هل يتحمل السوداني التلكؤ والإخفاقات أم القوى السياسية التي لم تفٍ بوعودها؟
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
بغداد اليوم - بغداد
ارجع مختص في الشأن السياسي ونائب في مجلس النواب العراقي، حالات التلكؤ او الإخفاق بعدد من الملفات خلال فترة حكومة السوداني نتيجة للضغوطات السياسية التي كان يواجهها، فيما اشارا الى ان "السوداني" نجح باحتواء العديد من الازمات.
ويتضمن المنهاج الوزاري، لحكومة السوداني التأكيد على مجموعة نقاط رئيسة منها معالجة الفقر والبطالة ومكافحة الفساد المالي والإداري، ومكافحة البطالة وتوفير فرص العمل وتفعيل دور هيئات الاستثمار والنهوض بالصناعة، والإسراع في إعمار المناطق المحررة، وتحسين الخدمات الصحية للمواطنين.
الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، أكد خلال حديثه لـ "بغداد اليوم"، أن اخفاق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالكثير من الملفات والوعود بسبب الضغوطات السياسية عليه.
وقال التميمي، اليوم الاحد (25 آب 2024)، إن "اغلب الملفات التي سجلت في المنهاج الحكومي لم يتم الايفاء بها ابتداء من محاربة الفساد الى حصر السلاح بيد الدولة الى معالجة البطالة والفقر وغيرها من القضايا المتعلقة في الاتفاق السياسي".
وبين انه "من الظلم تحميل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مسؤولية الفشل لان القوة السياسية لم تفِ بالوعود التي قطعتها للسوداني بأطلاق يده في تحقيق البرنامج، ابتداء من فرض وزراء غالبيتهم غير قادرين على تحقيق المنهاج الحكومي فضلا عن التدخل في السلطة التنفيذية من قبل القوة السياسية المشكلة لتحالف ادارة الدولة".
وأضاف إن "الاهم في موضوع الاخفاق هو عدم معالجة ملفات الفساد التي انتشرت وتعاظمت في مؤسسات الدولة كافة فضلا عن التغول السياسي في المؤسسات الحكومية من قبل القوة السياسية و عدم انفاذ القانون مما سهل حركه الفاسدين وتجار الجريمة وخاصة في موضوع ملف المخدرات".
وأكد الباحث في الشأن السياسي أنه "يبقى لشخص السوداني الدور الاهم في احتواء الكثير من الازمات و تقريب وجهات النظر خاصة في العلاقة بين بغداد والاقليم و احتواء ازمة التبادل المسلح بين الفصائل المسلحة و القوات الامريكية في العراق و محاولة تحييد عن الازمة الاقليمية المتعلقة بقطاع غزة و الحرب هناك".
من جانبه فقد اكد النائب عن تيار الحكمة علاوي البنداوي، اليوم الاحد (25 آب 2024)، عدم اخفاق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني باي من الملفات التي وعد بها ضمن برنامجه الحكومي.
وقال البنداوي، لـ"بغداد اليوم"، إن "العمل الحكومي ليس بالعمل السهل، خاصة في ظل وجود ضغوطات كبيرة"، مشددا على أن "حكومة السوداني ورثت تركة ثقيلة من الحكومات السابقة ابرزها ملفات الفساد، ورغم ذلك الحكومة الحالية تعمل على حل تلك الازمات والمشاكل التي ورثتها، وهي حققت إنجازات".
وبين أن "السوداني لم يخفق باي ملف لغاية الان، وهو عمل بجميع الاتجاهات"، مستدركا بالقول "لكن هناك بطء في تنفيذ بعض الملفات، يقابلها عمل حقيقي على مستوى الخدمات ومحاربة الفساد وتطوير أداة القوات الأمنية، وملف العلاقات الخارجية".
واوضح أن "هذا البطء سببه الضغوطات السياسية وكذلك الصراعات السياسية وعدم توافق بعض الكتل السياسية، كذلك تردي الواقع الأمني بين حين واخر، فهذه ابرز العوامل الرئيسية في بطء تنفيذ السوداني لكامل وعوده الحكومية".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
عقدة رئاسة البرلمان ومصير حكومة بغداد!
العمليّة السياسيّة السليمة والصافية والمنظِّمة لانتخابات حرّة ونزيهة هي الأداة القوّية والحقيقيّة لبناء الدولة وحماية الناس وخدمتهم، والعمليّة السياسيّة السقيمة والملوّثة والعشوائيّة هي المعول القوّيّ والحقيقيّ لهدم الدول وترهيب الناس وضياعهم! والعمليّة السياسيّة الناجحة نعمة ورحمة على الوطن والناس، بينما العمليّة السياسيّة الفاشلة نقمة وبلاء على الوطن والناس!
ولا أدري هل أسباب الخراب في الدول الفاشلة تقع مسؤوليّتها على الناخبين، أم على السياسيّين المُنْتَخبين؟
ويبرز أمامنا، ربّما، تساؤل آخر: هل "السياسيّ الصالح" يبقى على صلاحه بعد دخوله للمعترك السياسيّ ومواجهته للواقع المليء بالمغريات المادّيّة وملايين الدولارات والإغراءات المتنوّعة، أم سينجرف مع الآخرين؟
وصدقا لا يمكن الجزم بدقّة على مَن يقع اللوم، ولكنّ الإنسان الصالح يختار السياسيّ الصالح، والمواطن السيئ يختار السياسيّ السيئ، وهنا "جوهر" النجاح والفشل في أيّ تجربة سياسيّة!
ويشترك في العمليّة السياسيّة العديد من الأحزاب والكيانات، وهي في العراق موزّعة بآليّة خاصّة اتُّفق عليها بين السياسيّين! وقد حُسِم الاتّفاق، خلافا للدستور، بأنّ رئاسة الجمهوريّة للكرد، والوزراء للشيعة، والبرلمان للسّنّة!
ولكنّ الأمر لم يَخْل من صراعات بين القوى السياسيّة، وفي خطوة استندت إلى دعوى "تزوير" اتّخذت المحكمة الاتّحاديّة، يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، قرارا بإنهاء عضويّة رئيس مجلس النوّاب محمد الحلبوسي، ومن يومها بقي هذا المنصب شاغرا!
غياب رئاسة الهرم التشريعيّ لعام كامل نَخَر عموم مفاصل الدولة، المربكة أصلا، وبالذات في ظلّ حديث مُمِلّ، ولغايات سياسيّة وشخصيّة، عن محاولات لإقرار قانون العفو العامّ. ويبدو أنّ هذه المطبّات مقصودة لنَحْر القانون، وعدم جعله أرضيّة قوّيّة لترميم بعض الخراب السياسيّ والاجتماعيّ في البلاد!
وقد نصّ الدستور العراقيّ للعام 2005 في المادّة 138:
"ثانيا: 1. في حالة خلوّ أيّ منصب في مجلس الرئاسة يَنتخب مجلس النوّاب بثلثيّ أعضائه بديلا عنه"!
ولم يُحدّد الدستور متى يُنتخب البديل في حال خلوّ أيّ منصب برئاسة المجلس، ولكن يبدو أنّ النظام الداخليّ للمجلس قد حَسَم الأمر، وأكّدت المادّة (12) "ثالثا: إذا خلا منصب رئيس المجلس لأيّ سبب كان يَنتخب المجلس بالأغلبيّة المطلقة خلفا له في أوّل جلسة يعقدها لسدّ الشاغر". وهذا ما لم يحصل ولعام كامل تقريبا! وحينها صرنا أمام جلسات برلمانيّة للانتقام وضرب المخالفين.
أمّا القول بأنّ الحلبوسي هو الذي يُعرقل حَسْم المنصب فهذا كلام غريب! فكيف أُقيل من المجلس ويتحكّم بقراراته؟
وحدّدت ستّ قوى سُنّيّة بزعامة الحلبوسي يوم 23 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2024 مسارين لحسم انتخاب الرئيس الجديد للمجلس، أبرزهما يتمثّل بدعم ترشيح "محمود المشهداني" دون منافسة من أحد! وهذا الذي حصل، يوم أمس الخميس، وبطريقة ملتوية! فأين الديمقراطية في هذا النهج، وبالذات، ونحن نتحدّث عن مرشّح واحد وبلا منافسة حرّة؟
وتأكيدا لغياب الديمقراطيّة قال سالم العيساوي، المنافس الأبرز للمشهداني، خلال كلمة في البرلمان قبل الجولة الثانية: "أطراف أبلغوني أنّ جهات تفرض على بعض النوّاب التصويت لمرشّح مُعَيّن"!
ثمّ إنّ الدائرة الإعلاميّة للبرلمان قالت إنّ عدد المصوّتين هم 271 من مجموع 329 نائبا، وهذا يعني أنّ 58 نائبا لم يصوّتوا، أيّ خمسة ملايين و800 ألف مواطن لم يُشاركوا في التصويت باعتبار أنّ كلّ مقعد نيابيّ يمثّل 100 ألف مواطن!
وكان واضحا أن الكفّة تميل للمشهداني بسبب دعم القوى الشيعيّة، وكذلك بسبب تقديم رئيس حزب السيادة خميس الخنجر، أحد أقطاب المشهد السياسيّ السّنّيّ والداعم للعيساوي، استقالته من رئاسة الحزب قبل أربعة أيّام، بسبب استدعائه من هيئة المساءلة والعدالة، وذلك ضمن سياسة الاستهداف السياسيّ!
فأين الديمقراطيّة في هذا الملف الذي مَرّروه وفقا لسياسة "تريد غزال أخذ أرنب، تريد أرنب أخذ أرنب"، كما قال الحلبوسي أمس الأوّل، بعد مباحثاته مع الشركاء السياسيّين؟!
بعيدا عن نجاح "المشهداني" في الرئاسة، أرى أنّ عمر العمليّة السياسيّة ليس طويلا، خصوصا مع دعوات نوري المالكي وغيره لإجراء انتخابات برلمانيّة مبكّرة، وربّما سنشهد بداية العام القادم انتخابات مبكّرة تُنْهي "تَغوّل" حكومة محمد شياع السوداني، وفقا لرأي غالبيّة القوى الشيعيّة التي رشّحته، وسنشهد نهاية عهد الصراعات السياسيّة والشخصيّة
غياب رئاسة الهرم التشريعيّ لعام كامل نَخَر عموم مفاصل الدولة، المربكة أصلا، وبالذات في ظلّ حديث مُمِلّ، ولغايات سياسيّة وشخصيّة، عن محاولات لإقرار قانون العفو العامّ. ويبدو أنّ هذه المطبّات مقصودة لنَحْر القانون، وعدم جعله أرضيّة قوّيّة لترميم بعض الخراب السياسيّ والاجتماعيّ في البلاد!
وخلال المرحلة الماضية من عُمر البرلمان، عُطّل إقرار أكثر من مئة قرار؛ وهذا يعني أنّ رُبع عمر البرلمان ذهب أدراج الرياح!
وبعيدا عن نجاح "المشهداني" في الرئاسة، أرى أنّ عمر العمليّة السياسيّة ليس طويلا، خصوصا مع دعوات نوري المالكي وغيره لإجراء انتخابات برلمانيّة مبكّرة، وربّما سنشهد بداية العام القادم انتخابات مبكّرة تُنْهي "تَغوّل" حكومة محمد شياع السوداني، وفقا لرأي غالبيّة القوى الشيعيّة التي رشّحته، وسنشهد نهاية عهد الصراعات السياسيّة والشخصيّة!
والكلام عن نهاية الحكومة بكفّة واحتماليّة توجيه ضربات أمريكيّة- إسرائيليّة لبعض الفصائل المسلّحة بكفّة أخرى، والتي قال بعض قادتها بأنّ قرار الحرب والسلم بيدها، ممّا أجبر السوداني، القائد العامّ للقوّات المسلّحة، للردّ والقول بأنّ "قرار الحرب والسلم بيد الحكومة فقط"!
الصراعات السياسيّة والعسكريّة ستفتح الباب واسعا للعديد من السيناريوهات؛ أبسطها الانتخابات المبكّرة، وأعقدها المظاهرات الشعبيّة الشبابيّة!
وهكذا أكّدت تجربة اختيار رئيس البرلمان، المشهداني، بأنّ غالبيّة الساسة يُديرون البلاد وفقا لتفاهمات شخصيّة، بعيدا عن القوانين الناظمة لعمل مؤسّسات الدولة الكبرى والصغرى!
وأثبتت المرحلة الماضية، كذلك، أنّ مجلس النوّاب قد خالف الدستور ونظامه الداخليّ، وهذه حالة خطيرة يفترض عدم الاستخفاف بتباعاتها وتداعياتها!
x.com/dr_jasemj67