القتل الرحيم للشركات النفطية الوطنية
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
25 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة:
بلال الخليفة
حسنين تحسين
ان النظام الاقتصادي العراقي قبل عام 2003 هو نظام اشتراكي يعتمد على وضع كل الأمور الاقتصادية في يد الدولة امتلاكا وإدارة ، مع وجود هامش بسيط للقطاع الخاص يكاد ان لا يرى، وكذلك قطاع مشترك يكاد ان يكون للمتنفذين من السلطة.
بعد عام 2003 وسقوط النظام الاشتراكي ومجيء نظام ديمقراطي وكما تم وصفو بالمادة رقم (1) من الدستور الذي نص (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي .
اطلاع بسيط باتجاه الاقتصاد العراقي يتبين انه نظام هجين فاقد لبوصلته ومنهجيته فهو ليس باشتراكي وليس براسمالي فعقلية المواطن والمسؤول العراقي لازالت ممتلئة بالاشتراكية فالمسؤول يريد كل شيء في يدة وبالمقابل ان المواطن يريد التعيين وقطع الأراضي وغيرها من الدولة.
ومن نفس العقلية يتم اتخاذ القرارات ومن امثلة ذلك
القرار الأول: ما تضمنته موازنة عام 2024، في بداية شهر اب أغسطس لسنة 2024 قررت الحكومة العراقية وفي موازنتها العامة الاتحادية لعام 2024 بتحويل الشركات النفطية وغير النفطية الرابحة من نظام التمويل المالي الذاتي إلى المركزي، ونحن نعلم ما سيعكسه من تقييد للصلاحيات وحصرها في بغداد، مقارنة بالسنوات الماضية في تاريخ تلك الشركات، حيث كانت تتمتع بحريتها المالية وما يتعلق بالمشاريع وصرف الرواتب والمخصصات.
للعلم ان هذا القرار له ابعاد كثيرة منها:-
1 – انه تكريس لسلطة الحكومة على الشركات العامة وكانه عودة للنظام السابق رغم ان القانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 تم تشريعه في النظام السابق.
2 – تقييد لصلاحية الشركات والتي تنعكس حتما على أداء الشركات وانتاجيتها فمثلا ان الاحتياجات البسيطة والتي كانت تنفذ على الموازنة التشغيلية وبصلاحيات إدارة الشركات فأنها الان لا تملك سلطة على تخصيصها المالي الا بعد مخاطبة وزارة المالية وهذا الامر يعقد الامر كثيرا ويستهلك وقت اكبر حتى في أمور تافهة. ومن الأمثلة لو أراد مدير عام شركة شراء حاسبة وهي لم تكن في الموازنة التشغيلية فانه سيكتب لوزارة المالية مع مبررات وكم يحتاج هذا الامر لمراسلات وجهد وظيفي وبيروقراطية إدارية، كما ان المدير العام لا يستطيع ان يعطي موظف ما مكافئة ان لم تكن مخططة في الموازنة التشغيلية.
القرار الثاني: زيادة المال المخصص للخزينة العامة من أرباح الشركة
ان القانون الذي ينظم عملية الشركات العامة القانون المرقم 22 لسنة 1997 الصادرة ايام النظام السابق يسن توزيع واردات الشركات العامة حتى تكون رابحة على النسب التالية:-
مادة 11
أولا – يقصد بالربح الصافي لأغراض هذا القانون زيادة الايرادات على المصروفات الظاهرة في حساب الارباح والخسائر للسنة المالية للشركة المنتظم وفق التشريعات النافذة والانظمة والاعراف المحاسبية المعتمدة والمدقق من قبل ديوان الرقابة المالية والمصادق عليه من قبل الجهة المخولة قانونا
ثانيا – تستبعد الارباح والخسائر الرأسمالية واية ارباح او خسائر ناجمة عن النشاط غير العادي للشركة من الربح القابل للتوزيع لأغراض توزيع حصة العاملين
ثالثا – لا يزيد الربح القابل للتوزيع على نسبة 30% ثلاثين من المئة من كلفة النشاط الجاري ويحول ما زاد على ذلك الى وزارة المالية
رابعا – يتم توزيع الربح المنصوص عليه في البند ثالثا من هذه المادة وفق النسب الآتية :
1 – 45% خمس واربعين من المئة للخزينة العامة .
2 – 33% ثلاث وثلاثين من المئة حوافز ربح لموظفي الشركة وللمتميزين منهم ولأعضاء مجلس الادارة وموظفي مركز الوزارة وفق نسب وضوابط بضعها مدلس الادارة وبمصادقة الوزير.
