3 ضوابط من القرآن والسنة تُشكل الحضارة الإسلامية
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق أن القواعد المهمة التي تؤسس بناء الحضارة الإسلامية أن الأحكام الشرعية لدين الإسلام تؤثر في الروح وفي القلب، وهناك عدة ضوابط مأخوذة من القرآن والسنة التي تشكل عناصر مهمة في البناء الحضاري للمجتمع الإسلامي بل والبشري، ومنها:
علي جمعة يوضح دستور الإيمان وحكمة الابتلاءات عبادة عظيمة يغفل عنها الكثير من الناس.. يكشفها علي جمعة 3 ضوابط من القرآن والسنة تُشكل الحضارة الإسلامية
1- قوله تعالى: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ، فالكم مهم ينظمه رسول الله ﷺ في الحديث الذي يرويه المقدام بن معدي كرب، حيث قال: «ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، حسب ابن آدم ثلاث أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث طعام، وثلث شراب، وثلث لنفسه» (رواه النسائي والبيهقي في الشعب والحاكم في المستدرك واللفظ له)، ويدرك السلف الصالح هذا المعنى فيقول ابن ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الحديث: «لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الأمراض والأسقام، ولتعطلت المارستانات -أي المصحات- ودكاكين الصيادلة». ويقول المروزي للإمام أحمد بن حنبل: «هل يجد الرجل في قلبه رقة وهو شبع؟ قال: ما أرى ذلك»، وقال إبراهيم بن أدهم: «من ضبط بطنه ضبط دينه، ومن ملك جوعه ملك الأخلاق الصالحة، وإن معصية الله بعيدة عن الجائع، قريبة من الشبعان، والشبع يميت القلب».
2- بل جعل الله سبحانه وتعالى الإطعام طريقاً لتكفير الذنوب واشترط أن يكون من أحسن الطعام وأعلاه، قال تعالى في كفارة اليمين: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) ، وأوسط معناها أعلى، كما في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) ، بل لابد أن يكون حلالاً له مذاق وهو من أحسن ما يطعم الإنسان به أهله.
3- وسن لنا رسول الله ﷺ آداب الطعام، وأجملها في التؤدة والتمهل في الأكل، وعدم العجلة والإسراع فيه، فقال لابن عباس رضي الله عنه: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك» (أخرجه البخاري ومسلم) وقال ﷺ: «من أكل طعاماً، فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم).
علينا إذًا أن نرجع إلى الطعام الحلال ونتخير الطعام الطيب ونضبط سلوكنا في تناوله، فنصبح بذلك قادرين على القضاء على الشر في أنفسنا، وعلى الفساد في مجتمعاتنا، وعلى الاختلال في العالم وهذه دعوة قد يراها بعضهم بعيدة عن قضية بناء الحضارة إلا أنها جزء لا يتجزأ منها، فالطعام الطيب جزء من نفسية المسلم الطيب القادرة على بناء حضارة عادلة تستمر وتبقى على نقائها عبر الأجيال.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القرآن والسنة رسول الله الحضارة الإسلامية الله سبحانه وتعالى
إقرأ أيضاً:
جمعة: على المسلم أن يطهر قلبه ليتنزل عليه أنوار الله ورحمته
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيّن في حديثه الشريف قيمة قلب المؤمن وأثره في علاقة الإنسان بربه، حيث قال: «إن لله تعالى آنيةً من أهل الأرض، وآنيةُ ربكم قلوب عباده الصالحين، وأحبُّها إليه ألينها وأرَقُّها» (رواه الطبراني). وأكد فضيلة المفتي السابق أن الله سبحانه وتعالى خلق قلب الإنسان ليكون إناءً للطاعة والإيمان، وأوصى بأن يكون هذا القلب نقيًا خاليًا من الصفات الذميمة.
أنوار الله إلى القلوب
وأوضح جمعة أن الله عز وجل قد منع أنواره عن القلوب التي تحمل حب الدنيا وأهوائها، مستدلًا بآية من كتاب الله عز وجل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ المَآبِ}، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا أن نطهر قلوبنا من تعلقها بهذه الدنيا الفانية، وأن نوجه قلوبنا إلى الله، الذي هو مصدر الأمان والراحة.
وأكد فضيلته أن الطريق إلى ذلك يبدأ باليقظة، ويجب على المسلم أن يعي حقيقة الدنيا وأنها إلى زوال، وأن يبدأ بتصحيح مسيرته مع الله.
تخلي القلب عن الدنياوأوضح فضيلة المفتي السابق أن «تخلي القلب عن الدنيا» لا يعني الانكفاء عن الدنيا تمامًا أو تدميرها، بل يعني عدم تعلق القلب بها، مشيرًا إلى قول السلف الصالح: "اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا". فهذا الدعاء يعكس التوازن المطلوب بين الاستفادة من الدنيا في حدود ما يرضي الله، وبين عدم جعلها همًّا أولًا وأخيرًا.
وتابع جمعة أن على المسلم أن يسعى لملء قلبه بالمحبة والطاعة لله، حتى يكون قلبه بيتًا لله يتنزل عليه نور الله ورحمته، ويتحلى بمكارم الأخلاق.
تربية النفسوأكد أن هذا يحتاج إلى تربية مستمرة للنفس وتدريبها على ترك الشهوات والاهتمامات الدنيوية، وذكر الله عز وجل بالليل والنهار. مستشهدًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن بُسر رضي الله عنه، حيث قال: "إن شرائعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ به، قال: «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» [رواه الترمذي].
في ختام حديثه، شدد الدكتور علي جمعة على أهمية الذكر المستمر لله، حيث يعد من أهم الوسائل التي تساعد المسلم في تطهير قلبه وجعله مستعدًا لاستقبال أنوار الله وبركاته.