بيروت– دخلت جبهة جنوب لبنان، اليوم الأحد، مرحلة جديدة وخطيرة من التصعيد العسكري، بعدما أعلن حزب الله عن بدء المرحلة الأولى من رده على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، على يد إسرائيل في ضاحية بيروت الجنوبية يوم 30 يوليو/تموز الماضي.

في الوقت نفسه، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية منذ ساعات الفجر أكثر من 50 غارة على مختلف القرى والبلدات الجنوبية اللبنانية، في ما وصفته بـ"الضربة الاستباقية".

وتزامنت مرحلة التصعيد الحالية مع استمرار الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لخفض التوتر في المنطقة، وخصوصا بين إسرائيل وحزب الله الذي توعد بالرد الحتمي على اغتيال شكر. كما استؤنفت المفاوضات في القاهرة بين حركة حماس وإسرائيل بهدف التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.

ورغم التصعيد العسكري بين الطرفين، استمرت العمليات حتى الآن في استهداف المواقع العسكرية والأمنية فقط، دون تسجيل إصابات بين المدنيين، على الرغم من كثافة النيران المتبادلة. وشهدت العملية إطلاق حوالي 320 صاروخاً من قبل حزب الله، استهدفت قواعد عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك هدف عسكري نوعي في العمق، سيتم الكشف عنه لاحقا.

وأعلن حزب الله أن المرحلة الأولى من عمليته العسكرية "ضد الكيان الإسرائيلي" -التي جاءت في إطار "الرد على استشهاد القائد فؤاد شكر"- قد انتهت "بنجاح تام". وتركزت هذه المرحلة على استهداف الثكنات والمواقع الإسرائيلية.

وأوضح الحزب أن صواريخ الكاتيوشا التي تم إطلاقها وجّهت نحو مواقع "العدو" بما في ذلك قاعدة ميرون، ومربض نافي زيف، وقاعدة زعتون، ومرابض الزاعورة، وقاعدة السهل، وثكنة كيلع، وثكنة "يو إف" في الجولان السوري المحتل، بالإضافة إلى قاعدة نفح، وقاعدة يردن، وقاعدة عين زي تيم، وثكنة راموت نفتالي.

وأضاف أن تفاصيل المرحلة التالية من العملية العسكرية سيتم الإعلان عنها في بيانات لاحقة. وأكد -في بيان صادر صباح اليوم- أن "المقاومة في لبنان في أعلى جاهزيتها وستقف بقوة وبالمرصاد لأي تجاوز أو اعتداء إسرائيلي". وأضاف أنه إذا تم المس بالمدنيين، فإن عقاب "العدو الصهيوني" سيكون شديدا وقاسيا للغاية.

وفي بيان لاحق، أعلن الحزب انتهاء الرد لهذا اليوم، نافيًا أن يكون هناك أي رد استباقي إسرائيلي. ومن المقرر أن يلقي الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، خطابًا اليوم يتناول فيه تفاصيل الرد والتطورات الأخيرة.

مسيرة تابعة لحزب الله فوق شمال إسرائيل خلال الهجوم (الفرنسية) ضربة إسرائيلية استباقية

في المقابل، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد شن سلسلة غارات عنيفة استهدفت بلدات حرش كونين، ورشاف، والطيري، وبيت ياحون، والخردلي، وزوطر، وإقليم التفاح والريحان في جنوب لبنان. وقال إنه شن "ضربات استباقية" في لبنان بعد رصده استعدادات حزب الله لـ"هجمات واسعة النطاق" ضد إسرائيل، التي أعلنت حال الطوارئ وقررت إجراء تغيير في "السياسة الدفاعية لقيادة الجبهة الداخلية".

وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه تقرر فرض قيود جزئية على شمال الجولان وجنوبه والجليل والأغوار والكرمل ومنطقة تل أبيب الكبرى.

وبينما يستعد "الكابينت" لعقد اجتماع لتقييم الوضع، أعلن زعيم المعارضة يائير لبيد دعمه للعمليات العسكرية الإسرائيلية في الشمال. وأكد لبيد أن "أي محاولة لمهاجمة إسرائيل ستواجه بيد ثقيلة وبقدرات الجيش والأجهزة الأمنية".

ويستبعد مراقبون ومحللون عسكريون أن تتصاعد الأوضاع إلى حرب واسعة. ومع ذلك، لا يمكنهم نفي إمكانية رد إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، الذي وقع في طهران يوم 31 يوليو/تموز الماضي. وقد توعدت إيران بالرد بشكل قاسٍ ومناسب، دون أن يتسبب ذلك في اندلاع حرب إقليمية.

هجوم غير مسبوق

ويرى الأستاذ في العلاقات الدولية والمحلل السياسي، علي مطر، في حديث للجزيرة نت، أن المقاومة بدأت تنفيذ ردها علنا كما وعدت، وأن هذا الرد يختلف عن السابق من حيث النوعية والشمولية، حيث تضمن هجوما غير مسبوق على هدف عسكري نوعي.

ويوضح مطر أن استمرار الرد يعتمد على تحركات المقاومة، بينما يبقى التصعيد الشامل مرتبطا بمدى التزام إسرائيل بعدم توسيع الاستهداف ليشمل المدنيين أو مناطق حساسة. فإذا بقيت ردود الجانب الإسرائيلي عسكرية ومحدودة، فإن احتمالية الحرب الشاملة ستظل منخفضة، إلا إذا قرر الإسرائيليون تصعيد الوضع.

ويشير مطر إلى أن المنطقة تشهد حاليًا عمليات هجوم متبادلة بين الطرفين، حيث وقعت غارات إسرائيلية على مناطق متفرقة في الجنوب. ومع ذلك، لا تشير التطورات الحالية إلى اندلاع حرب كبرى، إذ تسعى جميع الأطراف حاليًا للتهدئة لتفادي "بركان" واسع النطاق، خاصةً في ظل إدراك الولايات المتحدة أن التصعيد سيعرض مصالحها وقواعدها للخطر.

وبشأن طبيعة الهجمات، يؤكد مطر أن المقاومة، وفق بيانها الثاني، استهدفت أهدافا عسكرية بالكامل باستخدام مسيرات وصواريخ أصابت ثكنات وقواعد ومدفعيات، وصولا إلى هدف عسكري رئيسي سيتم الكشف عنه لاحقا.

بلدة خيام جنوب لبنان إثر ضربة إسرائيلية (رويترز) رد أولي مركب

ويؤكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية علي حيدر -للجزيرة نت- أن المفتاح لفهم الأحداث الأخيرة يكمن في العبارة التي استخدمها حزب الله في بيانه، والتي تحدثت عن "رد أولي" وهذا يعني أننا لا نواجه ردا كاملا أو الرد النهائي الذي يخطط الحزب لتنفيذه، وهذا قد يشير إلى أن الرد قد يكون متعدد الأبعاد أو مركّبا.

ويرى حيدر أن المفتاح الثاني هو الهجوم الجوي الكبير الذي شنّه حزب الله باستخدام الطائرات المسيّرة. أما المفتاح الثالث فهو استهداف حزب الله لأهداف عسكرية نوعية في العمق، مع الإشارة إلى وجود وقت إضافي، مما يعني أن هذه الضربة أوّلية في هذا السياق.

ويشير إلى أن هذه المؤشرات تدل على أن الوضع لا يزال تحت السيطرة ولا يهدد بالتصعيد إلى مواجهة كبرى. وبناء على ذلك، لا يبدو أن الرد والاعتداءات الإسرائيلية يشيران إلى تصعيد مستمر نحو مواجهة شاملة في لبنان.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن الادعاءات الإسرائيلية حول إطلاق 6 آلاف صاروخ هي محاولة لتغطية فشل "الضربة الاستباقية". وبحسب حيدر، تسعى إسرائيل إلى رفع الرقم المعلن عنه لتبرير إخفاقها، خاصة وأن حزب الله قد رد بالفعل. وهذا الرد يشير إلى أن الضربة الاستباقية لم تحقق أهدافها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

اعتراض صواريخ أطلقت من لبنان على صفد شمال إسرائيل

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فجر الجمعة، بانقطاع التيار الكهربائي في صفد وبلدة بيريا في الجليل الأعلى بعد إطلاق رشقة صواريخ من لبنان.

وكانت وسائل إعلام لبنانية قد تحدثت عن إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى شمالي إسرائيل.

وأكد الجيش الإسرائيلي في وقت سابق انطلاق صفارات الإنذار في صفد شمال إسرائيل.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي عمليات الاعتراض للصواريخ التي أطلقت على الجليل الأعلى وصفد وبيريا.

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

ويستهدف حزب الله بشكل رئيسي مواقع عسكرية إسرائيلية، في هجمات يشنّها من جنوب لبنان "دعما" لغزة و"إسنادا" لمقاومتها على حدّ قوله.

وترد إسرائيل باستهداف ما تصفه بأنه "بنى عسكرية" تابعة للحزب، إضافة إلى مقاتليه.

وأعلن حزب الله الخميس شنّ عدد من الهجمات على مواقع عسكرية في شمال إسرائيل منها "بأسراب من الطائرات الانقضاضية".

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه رصد نحو "15 مقذوفا أطلقت من لبنان إلى الأراضي الاسرائيلية"، مضيفا أن بعضها "تم اعتراضه" من دون "الإبلاغ عن إصابات".

وأفاد كذلك عن اعتراض "هدف جوي مشبوه" وعن "سقوط عدة مسيرات محملة بالمتفجرات" في شمال إسرائيل.

وقتل شاب وطفل شقيقان الأربعاء بغارة إسرائيلية "على دراجة نارية في بلدة البياضة" في جنوب لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية، وكان حزب الله قد نعى أيضا اثنين من مقاتليه.

ومنذ بدء التصعيد، قتل 622 شخصا على الأقل في لبنان، معظمهم مقاتلون في حزب الله و142 مدنيا على الأقل، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى بيانات رسمية ونعي حزب الله ومجموعات أخرى.

وفي الجانب الإسرائيلي والجولان، أعلنت السلطات مقتل 24 جنديا و26 مدنيا.

مقالات مشابهة

  • رئيس الأركان الإيراني: سنواصل الرد على تهديدات إسرائيل والقوى الكبرى
  • الاحتلال يقصف جنوب لبنان.. وحزب الله يستهدف قاعدة عسكرية
  • اعتراض صواريخ أطلقت من لبنان على صفد شمال إسرائيل
  • مقتل عنصرين من حزب الله بمواجهات مع إسرائيل جنوبي لبنان
  • الاحتلال ينشئ وحدة استخباراتية بالجولان وحزب الله يشن هجمات على الجليل
  • هوكشتاين سيصل إلى المنطقة.. ما هي الرسالة التي يحملها إلى إسرائيل؟
  • إسرائيل في مفترق الحسم: هل تُشن حرب شاملة على لبنان؟
  • بين حزب الله و إسرائيل.. من سيتوقف عن إطلاق النار أولاً؟
  • هآرتس: واشنطن حذرت إسرائيل من حرب شاملة مع لبنان
  • مسؤول أميركي يحذر من حرب مع حزب الله والغارات الإسرائيلية تتواصل