سواليف:
2024-09-13@08:11:50 GMT

نحو النهضة -1

تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT

#نحو_النهضة -1

د. #هاشم_غرايبه

لا شك أن الحالة الراهنة لأمتنا هي حالة مرضية طال أمدها، فبعد توقف تقدم مجتمعاتنا العربية طوال فترة الدولة العثمانية، تعطل مجدداً على يد ما دعيت حركة التحرر القومي العربي، ورغم انتظار قرن من الوعود المعسولة تبين لنا أننا بتنا أكثر بعدا عن أمانينا في التقدم اعتمادا على الذات وعلى العزيمة المكنونة وعلى إغراء تجارب الأمم الأخرى.


لذلك شهدت مرحلة الألفية الثالثة مراجعة للمسار السابق وتحولا فكريا هاما، سماه البعض صحوة إسلامية.
في حقيقتها كانت ردة فعل طبيعية للفشل السياسي والإنهزام العسكري، لكن حتى لا نصاب مرة أخرى بخيبة الأمل من فشل المشروع الإسلامي مثلما فشلت قبله المشاريع القومية الليبرالية، يجب علينا عدم الإنقياد وراء الحماسة العاطفية اعتمادا على أن الله سينصرنا بناء على عودتنا الى منهجه، لأن ذلك هو وصفة الفشل المحقق من جديد، مثلما اعتقدنا أن العاطفة القومية الجامعة هي الكفيلة بتوحيدنا، فجاءت صدمة الإنفصال في الجمهورية العربية المتحدة وفي اليمن والسودان عقوبة قاسية على تهاوننا في تأسيس الوحدة على أسس العدالة المجتمعية والتوازن والتكامل الإقتصادي، والتي كان من المفترض تأسيسها وترسيخها بموازاة الإجراءات السياسية.
إذاً التأسيس والتمكين لهذا المشروع يجب أن يسبقه نهضة فكرية اجتماعية ثم اقتصادية سياسية، وأعتقد جازما أن التسلسل هذا من الضرورات المنطقية مثلما البناء: فالقواعد المتينة على أرضية صلبة لا تميد هي القاعدة الفكرية، والأعمدة السوية الحاملة للبناء هي الإجتماعية، أما الإقتصادية فهي الجدران المحددة للبنيان، ويأتي السقف آخرا والذي يمثله البعد السياسي للمشروع ليصبح البناء صالحا للسكن.
لعله من أهم أسباب تعثر أي مشروع نهضوي قائم على المنهج الإسلامي هو عدم اهتمام القائمين عليه بتفسير كثير من العلاقات المجتمعية وعدم الإجابة على بعض المفاهيم التي فهمت خطأ أو بتشويه متعمد أو تركت غائمة بسبب التهرب من التفسير، لذا يجب أن نبدأ بتوضيح أهمها.
لا يجوز لمن يتبنى المنهج الإسلامي سياسيا أن يكتفي بالقول بأن الإسلام هو الحل، وأن القرآن دستورنا، العنوان جميل لكن الشياطين تختبيء في التفاصيل، فلطالما كانت القوانين التي يقال أنها من روح الدستور لا تأتي كذلك بل لتمكين السلطة من التسلط، يجب أن يكون هنالك برنامج تفصيلي للحل الذي يبتغي التغير المنشود، وأن يشتمل على الإجابة على كثير من الإسئلة المقلقة لفئات متعددة من المجتمع.
سأتناول تاليا أولى القضايا المجتمعية المغيب بحثها، وهي دور المرأة، وسبب التغييب هو سيطرة المتشددين الذين يرون أن المرأة عورة كلها، لذا يرون وجوب طمسها كليا.
استعادة المرأة لدورها كشريك كامل للرجل في تحمل المسؤولية للتقدم وتحقيق الآمال، مرتكزة على المبدأ الإسلامي في أن المساواة هي في النظرة الإعتبارية، وليس في التماثل التام كما هي في الثقافة العلمانية، فالفوارق الفيزيولوجية والأدوار الوظيفية للرجل والمرأة تتكامل ولا تتطابق.
التقليعة السائدة الآن في منطقتنا العربية، هي اللهاث وراء الدعوات المشبوهة الدوافع تحت مسمى “الجندرية”، والتي يفسرها المبشرون بها على أنها تعني المساواة التامة بين الجنسين، بالطبع ذلك مختلف عن المساواة في الحقوق والواجبات والتي هي حق مشروع، لكن عبارة “التامة” هي أبعد من ذلك، إذ تعني إزالة الفوارق الفطرية بين الجنسين التي تميز الذكر عن الأنثى، سواء في المظاهر الجسدية أو الفيزيولوجية أو النفسية.
لا يخفى على العقلاء ما وراء هذه الدعوات من استغلال تجاري بحت لحاجات الإنسان وغرائزه، وما تنطوي عليه من مخاطر تدميرية للجنس البشري بإزالة الخاصية الزوجية (مؤسسة الأسرة)، التي تعتبر أساس البنية الإجتماعية، وتحويل العلاقات الحميمية المنتجة للتواد والتراحم العائلي، الى مجرد علاقات نفعية تحقق المتعة والمصلحة.
المجتمع الغربي يسعى حثيثا نحو الهاوية، فبعد إفراغه من قيم الإيمان التي هي ضمانة الفضيلة والحياة الرضية، جرى إلهاؤه بفقاعة زاهية الألوان (الديمقراطية)، والآن بالجندرية والمثلية لتفكيك المجتمعات الى أفراد، مما يسهل استفراد القوى الاحتكارية بهم، وبعد أن أفقدوا الإنسان إنسانيته، أصبح كل شيء سلعة لها سعر، وبات الانسان مربوطا الى عجلة الاستهلاك العملاقة التي تمضي به الى الضياع.
نحن بمخالفتهم في ذلك سننجو وننهض، فلدينا العقيدة، التمسك بها نجاة، وهي بيت الحكمة الذي تستخرج منه الوصفات الناجحة للحياة الفضلى.

