الخليج الجديد:
2025-03-20@11:48:47 GMT

جريمة حرق المصحف: أحدث تجليات الإسلاموفوبيا

تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT

جريمة حرق المصحف: أحدث تجليات الإسلاموفوبيا

جريمة حرق المصحف: أحدث تجليات الإسلاموفوبيا لا جذرها

وصفت الشرطة الدنماركية مظاهرة ركل المصحف الشريف بالأقدام بأنها «كانت سلمية.. من وجهة نظر البوليس»!

«الإسلام» هنا يتم تحويله لـ«تهديد خارجى» الذى يوحد الأمة ويؤدى لتماسكها الوطنى. وهى فكرة يعاد إنتاجها لتتناسب مع كل عصر.

كغيرها من أنماط كراهية الآخر، الإسلاموفوبيا ليست ثابتة بل تأخذ أشكالًا كثيرة تختلف من مكان لآخر ومن زمن لآخر، وتعيد إنتاج نفسها بنفسها.

«الإسلاموفوبيا» تقوم على فرضية اخترعتها تيارات بالثقافة الغربية وصدقتها وهي أن «الإسلام» دين عدوانى بطبعه ويستحيل انصهاره فى بوتقة المجتمعات الغربية.

رئيس وزراء السويد، رغم إدانة حكومته حرق المصحف، فقد قال إن الفعل «رغم قانونيته، غير مناسب». ولم يعتبره مثلًا «جريمة كراهية»، بل فقط «غير مناسب».

* * *

كنت فى المقال السابق عرضت باختصار لأحداث حرق المصحف الشريف وتدنيسه بالسويد والدنمارك. وقلت فى نهاية المقال إننى أتفق مع الرؤى التى ربطت الأحداث بالـ«إسلاموفوبيا»، وإن ارتأيت ألا نختزل الظاهرة فيها وحدها. فالإسلاموفوبيا هى أحدث تجليات المشكلة، لا جذورها ولا حتى جوهرها.

لكن قبل تناول الإسلاموفوبيا أجد من المهم الإشارة لما يقوله المسؤولون بالبلدين، لأنه يمثل نموذجًا ممتازًا للطبيعة الهيكلية لما نحن بصدده وجذوره، كما سيتضح فى هذه السلسلة.

فالشرطة الدنماركية وصفت مظاهرة ركل المصحف الشريف بالأقدام بأنها «كانت سلمية.. من وجهة نظر البوليس»!، أما رئيس وزراء السويد، فرغم أن حكومته أدانت حرق المصحف يوم عيد الأضحى، فقد قال الرجل إن الفعل «رغم قانونيته، إلا أنه غير مناسب». وتعبير «غير مناسب» هو ما يستحق التأمل. فهو لم يعتبره مثلًا «جريمة كراهية»، وإنما اعتبره ببساطة «غير مناسب».

أكثر من ذلك، فرغم أنه وصف اقتحام سفارات بلاده فى العالم الإسلامى، احتجاجًا على حرق المصحف بأنه «ليس مقبولًا على الإطلاق»، فإنه لم يستخدم حتى تلك العبارة نفسها أى «ليس مقبولًا على الإطلاق» لوصف الجريمة الأصلية التى نتج عنها الاقتحام، وإنما دعا «للهدوء» داخل السويد لأن «الوضع الأمنى خطير، ولا داعى لإهانة الآخرين».

وكلمة «الآخرين» لافتة هى الأخرى، إذ إن المسلمين الحاملين للجنسية السويدية صاروا يندرجون تحت اسم «الآخرين»، الأمر الذى يغذى بالضرورة فكرة اختلافهم عن باقى السويديين!

فالمفردات التى يستخدمها السياسيون عادة ما يتم انتقاؤها بعناية خصوصًا فى ظروف قال عنها الرجل بنفسه إنها تمثل «وضعًا أمنيًا خطيرًا»، الأمر الذى يلزم معه أن نولى اهتمامًا معتبرًا لعملية إنتاج المعنى فى الغرب لأنها تقع فى القلب من الظاهرة برمتها.

أما «الإسلاموفوبيا» فتقوم، باختصار، على فرضية اخترعتها تيارات بالثقافة الغربية وصدقتها، ومؤداها أن «الإسلام» دين عدوانى بطبعه ويستحيل انصهاره فى بوتقة المجتمعات الغربية.

لاحظ هنا أن ما يزعمون استحالة انصهاره ليس المسلمين وإنما الإسلام نفسه. والفرضية تضيف، دون دليل، أن «المسلمين» فى الغرب مرتبطون بشبكات عالمية للإرهاب، كالقاعدة.

وكغيرها من أنماط كراهية الآخر، فـ«الإسلاموفوبيا» ليست ثابتة وإنما تأخذ أشكالًا كثيرة تختلف من مكان لآخر ومن زمن لآخر، وتعيد إنتاج نفسها بنفسها.

فـ«الإسلاموفوبيا» فى الكثير من المجتمعات الغربية ليست مجرد أحداث فردية، إذ تم مأسستها، بمعنى أنها صارت إطارًا من الأعراف والتقاليد والسلوك، وتنبنى عليها أيضًا القوانين. ومن هنا لا يجوز الاعتداد بأن من حرق المصحف الشريف من أصل عراقى.

فهو انسحق فى ذلك الإطار الهيكلى نفسه. ولغة خطاب السياسيين ذات طابع هيكلى هى الأخرى. فخطابها موجه للجماهير ويمثل استراتيجية للوصول للحكم تلعب على مشاعر الناس وتستغل مظالمهم. وتلك استراتيجية اتخذت مؤخرًا طابعًا شعبويًا فاشيًا بأمريكا وأوروبا.

معنى ذلك أن «الإسلاموفوبيا» ليست مجرد ظاهرة تستهدف المسلمين وإنما لها وظيفة فى المجتمعات الغربية. إذ إن آسيا والشرق الأوسط، حيث يعيش المسلمون، يُستخدمان كمحدد للهوية الغربية.

فـ«الإسلام» هنا يتم تحويله لـ«تهديد خارجى» الذى يوحد الأمة ويؤدى لتماسكها الوطنى. وهى فكرة يعاد إنتاجها لتتناسب مع كل عصر.

فهى بالأمس كانت بزعم «مواجهة الإرهاب»، واليوم بطابعها اليمينى الفاشى تزعم «حماية القيم» من المهاجرين الجدد، بل وضد من صاروا مواطنين منهم ولكن جاؤوا من العالم العربى الإسلامى، بمن فيه المسيحيون الشرقيون بالمناسبة. فالقضية تتعلق بالثقافة والحضارة التى أتوا منها، بل وبلون البشرة بالمناسبة، أكثر منها متعلقة بالدين!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي.

المصدر | المصري اليوم

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السويد الدنمارك الغرب الإسلام المسلمون آسيا الشرق الأوسط مواجهة الإرهاب حرق المصحف المصحف الشریف حرق المصحف غیر مناسب

إقرأ أيضاً:

رمضان شهرُ القرآن ونصر الإسلام

 

 

لقد اختار الله شهر رمضان بين شهور العام، فخصَّه ببعثة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- بالقرآن، فأفاض اللهُ برحمته ونوره على العالمين، فاجتمع للناس فيه نور القرآن، ونور رسول الإسلام، ونور الحكمة والبيان، ونور الإيمان، الذي أنشأ أثره في استقامة وإصلاح شؤون بني الإنسان، ودفعهم للجهاد؛ مِن أجلِ إعلاء كلمة الله، ورفع الظلم عن بني الإنسان.
لقد اختص الله المسلمين فيه بغزوة بدر الكبرى، فما أعظمَها في تاريخ الإسلام فخراً، وما أجدرها بالبقاء والخلود.
إن المسلمين اليوم يحتفلون بذكراها، كما يحتفلون بأعز شيء في هذا الوجود.
فقد كان المسلمون قبل بدر مستضعفين، يخافون أن يتخطفهم الناس، فلم تكن لهم دولة يخشى بأسها، ولا يحسب حسابها، بل كانوا ضيوفاً على الأنصار، يشاركونهم مساكنهم وقوتهم ومتاعهم، وكانت قريش قد استولت على ديارهم، كما استولت الصهيونية على فلسطين، لا تحسب حساباً لأي معنى من المعاني الإنسانية الشريفة؛ حتى إذَا جاء أمر الله لهم بالجهاد، فانتهزوا الفرصة في بدر الكبرى، فضربوا في صدر الكفر، وفلقوا هام المشركين الذين خرجوا إلى بدر بطراً ورئاء الناس.
فاستعان المسلمون واستغاثوا بربهم، واعتصموا بحبله، فكان النصر حليفهم (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ).
فأين المسلمون اليوم من إعلان الجهاد على الكفار والمنافقين؟
أين المسلمون اليوم من جهاد الأهواء والأعداء باليد واللسان، ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: “جاهدوا الكفار بأيديكم وألسنتكم” وهَـا هي أمريكا والصهيونية تعتدي على فلسطين، وتتطاول على اليمن، وتعتدي عليه، وهي بذلك تجر نفسها إلى ساحة الهزيمة، فمن يحارب الله ويغالبه يغلب.
إن هذا الاعتداء ابتلاء سيثبت الله المؤمنين بالنصر وينصرهم ويتخذ منهم شهداء فضلاً من الله ورحمة (وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ)، (وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ).
لقد ابتلي المؤمنون من أنصار الله وحزبه بهذا العدوّ الأرعن، ليكون لهم النصر المبين، والظفر والتمكين، فالله عزيز حكيم ينصر من نصره، ويذل المنافقين الكفرة (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ)، (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
إنه يجب على المسلمين في شهر القرآن أن يوحدوا صفوفهم، ويوحدوا قلوبهم، ويوحدوا شعوبهم، ويجاهدوا بأموالهم وأنفسهم، فرمضان يرمز إلى عزهم، ومجدهم، ونصرهم، ووحدتهم (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جميعًا وَلا تَفَرَّقُوا).
لقد فرض الله الصوم لتقوية الروح واكتساب ملكة التقوى.
إن إعداد القوة الصاروخية، وفلق هامات اليهودية والأمريكية من أهم الواجبات، فقد أمر الله بالإعداد لذلك بقوله: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ).
فالإسلام دين القوة، وتقوية الروح بالصيام والطاعة، فَــإنَّ ضعيف الروح والجسم يقعد عن تحمل الواجب، ولكن أنصار الله وقائد المسيرة القرآنية -يحفظهم الله- لا يداخلهم الريب في الجهاد بالمال والنفس، وإعلاء لكلمة الله، ودفاعاً عن فلسطين وعن اليمن والمسلمين كافة، ورفعاً لراية الجهاد أُولئك هم أهل الصدق والظفر (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأموالهِمْ وَأنفسهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولئك هُمُ الصَّادِقُونَ)، (وَاذْكُرُوا إذ أنتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرض تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، ولا نامت أعين الجبناء.

مقالات مشابهة

  • هدية من “مجمع الملك فهد”.. مصاحف بطريقة برايل للمكفوفين بـ”أريانة”
  • رمضان شهرُ القرآن ونصر الإسلام
  • برج الجوزاء .. حظك اليوم الخميس 20 مارس 2025: عرض زواج
  • برج الحمل .. حظك اليوم الخميس 20 مارس 2025: حلّ جميع مشاكلك
  • ماتت ابنتها حاملة المصحف.. والدة فتاة بورسعيد تستغيث
  • الإسلام دين واحد
  • الرحلة الروحية
  • غزوة بدر الكبرى.. محطة فاصلة في مسيرة الإسلام
  • الاتحاد يشترط عرضًا مناسبًا لاحتراف نجمه
  • مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف يُشارك في المعرض الرمضاني الأول بالرياض