3 – 5% خمس من المئة للبحث والتطوير.
4 – 5% خمس من المئة للخدمات الاجتماعية للعاملين.
5 – المتبقي منه لاحتياطي رأس المال.
خامسا – لمجلس الوزراء زيادة او تخفيض النسب الواردة في البندين ثالثا و رابعا من هذه المادة في ضوء نتائج النشاط والظروف الاقتصادية
بهذا القرار يتم تحويل حصة الخزينة من 45% إلى 75 % صافي إلى الخزينة العامة
و يكون التقسيم كالاتي
1- نسبة 75% من واردات الشركات تذهب للخزينة( المالية)
2 – نسبة الحوافز (مستحقات الموظفين ) و مستلزمات البحث و التطوير و الخدمات الاجتماعية و احتياطي رأس المال كلها بعد ان كانت 55% خُفضت إلى 25% !!!!
القرار الثالث: زيادة رواتب أعضاء البرلمان
في نفس الوقت وبدون ضجة إعلامية لانشغال الناس بقانون الأحوال المدنية الجعفري، قرر البرلمان العراقي بزيادة رواتب أعضائه بنسبة 30 % وهم
يعملون على خفض مخصصات الموظفين العاملين في الشركات العامة الرابحة.
تجارب ناجحة
توجد العديد من التجارب الناجحة للشركات العامة ومن ابرز تلك التجارب هما
أولا: إدارة حقل مجنون النفطي
حقل مجنون هو احد الحقول الاربعة العملاقة في جنوب البلاد، حيث انه احد العقود التي تمت احالته الى الشركات الأجنبية وكانت شركة النفط الكبرى رويال دتش شل مع شركة بتروناس في عام 2009 لكن الشركة انسحبت رسميا من العراق في عام 2018، وقررت قيادة القطاع النفطي بان تكون إدارة الحقل وطنية بدل الشركات الأجنبية مع منح صلاحية لادارة الحقل مشابة للشركات الأجنبية وهذا ما جعل الإدارة ناجحة جدا واعتبرت هذه التجربة مثال رائع.
ثانيا: اعمار مصفى الشمال
ويقع مصفى بيجي بمحافظة صلاح الدين، ويضم ثلاث وحدات إنتاجية هي مصفى صلاح الدين 1 ومصفى صلاح الدين 2 ومصفى الشمال. وتعرض مصفى بيجي إلى دمار كبير نتيجة المعارك بين قوات الأمن العراقية ومسلحي تنظيم داعش الذي سيطر على عدد من المدن شمال وغرب العراق عام 2014 ومنها مدينة بيجي التي يقع فيها المصفى. وكانت نسب الدمار فية اكثر من 90% لكن بجهود وطنية فقط تمت اعادة تأهيله بعد توقف استمر أكثر من عشر سنوات، حيث تم افتتاحة في بداية هذا العام (فبراير عام 2024 ) .
اما سر نجاح هذه التجربة ان الحكومة وإدارة القطاع النفطي أعطت صلاحيات واستثناءات أي حررتهم من بعض القيود المالية مما جعلهم تجربة تعد اكثر من ناجحة.
الخلاصة
1- ان القرار تم اتخاذة لزياد إيرادات الدولة وبالتالي زيادة المشاريع الخدمية المنفذة وهنا نستطيع ذلك بالتالي:
أ- كيف تريد زيادة الإيرادات وفي نفس الوقت يتم تعيين اكثر من الف موظف.
ب- كيف تريد زيادة الإيرادات وهي تصدر نفط دون سعر خام الإشارة.
ت- كيف تريد زيادة الإيرادات وتقوم بإصدار إعفاءات لشركات ودول.
ث- كيف تريد زيادة الإيرادات ولا تهتم بجباية الأموال ومنها جباية الكهرباء.
ج- كيف تريد زيادة الإيرادات وهي لا تهتم باي قطاع انتاجي مثل الصناعة وغيرها.
ح- كيف تريد زيادة الإيرادات ولا يتم خلف بيئة جاذبة للمستثمرين.
خ- كيف تريد زيادة الإيرادات ولا يتم محاسبة الفاسدين.
د- كيف تريد زيادة الإنتاج والأمور الاقتصادية خاضعة للمحاصصة
2- ان القرار سيؤدي الى انخفاض أداء الشركات النفطية وذلك لتقييد صلاحيتهم.
3- ان توجه الحكومة ضد الخدمات الاجتماعية واحوال الموظف وضد البحث العلمي.
4- هذا القرار يحول الشركات الرابحة إلى خاسرة بمرور الوقت و يُعجزها عن صيانة معداتها مما سيؤثر على انتاج المشتقات النفطية مستقبلاً و هذا ما
يضطر الدولة لرفع الاسعار لعدة اعتبارات.
5- ربما ستؤدي هذه القرارات الى عرقلة في القطاع النفطي نتيجة استياء الموظفين.
6- ان حرية الصرف لدى شركات جولات التراخيص النفطية كبير وهذا سر نجاحهم ويقابله تقييد كبير للشركات العامة الحكومية وبالتالي زيادة فشل
القطاع العام لصالح نجاح القطاع الخاص. ومن الطريف ان العقود المبرمة مع شركات جولات التراخيص توجد مادة تنص على ان المشغل يجب ان يستخدم افضل واحدث الممارسات العالمية، وان العالم غادر المركزية منذ زمن بعيد ونحن نعود اليها وكأننا نسير الى الخلف.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الشرکات العامة من المئة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تنظف ساحة الجريمة.. ماذا وراء حظر الأونروا؟
هو حدث تاريخيّ بامتياز، لم يحدث في تاريخ الأمم المتحدة منذ أن أُنشِئت في العام 1945 أن اتُّخذ إجراء مماثل بحق أي منظمة أممية تعمل في أي من الدول. فما بالك بقرار حظر عمل أكبر منظمة أممية أسستها الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل 75 سنة، وتقدم خدماتها لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني مسجل في مناطق عملياتها الخمس: الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، والأردن، وسوريا، ولبنان.
ناهيك عن أن قرار الحظر اتُخذ في منطقة مصنفة وفق القانون الدولي بأنها محتلة، ولا يوجد أي معنى أو اعتراف للسيادة الإسرائيلية عليها. وبالتالي، يعتبر قرار الحظر مخالفة لقرار مجلس الأمن الدولي رقْم 2730 الصادر بتاريخ 24 مايو/ أيار 2024، الذي يلزم دولة الاحتلال الإسرائيلي باحترام وحماية المؤسسات الأممية وحماية العاملين فيها.
كما أن قرار الحظر يتعارض مع قرار محكمة العدل الدولية وفتواها القانونية الصادرين في 19 يوليو/ تموز 2024، اللذين أكدا أنه لا سيادة لإسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وهي جزء من مناطق عمليات الأونروا، وهذا يُضاف إلى منهجية الاحتلال الذي يعتبر نفسه فوق القانون.
إجماع إسرائيلي على طرد الأونروارغم الانتقادات ومعارضة عدد من الدول في العالمَين: العربي والعالمي لقرار حظر عمل وكالة الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة والدعوات إلى عدم التصويت – وفي مقدمتها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اللذين أكدا أن القرار "سيجعل النشاطات الضرورية للأونروا أمرًا مستحيلًا، ويتعارض تعارضًا مطلقًا مع القانون الدولي، ومع المبادئ الإنسانية الأساسية" – فإن الولايات المتحدة حثت إسرائيل على إعادة النظر في القوانين المناهضة للأونروا، محذرةً من أن "الملايين معرضون لخطر الكارثة".
وجاء التصويت على القرار مساء يوم 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وأيدته الغالبية العظمى من أعضاء الكنيست (92 مقابل 10 ضد القرار، وهم النواب العرب). وينص القرار على "منع وكالة الأونروا من أن يكون لها أي تمثيل وأن توقف خدماتها وألا تقوم بأي نشاط بصورة مباشرة أو غير مباشرة داخل الأراضي التابعة لسيادة الدولة الإسرائيلية". قدم اقتراح القرار عضو الكنيست بوعاز بسموت عن الليكود، وأعضاء كنيست آخرون.
كما أقرّ الكنيست في جلسته اقتراح قانون آخر ينص على "منع مؤسسات الدولة وكيانات وأشخاص يتولون مناصب عامة بحسب القانون من إقامة أي علاقة بالأونروا، أو لأي جهة من طرفها، مع إلغاء التسهيلات الضريبية والحصانة الدبلوماسية التي تتمتع بها الوكالة".
هذا القرار مزيج من 3 اقتراحات قدمها رون كاتس ودان إليزو ويوليا مالينوفسكي من حزب "إسرائيل بيتنا" وأعضاء آخرون في الكنيست، مع الإشارة إلى أن اقتراح إعلان الأونروا منظمة إرهابية كان من اقتراح مالينوفسكي، ولم يتم التصويت عليه.