مقالات ذات صلة الآن حصحص الحق 2024/08/24

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: نحو النهضة

إقرأ أيضاً:

اعتقال قياديين بحركة النهضة في تونس

أفاد حزب حركة النهضة بأن قوات من الشرطة التونسية اعتقلت، مساء أمس الاثنين، قيادات محلية للحركة بولاية بن عروس في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس، من بينهم محمد القلوي عضو المكتب التنفيذي ومحمد علي بوخاتم الكاتب العام المحلي ببنعروس.

وطالبت الحركة، على صفحتها بمنصة فيسبوك، السلطات بإخلاء سبيلهم وكافة المعتقلين السياسيين، وبالكف عن سياسة الاعتقالات والمحاكمات ومحاصرة المنافسين السياسيين.

واعتبرت الحركة أن ما وصفتها بسياسة الاعتقالات محاولة من السلطة القائمة لتوتير المناخ السياسي والتصعيد ضد القوى السياسية المعارضة، استباقا لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة إجراؤها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول.

وفي 24 يوليو/تموز الماضي أصدر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس مذكرة اعتقال بحق الأمين العام لحركة النهضة العجمي الوريمي، وفق صحيفة "الشروق" المحلية.

وتشهد تونس منذ فبراير/شباط الماضي حملة توقيفات شملت إعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال وسياسيين، بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وعدد من قياداتها، منهم علي العريض ونور الدين البحيري وسيد الفرجاني.

واتهم الرئيس التونسي قيس سعيد بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار"، وهي اتهامات تنفي المعارضة صحتها.

مقالات مشابهة

  • لقاء القيادات العائدة إلى حركة العدل و المساواة السودانية برئيس الحركة الدكتور جبريل إبراهيم
  • طفل مبتور الذراعين من غزة يحلم بأن يصبح طيارا بعد إجلائه إلى قطر
  • 100 متحدث و20 جلسة حوارية في «المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية» أكتوبر المقبل
  • القومي للبحوث يطلق حملات التوعية المجتمعية مع بداية عام دراسي جديد
  • جبر: ضرورة مواجهة التحديات التي تحول دون تمتع المرأة في العالم الإسلامي بحقوقها
  • اختتام جولة المشاورات المجتمعية لمشروع الهوية الوطنية الترويجية الموحدة
  • يمق بحث في آلية مأسسة وحدة إدارة الكوارث في بلدية طرابلس ضمن مشروع الشرطة المجتمعية
  • اعتقال قياديين بحركة النهضة في تونس
  • «المؤتمر»: طرح ملف محو الأمية على الحوار الوطني يعزز النقاش حول القضايا المجتمعية
  • “التعاون الإسلامي” تُدين بشدة المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة