جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-13@08:32:56 GMT

بين العمل التطوعي والمنظم "3- 3"

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

بين العمل التطوعي والمنظم '3- 3'

 

عبيدلي العبيدلي **

 

قضية في غاية الأهمية ينبغي التوقف عندها عند مناقشة دور العمل التطوعي ونظيره المنظم في المنظمات التي لا تتوخي الربح. فهناك من يقف مدافعا عن الأول ورافضا الثاني، وبالقدر ذاته هناك من يحارب الأول ويدعو للاكتفاء بالثاني فقط.

في مجال المنظمات غير الربحية، فإن التعبئة الاستراتيجية للعمل التطوعي ليست مجرد ضرورة لوجستية، ولكنها حجر الزاوية في النجاح التشغيلي.

تقليديا، شهد الميدان وجهة نظر مستقطبة في استراتيجيات إدارة المتطوعين. فمن ناحية، يؤكد المدافعون عن العمل التطوعي المنظم على الحاجة إلى النظام، والقدرة على التنبؤ، والاتساق، بحجة أنَّ هذه العناصر ضرورية لضمان الاستدامة على المدى الطويل، والإدارة الفعَّالة للموارد، والامتثال للمتطلبات القانونية والتمويلية. يرتكز هذا النهج على الإجراءات المعمول بها والتخطيط التفصيلي والتنفيذ المنهجي، والتي تعتبر ضرورية للمشاريع التي تتطلب درجات عالية من الدقة والموثوقية.

وعلى العكس من ذلك، يسلط مؤيدو التطوع التلقائي الضوء على الحاجة الماسة إلى المرونة والاستجابة السريعة والمشاركة الشعبية. ويجادل هؤلاء،  بأنه في عالم يمكن أن تظهر فيه الأزمات الاجتماعية والبيئية فجأة، فإن قدرة المنظمات غير الربحية على التصرف بسرعة وبشكل تكيفي يمكن أن تحدث فرقا بين تخفيف المصاعب الفورية والاستجابة بعد فوات الأوان. يسمح التطوع التلقائي للمؤسسات بالاستفادة من الفرص غير المتوقعة، والانخراط مع المجتمعات بطريقة شخصية ومباشرة أكثر، وابتكار حلول سريعة.

ومع ذلك، فإنَّ الالتزام الصارم بنهج واحد غالبًا ما يعني إهمال نقاط القوة في النهج الآخر. تفترض هذه المقالة أن الإستراتيجية الأكثر فعالية للمنظمات غير الربحية ليست الاختيار بين التطوع المنظم أو العفوي، ولكن دمج كليهما. من خلال الجمع بين موثوقية الأنظمة المهيكلة والقدرة على التكيف مع المبادرات التلقائية، يمكن للمنظمات غير الربحية الوفاء بمهمتها بقوة أكبر، وتلبية احتياجات المجتمع، والاستجابة للأزمات بفعالية. يعد هذا النهج المتكامل بتعظيم التأثير، وتعزيز مشاركة المتطوعين، وتوسيع نطاق جهودهم عبر مجموعة أوسع من السيناريوهات.

 

دحض نموذج النهج الواحد:

غالبا ما يجادل منتقدو النهج المزدوج بأن وجود الكثير من البنية يمكن أن يخنق الإبداع والاستجابة السريعة، وهما أمران حاسمان في حالات الأزمات أو عند اغتنام الفرص العابرة. على العكس من ذلك، قد يؤكد مؤيدو التنظيم الصارم أن الكثير من العفوية يؤدي إلى الفوضى وعدم الكفاءة والتخفيف المحتمل لأهداف المنظمة غير الربحية. ومع ذلك، فإن هذه المنظورات تتجاهل الطبيعة التكاملية لكلا النهجين.

يوفر العمل التطوعي المنظم العمود الفقري للموثوقية والكفاءة، وهو أمر بالغ الأهمية للمشاريع طويلة الأجل والامتثال للمتطلبات التنظيمية والتمويلية.

من ناحية أخرى، يسمح التطوع التلقائي للمنظمات بالاستجابة بسرعة للتحديات أو الفرص غير المتوقعة، مما يعزز القدرة على التكيف والمشاركة المجتمعية.

الدعوة إلى نهج مختلط:

الحجة الأكثر إقناعا لدمج العمل التطوعي المنظم والعفوي داخل المنظمات غير الربحية هي اتساع نطاق الفعالية الذي يسمح به. يمكن هذا التآزر المؤسسات من الحفاظ على تقدم مطرد نحو أهدافها مع الاحتفاظ بالمرونة لتلبية الاحتياجات الفورية أو الابتكار عند ظهور الفرص.

1.  المرونة داخل الأطر: يمكن للمنظمات غير الربحية تصميم برامج تطوعية تتضمن أنشطة أساسية ومنظمة مع فرص مدمجة للمشاركة التلقائية. على سبيل المثال، قد يقوم الصليب الأحمر بتدريب المتطوعين على أدوار محددة مع الحفاظ أيضا على فريق الاستجابة السريعة للكوارث غير المتوقعة.