عمليًا، فإن القوانين الجديدة ألغت الاتفاق الموقع بين دولة الاحتلال ووكالة الأونروا برعاية أممية في العام 1967، الذي يسمح للأونروا بالعمل في دولة الاحتلال والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وغزة.
وتشير صحيفة "هآرتس" العبرية نقلًا عن مصدر إسرائيلي رسمي إلى أن "اقتراحات القوانين هذه وضعت نتنياهو ووزراءه أمام مأزِق. فقد قاد الحملة ضد الأونروا، لكنه يعرف جيدًا أن القوانين إشكالية ويمكن أن تورط إسرائيل في مواجهة مع المجتمع الدولي".
لكن ما هو الدافع الإستراتيجي لعملية الطرد، وما هي تداعيات القرار على المستويات: القانونية، والسياسية، والإنسانية، لقضية اللاجئين الفلسطينيين؟
من يجافي الصواب هو من يتحدث عن أن محاولات التضييق على وكالة الأونروا، قد بدأت بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إذ سبق ذلك عقود من الزمن. وعلى التوازي، فإن الاستهداف المنهجي والمتدرج والمتراكم، قد ظهر وتصاعد بشكل ملحوظ بعد التاريخ المذكور، وبدأ مع اتهام الاحتلال لـ9 موظفين يعملون في وكالة الأونروا، ومن ثم 19 موظفًا آخرين يُقال إنهم ينتمون إلى حركة "حماس" بالمشاركة في أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل.
مع التصاعد التدريجي لاتهامات وفبركات الاحتلال بحق الوكالة، مثل ادعاء أن أحد موظفي الأونروا قد أخفى رهينة إسرائيلية في علية منزله لمدة 43 يومًا دون إثبات، أو أن الأونروا تسهل لحركة "حماس" بناء الأنفاق تحت مدارسها، كانت نتيجة هذه المزاعم أن علّقت 18 دولة تبرعاتها المالية للوكالة ابتداء من شهر يناير/ كانون الثاني 2023، ثم عادت 17 منها نتيجة بطلان تلك المزاعم، باستثناء الولايات المتحدة التي تعهدت باستئناف تبرعاتها للوكالة في مارس/ آذار 2025.
ومع تدحرج المزاعم والفبركات التي من شأنها تضليل المتلقي وتشويه سمعة الوكالة، والتأثير على الداعمين والمانحين، عمّمت الأونروا ملفًا خاصًا في مايو/ أيار 2024 بعنوان: "المزاعم مقابل الحقائق"، تناولت فيه 14 قضية يتهم فيها الاحتلال وكالة الأونروا، وأوضحت الحقائق.
وربما أبرز ما ذكره الاحتلال، "نقلًا عن تقديرات استخباراتية مزعومة"، هو أن "حوالي 10% من كافة موظفي الأونروا في غزة، أو حوالي 1,200 شخص، لديهم صلات بحماس أو الجهاد الإسلامي الفلسطينية"، بينما ردت الأونروا بأنها "لم تتلقَ أية معلومات من السلطات الإسرائيلية حول هذا الادعاء، ناهيك عن أي دليل".
البُعد الإستراتيجي لاستهداف الأونروايرى البعض أن الاستهداف الإستراتيجي والمنهجي التراكمي لوكالة الأونروا يتعلق بقضية اللاجئين الفلسطينيين، وإلغاء حقهم في العودة، وهذا صحيح، لكنه يمثل ربع الكوب السياسي. أما الجزء المتبقي فيتعلق بمسألتين جوهريتين:
الأولى، تنظيف ساحة الجريمة وغسل يد العصابات الصهيونية من أعمال التطهير العرقي والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في نكبة العام 1948، واقتلاع وطرد حوالي 950 ألف فلسطيني إلى خارج فلسطين، وتحويلهم إلى لاجئين بعد اغتصاب ومصادرة أراضيهم وممتلكاتهم، وتثبيت قاعدة مفادها: "لا لجوء إذًا لا نكبة".
ولهذا، كان مسعى الرئيس الأميركي السابق ترامب الذي بذل الوقت والجهد والمال السياسي؛ لنزع صفة اللجوء عن أبناء وأحفاد من طُرد من فلسطين كمرحلة أولى للتخلص من اللاجئين.
أما الثانية، فهي تثبيت شرعية دولة الاحتلال في الأمم المتحدة من خلال شطب القرار الأممي رقْم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11 ديسمبر/ كانون الأول 1948؛ إذ لا تزال شرعيّة وجود الاحتلال معلقة في الأمم المتحدة إلى حين تطبيق القرارين الأمميين: الأول، القرار 181 بتاريخ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947، وهو قرار تقسيم فلسطين، أما الثاني فهو القرار 194 الذي أكد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات.
