المفتي: المرأة الريفية هي أنموذج حضاري دائم في بناء الوعي الوطني
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
قال الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن المرأة تلعب دورًا محوريًّا في تعزيز الوعي الديني والوطني، مشيدًا بجهودها في بناء الحضارة والعمران.
ووجه خلال كلمته الرئيسية التي ألقاها في افتتاح أعمال المؤتمر الدولي الأول للواعظات، الذي يُعقد ضمن فعاليات المؤتمر الخامس والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، تحت عنوان "دور المرأة في بناء الوعي".
وأكد أن الوعي الصحيح والإدراك السليم يشكلان أساس البناء الحضاري والعمراني، واستشهد بعدد من الآيات القرآنية التي تؤكد أهمية الوعي والإدراك، منها قوله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}، وقوله: {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}.
وأوضح أن ذمَّ القرآن للتقليد الأعمى يرتبط بغياب الوعي والفهم؛ مما يعطِّل حركة الحضارة. وأشار فضيلته إلى حرص النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على بناء الوعي الحضاري والعمراني، من خلال تصحيح المفاهيم الخاطئة ونشر الوعي الصحيح للشريعة الإسلامية.
واستشهد بمواقف للنبي تؤكد أهمية الوعي، مثل قوله: «إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل»، ودَوره في تعزيز الوعي الوطني من خلال قوله عن مكة: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله عز وجل».
وأكد المفتي أن الإسلام نظر إلى المرأة باعتبارها راعية ومسؤولة عن رعيَّتها، وهو ما يتطلب منها بناء وعي رشيد وتوجيه صحيح. واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كلّكم راعٍ فمسئولٌ عن رعيَّته، والمرأة راعيةٌ على بيت بعلها وولده وهي مسئولةٌ عنهم».
وأشار إلى أنَّ دَور المرأة في بناء الوعي لا يقتصر على البيت والأسرة، بل يتعدى ذلك إلى الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأشار المفتي إلى موقف الإمام الأكبر شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، الذي أكد فيه أن شريعة الإسلام كانت السباقة في تحرير المرأة ومنحها حقوقها، معتبرًا أن القرآن الكريم هو أول كتاب إلهي ردَّ إلى المرأة كرامتها. وأضاف أن الإسلام منح المرأة دورًا محوريًّا في صناعة المجتمعات وصياغة الرجال. وأشاد فضيلته بدَور المرأة المصرية الريفية، التي وصفها بأنها "أنموذج حضاري دائم للمرأة الوطنية المشاركة في بناء الوعي".
وأكد أن المرأة الريفية كانت -ولا تزال- تقوم بدَور فطري رشيد في بناء أجيال عصامية واعية، مشيرًا إلى أن هذا الدَّور يستحق الاحتفاء والتخليد كقدوة للأجيال الناشئة.
وتناول المفتي في كلمته دَور دار الإفتاء المصرية في بناء الوعي الديني والوطني منذ نشأتها حتى الآن، جنبًا إلى جنب مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، مشيرًا إلى أن الدار قد بذلت جهودًا حثيثة في تعزيز المفاهيم الصحيحة للقضايا الدينية والوطنية، مؤكدًا أنها تمثل أنموذجًا فريدًا يُحتذى به في هذا المجال.
وفي هذا السياق، توجَّه المفتي بخالص الشكر والتقدير للدكتور علي جمعة، و الدكتور شوقي علام، على دَورهما البارز خلال توليهما منصب الإفتاء في صناعة الوعي عند المتصدرين للفتيا في الواقع المعاصر، متمنيًا لهما دوام التوفيق والسداد.
وحذَّر المفتي من مخاطر الوعي المزيف، الذي يحاول التشكيك في الثوابت الدينية والوطنية، مشيرًا إلى أن هذا الوعي المزيف قد أدى إلى ظهور بعض الأفكار والمذاهب الإلحادية واللادينية التي تستهدف الشباب والفتيات.
وشدد على أهمية الوعي المؤسسي، الذي يظهر في التكامل بين المؤسسات الدينية والمجتمعية، مشيرًا إلى أنَّ دار الإفتاء المصرية تمدُّ يدها لجميع المؤسسات الدينية والمجتمعية للمشاركة في بناء وتعزيز الوعي.
وأوصى المفتي الواعظات والمتصدرات للفُتيا بأن يأخذن الأمر بجِديَّة، وأن يحرصن على المشاركة الفعَّالة في بناء الوعي الوطني والديني، وأن يستفرغن جهودهن في تقديم خطاب ديني رشيد يسهم في المحافظة على الوطن وازدهاره.
وشدَّد على ضرورة تعزيز الدراسات الأكاديمية التي تؤطر دَور المرأة في بناء الوعي، مؤكدًا أن الجامعات والأقسام العلمية لها دَور كبير في هذا المجال.
ودعا إلى الاستفادة من تجربة الدولة المصرية في بناء الوعي، مشيرًا إلى أن تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع يمثلان جزءًا أساسيًّا من هذه التجربة الناجحة.
وأعرب المفتي عن تطلع دار الإفتاء المصرية إلى التفاعل مع جميع المبادرات الدينية والوطنية التي ستنبثق عن هذا المؤتمر، مؤكدًا التزام الدار بتفعيل جميع مخرجاته وتوصياته العلمية والمجتمعية، بما يسهم في تعزيز الوعي الوطني والديني وتقديم خطاب ديني معتدل يسهم في الحفاظ على الوطن واستقراره.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: هيكلة الثانوية العامة سعر الدولار إيران وإسرائيل الطقس أسعار الذهب زيادة البنزين والسولار التصالح في مخالفات البناء معبر رفح تنسيق الثانوية العامة 2024 سعر الفائدة فانتازي الحرب في السودان مؤتمر دور المراة بناء الوعي الوطني المرأة الريفية الدكتور نظير عياد الدینیة والوطنیة فی بناء الوعی مشیر ا إلى أن الوعی الوطنی بناء الوعی ا تعزیز الوعی ور المرأة فی تعزیز
إقرأ أيضاً:
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء ، على سؤال يقول: ما هو التناجي الذي نهى عنه الرسول؟، حيث حث الشرع على مراعاة مشاعر الآخرين وعدم إلحاق الأذى بالغير، مشيرة إلى أنه مِن المقرَّر أن المحافظة على ترك ما يؤذي الإنسان ويُحزِنه مطلوبة شرعًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن".
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول؟
وبينت أن هذا الحديث أصلٌ عامٌّ في تقرير وجوب ابتعاد الإنسان عن الأمور التي قد تؤذي غيره، ويندرج تحتها " التناجي أو النجوى"، وذلك بالكلام الخفيُّ الذي يناجِي به المرء صاحبه كأنه يرفعُه عن غيرِه، كما في "تاج العروس" لمرتضى الزبِيدي (40/ 29-31، ط. دار الهداية)، ويظهر تأذي الغير خاصة إذا كان الحاضرون ثلاثة من قصر الكلام الخاص على اثنين منهم بأحد معنيين: "أحدهما: أنه ربَّما يتوهم أن نجواهما إنما هو لتبييت رأي فيه أو دسيس غائلة له، والمعنى الآخر: أن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة وهو محزِنٌ صاحبه" كما قاله أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" (4/ 117، ط. المطبعة العلمية).
وتابعت: لذا فقد جاء النهي عن هذا الفعل، فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما، فإن ذلك يُحزِنه» متفقٌ عليه، ووجه الدلالة مِنه: أن هذا النَّهي ظاهِرٌ في التحريم، بدليل ترتُّب التعليل -وهو الإحزان- عليه بالفاء، كما في "دليل الفالحين" لابن علَّان الصدِّيقي (8/ 438، ط. دار المعرفة).
والأصل في التناجي: الكراهة والقُبح، كالمكر والخديعة، إذا لم يُقصد به أمرٌ حسن في الشرع، وقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ أن النجوى لا تحسنُ إلا في وجوه مستثناة، فقال تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].
وقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المجادلة: 9].
قال ابنُ عطية الأندلسي في "تفسيره" (5/ 277، ط. دار الكتب العلمية): [وصَّى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بأن لا يكون لهم تناجٍ في مكروه، وذلك عام في جميع الناس إلى يوم القيامة، وخصَّ الإثم بالذكر لعمومه، والعدوان لعظمته في نفسه، إذ هي ظلاماتُ العباد، وكذلك معصية الرسول ذكرها؛ طعنًا على المنافقين؛ إذ كان تناجيهم في ذلك] اهـ.
آداب التناجي
وحول ضابط التناجي المنهي عنه شرعا، قالت الإفتاء: يتحصل من هذه المعاني أن ضابط التناجي المنهي عنه شرعًا -وهو المسؤول عنه- يتحقق بجملةٍ من الأمور:
أولًا: أن يترك المتناجِيان واحِدًا منهم، ولو كانوا جماعة، فلو أبقوا أكثرَ مِن واحدٍ فلا مانِع اتفاقًا، فيجوز تناجي اثنين دون اثنين أو جماعة؛ لأن الثالث قد شاركه الباقون فيما يُستر عنه مِن الحديث، فيزول عنه سوء الظن، والحُكم يدور مع عِلَّته وجودًا وعدمًا، كما أفاده الإمام ابنُ بطال في "شرح صحيح البخاري" (9/ 64، ط. مكتبة الرشد).
فقد جاء في "موطأ الإمام مالك" عن عبد الله بن دينار، قال: كنتُ أنا وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجلٌ يريد أن يناجيه، وليس مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أحدٌ غيري، وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلًا آخر حتى كنا أربعة، فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخِرَا شيئًا، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا يَتَنَاجى اثنان دون واحدٍ».
ثانيًا: أن تقلَّ الجماعة الحاضرة في مكان المحادثة، فإذا كان التناجي بحضرة جماعة كثيرة لم يُمنع؛ لأن ذلك أنفى للتهمة والرِّيبة؛ وذلك لما ورد في حديث جابرٍ رضي الله عنه أنه لما رأى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جوعًا شديدًا في غزوة الخندق ذهب إلى زوجته، ثم قال: فجِئتُه فسارَرْتُه، فقلت: يا رسول الله، إنَّا قد ذبحنا بُهَيْمَةً لنا، وطحنَّا صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت في نفر معك. متفقٌ عليه.
ثالثًا: أن يكون التناجي بينهما بغير إذنٍ من بقيَّة الحاضرين سواء كان واحدًا منفردًا أو أكثر، فإن أذِن المنفرد أو الباقي في التناجي دونه أو دونهم: زال المانِع؛ لكون الحقِّ له، فإن أسقطه سقط، ولا يكون بذلك من التناجي المنهي عنه، كما في "الفواكه الدواني" للنفراوي (2/ 328، ط. دار الفكر).
والأصلُ فيه: ما أخرجه أحمد في "المسند" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا تَنَاجى اثنان فلا تجلِسْ إليهما حتى تستأذِنَهما».
رابعًا: ألَّا يكون الثالثُ هو الداخِل على المتناجَيين في حال حديثهما وكلامهما سِرًّا، فلو تكلم اثنان في السِّر ابتداء، ثم أتى ثالثٌ ليستمع إليهما، فلا يجوز ما لم يُؤذن له، كما لو لم يكن حاضِرًا معهما أصلًا، كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (11/ 84، ط. دار المعرفة).
ويدلُّ على هذا: ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن سعيد المقبري، قال: مررت على ابن عمر، ومعه رجل يتحدث، فقمتُ إليهما، فلَطَمَ في صدري فقال: إذا وجدت اثنين يتحدَّثان فلا تقم معهما، ولا تجلس معهما، حتى تستأذنهما، فقلت: أصلحك الله يا أبا عبد الرحمن، إنما رجوتُ أن أسمع منكما خيرًا.
خامسًا: أن يخشى المتناجيان أن يظن ثالثُهما أنهما يتحدثان في أمرٍ يكرهه، أو كان لا يعرِفُهما ولا يثق بهما، فيكون التناجي في هذه الحالة حرامًا، فإن أمِنَا من ظنِّه ذلك كُرِه تناجيهما؛ لأنه يغمُّ المنفرد مِن حيث الجملة، كما في "البيان والتحصيل" للإمام ابن رشد الجد (18/ 227، ط. دار الغرب الإسلامي).
وشددت بناء على ذلك: فلا مانع شرعًا مِن الكلام الخاصِّ مع شخصٍ في حضور ثالث، ولا يُعدُّ هذا من التناجي الممنوع إذا رُوعِيت الضوابط السَّابِقة، بأن يكون هذا الثالث على معرفةٍ وثقة بالمتناجِيَين، وأن يأذن لهما في هذا الحديث الخاص بينهما دونه، وألا يكون هو الداخلَ عليهما حال حديثهما سِرًّا.