بعيدًا عن معضلة منصة جنيف التفاوضية التي تحيط بها الشكوك بشأن قدرتها على وقف الصراع العسكري بالسودان في وقت قريب، فإنّ مشاهد تداعيات هذه الحرب على الشعب السوداني باتت مفزعة في بعض الدول، وخصوصًا مع تعدد وتنوّع التقارير والتحذيرات بشأن تداعيات الأزمة من جانب المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة المتنوعة، وذلك دون قدرة واقعية على غوث البشر.
السودان.. وأزمة إغاثة اللاجئين
لعل مشهد اللاجئين السودانيين أمام مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة UNHCR بإثيوبيا مؤخرًا يبدو كاشفًا عن عجز المنظمة الدولية عن القيام بأدوارها المنوطة بها في حماية اللاجئين وتوفير أي قدر من الأمن الإنساني بما يشمله من إيواء وغذاء، في وقت لا تستطيع فيه الدولة الإثيوبية حماية اللاجئين إليها من هجمات الميليشيات المسلّحة المناوئة لأديس أبابا.
ولعله يضاف إلى ما سبق مشهد إضافي في القاهرة بشأن عجز مفوضية اللاجئين أيضًا عن تسجيل راغبي اللجوء إلى مصر حيث تمتد المواعيد لعام أو أكثر وتمتد الطوابير لكيلومترات تحت لهيب الشمس الحارقة، فطبقًا لبيانات المفوضية فإنه حتى يونيو/حزيران ٢٠٢٤، لم يتجاوز عدد المسجلين بالمفوضية ٤٠٠ ألف شخص، بينما يقدّر حجم النزوح إلى مصر بعد ١٤ شهرًا من الحرب في حدود ٢ مليون بالطرق الرسمية وغير الرسمية، وهو ما يعني أنّ هناك مئات الآلاف من البشر يحتاجون إلى عون عاجل خصوصًا في السكن، بعد أن تم رصد أنّ هناك وحدات سكنية تعيش فيها من ٨ إلى ١٠ أُسر في بعض المناطق الريفية المحيطة بالقاهرة.
هذا العجز لمفوضية اللاجئين يكشف عن عدم وجود إرادة دولية في الوفاء بالالتزامات التي تم إقرارها بشأن غوث اللاجئين السودانيين في مؤتمرين عُقدا بهذا الشأن في كل من القاهرة وباريس، إذ إنّ التمويلات المرصودة في مؤتمر باريس مثلًا والذي عُقد في أبريل/نيسان الماضي للعون الإنساني لم يتم الوفاء بها حتى الآن إلا في حدود ١٦٪ فقط لا غير، بحيث تعاني المنظمات المحلية العاملة على الأرض من شح الموارد لضمان غذاء الناس على أقل تقدير إذ توقفت المنظمات الدولية عن تمويل هذه الأنشطة مؤخرًا، بينما يقوم السودانيون في المهاجر بأدوار كبيرة في تقديم الدعم المباشر لدوائر واسعة من أهاليهم ومعارفهم وجيرانهم، في سلوك تكافلي نادر على المستوى العالمي.
وبطبيعة الحال تبدو هذه الجهود جميعها ليست كافية في ضوء أنه منذ نشوب الصراع وصل عدد النازحين داخليًا إلى ٤.٥ مليون شخص، بينما اضطر ٤ مليون شخص للفرار إلى الدول المجاورة مثل تشاد ومصر وجنوب السودان وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، وتمثّل النساء والأطفال الغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين - تصل نسبتهم إلى ٩٠ بالمائة في بعض الحالات - كما هو الوضع في جمهورية أفريقيا الوسطى.
في مواجهة هذه الأزمة أظن أننا في حاجة إلى بلورة حملات إعلامية منسقة على الصعيدين الإقليمي والعالمي لغوث السودانيين في ضوء انشغال عالمي بأزمات أخرى موازية للأزمة السودانية.
وأظن أيضًا أنه على السودانيين في المهاجر التخلي عن انقساماتهم السياسية في هذه اللحظة الحرجة وتشكيل مجموعات ضغط على الإدارات الغربية بشأن الوفاء بالتزاماتها المالية المعلنة في ملف العون الإنساني، خصوصًا لوكالات الأمم المتحدة والتي بدورها لديها شبكات تواصل مع المنظمات المحلية.
المطلوب تنسيق الجهود في تشكيلات متعاونة مع منظمات المجتمع المدني وتكوين شبكة غوث للسودانيين
ويبدو أنّ السودانيين في مصر لديهم أدوار أكبر، وربما أكثر تعقيدًا في ضوء أنّ مصر هي الحاضنة الرئيسية لجموع السودانيين اللاجئين بسبب الحرب، إذ إنه من المطلوب تنسيق الجهود بهذا الشأن في تشكيلات متعاونة مع منظمات المجتمع المدني المصري، وبتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة المصرية وذلك بأهداف مرتبطة بتطوير الإدراكات الرسمية المصرية بشأن احتياجات اللاجئين السودانيين، وكذلك بلورة إدراك واقعي من السودانيين بشأن قدرات هذه الجهات في تلبيتها وذلك في ضوء ارتفاع سقف التوقعات السودانية من الجهات الرسمية، وعدم إدراك حجم قدراتها الفعلية تحت مظلة أزمة إقتصادية مصرية داخلية.
أما على الصعيد غير الرسمي، فإنّ التواصل بين المصريين والسودانيين بشأن الغوث الإنساني يبدو مطلبًا مُلحًا. صحيح أنّ هناك جهودًا فردية شاركنا فيها بهذا الشأن، لكني أدعو هنا إلى عدد من الخطوات ذات الحجم والتأثير الأوسع، منها تكوين شبكة غوث للسودانيين بالتعاون مع مصريين يكون أهدافها في تقديري كالتالي:
- تنظيم حملات الضغط لوفاء المجتمع الدولي بتعهداته المالية والسعي لرفع مستوى الانتباه للأزمة الإنسانية السودانية التي لا تقل عن نظيرتها الفلسطينية، وذلك لضمان مد المنظمات المحلية باحتياجاتها في الداخل.
- تنظيم مجهودات رجال الأعمال السودانيين الراهنة وتشبيكها فيما يتعلق بدعم السودانيين خارج السودان.
- تشكيل حملات للتبرع لغوث السودانيين في ملاجئهم وذلك في السياقين المصري والعربي، وتوفير البيانات الواقعية للاحتياجات الإنسانية لأشقاء لنا لم ترحمهم نخبهم السياسية والعسكرية.
(خاص "عروبة 22")
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السودانیین فی فی ضوء
إقرأ أيضاً:
وزير التربية والتعليم يرسل تطمينات بشأن تأمين الامتحانات
قال دكتور أحمد خليفة عمر وزير التربية والتعليم المفوض ان طباعة امتحانات الشهادة السودانية تمت بداخل السودان بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل وان عملية الطباعة استغرقت خمسة عشر يوما فقط، حيث تمت طباعتها بصورة دقيقة ووفق ترتيبات معينة.وارسل وزير التربية الذي كان يتحدث اليوم في منبر وكالة السودان للأنباء الاسبوعي تطمينات فيما يتعلق بتأمين الامتحانات وذكر ان الامتحانات مؤمنة تأمينا كاملا وان عملية التأمين تبدأ من المراكز وحتى المؤتمر الصحفي لإعلان النتائجوأوضح الوزير ان عدد الطلاب الممتحنين لهذا العام يبلغ ٣٤٣ الف و٦٤٤ طالبا فيما بلغ عدد الوافدين من الولايات غير الآمنة ١٢٧٣٤ وبلغ عدد المراكز المخصصة للامتحانات ٢ الف و٣٠٠ بداخل وخارج السودان ووصل عدد الطلاب الممتحنيين في مصر أكثر من ٢٧ ألف في عدد ٢٥ مركزا وتابع أن عدد الذين سجلوا في العام ٢٠٢٣ تجاوزت نسبتهم ٨٣% ، وان هذا الأمر رغبة السودانين في مواصلة أبنائهم للعملية التعليمية منهم نسبة ٣٥% من الوافدين.وأشار إلى ان عدد الوافدين في تزايد في القضارف ونهر النيل واستدرك أن هنالك جهود كبيرة من قبل مجلسي السيادة والوزراء بالإشراف والوقوف على تفاصيل الامتحانات وهم يقدمون كل الدعم من أجل اكمال عملية الامتحانات وفق ما خطط له، وان عملية سير الامتحانات تعتبر واحدة من معارك الكرامة التي توضح التحدي الحقيقي ورغبة السودانيين في مواصلة العملية التعليمية، وانه تم تكوين لجنة عليا تراقب كل الخطوات وتقدم الدعم اللازم للوزارة.وامتدح الوزير الدور الكبير للمعلمين السودانين في تجاوز جميع الصعوبات التي تواجههم، خاصة وأنهم تجاوزوا مشاكل المرتبات، التي تعمل الوزارة على حلها مع الجهات المختصة، حيث اتخذت فيها خطوات عملية وهي الآن في إطار التنفيذ بعد تقديم تفاصيل دقيقة عن موقف الولايات من السداد، ومقترحات وتفاصيل المعالجات.وفيما يتعلق بامتحان الطلاب السودانيين في تشاد قال إنه سبق وان اعددنا كل الترتيبات الا اننا تفاجأنا بقرار الرئيس التشادي بمنع قيام الامتحانات للطلاب السودانين باعتبارهم نازحين يجب أن يمتحنوا وفق مقرارات الدولة التي يقيمون بها.واستطرد الوزير هنالك محاولات تقوم بها سفارة السودان إلى جانب بعض المنظمات نأمل ان تتوصل إلى حلول.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب