ذكريات مذبحة!
الأزمات لا تنتهي بطريقة الردح والصراخ والصياح بالصوت المرتفع على البرامج المسائية في القنوات التلفزيونية المحلية.
الطريق الوحيد لإسكات المعارضة مصالحة وطنية داخلية تشمل الجميع وتتعامل معهم بالعدل والتساوي وتشرك كل القوى السياسية في إدارة بلادها!
الطريق الوحيد للتعامل مع هذه الأزمة وتسويتها هو الحوار الوطني والمراجعة الشاملة والانفتاح على الجميع لخلق وطن للجميع، وليس لنخبة دون غيرها.
فيلم «ذكريات مذبحة» يُشكل تحركاً نادراً على مستوى المعارضة المصرية، ويتزامن مع مرور عشر سنوات على المجزرة، ويذكر بأن الأزمات قائمة والدماء لم تجف بعد.
* * *
قبل أيام قليلة عرض ناشطون مصريون في لندن فيلماً وثائقياً عالمياً باللغة الإنكليزية على مسرح «الأكاديمية البريطانية للأفلام وفنون التلفزيون – بافتا»، ويتناول الفيلم أحداث فض اعتصام ميدان رابعة العدوية في القاهرة يوم 14 أغسطس/آب 2013، ويحمل الفيلم اسم «ذكريات مذبحة».
الفيلم يُمثل وثيقة تاريخية تتضمن عدداً من الشهادات التي تُبث لأول مرة، وهذا هو الإنتاج الأول من نوعه منذ تلك الأحداث، ولذلك يشكل إنتاجه تطوراً بالغ الأهمية، كما أنه يأتي متزامناً مع ذكرى مرور عشر سنوات على فض اعتصام رابعة في مصر.
الفيلم تم عرضه في لندن، وحسب القائمين عليه فسوف يتم عرضه لاحقاً في أماكن أخرى وقنوات تلفزيونية، وبطبيعة الحال سيتم نشره على شبكة الإنترنت وسيُصبح متاحاً للمشاهدة المجانية في أي مكان وأي زمان..
لكنّ الأهم من عرض الفيلم الذي تم في لندن هو الحلقة النقاشية التي أعقبته، والتي شارك فيها نائب في البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين الحاكم ووزير سابق، إضافة إلى كاتب صحافي معروف وآخرين، ما يعني أن العالم الغربي ما زال فيه من يهتم بالقضايا العربية، وأن هؤلاء المهتمون يرغبون دوماً سماع الرواية الأخرى لأي حدث.
الفيلم الوثائقي «ذكريات مذبحة» يستحوذ على أهمية كبيرة بلا شك، وهذا ما أدركه النظام في مصر، ولذلك استنفر كل وسائل إعلامه من أجل مهاجمة الفيلم.
والغريب أنهم هاجموه قبل أن يشاهدوه، بدليل أنه لم يُعرض سوى مرة واحدة حتى الآن، وفي قاعة واحدة في لندن، ولم يتم بثه حتى الآن على أي قناة تلفزيونية أو على الإنترنت.
أهمية هذا الفيلم الوثائقي تنبع مما يلي:
أولا: الفيلم يُخاطب العالم الغربي باللغة الإنكليزية، ويتضمن شهادات لأشخاص شهدوا الأحداث، كما يتضمن تعليقا من شخصيات مرموقة مثل النائب البريطاني كريسبن بلانت، والصحافي الأمريكي ديفيد كيلباتريك، وهذه أول خطوة من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات.
ثانياً: يأتي هذا الفيلم بعد المصالحة والتحسن في العلاقات بين النظام في مصر وتركيا وقطر، ما يعني أن إسكات أصوات المعارضين لا يتم عبر عواصم عربية وإقليمية، وإنما الطريق الوحيد لإسكاتهم هو المصالحة الوطنية الداخلية، التي تشمل الجميع وتتعامل معهم بالتساوي، وتفسح المجال لكل القوى السياسية أن تُشارك في إدارة بلادها.
ثالثاً: أعاد الفيلم إلى الواجهة أحداث فض اعتصام رابعة بعد عشر سنوات على تلك الأحداث، ما يعني أن الأزمات لا تنتهي بطريقة الردح والنواح والصياح بالصوت المرتفع على البرامج المسائية في القنوات التلفزيونية المحلية.
هذه ليست الطريقة المثلى للتعامل مع أزمة مثل «فض اعتصام رابعة» أو ما تسميه المعارضة «مجزرة رابعة»، وإنما الطريق الوحيد للتعامل مع هذه الأزمة وتسويتها هو الحوار الوطني والمراجعة الشاملة والانفتاح على الجميع لخلق وطن للجميع، وليس لنخبة دون غيرها.
والخلاصة هو أن فيلم «ذكريات مذبحة» الذي تم عرضه في لندن يُشكل تحركاً نادراً على مستوى المعارضة المصرية، ويأتي متزامناً مع ذكرى مرور عشر سنوات على الواقعة، ويعيد التذكير بأن هذه الأزمات لم تنتهِ بعد وهذه الدماء ما زالت لم تجف بعد.
*محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر النظام في مصر ذكريات مذبحة مجزرة رابعة فض اعتصام رابعة عشر سنوات على فی لندن
إقرأ أيضاً:
منتخبنا فوق الجميع
خاض منتخبنا عده مباريات في طريقه- بحول الله- للتأهل لكأس العالم 2026؛ حيث كان لقاء منتخبنا مع مضيفه الأسترالي ضمن المجموعة الثالثة بتصفيات آسيا المؤهلة للمونديال، وانتهى بالتعادل السلبي وكان ذلك الظهور الأول للمدرب الفرنسي إيرفي رينارد بعد عودته لقيادة الأخضر؛ ونتمنى له أن يسترجع نغمة الانتصارات من جديد.
ما أود الحديث عنه ما لاحظته على مستوى وأداء اللاعب الدولي سعود عبدالحميد المميز.
حقيقة الاحتراف الخارجي اتضحت معالمه الفنية عليه، ونتمنى له التوفيق، ناهيك عن المستوى الفني والروح القتالية التي ظهر بها اللاعبون ورغبتهم بالانتصار، وهذا بحد ذاته شيء مفرح ويُبشر بالخير. أما نحن كإعلاميين، فيجب أن ندعم لاعبينا، ونُشيد بروحهم العالية، بلا تفرقة.. بلا ميول.. بلا حسابات ضيقة، وأن نبتعد عن الانتقاد؛ بسبب ميولنا لذلك النادي أو ذاك. نقولها: المنتخب والوطن خط أحمر.. وشكرًا لنجوم الأخضر وللمدرب هيرڤي رينارد على ما قدموه في لقاء أستراليا الصعب، وننتظر منهم العلامة الكاملة أمام أندونيسيا- إن شاء الله.
@Ghadeer02