2.  التخطيط والاستجابة المتوازنة: من خلال إنشاء أدوار وعمليات واضحة إلى جانب القنوات المفتوحة للعمل الفوري، يمكن للمنظمات غير الربحية ضمان أن تكون الجهود التلقائية فعالة ومتوافقة مع مهمة المنظمة. وقد تجلى هذا النهج بشكل فعال خلال الاستجابة العالمية لوباء كوفيد-19، حيث استكملت الخدمات الصحية المنظمة بدعم مجتمعي عفوي ومجموعات مساعدة متبادلة.

3.  التكامل الثقافي: يمكن للمنظمات غير الربحية تعزيز ثقافة تقدر الموثوقية والاستجابة. وهذا ينطوي على تدريب القادة على التعرف على متى يجب دعم الهيكل ومتى يسمحون بالمرونة، وتشجيع العقلية التي تحتضن التخطيط والقدرة على التكيف بنفس القيمة.

 

خاتمة

يمثل دمج العمل التطوعي المنظم والعفوي داخل المنظمات غير الربحية تطورا حاسما في فلسفة وممارسة إدارة المتطوعين. يتجاوز هذا النهج الهجين الانقسامات التقليدية من خلال دمج موثوقية الأنظمة المهيكلة مع مرونة الإجراءات التلقائية، وبالتالي إنشاء نموذج تطوعي أكثر مرونة وتكيفا. لا يعزز هذا النموذج قدرة المنظمات غير الربحية على التنقل في تعقيدات بيئاتها التشغيلية فحسب، بل يضمن أيضًا أن تظل ذات صلة وتستجيب لاحتياجات المجتمع المزمنة والناشئة.

تتمتع المنظمات التي تمزج بنجاح أساليب التطوع هذه بميزة استراتيجية فريدة. فهي تحافظ على الزخم في المشاريع الطويلة الأجل من خلال خطط جيدة التنظيم، وفي الوقت نفسه، تحتفظ بالقدرة على التعبئة بسرعة استجابة للتحديات أو الفرص غير المتوقعة. علاوة على ذلك، يلهم هذا التآزر تجربة تطوعية أكثر ثراء، ويعزز المشاركة والالتزام الأعمق من خلال استيعاب تفضيلات ومهارات المتطوعين المتنوعة.

في نهاية المطاف، فإن الدعوة إلى اتباع نهج متوازن لإدارة المتطوعين في المنظمات غير الربحية تدور حول إدراك أن أقوى الأنظمة هي تلك المرنة بما يكفي للتكيف مع التحديات الجديدة بينما تكون مستقرة بما يكفي للبناء على النجاحات السابقة. من خلال الدفاع عن نموذج يقدر كلا من القدرة على التنبؤ والعفوية، يمكن للمنظمات غير الربحية أن تخدم مجتمعاتها بشكل أفضل، وتحقق مهامها، وتمهد الطريق لمستقبل لا يكون فيه العمل التطوعي مؤثرا فحسب، بل يتماشى أيضا بشكل ديناميكي مع المناظر الطبيعية المتطورة للحاجة والدعم. وبالتالي، فإن هذا التوليف الاستراتيجي ليس مجرد مثال نظري، ولكنه ضرورة عملية للقطاع غير الربحي المزدهر في العالم المعاصر.

** خبير إعلامي

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير الإنتاج الحربي: توطين تكنولوجيات التصنيع العسكري والمدني الحديثة هدف حيوي لا يمكن الحياد عنه

أكد وزير الدولة للإنتاج الحربي المهندس محمد صلاح الدين مصطفى، أن توطين تكنولوجيات التصنيع العسكري والمدني الحديثة هدف حيوي لا يمكن الحياد عنه نظراً لتأثيراته الإيجابية على الاقتصاد القومي وتوفير العملة الحرة.

جاء ذلك خلال زيارة مفاجئة له على شركة "هليوبوليس" للصناعات الكيماوية (مصنع 81 الحربي) التابعة للوزارة.

وقام وزير الدولة للإنتاج الحربي فور وصوله إلى مقر الشركة بالتوجّه مباشرةً إلى خطوط الإنتاج، حيث استمع إلى عرض من المهندس محمد عبد المنعم البسيوني رئيس مجلس إدارة "هليوبوليس للصناعات الكيماوية" من بيانات ومعلومات حول المؤشرات الخاصة بالأداء وحجم المبيعات وخطط الإنتاج والتسويق وموقف المخزون ومستلزمات الإنتاج وأعمال الصيانة وإجراءات الأمن الصناعي وكذا المستجدات المتعلقة بالمشروعات التي تقوم الشركة بتنفيذها في الوقت الحالي.

وشدد الوزير على ضرورة الالتزام بالمخططات الزمنية لتنفيذ مختلف المشروعات والحرص على تسليمها بالمستوى الذي يليق بمكانة الإنتاج الحربي، مؤكدا أن "هليوبوليس للصناعات الكيماوية" يتوفر بها خطوط إنتاج تضاهي خطوط الإنتاج العالمية وتضم عمالة مدربة على أعلى مستوى ويتوفر بها العديد من الإمكانيات التكنولوجية، حيث تلبي احتياجات القوات المسلحة من منتجاتها العسكرية وتقوم بالاستفادة من فائض الطاقات الإنتاجية بها لتصنيع عدد من المنتجات المدنية مثل (الصناعات المطاطية بأنواعها، البويات، اللاكيهات والورنيشات، البرايمرات، الفورمالدهايد، اليوريافورمالدهيد، الهكسامين، أقراص الوقود الجاف، كراسي الاستادات الرياضية، بودرة وعجائن الألومنيوم، نترات الصوديوم ونترات البوتاسيوم).

وحرص الوزير، خلال تفقده لـ (مصنع 81 الحربي)، على الاطمئنان على أحوال العاملين المعيشية، وقام بتشجيعهم على بذل المزيد من الجهد والعطاء.. مؤكداً على دورهم الحيوي في العملية الإنتاجية، واستمع عن قُرب إلى مطالبهم ومقترحاتهم بشأن عمليات التصنيع وكيفية زيادة الإنتاج وتحسين الأداء.

وأكد ترحيبه بالاطلاع على أفكارهم وآرائهم وترجمتها إلى قرارات تساهم في التطوير.. موجها بضرورة المداومة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأداء وتطبيق معايير الجودة في عمليات الإنتاج وتوفير مدخلات الصناعة اللازمة لعمل الشركة خلال الفترة المقبلة لتأمين استمرار الإنتاج وكذا الحفاظ على الأصول والموارد المتاحة بالشركة وتطبيق المعايير والأكواد الخاصة بالتخزين وإتباع إجراءات السلامة والصحة المهنية.

ومن جانبه.. أوضح محمد عيد بكر المستشار الإعلامي لوزير الدولة للإنتاج الحربي والمتحدث الرسمي للوزارة أن الوزير محمد صلاح حرص خلال جولته الميدانية بالشركة (مصنع 81 الحربي) على متابعة مدى تنفيذ التوجيهات الوزارية التي أصدرها خلال زيارته الأخيرة للشركة بشهر يوليو الماضي.

وأكد بكر على أن الشركات والوحدات التابعة تشهد تغييراً إيجابياً في ظل الجولات الميدانية المفاجئة التي يحرص المهندس محمد صلاح الدين مصطفى وزير الدولة للإنتاج الحربي على القيام بها للجهات التابعة والتي يستهدف من خلالها متابعة انتظام سير العمل بها على أرض الواقع والاطمئنان بنفسه على جودة العملية الإنتاجية بها والوقوف على مدى تنفيذ توجيهاته التي سبق إصدارها بخصوص موضوع أو مشروع معين منوطة الشركة بتنفيذه، وكذا الوقوف على التحديات التي قد تطرأ على العملية الإنتاجية في الشركات والوحدات التابعة وبحث آليات التعامل معها.

رافق الوزير، خلال الجولة التفقدية المفاجئة، المهندس إميل حلمي إلياس نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للإنتاج الحربي والعضو المنتدب وعدد من قيادات الوزارة.

اقرأ أيضاًوزير الإنتاج الحربي يؤكد أهمية تطوير الخطط الاستراتيجية لضمان أعلى مستويات الجودة

وزير الإنتاج الحربي: مستمرون في جولات تفقدية مفاجئة لمتابعة انتظام سير العمل

مقالات مشابهة

  • عضو التحالف الوطني تطلق مبادرة «بناء وتكوين الإنسان» لتعزيز العمل التطوعي
  • الشيخة جواهر: النهج التنموي المستدام يجسد رؤية الإمارات تجاه العمل الإنساني المشترك
  • وزير الإنتاج الحربي: توطين تكنولوجيات التصنيع العسكري والمدني الحديثة هدف حيوي لا يمكن الحياد عنه
  • الدويري: القسام أعادت بناء نفسها ولا يمكن القضاء عليها خلال عام آخر
  • وزير الخارجية: المنظمات التي تنأى بنفسها عن الأجندات السياسية تحظى بالاحترام
  • مدير شبكة المنظمات الأهلية يُطالب المحكمة الدولية بمحاسبة نتنياهو على جرائمه في غزة (فيديو)
  • مدير شبكة المنظمات الأهلية: يجب محاسبة نتنياهو على جرائمه في قطاع غزة
  • «أهمية العمل التطوعي و دوره في التنمية».. حلقة نقاشية بمجمع إعلام زفتى
  • "ميثاق العمل المناخي للمنظمات الأهلية" فى أولى فعاليات حملة "ايد فى ايد" بالفيوم
  • طريقة جديدة.. كيف يمكن حجز تذاكر القطارات من محطات المترو؟