نيويورك تايمز: مجتمع لاجئين فلسطينيين محبط يرى الأمل في حماس
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
قالت نيويورك تايمز إن معدلات التجنيد لصالح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ارتفعت في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بلبنان، الذي ظل غارقا منذ فترة طويلة في الفقر واليأس، وتحول فيه الجو الكئيب إلى التحدي والاحتفال.
وأوضحت الصحيفة الأميركية -في تقرير لماريا أبي حبيب وهويدا سعد من عين الحلوة- أن أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين وأحفادهم في لبنان ظل ممزقا بالعنف الفصائلي، ومرتعا للفقر والكآبة، وتسود سكانه نظرة قاتمة للمستقبل، لكن المزاج الآن فيه أصبح للنشوة والاحتفال.
وحسب حماس والمسؤولين اللبنانيين، فإن التجنيد لصالح حماس وجناحها المسلح كتائب القسام مرتفع للغاية في جميع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الـ12 في لبنان، حيث انضم مئات المجندين الجدد لصفوف المسلحين الأشهر الأخيرة، مبتهجين بحرب حماس المستمرة مع إسرائيل.
صامد ويدعم المقاومةوفي زيارة نادرة لعين الحلوة، رأى مراسلو نيويورك تايمز ملصقات تحمل صورة المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة، في كل مكان، وهو يناشد السكان "القتال في سبيل الله" وبالفعل اكتسبت رغبة حماس في محاربة إسرائيل أتباعا جددا في أماكن عديدة.
وقال أيمن شناعة، رئيس حماس في هذه المنطقة من لبنان "صحيح أن أسلحتنا لا تضاهي أسلحة عدونا، لكن شعبنا صامد ويدعم المقاومة، وينضم إلينا" كما قال شباب يتجمعون في أحد شوارع عين الحلوة إن هذه هي المرة الأولى التي يشعرون فيها بالأمل.
ونبهت نيويورك تايمز إلى أن مثل هذا التجنيد لا يؤثر على القتال في غزة لأن الدخول إلى المنطقة صعب للغاية، ولكنه يعزز حماس في لبنان، حيث يساعد المجندون بإدارة الشؤون المحلية، وأحيانا يقتربون من الحدود الجنوبية لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
العودة للوطن عقيدة اللاجئين
ويتفاءل الشباب هنا -حسب الصحيفة- بأن حماس قد تفوز بما يسمح للفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم الذي أصبح الآن إسرائيل، رغم أن حدوث مثل هذه العودة يبدو غير محتمل، ولكنه ظل لفترة طويلة جزءا من عقيدة اللاجئين الفلسطينيين.
وكان مئات الآلاف من الفلسطينيين استقروا، بعد طرد الإسرائيليين لهم في أربعينيات القرن الماضي، في مخيمات بالضفة الغربية وغزة ولبنان والأردن وسوريا، لتصبح هذه المخيمات مدنا مبنية وموطنا لملايين الفلسطينيين.
وفي لبنان، حيث مُنع الفلسطينيون من الحصول على الجنسية أو شغل مجموعة واسعة من الوظائف، يقع مخيم عين الحلوة حيث يعيش 80 ألف شخص في مساحة لا تزيد على نصف ميل مربع، معظمها داخل مدينة صيدا الساحلية الجنوبية.
لدينا رجال مستعدون للتضحيةوقال شناعة إن الرجال هنا على استعداد للتضحية بحياتهم لمحاربة إسرائيل، ولكنه رفض أن يذكر عدد الذين تم تجنيدهم من منطقة صيدا، وقد تحدث في مركز تديره حماس حيث جلس الرجال يشربون القهوة ويأكلون التمر ويشاهدون لقطات مروعة من حرب غزة.
وكانت صور زعيم حماس السياسي إسماعيل هنية الذي اغتيل مؤخرا تزين الجدران، وفي الشوارع ملصق تجنيد جديد لكتائب القسام يظهر عشرات من الشباب والأولاد المبتسمين الذين أنهوا للتو دراستهم الثانوية، على خلفية المسجد الأقصى في القدس.