بالنسبة للقرار 181، فقد ذابت مفاعيله في معترك السياسة بعد التوقيع على اتفاق أوسلو في سبتمبر/ أيلول 1993، وأصبح عمليًا في طي النسيان بعد أن تخلت منظمة التحرير الفلسطينية عن 78% من أرض فلسطين التاريخية، واعترفت بدولة الاحتلال.
تبقى الخطوة التالية هي إلغاء القرار 194، والطريق لذلك يمر بمحاصرة الأونروا وشلّ قدراتها وخنقها حتى لا تتمكن من القيام بدورها وفقًا لولايتها، ليصبح لها مجرد رقم في الجمعية العامة ليس إلا، وتدريجيًا إلغاء مسمى "لاجئ" من خلال مشاريع التوطين التي ستُفرض على الدول المضيفة وفقًا للرؤية الإسرائيلية. وبالتالي، سيمهد ذلك لتقديم مشروع للجمعية العامة لشطب القرار 194 باعتبار أنه لم يعد هناك لاجئون فلسطينيون.
وهنا يبرز سؤال جوهري: هل يمكن للجمعية العامة أن تشطب القرار 194 الذي أنشأته؟
تاريخ الأمم المتحدة يخبرنا عن شطب القرار رقم 3379 الصادر عام 1975، الذي يعتبر الصهيونية شكلًا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري. فقد تمكنت إسرائيل، بمساعدة الإدارة الأميركية، من شطب القرار في سنة 1991، واستبداله بالقرار 46/86 لسنة 1990. ومع إنهاء مفاعيل القرار 181 وشطب القرار 194، تتحقق الغاية المرجوة لدولة الاحتلال لتصبح دولة شرعية كغيرها من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
90 يومًا على التنفيذبعد إقرار القانون من قبل الكنيست، سيُحال إلى الحكومة الإسرائيلية التي ستُمنح 90 يومًا للبدء بالتنفيذ، مما سيؤثر عمليًا بشكل كارثي على الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين الفلسطينيين على مستوى الصحة، والتعليم، والإغاثة، وأعمال البنى التحتية، وبرامج الحماية، والقروض.
في غزة، يوجد حوالي 1.6 مليون لاجئ مسجل، و13 ألف موظف، و8 مخيمات، و706 مدارس تستقبل حوالي 300 ألف طالب وطالبة، إضافة إلى 22 مركزًا صحيًا. وفي الضفة الغربية بما فيها شرق القدس المحتلة، يوجد 3.850 موظفًا و901 ألف لاجئ مسجل، و19 مخيمًا، و96 مدرسة تستقبل 46 ألف طالب وطالبة، و43 مركزًا صحيًا.
خلال هذه الفترة، سيتم البحث عن بدائل لتسلم المهام التي تقوم بها الأونروا، سواء محلية أو إقليمية أو دولية. وقد بدأ نتنياهو بالفعل بالتواصل مع قادة دول، منها دول عربية، للترتيب للمرحلة المقبلة، لا سيما على مستوى قطاع غزة.
يقول خبراء القانون الدولي إن تمرير القانونين "يعتبر سابقة خطيرة وتعديًا على الأمم المتحدة ووكالاتها وميثاقها، بما في ذلك المادتان (2) و(105)، واعتداءً على الأعراف والاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة، وانتهاكًا لقرارات الجمعية العامة ذات الصلة بحصانات وحماية المنظمات الدولية، بما فيها قرار تأسيس الأونروا رقم 302 وفق المادة (17)، واتفاقية 1946 بشأن امتيازات وحصانات الأمم المتحدة".
إن الإجماع الإسرائيلي على طرد الأونروا يقابله إجماع آخر، ربما قل نظيره، بتأييد ودعم الأونروا على المستوى الدولي الرسمي، وهو ما يجب التقاطه فلسطينيًا أولًا، وعالميًا ثانيًا، وتحويل هذا الإجماع إلى فرصة لتكريس معادلة "طرد الأونروا يقابله طرد دولة الاحتلال من الأمم المتحدة".
وهذا يتطلب إستراتيجية وطنية فلسطينية قابلة للتطوير المتدرج، تقوم على تكامل الفعل السياسي والدبلوماسي والإعلامي مع الفعل الشعبي، تقودها منظمة التحرير الفلسطينية، تأخذ بعين الاعتبار التحديات الجسام، وتتجاوز خطاب ردة الفعل والمناشدة والتصريحات الموسمية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية