاحلة بمدينة البحوث العلمية والتطبيقات التكنولوجية بالإسكندرية، رحاب غريب، والباحثة الرئيسية بالدراسة، في تصريحات للجزيرة نت، إن "معاملة نبات البطاطس في التجارب المعملية بالمستخلص المائي للفطر، أتاح توظيف تلك المركبات في حماية البطاطس من مصاصي الجذور (ديدان نيماتوردا التعقد الجذري)، حيث ساعدت على تثبيط تطور وتكاثر الديدان الخيطية في نباتات البطاطس، مما أدى إلى تقليل عدد العُقمات ( نمو غير طبيعي أو نمو خارجي لأنسجة النبات نتيجة لتهيجها بسبب البكتيريا أو الفطريات أو الحشرات) وبيض الديدان بنسبة 90% و89% على التوالي"، وأضافت الباحثة أنه علاوة على ذلك، "رفعت نشاط الإنزيمات المرتبطة بالدفاع، مثل الكيتيناس والكاتالاز والبيروكسيديز، مما عزز مقاومة النبات للعدوى".
ويعتمد هذا البحث على دراسات سابقة استكشفت عوامل المكافحة البيولوجية لمسببات الأمراض النباتية، فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة أن استخدام المبيدات الحيوية الطبيعية مثل أحد أنواع الخميرة "ميتشنيكوفيا بولشيريما"، وبكتيريا حمض اللاكتيك "لاكتيبلانتيباسيلوس بلانتاروم"، ومستخلص الثوم المائي، كانت له آثار إيجابية على فسيولوجيا البطاطس وتقليل إنتاج السموم الفطرية بواسطة مسببات الأمراض الفطرية.
وبالمثل، قامت دراسة أخرى بتقييم استخدام السليلوز الجريزوفولفين (مسحوق يستخدم في صناعة الأدوية) المضمن في جسيمات الفضة النانوية كمبيد للنيماتودا صديق للبيئة.
وتقول غريب: " تقدم دراستنا الحالية طريقة أخرى مستدامة تعتمد على معاملة النبات بالمستخلص المائي للفطر، وليس بمسحوق الفطر، كما فعلت الدراسات السابقة، وهذه الطريقة أسهل في التعامل، وتحقق نتائج أفضل".
المبيدات الكيميائية التي يستخدمها المزارعون أصبحت عاجزة عن درء مصاصى الجذور المجهريين، وهي "ديدان خيطية" بإمكانها التسلل إلى الجذور، مسببة مرضا يلحق ضررا بالغا بالمحصول (بيكسابي) التطوير بتقنية النانووأظهرت التجارب المعملية أن المستخلص المائي ( مرق الاستزراع) لفطر "اسبرجلس فلافس" عندما يتم تطبيقه عن طريق رش التربة، يعمل على تحسين نمو البادرات وتقليل انتشار الديدان الخيطية، وأدى ذلك إلى تعزيز المقاومة للعدوى بالديدان الخيطية، مما يجعل هذه الطريقة الحيوية الآمنة على البيئة عاملا واعدا في المكافحة البيولوجية، وتوفر حلا مستداما للمزارعين.
وتقول غريب إنهم "لم يكتفوا بما توصلوا له في هذه الدراسة، بل عملوا على تحسين تلك الطريقة بتحميل (مرق الاستزراع) للفطر على جزيئات زنك نانونية، وهذا ساعد على إعطاء هذا الحل مزيدا من الفاعلية بسبب الاستفادة من ميزة جزيئات النانو، وتم نشر هذا الإنجاز أيضا في دورية بي إم سي بلانت بيولوجي".
ويسمح التحميل على جسيمات الزنك النانوية بتوصيل المركبات القاتلة للنيماتودا والمفيدة بشكل أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول في التربة، مما يوفر حماية ممتدة ضد النيماتودا وفوائد مستمرة للنباتات، ويضيف الزنك فوائد إضافية، لكونه من المغذيات الدقيقة الأساسية للنباتات، ويلعب دورا حاسما في وظيفة الإنزيم، وتخليق البروتين، ونمو النبات بشكل عام، ومن ثم فإن تحضير "مرق الاستزراع" للفطر في جسيمات نانونية من الزنك يساعد -إلى جانب التحكم في النيماتودا- في تحسين الحالة الغذائية للتربة، وتعزيز نمو النبات بشكل أكثر صحة وقوة.
وعن إمكانية خروج هذا العمل من النطاق المعملي إلى التطبيق العملي، تضيف الباحثة "فكرتنا آمنة على البيئة والإنسان وتحمي النبات وتزيد دخل المزارع، وهي جاهزة للتقديم إلى أي مستثمر زراعي يريد إنتاجها تجاريا، لا سيما أن استخدام فطر اسبرجلس فلافس يمثل طريقة حيوية آمنة على البيئة والإنسان ويزيد من إنتاجية النبات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الدیدان الخیطیة
إقرأ أيضاً:
مسلات داخل جسم الإنسان.. علماء يكتشفون شكل حياة جديد
اكتشف العلماء شكل حياة جديد كامن داخل الجسم البشري، إذ وجدوا كيانات تشبه الفيروسات تسمى "المسلات"، وهي عبارة عن قطع دائرية من المادة الوراثية تحتوي على جين واحد أو اثنين وتنظم نفسها على شكل قضيب.
وتظهر المسلات في نصف سكان العالم، ولكن لم يتم اكتشافها إلا عندما كان الباحثون يبحثون عن أنماط لا تتطابق مع أي كائنات حية معروفة في المكتبات الجينية، وفق "دايلي ميل".
وتستعمر هذه الأشكال أفواه وأمعاء البشر، وتعيش داخل مضيفها لمدة عام تقريباً، لكن العلماء لا يعرفون كيف تنتشر.
وتحتوي المسلات على جينومات من حلقات الحمض النووي الريبي تشبه الفيرويدات، وهي فيروسات تصيب النباتات، مما يجعل الخبراء في حيرة من سبب العثور عليها في البكتيريا المرتبطة بالإنسان.
وقال مارك بيفير، عالم الخلايا والأحياء التنموية الذي لم يشارك في البحث، لمجلة ساينس: "إنه أمر جنوني، كلما نظرنا أكثر، رأينا المزيد من الأشياء التي لا تصدق".
ومن غير الواضح ما إذا كانت المسلات ضارة أم مفيدة، لكن الفريق اقترح أنها قد "توجد كراكب تطوري متخفٍ".
وقال العلماء أيضاً إن هذه الكيانات البدائية الصغيرة ربما لعبت دوراً حاسماً في تشكيل التنوع البيولوجي الموجود على الأرض اليوم، حيث قد تكون قادرة على إصابة الكائنات الحية من العديد من الأنواع المختلفة طوال تطورها.
ولم يتأكد العلماء بعد ما إذا كانت أشكال الحياة المكتشفة حديثاً هذه يمكن أن تجعل الناس مرضى، ولكن هناك نوع واحد من الفيروسات يمكنه ذلك: التهاب الكبد الوبائي د.
والمسلات والفيروسات هي كائنات غير حية تقنياً؛ تعتمد على مضيف للبقاء على قيد الحياة، فهي لا تأكل ولا تتجدد ولا تتزاوج.
ومع ذلك، يعتقد بعض الباحثين أن الفيروسات وأقاربها - وربما المسلات أيضاً - تمثل "أشكال الحياة" الأقدم على الأرض.
وتمكن فريق البحث، بقيادة عالم الكيمياء الحيوية في جامعة ستانفورد إيفان زيلوديوف، من اكتشاف المسلات من خلال غربلة البيانات من قاعدة بيانات الحمض النووي الريبي التي تحتوي على آلاف التسلسلات التي تم جمعها من أفواه البشر وأمعائهم ومصادر أخرى، وقد قاموا بتحليل هذه البيانات للبحث عن جزيئات الحمض النووي الريبي الدائرية أحادية السلسلة التي لا تتطابق مع أي تسلسلات فيروسية معروفة ولا تشفر البروتينات.
وقد كشف تحليلهم عن 30 ألف نوع مختلف من المسلات، وقد تم تجاهل جينوماتها في السابق لأنها لا تشبه أي شكل من أشكال الحياة التي تم العثور عليها وتوثيقها من قبل.
ولكن النتائج التي نشرت في مجلة Cell تشير إلى أن المسلات ليست نادرة على الإطلاق، وقد وجد الباحثون أن نصف سكان العالم يحملون مسلات في أفواههم، بينما يحمل 7% منهم مسلات في أمعائهم.
وسوف تكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم مدى انتشارها بشكل كامل.
وقد تكون طفيلية وضارة بخلايا مضيفها، ولكنها قد تكون مفيدة أو حميدة تماماً، إذا كشفت الدراسات المستقبلية أن المسلات لها تأثير كبير على صحة أو وظائف الميكروبيوم البشري، فسيكون ذلك اكتشافاً مهما لصحة الإنسان، كما يقول الخبراء.