وكانت عين الحلوة قد شهدت معارك متكررة بين الفصائل الفلسطينية المسلحة المتعددة، وبينها وبين الجيش اللبناني من أجل السيطرة، ولكن الجيش اللبناني، بموجب اتفاق دولي، ممنوع من دخول المخيمات، وقد ظل لسنوات يمنع الصحفيين من دخولها.
وقد تمكن صحفيون من نيويورك تايمز من دخول البلدة وسط حشود المعزين خلال موكب جنازة مسؤول حماس سامر الحاج، الذي استشهد هذا الشهر في غارة جوية إسرائيلية، ووصفه الجيش الإسرائيلي بأنه مسلح كبير ومسؤول عن شن هجمات من لبنان على إسرائيل.
وخارج منزل الحاج، قادت امرأة تدعى فريال عباس الحشد بالهتافات الموجهة إلى يحيى السنوار مهندس هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل، وهو الذي خلف هنية كزعيم سياسي عام لحماس، وقالت "يا سنوار لا تقلق، لدينا رجال على استعداد للتضحية بدمائهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات نیویورک تایمز عین الحلوة فی لبنان
إقرأ أيضاً:
MEE: كيف طبع الإسرائيليون مصطلحات إبادة الفلسطينيين بدون خجل؟
نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للصحفي الإسرائيلي ميرون رابوبورت٬ قال فيه إن الإسرائيليين لم يعودوا يخجلون من الدعوة لإبادة الفلسطينيين.
وأشار إلى أن مجلة "لوكال كول" نشرت في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2023، خطة كاملة أعدتها غيلا غامليل، وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية تدعو فيها لإخلاء السكان المدنيين من غزة. وحظيت الخطة بتغطية واسعة في جميع أنحاء العالم، واعتبرت دليلا على أن الهدف الحقيقي لإسرائيل في حربها في غزة، في ذلك الوقت كان في مرحلة القصف الجوي التي سبقت الغزو البري - لم يكن "القضاء على حماس" بل طرد الفلسطينيين من غزة.
لكن التغطية للخطة في إسرائيل كانت محدودة، ربما لأن وزارة الاستخبارات لم يكن لها سلطة (تم إغلاقها منذ ذلك الحين)، وربما لأن غامليل لم يكن له وزن سياسي حقيقي وربما لأن وسائل الإعلام الإسرائيلية تفضل عدم التعامل مع جرائم الحرب التي تخطط لها إسرائيل.
وذكر الكاتب أنه بعد 16 شهرا أصبحت خطة غامليل وبشكل فعلي الخطة الرسمية للحكومة الإسرائيلية. ويجب أن ينسب الفضل أولا وأخيرا للرئيس دونالد ترامب، ولكن لا يمكن إنكار أن هذه العملية تعكس تطور فكرة عزيزة منذ فترة طويلة على الجمهور الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي بدأ فيه ترامب وفريقه بالتخفيف من خطة التهجير ويقولون إنها ليست تهجيرا قسريا، ولكن "توصيات" فقط، استمر بنيامين نتنياهو، في الإشادة بـ "خطة ترامب الرائدة للسماح بحرية الخروج لسكان غزة". ويقوم وزير الحرب إسرائيل كاتس بإنشاء إدارة "للخروج الطوعي" من غزة. وكل هذه الصيغ موجودة حرفيا في خطة غامليل.
وأكد رابوبورت٬ لهذا، فعلينا عدم تجاهل دعوة نائب رئيس البرلمان نيسيم فاتوري التي تقول: "يجب فصل الأطفال والنساء وقتل البالغين [الذكور] في غزة". وربما كان فاتوري سياسيا هامشيا أكثر من غامليل، لكنه يشير إلى تطور في الخطاب اليهودي الإسرائيلي.
ويقول رابوبورت إن الدعوات لنكبة ثانية والتي سيطرت على اليمين المتطرف وحتى قبل هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر ودخلت لاحقا الخطاب السائد اختفت. ولم يعد هناك "خطة الجنرالات" للحصار والتجويع، التي تم تنفيذها بالفعل بطرد سكان شمال غزة وهدم منازلهم ولم تتوقف إلا بسبب وقف إطلاق النار.
بل هناك مخطط للإبادة: من أجل حل نهائي لمشكلة غزة ومشكلة الفلسطينيين بشكل عام. وعليه فتصريحات فاتوري، جديرة بالملاحظة لأنها تأتي على خلفية تطبيع خطاب الإبادة.
وأضاف الكاتب أنه إذا كان وزير التراث عميخاي إلياهو قد أحدث تشنجا بعد أن دعا في بداية الحرب إلى إسقاط قنبلة نووية على غزة وأنها "الطريق الوحيد" للتعامل مع حماس، فإن مثل هذه التصريحات تسمع الآن علانية، دون أي محاولة لإخفائها أو تبييضها.
والأمثلة كثيرة ومتنوعة، فقد نشرت المحامية كينيرت باراشي، وهي "مؤثرة" بارزة من اليمين والتي تحرص دائما على ذكر أنها كانت تصوت لميرتس، نشرت على منصة إكس أن "يجب أن يمحى كل أثر للتحورات القاتلة في غزة، من غرف الولادة إلى آخر شخص مسن ويجب أن يموت 100٪ في غزة".
وقال الممثل يفتاح كلاين، الذي يصف نفسه بأنه من "جيل أوسلو"، في مقابلة مع مؤسسة "والا" الإعلامية بمناسبة مشاركته في مسرحية جديدة في مسرح هابيما: "أنا لا أصدقهم [الفلسطينيين]. أنا لا أؤمن بهم ولا أريد أن أراهم مرة أخرى طالما أنا حي، إلى الأبد. فليذهبوا إلى ما وراء جبال الظلام وليموتوا هناك".
وبنفس الطريقة قال المغني عوفر ليفي في مقابلة على بودكاست آفي شوشان على موقع صحيفة "معاريف" إنه لو كان جنديا في الجيش فـ "لن يكون هناك المزيد من السجناء. سأقتلهم جميعا وأحرقهم أيضا. سأحضر البنزين وأعطي الأمر بالمضي قدما وأسكبه ثم أشعله، أحرق كل شيء حتى آخر واحد منهم، بما في ذلك الجميع".
ويعلق رابوبورت أن هذا في الحقيقة مجرد غيض من فيض. فمجرد جولة لفترة وجيزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي إلى أمثلة أخرى كثيرة، عن رجال ونساء، عنصريون، كلهم متحدون في جوقة من الإبادة.
وقد اكتسب هذا الخطاب زخما واسعا، وبدون الحاجة إلى دراسات كمية بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 19 كانون الثاني/يناير.
ويقول الكاتب إن سبب هذا ربما عاد إلى استعراضات حماس عند إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. ويرى هؤلاء أن كل هذه الطقوس تقريبا تشكل دليلا، ليس فقط على قسوة حماس والإساءات الجسدية والنفسية التي تلحقها بالأسرى، بل وأيضا على فكرة مفادها أن كل الفلسطينيين في غزة متواطئون في هذه القسوة ويحتفلون بها. بحسب وصفهم.
وفي هذه الاحتفالات، كانت حماس تسعى بوضوح إلى إثبات نفسها أمام الجمهور الفلسطيني وبالطبع لإسرائيل، وأنها لا تزال صامدة بعد الهجوم الإسرائيلي الأكثر تدميرا وفتكا ضد الشعب الفلسطيني (على الأقل منذ عام 1948). ولإظهار أن إسرائيل ونتنياهو فشلوا في المهمة المعلنة للقضاء على حماس.
أما التفسير الثاني والذي يذهب أبعد من "محو حماس"، فقد أصبح إخلاء قطاع غزة، أو على الأقل مدينة غزة والبلدات الواقعة إلى الشمال منها، هدفا معلنا لكثير من القادة الإسرائيليين من اليمين، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير والقادة في الجيش.
وكان هذا هو محور "خطة الجنرالات" التي تبناها الجيش بالفعل. وكان هدف القيادة الجنوبية، الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت في منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي، "منع عودة سكان غزة إلى ديارهم في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا". ولكن بعد سريان وقف إطلاق النار، أدرك الإسرائيليون أن حماس لم يتم القضاء عليها فحسب، بل إنها أظهرت في الواقع ثقتها بنفسها، بل إن التطهير العرقي قد فشل أيضا.
صحيح أن جباليا دمرت بالكامل، وكذلك أجزاء كبيرة من مدينة غزة ومحيطها. ولكن صور مئات الآلاف من الفلسطينيين العائدين إلى القطاع الشمالي كانت دليلا ملموسا على أن الفلسطينيين بقوا في غزة وأنهم لم يكن لديهم أي نية للذهاب إلى أي مكان، وبالتأكيد ليس طواعية.
ومن الصعب التحدث من منظور "النصر" عندما تم تدمير غزة بالكامل وبعد مقتل أكثر من 50 ألف شخصا وربما أكثر من ذلك بكثير، ولكن يمكن للمرء أن يفهم لماذا رأى معظم الفلسطينيين، في غزة نفسها وخارجها العودة إلى الشمال كفشل إسرائيلي.
وعليه فإن خطاب الإبادة، وفقا لهذا التفسير، ينبع من الإحباط الإسرائيلي إزاء عدم القدرة على تحقيق الإخلاء الكامل لسكان غزة. وإذا لم يقنع كل هذا الدمار والقصف الفلسطينيين بالمغادرة، فإن الاستنتاج الذي توصل إليه أكثر من بضعة إسرائيليين هو أنه لا يوجد خيار سوى قتل الجميع، من "غرف الولادة إلى آخر شخص مسن".
وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت غالبية الجمهور الإسرائيلي تحتضن خطة ترامب لاقتلاع الفلسطينيين من غزة. وربما لأن الإسرائيليين أكثر دراية بالواقع المحلي من قطب العقارات الجالس في البيت الأبيض، فهم يعرفون أنه لا توجد فرصة حقيقية لخروج الفلسطينيين من القطاع بإرادتهم الحرة. ولهذا توصلوا إلى نتيجة أنك لكي تتخلص من الفلسطينيين، فعليك أن تقتلهم.
وكتب حاييم ليفنسون في صحيفة "هآرتس" أن الخطة التي قدمها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف نيابة عن نتنياهو، تنص على أنه إذا فشلت المفاوضات مع حماس، فإن الجيش سوف يحتل القطاع بأكمله و"يدمر المباني التي لا تزال قائمة في معظم أجزاء القطاع، باستثناء مناطق الملاجئ المحددة في جنوب القطاع، وفي تلك المناطق فقط سوف يتم توزيع الغذاء".
كما تحدث يوعاز هيندل، قائد كتيبة الاحتياط في الحرب الحالية ووزير سابق، في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" عن "مجمعات آمنة" سيتم إنشاؤها في القطاع مع توزيع الطعام والشراب في تلك المواقع فقط. وقال هيندل: "كل شيء خارج هذه المجمعات هو منطقة قتل".
بعبارة أخرى، أي شخص لا يدخل معسكرات الاعتقال هذه، من الصعب أن نطلق عليها أي اسم آخر، سيحكم عليه بالإعدام. ورغم أن التطهير العرقي أصبح أسلوب عمل ــ طرد 40 ألف فلسطينيا من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية وإعلان كاتس أنه لن يسمح لهم بالعودة دليل آخر على ذلك، إلا أن هذا التطهير كان فاشلا حتى الآن.
لقد دمرت إسرائيل غزة، ولكن الفلسطينيين لم يتركوها، والفلسطينيون الذين أجبروا مؤخرا على ترك منازلهم في جنين ونور شمس وطولكرم لم يتركوا الضفة الغربية أيضاً.