الحديث لم يعد اليوم عن احتراز عالمي، بل عن “غليان” عالمي. وهو ما دفع الرئيس الأميركي جو بايدن للتحذير من “تهديد وجودي”. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تبنى إجراءات جذرية على الفور للحد من تغير المناخ.
ولكن، هل هناك حلول فعلا، سوى التقشف أو إبادة نصف سكان الأرض.
رغم ذلك يبدو البشر غير مكترثين، وفي أفضل الأحوال، ينتظرون حدوث معجزة لن تحدث.


كل يوم بعد أن نغادر الفراش نرتكب، دون أن نتوقف لتفكير ولو للحظة، قائمة من الأفعال المسيئة للمناخ. ونساهم دون وعي أو بوعي، لا فرق، في ظاهرة الاحترار والجفاف.

نبدأ يومنا بحمام ماء ساخن، نستهلك فيه الطاقة والماء. ثم نشرب فنجان قهوة، وصل إلينا بعد أن جمعت حبوب البن من مزارع تم استصلاح الأرض التي أنبتت فيها على حساب الغابات، لتمر بعد ذلك بمراحل إعداد وتغليف، ثم تنقل آلاف الأميال لتصل إلينا، وتوضع على الطاولة أمامنا. يلي ذلك تناول وجبة الإفطار التي إن خلت من شرائح المرتديل، لن تخلو من الحليب ومشتقاته أو من البيض وقطع الخبز المحمص.
نخرج من المنزل ونتوجه إلى العمل؛ هناك احتمال كبير أن نتنقل بسيارة خاصة تستخدم البنزين أو الديزل. السيارات الكهربائية ما زالت نسبتها متواضعة جدا مقارنة بالسيارات التي تعتمد الوقود الاحفوري.
في المكتب نستخدم أجهزة إلكترونية وحاسبات وإضاءة وتبريد أو تدفئة حسب الفصل.
أو قد نستقل النقل العام؛ قطارا أو حافلة أو طائرة.
بالتأكيد سنتناول أيضا الطعام في منتصف النهار، ونحتسي فنجان قهوة آخر، وقد نذهب إلى التسوق.
تذكروا دائما أنكم في كل خطوة تخطونها خارج المنزل تساهمون بشكل أو آخر بظاهرة الاحترار.
حتى بعد عودتنا مساء إلى المنزل لن يتوقف مسلسل الهدر، سواء بالتكييف أو التسخين أو الطهي أو الإضاءة.
الإساءات التي نرتكبها، دون سابق قصد أو ترصد ضد كوكب الأرض أكبر من أن تعد أو تحصى.
لقد برمجت حياتنا بشكل كامل على استهلاك الموارد الطبيعية، لن يكون بالإمكان اتخاذ قرار بسيط واحد، سواء على مستوى الفرد أو مستوى الجماعة أو الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، لعكس الاتجاه أو وقفه أو إبطائه.
وقد يكون هذا هو السبب في فشل كل الجهود التي بذلت لوضع قواعد يتفق عليها الجميع. في كل مرة يتنادى فيها السياسيون والخبراء للنقاش يفضّ الاجتماع على اختلاف، أو تقر مجموعة من الإجراءات، غير ملزمة للأطراف.
لا نحتاج لمن ينبهنا إلى ما يجري من حولنا، ويحذرنا من المستقبل. ببساطة لأننا اليوم نعيش المستقبل، لا تفصل بيننا وبينه أيّ فترة زمنية.

