هيفاء المازمي ضابط في شرطة دبي برتبة “سفير إنسانية”
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
لا تُمانع في خوض تجارب صعبة من أجل إسعاد الآخرين، ولا تُمانع في قطع آلاف الأميال لرؤية طفل يبتسم، وتعمل لساعات طويلة من أجل إعادة تأهيل مدرسة أو تعليم طلبة أو شراء قرطاسية وزي مدرسي لهم، فكل ما تعرفه أن “الإنسانية تبدأ من العطاء”.
حدثينا هنا عن هيفاء المازمي ملازم ثان في شرطة دبي، ضربت مثالاً يُحتذى في العمل الإنساني، فخاضت تجارب نوعية ساهمت في ترك بصمة على شفاه الكثير من الأطفال.
التحقت المازمي للعمل في شرطة دبي في العام 2014 في الإدارة العامة لإسعاد المجتمع ضمن فريق قسم البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وساهمت من خلال عملها في مجال الرصد الإذاعي في التعامل مع العديد من الشكاوى الواردة عبر برامج البث المباشر في الدولة، والعمل على حلها بالتواصل مع الإدارات المعنية لإسعاد المُتصلين ما أسهم في أن تنال العديد من شهادات الشكر والثناء.
فكرة التطوع
بدأت المازمي حياتها المهنية في شرطة دبي كعريف أول ثم تدرجت في الرتب لتصل إلى رتبة ملازم ثان، وذلك بموازاة دراستها الجامعية في تخصص علم الاجتماع الذي كان طريقها للتقرب ودراسة في المجتمعات الإنسانية والتعمق فيها”.
تقول المازمي:” ضمن طبيعتي الشخصية، أرغب دائماً في التواصل مع الناس بمختلف شرائحهم ومعرفة أصول الثقافات، لذلك قررت دراسة علم الاجتماع، وهنا زاد شغفي في حب التواصل مع الناس من جانب إنساني، لذلك فكرت كثيراً في التطوع لمساعدة الفقراء لكن لم أكن لأجد الطريق لذلك”.
مبادرة طلابية
في العام 2019، كانت المازمي تُطالع أحد صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لتشاهد طلبة جامعيين يزورون إحدى القرى الفقيرة في دولة زنجبار، ويلقون الضوء على حاجة الأهالي إلى ترميم مدرسة القرية، حيث طرحوا فكرة التطوع لمن يرغب في تقديم المساعدة، لتجد الفرصة وتتواصل معهم، وتبدأ أول رحلة تطوعية إنسانية لها.
تقول المازمي:” توجهت إلى والدتي وأبلغتها برغبتي في التطوع والسفر إلى زنجبار لمساعدة فقراء إحدى القرى في ترميم المدرسة، فرفضت بشكل قاطع وذلك لأنني فتاة، ولا يمكن أن تسمح لي بالسفر، فأكدت لها أن هناك ما يقارب من 7 فتيات سيشاركن في التطوع معي، لكنها جددت الرفض إلا أنه وبعد إلحاح وإصرار ومناقشات وافقت على تلبية رغبتي”.
الرحلة الأولى
انطلقت المازمي برفقة مجموعة من الطلاب والطالبات الجامعيين إلى زنجبار وتوجهوا إلى قرية بعيدة نائية بواسطة حافلة…، تقول:” سكنا في فندق “هوستيل”، وعند الساعة السادسة صباحاً، كانت تأتي الحافلة وتصطحبنا إلى القرية التي تبعد عنا لمدة تقارب الساعة، وعند الوصول كنا نباشر العمل سويةً في ترميم مدرسة القرية التي كانت في غاية السوء، ما اضطر بعض المدرسين إلى التدريس تحت ظل شجرة، وساعدنا بعضنا البعض على تنفيذ مختلف الأعمال الإنشائية”.
وتابعت:” لم أكن أتوقع وقتها مدى صعوبة العمل التطوعي والجهد الكبير المرتبط به وطيبة الحياة القاسية التي قد تتطلب العيش في ظروف صعبة والتأقلم معها، إلا أن هذه الصعوبة كانت تنجلي عند مشاهدتي لأعين الأطفال وهم ينتظرونا كل يوم في ساعات الصباح في ساحة المدرسة ويراقبون عن كثب أعمالنا اليومية”.
استمرت المازمي في العمل بصحبة الطلبة الجامعيين لمدة أسبوعين، ساهموا خلالها في ترميم المدرسة بنجاح وإعادة إحيائها، ما كان له الأثر الكبير على مستوى السعادة للطلبة والمدرسين وأهالي القرية.
الرحلة الثانية…. كينيا
في شهر أغسطس من العام ذاته، اقترح الطلبة الجامعيون التوجه إلى دولة كينيا لمساعدة قرية لديها مدرسة مكونة من 3 صفوف ذات بنية تحتية صعبة وتعاني نقصاً في الأبواب والنوافذ ما يجعها مكاناً لدخول مختلف الحيوانات المفترسة، مجدداً قررت المازمي خوض التجربة والاستمرار في التطوع لمساعدة الناس رغم صعوبة التجربة الأولى.
انطلقت المازمي مع الطلاب والطالبات، وخاضت أيضاً تجربة صعبة فقد أقامت لأول مرة في حياتها داخل خيمة، وعملت بكل جهد لمدة 3 أسابيع في ترميم المدرسة، وقد قضت عيد الأضحى في المنطقة، واحتفت به مع الأهالي والأطفال بعيداً عن أهلها.
تقول المازمي: في المرة الثانية، كانت التجربة مُشوقة أكثر، وسعدت بالتواصل مع الأطفال الذين كانوا يراقبون عملنا الترميمي بشكل يومي من خارج نوافذ المدرسة”.
الرحلة ثالثة …. ومفاجأة كورونا
بعد نجاح الرحلة الثانية، توجهت المازمي في رحلتها التطوعية الثالثة، وهذه المرة بالعودة إلى قرية أخرى في دولة زنجبار للعمل على ترميم مدرسة جديدة، إلا أن أمراً لم يكن بالحسبان قد حدث، فقد أغلقت المطارات أبوابها بسبب تداعيات وتأثيرات جائحة كورونا.
تقول:” في هذه المرة استمر تطوعنا لمدة 3 أسابيع بسبب إغلاق المطارات نتيجة تداعيات الجائحة، فعملنا بعد الانتهاء من ترميم المدرسة على إطلاق العديد من المبادرات لمساعدة الأهالي، ومنها دفع مبالغ مالية لتوفير وتوزيع الطعام على طلبة المدرسة، ثم بحثنا عن خياط قريب من منطقة مجاورة للقرية، وعملنا على شراء زي موّحد للطلبة، ولم أكن أتخيل مدى سعادة الطلبة أثناء ارتدائهم الزي المدرسي لأول مرة في حياتهم”.
التجربة الرابعة
في العام 2023، قررت الملازم هيفاء المازمي إعادة خوض تجربة جديدة في العمل التطوعي وتوجهت إلى منطقة نيبال حيث قدمت برفقة طلبة جامعيين، مساعدات قرطاسية إلى طلبة مدرسة قرية فقيرة، وساهمت في تعليمهم اللغة الإنجليزية وعرفتهم بالثقافة العربية وبدولة الإمارات والزي الخليجي.
كافة المبادرات التطوعية التي شاركت المازمي فيها كانت نابعة من رغبتها الشخصية وكانت تُخصص لها وقتاً من إجازتها “وجدت مع زملائي من الطلبة الجامعيين ما أسعى إليه، وتمكنت بفضل الله من تقديم المساعدة للفقراء وخوض تجربة العمل الإنساني”.
تؤكد المازمي أن التطوع يُعتبر تجربة إنسانية مهمة يجب على كل من يستطيع أن يخوضها، تخصيص وقت لها، فهي تُغني شخصية الإنسان بالمفاهيم والقيم، وتجعله يُدرك مدى النعمة التي أنعمها الله عليه من الأسرة والعائلة والوطن الحاضن، إلى جانب تعليمنا أن السعادة الحقيقية منبعها “العطاء”.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ترمیم المدرسة فی شرطة دبی فی التطوع فی ترمیم
إقرأ أيضاً:
رئيس لبنان يؤكد العمل على حصر “السلاح وقرار الحرب” بيد الدولة
لبنان – أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون، إن بلاده تهدف إلى “حصر حيازة السلاح وقراري الحرب والسلم بيد الدولة”.
جاء ذلك في مقابلة مع عون، نشرتها صحيفة “الشرق الأوسط” امس الجمعة، قبل زيارته المرتقبة إلى السعودية الاثنين المقبل.
وأكد عون أن “الدولة فقط ستكون المسؤولة عن حماية الأرض وحماية الشعب”.
وقال: “بصراحة تعب لبنان واللبنانيون من تحارب السياسيين ومسؤوليه، وتعب من حروب الآخرين على أرضه. وأصبح يستحق أن تكون لديه نقاهة اقتصادية وسياسية، وربما بعض الأصدقاء تعبوا منا”.
وأضاف: “هدفنا بناء الدولة، فلا يوجد شيء صعب. وإذا أردنا أن نتحدث عن مفهوم السيادة، فمفهومها حصر قراري الحرب والسلم بيد الدولة، واحتكار السلاح أو حصر السلاح بيد الدولة”.
وأشار إلى أنه يهدف إلى أن “تصبح الدولة فقط هي المسؤولة عن حماية الأرض وحماية الشعب، ولم يعد مسموحا لغير الدولة القيام بواجبها الوطني، وليس مسموحا لأحد آخر لعب هذا الدور”.
وتابع: “عندما يصبح هناك اعتداء على الدولة اللبنانية، الدولة تتخذ القرار، وهي ترى كيف تجند عناصر القوة لصالح الدفاع عن البلد. وإذا الدولة احتاجت ووجدت أن هناك ضرورة للاستعانة بالآخرين في شعبها، فهي تتخذ القرار”.
وتطالب عواصم إقليمية وغربية وقوى سياسية لبنانية بحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، متهمة “حزب الله” بتهديد الساحة الداخلية بسلاحه.
إلا أن الحزب يقول هذا السلاح يهدف حصرا إلى “مقاومة إسرائيل” التي تحتل مناطق في جنوب لبنان.
وتأتي المقابلة مع عون، قبل زيارة مرتقبة له إلى السعودية، الاثنين المقبل، في أول وجهة خارجية له منذ انتخابه رئيسا للجمهورية في 9 يناير/ كانون الثاني الماضي.
ومن المتوقع أن تناقش الزيارة عدة ملفات أبرزها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، والملف الأمني المتصل بوقف إطلاق النار واستمرار احتلال إسرائيل نقاطا حدودية في الجنوب وانتهاكاتها للاتفاق، إضافة إلى مسألة إعادة الإعمار.
وبخصوص تطبيق قرار مجلس الأمن رقم “1701”، قال عون: “نحن ملتزمون بتطبيق القرار، وبدأنا به في الجنوب وأعطيناه الأفضلية”.
وأكد أن “الدولة بمؤسساتها كافة ملتزمة بتطبيق القرار 1701 على كامل الأراضي اللبنانية، وفي الجنوب التجاوب كامل”.
وينص القرار 1701 على وقف العمليات القتالية بين “حزب الله” وإسرائيل، وإنشاء منطقة خالية من السلاح بين الخط الأزرق (المحدد لخطوط انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000) ونهر الليطاني جنوب لبنان، مع استثناء الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة “يونيفيل” من هذا الحظر.
وتعليقا على مماطلة إسرائيل في الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية التي احتلها خلال حربها الأخيرة، قال عون: “يزعجنا بقاء الجيش الإسرائيلي في الخمس نقاط، لأن هناك اتفاق تم توقيعه للطرفين برعاية أمريكية وفرنسية والمفترض الالتزام به واحترام التوقيع”.
وأضاف: “عندما طُلب (منا) أن نمدد المهلة (في المرة الأولى)، وافقنا بشرط أن يكون 18 فبراير (شباط 2025) هو الانسحاب النهائي، ولكن مثل العادة، لم يتقيد الطرف الإسرائيلي بالاتفاق وبقي بعضه موجودا هناك”.
وتابع: “الآن نحن على اتصالات دائمة مع الفرنسيين والأمريكيين للضغط على الإسرائيليين حتى ينسحبوا من النقاط الخمس، لأنها ليست ذو قيمة عسكرية”.
وأوضح الرئيس اللبناني أنه “بالمفهوم العسكري القديم قبل التطور التكنولوجي، كانت الجيوش تفتش عن التلة لأنها تعطيك تحكما عسكريا ومراقبة، ولكن بوجود التكنولوجيا والمسيّرات في الجو، والأقمار الاصطناعية، فقدت (التلة) قيمتها كلها”.
وكان من المفترض أن تستكمل إسرائيل انسحابها الكامل من جنوب لبنان بحلول فجر 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، لكنها طلبت تمديد المهلة حتى 18 فبراير 2025.
ورغم مضي فترة تمديد المهلة، واصلت إسرائيل المماطلة بالإبقاء على وجودها في 5 تلال داخل الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق، دون أن تعلن حتى الآن موعدا رسميا للانسحاب منها.
وتزعم إسرائيل أن بقاءها في تلك التلال نتيجة عدم قيام الجيش اللبناني بواجباته كاملة ضمن اتفاق وقف النار، وعدم قدرته على ضبط الأمن على طول الخط الأزرق، وهي الحجج التي تنفي بيروت صحتها.
وبدأ عدوان إسرائيل على لبنان في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتحول لحرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، ما خلّف 4 آلاف و114 قتيلا و16 ألفا و903 جرحى، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
الأناضول