القدس المحتلة– بدت الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فجر الأحد، في حالة إرباك، عقب توسّع دائرة القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، وتبادل الهجمات التي تعتبر الأوسع منذ حرب لبنان الثانية عام 2006، والتي تعزز احتمال اندلاع حرب شاملة في المنطقة.

وتحسبا لأي طارئ واحتمال رد أوسع لحزب الله على اغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر، أعلنت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو إجراءات الطوارئ على الجبهة الداخلية، وعلى رأسها تعليق الطيران في مطار بن غوريون لعدة ساعات، علما بأن عشرات من شركات الطيران العالمية ألغت رحلاتها من وإلى إسرائيل.

وأصدرت قيادة الجبهة الداخلية بالجيش الإسرائيلي تعليمات بفرض القيود على التجمعات وإلغاء الأحداث والاحتفالات في الوسط والشمال ومنطقة تل أبيب الكبرى، وإغلاق المتنزهات والمنتجعات وشواطئ السباحة، وإلغاء التعليم الأكاديمي في الجامعات والكليات.

وخشية من مواجهة شاملة الأيام المقبلة، شهدت المحلات التجارية بالمدن في إسرائيل، ومن ضمنها منطقة "تل أبيب الكبرى" إقبالا على التسوق والتزود بالمواد التموينية والغذائية، والعودة على وجه السرعة للمنازل في ظل التوتر الأمني وتوسّع المواجهة العسكرية.

إسرائيل تعلّق الرحلات بمطار بن غوريون لساعات تحسبا لتوسع نطاق الهجمات المتبادلة مع حزب الله (أسوشيتد برس) إبر تخدير

على الرغم من توسيع دائرة الاشتباكات على الجبهة الشمالية مع لبنان، تُجمع القراءات الإسرائيلية على أن التطورات على جبهة غزة في كل ما يتعلق بمفاوضات صفقة التبادل وإعادة الأسرى الإسرائيليين، مقابل وقف مؤقت للقتال في غزة، هي ما سيكون لها وقعها وتأثيرها على التصعيد المتدرج في الشمال.

وتتباين تقييمات المحللين الإسرائيليين لمدى جاهزية الجيش الإسرائيلي واستعداده لحرب متعددة الجبهات ولمواجهة شاملة مع حزب الله، وتقدر بأن الحرب على غزة ستبقى الأهم في هذه المرحلة، ورجحت بأن نتائج مفاوضات صفقة التبادل ووقف إطلاق النار ستكون لها تأثيرات على خريطة التوتر بالشرق الأوسط.

وقد عدّت بعض التحليلات ما سُمي "الضربات الاستباقية" -في ظل الحرب المتواصلة منذ أكثر من 10 أشهر- أشبه بإبر تخدير، ولا تعتبر حلا جذريا للتوتر الأمني على طول الحدود الشمالية مع لبنان، وعليه "لا بد من مواجهة شاملة لتقويض حزب الله عسكريا وسياسيا وإعادة الأمن والأمان" لمنطقة الشمال.

وقد قلل المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي دورون كادوش من حقيقة ما سمته الحكومة "ضربة استباقية" وقال إن الغارات التي شنها سلاح الجو على جنوب لبنان تندرج في سياق تبادل القصف مع حزب الله المتواصل منذ أكثر من 10 أشهر، وتوسيع دائرة الاشتباكات.

وأوضح المراسل العسكري أن ما أعلن عنه الجيش من "ضربات استباقية" ما هو إلا رد فعل على الهجمات التي يشنها حزب الله على منطقة الشمال، مشيرا إلى أن الرد الإسرائيلي ما زال يندرج في سياق الامتناع عن حرب شاملة على الجبهة الشمالية مع لبنان.

ويشير إلى أن الهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي، فجر الأحد، على جنوب لبنان يعتبر الأوسع منذ حرب لبنان الثانية عام 2006، لافتا في الوقت نفسه إلى أن هذا الهجوم "لا يمكن أن يقوض ترسانة حزب الله وقدراته العسكرية، ولا يسهم كذلك في استعادة الردع الإسرائيلي".

ضربة استباقية.. ولكن

ولا يستبعد المراسل العسكري لإذاعة جيش الاحتلال أن يمهد الهجوم الإسرائيلي الواسع لمواجهة شاملة مع حزب الله، الذي بدوره أعلن عن شن هجوم بمئات الصواريخ والطائرات المتفجرة على مواقع وثكنات عسكرية إسرائيلية بالشمال وفي الجليل الأعلى، وذلك ضمن ما اعتبره الحزب المرحلة الأولى من الرد على اغتيال قائده العسكري، مما يعني أن هناك مراحل أخرى من الردود والهجمات من لبنان.

وذكر المراسل أن الجيش الإسرائيلي -ومنذ أن فتح حزب الله جبهة القتال على الجبهة الشمالية- جاءت أغلب نشاطاته وعملياته ردا على الهجمات التي تشن من لبنان.

وأوضح أنه لا يمكن اعتبار الهجوم الإسرائيلي الواسع "ضربة استباقية" وهو الهجوم الذي يأتي بعد أكثر من 10 أشهر من القتال وقواعد اللعبة والاشتباك "التي يحددها حزب الله غالبا".

ومن وجهة نظر المحلل العسكري لصحيفة "إسرائيل اليوم" يوآف ليمور، فإن "الضربة الاستباقية" التي وجهتها إسرائيل إلى لبنان "إنجاز استخباراتي وعملياتي" ومحاولة لإعادة الردع الإسرائيلي، مستدركا بالقول "لكن مثل هذه الضربات الاستباقية لا تغير الوضع الأساسي على الحدود الشمالية في هذه المرحلة خصوصا مع استمرار القتال على جبهة غزة وعدم التوصل إلى صفقة تبادل".

وأشار إلى أن تصاعد التوتر على الجبهة الشمالية وتوسيع دائرة إطلاق النار، وتبادل الهجمات الواسع بين الجانبين، يترك حزب الله والجيش الإسرائيلي أمام التساؤل المتكرر الذي يرافق القتال من اندلاعه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي "هل نتوجه إلى تصعيد شامل أم إلى التهدئة؟".

ويضيف المحلل العسكري "هذه هي أيضا الرسالة التي نقلت بالتزامن مع الهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان إلى مجموعة من الأطراف الأجنبية التي طلب منها المساعدة في منع التصعيد، لقد تحركت إسرائيل لإحباط هجوم عليها لكنها لا تنوي خوض حرب واسعة النطاق".

القول الفصل

وإذا رضي حزب الله عن المرحلة الأولى من الرد على اغتيال شكر، والذي نفذه صباح اليوم بإطلاق حوالي 320 صاروخا ومسيرة متفجرة على أهداف إسرائيلية، يقدر المحلل العسكري أن إسرائيل من جانبها لن توسع الحملة بهذه المرحلة.

ويُرجع موقف إسرائيل، بعدم توسيع الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان، إلى الضغوطات التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عليها، وذلك من أجل منع تعزيز "وحدة الساحات" وتجنب الانجرار لحرب إقليمية شاملة.

ورغم الضغوطات الأميركية والهجمات الإسرائيلية الواسعة، يعتقد المحلل العسكري لصحيفة "إسرائيل اليوم" أن "الكرة في ملعب حسن نصر الله، الذي يترقب مفاوضات وقف النار مع غزة، حيث سيكون مطالبا بأن يقرر كيف سيتصرف، وبالتالي إلى أين سيأخذ لبنان وإسرائيل والمنطقة برمتها، فهو يدرس الاحتمالات، ويبقى صاحب القول الفصل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات على الجبهة الشمالیة الشمالیة مع لبنان الجیش الإسرائیلی المحلل العسکری مع حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

دبلوماسي سابق يكشف لـ«الأسبوع» مخطط إسرائيل في الضفة الغربية

قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يمهد لزيارة العاهل الأردني عبد الله الثاني عبد الله الثاني بن الحسين المقرر له في 11 فبراير الجاري، والرئيس عبد الفتاح السيسي يوم 18 من الشهر نفسه، لكي يكون ورقة مساومة في المفاوضات معهما.

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، أنّ المساومة الآن على استبعاد حركة حماس بعد إنهاء الحرب، والنقطة الثانية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مستنكرًا أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تأتي وتحتل المنطقة فلن تعيش في أمان، وسيكون هناك عمليات ضدها في المنطقة.

الأوضاع في جنوب لبنان

وفيما يتعلق بانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، قال السفير رخا حسن، إن إسرائيل كانت منتظرة تشكيل الحكومة اللبنانية، وينظروا هل عاد حزب الله أو احتفظ بنفس المقاعد الوزارية التي كان يحصل عليها، أم أنها تغيرت؟، وفي نفس الوقت يقوموا بتدمير المزيد من المساكن والأماكن وتخريبها، لأنها دولة همجية.

وأضاف «رخا»، أنّ المشهد سيتضح بعد تشكيل الحكومة حيث كان من المفترض الإعلان أمس الخميس، ولكن حدث مفاوضات على بعض المناصب الوزارية بالنسبة للمكون الشيعي سواء حزب أمل أو حزب الله، مؤكدا أنّ إسرائيل حقيقة لا تريد الانسحاب الكامل من جنوب لبنان، وإنما أن يبقى لها مراكز رقابة فيها.

جنوب لبنان مشهد حزب الله في لبنان

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنّ حزب الله من الأحزاب والمنظمات العقائدية التي من الصعب أن تنهيها خاصة إذا كانت عقيدة دينية، لافتا إلى أن حزب الله أصيب بضربات قوية أضعفته لكن لم تقضي عليه، وأنه بعد فترة قد يسترد عافيته حتى لو من الناحية السياسية، لأنه أصبح مكون سياسي من المكونات الأساسية مع التحالف مع حزب أمل، وأصبح الشيعة يمثلوا نسبة كبيرة من اللبنانيين، فهنا أصبح لهم قوة سياسية، لابد أن يؤخذوا في الاعتبار عند تشكيل الحكومة وفي البرلمان عند الانتخابات، كل هذه العوامل تجعل إسرائيل تريد الاحتفاظ بمراكز في جنوب لبنان، وبمراكز في سوريا.

احتلال إسرائيل لمناطق من سوريا وموقف الجولان

وواصل، أن الملفت للنظر اليوم، حديث النظام الجديد في سوريا بأن إسرائيل تتلوا عن المناطق التي احتلتها بعد الجولان، متعجبا من عدم الحديث عن الجولان، ولماذا لم يطلبوا أن تتلوا إسرائيل عن كذا والجولان وكل الأراضي، مشيرا إلى أن هناك غموض يحط هذا الموقف، وأن اللجنة المشكلة والولايات المتحدة الأمريكية لها دور كبير فيها، قائلا إنه من الوقت الحديث عن اتفاق اختفى المبعوث الأمريكي هوكشتاين، رغم أنه قال سيتم الانسحاب في الموعد المحدد، ويوم 18 فبراير الجاري آخر موعد للانسحاب، متسائلا هل سينسحبوا فعلا؟ وسينسحبوا من أي المواقع؟، هل سينسحبوا من قرية شبعا التي يدور عليها خلاف ما بين سورية ولبنانية؟

الضفة الغربية الضفة الغربية - اليهودا والسامرة

واستكمل السفير رخا أحمد حسن، حديثه لـ «الأسبوع»، قائلًا، إنه في سنة 1968، أصدر نائب رئيس وزراء إسرائيل إيجال آلون كتاب عن حرب 1967 سماه «ستار من الرمال»، أو «حرب الأيام الستة»، قال فيه إن إسرائيل من حقها أن تكون لها سيادة من البحر المتوسط إلى نهر الأردن، فهذا هدف إسرائيلي من سنة 1968 للاستيلاء على الضفة الغربية، وكان رئيس وزراء إسرائيل سابقًا دافيد بن جوريون، يسميها اليهودا والسامرة، وبعده جاء مناحم بيجن سادس رئيس وزراء لإسرائيل، وسماها أيضا اليهودا والسامرة، والآن لا يطلقون عليها الأراضي بل اليهودا والسامرة، والمندوبة الأمريكية الجديدة في الأمم المتحدة قالت وهي تدلي بشهادتها أمام الكونجرس الأمريكي إن لإسرائيل حق توراتي في الضفة الغربية وأطلق مصطلح اليهودا والسامرة أيضا.

وتابع: هناك خطورة على الضفة الغربية لأنها بالنسبة لهم أهم بكثير من قطاع غزة، وكان في وقت مناحم بيجين يتحدث على أن تقام دولة فلسطينية في شرق الضفة الغربية، ينضم الفلسطينيين إليها ويتم يهجيرهم، وبعد ذلك قدموا خطة الترانسفير وهي تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية، فهي خطة إسرائيلية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية «فلسطين التاريخية»، ويقولوا أنها من حقهم ويريدون السيطرة عليها.

اقرأ أيضاًمساعد وزير الخارجية الأسبق لـ«الأسبوع»: أمريكا تهدد النظام الدولي.. والموقف يتطلب تبكير القمة العربية

مساعد وزير الخارجية الأسبق لـ«الأسبوع»: تصريحات ترامب بشأن التهجير تحتاج لموقف عربي يتخطى البيانات

مقالات مشابهة

  • قيادي في تنظيم البوليساريو يهاجم الجزائر بسبب تقييد الدعم العسكري للملشيات الإنفصالية
  • بعد استشهاد قائد في حزب الله وعائلته في طيرحرفا.. بيان للجيش الإسرائيلي
  • أبرز القضايا التي ناقشها الشرع مع ميقاتي.. ما قصة النازحين والودائع؟
  • دبلوماسي سابق يكشف لـ«الأسبوع» مخطط إسرائيل في الضفة الغربية
  • المفتي قبلان لأورتاغوس : حزب الله لم يهزم ولن يهزم
  • محللون إسرائيليون: خطة ترامب خدعة وارتباط الغزيين بالأرض قد يحبطها
  • الرئيس اللبناني يؤكد ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها
  • الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع لحزب الله في لبنان
  • الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف موقعين عسكريين لحزب الله داخل لبنان
  • الأرض لأهلها.. محللون فلسطينيون: توحيد الجبهة الداخلية يدعم القضية