عام 2023 لن يرحل قبل أن يقدم لنا العشرات من الأسباب لنقتنع أن الكارثة بدأت؛ حرائق، فيضانات، درجات حرارة غير مسبوقة وجفاف.
المشكلة أننا لا نحتاج الآن برهانا لنتأكد من خطورة ما نحن فيه. كلنا مقتنعون حتى ولو أبدينا عدم الاكتراث.
شهر يوليو/تموز لهذا العام حطم المستوى القياسي ليصبح أكثر الأشهر حرا على الإطلاق على مستوى العالم، منذ أن بدأت البشرية بتسجيل درجات الحرارة.
رقعة الحرائق المشتعلة في مناطق مختلفة في العالم هي الأخرى غير مسبوقة، وكذلك الفيضانات، والأعاصير وعدد الضحايا.
لم يعد العالم يتحدث عن مخاطر الجفاف في قادم السنوات. نحن نعيش عصر الجفاف. وهو ما دفع الرئيس الأميركي للحديث عن “تهديد وجودي”، والقول حرفيا “لا أعتقد أن أحدا يستطيع أن ينكر بعد اليوم تأثير التغير المناخي”.
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فأكد بحزم، أننا لا نشهد عهد الاحترار، بل نحن نعيش عهد الغليان.
لا تتوقف المشكلة عند درجات الحرارة المرتفعة، وما تسببه من حرائق وشح بالمياه، وتزايد أعداد الموتى بين المسنين والمرضى.
التهديد أكبر من ذلك بكثير؛ لأول مرة تشعر البشرية أن أمنها الغذائي مهدد. في السابق كان الحديث عن مجاعات في بلدان فاشلة وفقيرة أو دول مزقتها الصراعات والحروب الأهلية. اليوم مشكلة الأمن الغذائي طالت الدول الثرية أيضا.
من دون المخاطر المترتبة على الاحترار، ومن دون الجفاف، لن يستطيع العالم أن يؤمّن الغذاء لكل سكانه بحلول عام 2050 الذي سيشهد الحاجة إلى مضاعفة كميات الغذاء. فكيف سيكون الحال إذًا مع تفاقم مشكلة المياه والجفاف.
حتى لو نجح العالم في إبطاء التغيرات المناخية، والسيطرة على درجات الحرارة، لن يستطيع تأمين ما يكفي من غذاء لجميع سكانه.
هناك من يأمل في مساعدة الذكاء الاصطناعي وتحسين جينات البذور والزراعة العمودية، وهناك من يفكر في استكشاف إمكانية الانتقال للعيش على كواكب أخرى.

أفكار كثيرة لم تثبت صلاحية أيّ منها بعد إلا على الورق.
لا توجد نقطة ضوء في نهاية النفق، حتى أكثر المتفائلين لن يستطيع أن يرى سوى النصف الفارغ من الكأس. لا يوجد نصف آخر ممتلئ.
رغم ذلك كله هناك ما يمكن عمله، بانتظار حل يأتي به العلم.
قبل كل شيء، وأهم من كل شيء، أن نتوقف عن انتظار حدوث معجزة، المعجزات وإن أتت لا تأتي إلينا طوعا يجب أن نصنعها بأيدينا.
ثانيا، تجريم إهدار الطعام، ليس فقط في المطاعم والفنادق، بل حتى في المنازل.
ثالثا، التقشف بجميع مظاهره. وخاصة في استهلاك المواد الغذائية.
هناك أيضا حل آخر، رابع، إبادة نصف البشر.
هل هناك من يتجرأ على تبني الحل الأخير؟ بالتأكيد لا. ولكن في حال حصوله، سنكون كلنا شركاء في الجريمة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة التغير المناخي

إقرأ أيضاً:

البابا فرنسيس: حل الدولتين السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في فلسطين

قال بابا الفاتيكان فرنسيس، إن الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتمثل في نموذج “شعبين ودولتين”، 

وأكد البابا فرنسيس لدى مشاركته في لقاء تلفزيوني الأحد، أن حل الدولتين يمثل "الخيار الوحيد الممكن"، قائلاً: "هناك إمكانية وأعتقد أنها الحل الوحيد".

وأشار إلى أن بعض الأطراف تتقبل هذا الطرح، بينما ترفضه أطراف أخرى دون أن يسميها.

وقال: "السلام دائمًا أسمى من الحرب لتحقيق السلام، قد يتطلب الأمر التنازل عن أشياء معينة، لكن في المقابل يكسبك المزيد".

مقالات مشابهة

  • إعدام الملك لويس بالمقصلة.. كيف انتهى الحكم الملكي في فرنسا؟
  • البابا فرنسيس: حل الدولتين السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في فلسطين
  • مغردون: انتهى الخوف على غزة وإسرائيل تدخل مرحلة الهزيمة
  • تحذير مبكر من العراق إلى العالم.. هناك تهديد للبشرية
  • فشل الغرب في الحرب التي شغلت العالم
  • بدء صلوات اللقان وقداس عيد الغطاس المجيد بحضور البابا تواضروس
  • النظام العالمي المستقر انتهى.. فما التالي؟
  • رفض عرض زواج انتهى بجريمة.. كواليس مقتل شاب على يد أخر بالسلام
  • حلقة النار ضدّ إسرائيل وأساسها لبنان.. هل انتهى دورها؟
  • السنيورة: مفهوم ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة قد انتهى