العالم تلتهمه النيران.. منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، لم يبدو العالم عند هذا القدر من الخطر، ولم تكن صراعاته الـ56 ـ وهو أعلى رقم منذ الحرب العالمية الثانية ـ بعيدة عن خط الحلول، كما هي الآن.

الأزمات تتضاعف إلى ما هو أبعد بكثير من المآسي العامة

وكتب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق غوردون براون، في صحيفة "غارديان" البريطانية، إن العالم الذي تشتت انتباهه الحملات الانتخابية المحلية، والانشغال بالانقسامات الداخلية، والتحولات الجيوسياسية المزلزلة يتقدم نائماً نحو مستقبل قائم على "عالم واحد ونظامين"، ومستقبل يضع "الصين في مواجهة أمريكا".



وقد ثبت أن التعاون اللازم لمكافحة الحرائق بعيد المنال حتى الآن، بحيث أنه لا يزال التوصل إلى اتفاق دولي لمواجهة الأوبئة العالمية والوقاية منها، غير متوافر. وحتى في مواجهة المشكلة الوجودية المتمثلة في تغير المناخ (الكوكب في طريقه نحو ارتفاع درجات الحرارة فيه بمقدار 2.7 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي)، لا يستطيع كثيرون أن يتمسكوا بالأمل في أن يكون مؤتمر كوب 29 في أذربيجان على مستوى التحدي.

3 تحولات جذرية

يبدو العالم عند نقطة تحول عالمية، ليس فقط لأن الأزمات تتضاعف إلى ما هو أبعد بكثير من المآسي العامة التي شهدتها حربا أوكرانيا وإسرائيل وغزة، بل لأنه في عام ذهب فيه نحو نصف العالم إلى صناديق الاقتراع، لم يترشح سوى عدد قليل من السياسيين، الذين هم على استعداد للاعتراف بالمشهد الجيوسياسي المتغير. وبالنسبة لثلاثة تحولات جذرية أنهت عالم القطب الواحد والنيوليبرالي المفرط في العولمة خلال الثلاثين عاماً الماضية، فإن إعادة التفكير بشكل كامل أمر ضروري.  

It’s August 2024 – and our world is at a turning point. Here’s what we should do now | Gordon Brown https://t.co/fMoLQyoJfh

— Guardian Opinion (@guardianopinion) August 24, 2024

أولاً، نحن ننتقل من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب، لا تتمتع فيه القوى الكبرى بمكانة متساوية ــ حيث ستهيمن الولايات المتحدة عسكرياً واقتصادياً لعقود مقبلة ــ بل عالم يتألف من مراكز قوى متعددة ومتنافسة. وما يثير القلق أن الجنوب العالمي - الذي يواجه الآن عقداً ضائعاً من التنمية من دون وجود شبكة أمان مالية عالمية يلجأ إليها، ويشعر بالغضب من ضآلة ما تم فعله لدعمه في مجال اللقاحات وتغير المناخ والأزمات الإنسانية - يبتعد عن القيادة الغربية.
لكن التحول الزلزالي الثاني، نَقَلَ العالم من اقتصادات الليبرالية الجديدة أو اقتصادات التجارة الحرة، إلى اقتصادات الحمائية التجارية الجديدة، مع ارتفاع التعريفات الجمركية (والمزيد في المستقبل، إذا فرض دونالد ترامب تعريفة بنسبة 10 في المئة في أنحاء العالم)، ولكن أيضاً حظر التجارة وحظر الاستثمار والتكنولوجيا.
والتحول الثالث، يكمن في أن ما كان عبارة عن عولمة مفرطة، أو عولمة غير مقيدة، بات عولمة مقيدة مع سيطرة الاعتبارات الأمنية، أو ما يسمى بالحد من المخاطر، على الأجندة السياسية. ولمدة 40 عاماً، كان الاقتصاد هو الذي يحدد القرارات السياسية. واليوم، تحدد السياسة القرار الاقتصادي.

التعددية يمكن أن تنجح

ولحسن الحظ، إذا أدركنا أن العالم قد تغير، فهناك طريق للمضي قدماً. ومن بين الطرق لمعالجة التحديات الأيديولوجية والعسكرية والجيوسياسية الجديدة إظهار أن التعددية، حتى في حدها الأدنى، يمكن أن تنجح. 

It’s August 2024 – and our world is at a turning point. Here’s what we should do now | Gordon Brown https://t.co/eQn4JYz1Zb

— The Guardian (@guardian) August 24, 2024

ولابد من مكافحة تدابير الحماية من خلال منظمة التجارة العالمية القادرة، على إعادة التوازن من الهوس غير العملي الذي دام عقداً من الزمن بالحلول القانونية إلى التفاوض والتحكيم والتوفيق.
ويظل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الوسيلتين الرئيسيتين اللتين يمكن من خلالهما معالجة الأزمات المالية. ولكن البلدان المثقلة بالديون تنفق بشدة على الصحة والتعليم، حيث يعيش الآن 3.3 مليارات إنسان في بلدان تنفق على خدمة فائدة الديون، أكثر مما تنفق على هاتين الخدمتين الأساسيتين.
إن خطة التخفيف الشامل من الديون ــ والتي لابد أن تذهب إلى ما هو أبعد من الإطار المشترك غير الكافي لمجموعة العشرين ــ لابد أن تتضمن إعادة هيكلة القروض الحالية، ومقايضة الديون، وضمانات الائتمان، وكما حدث في عام 2005، إلغاء الديون حيثما تكون القروض غير قابلة للسداد.
وعلى القدر نفسه من الأهمية، توجد فعلاً طريقة لمساعدة البلدان الأكثر فقراً في صندوق النقد الدولي: حقوق السحب الخاصة، التي توفر السيولة غير المشروطة لكل البلدان الأعضاء، بكميات تحددها حصصها. ولكن في حين خصص صندوق النقد الدولي 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة في أغسطس (آب) 2021، ذهب 21 مليار دولار فقط إلى البلدان ذات الدخل الأدنى التي كانت بحاجة إلى المساعدة. إن الجهود التي تقودها كريستالينا جورجييفا، المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي، لتحويل المزيد من حقوق السحب الخاصة إلى البلدان النامية ومن ثم زيادة حجم حصص الأعضاء (وجعل عملية صنع القرار في المؤسسة أكثر تمثيلاً)، هي الخطوات الأولى نحو شبكة أمان مالية عالمية أكثر إنصافاً.
وخلص إلى أن توسيع استخدام بنوك التنمية المتعددة الأطراف للأدوات المالية المبتكرة مثل الضمانات، وأدوات تخفيف المخاطر، ورأس المال المختلط، أمور ضرورية على الطريق نحو إعادة رسملة البنك الدولي.
في واقع الأمر، إن هذا العالم تجتاحه النيران. ومنذ زمن بعيد، فإن الكثير من القادة الذين كان يتعين عليهم الاضطلاع بدور الإطفائي، عمدوا إلى إذكاء النيران والنفخ في نيران الإضطرابات. وحان الوقت لإخماد الحرائق لأن المستقبل يعتمد على ذلك.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل النقد الدولی

إقرأ أيضاً:

بعد تقارير عن طلب ملياري دولار.. بيان مصري بشأن قرض صندوق النقد الدولي

أصدر مجلس الوزراء المصري بيانا، الثلاثاء، يوضح فيه حقيقة تصريحات نُسبت إلى "مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى"، ذكرت أن القاهرة "طلب زيادة الشريحة الرابعة" من قرض صندوق النقد الدولي، إلى ملياري دولار بدلا من 1.3 مليونا. وأوضح بيان للمركز الإعلامي لرئاسة الوزراء، أن تداول أنباء منسوبة إلى مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى بشأن طلب زيادة الشريحة الرابعة "غير صحيح على الإطلاق، ولا يمت للحقيقة والواقع بأي صلة". وتابع البيان أن التقرير عن طلب الزيادة "مجرد محاولة جديدة لإثارة البلبلة بنشر الشائعات والأكاذيب بين المواطنين". وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد التقى مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، على هامش مشاركته في قمة المناخ بأذربيجاخ (COP29)، حيث أعربت الأخيرة عن دعمها لجهود الحكومة المصرية لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وفق البيان.

المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: السلطات المصرية لم تطلب من صندوق النقد الدولى زيادة الشريحة الرابعة إلى ملياري دولار...

Posted by ‎رئاسة مجلس الوزراء المصري‎ on Tuesday, November 12, 2024

وكان مدبولي قد تعهد في وقت سابق هذا الشهر، بأن الحكومة "لن تضيف أعباء جديد" على المواطنين خلال الفترة المقبلة.

وقال إن الفترة المقبلة لن تشهد اتخاذ الحكومة لأي قرارات تضيف أعباء جديدة على المواطنين، وإنه "كان هناك تفهم من صندوق النقد لهذا الأمر".

وأضاف أن "لجنة الصندوق بدأت العمل"، في المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد.

مصر.. تعهد رسمي للمواطنين و"تفهم" من صندوق النقد تعهد رئيس الوزراء المصرى مصطفى مدبولي، الأربعاء، بأن الحكومة لن تضيف أعباء جديد على المواطنين خلال الفترة المقبلة.

وهذه واحدة من أصل 8 مراجعات في البرنامج، الذي تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار.

وحذر الرئيس المصري في الآونة الأخيرة من أن البلاد قد تضطر إلى إعادة تقييم برنامج قرضها الموسع، إذا لم تأخذ المؤسسات الدولية في الاعتبار التحديات الإقليمية غير العادية التي تواجهها البلاد.

وفي أحدث تقرير له عن التوقعات الاقتصادية الإقليمية، يتوقع صندوق النقد نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.1 بالمئة في عام 2025، مقارنة بنحو 2.7 بالمئة هذا العام، وأكثر من 5 بالمئة في المدى المتوسط.

وتستند هذه التوقعات إلى افتراض أن الحرب في قطاع غزة ستنحسر العام المقبل، وأن البلاد ستواصل تنفيذ الإصلاحات.

مقالات مشابهة

  • معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية
  • دراسة: مرض السكري أصاب 14% من البالغين حول العالم في 2022
  • دراسة تدق ناقوس الخطر بشأن مرض السكري حول العالم
  • ملياردير هندي: المملكة أكثر البلدان أمنا فى العالم وشبابها موهوبين ..فيديو
  • لماذا دعت دراسة حديثة صندوق النقد الدولي لبيع جزء من الذهب الخاص به ؟
  • بعد تقارير عن طلب ملياري دولار.. بيان مصري بشأن قرض صندوق النقد الدولي
  • مفوضية اللاجئين: تغير المناخ يشكل تهديداً للفارين من الصراعات والحروب
  • “كوكاكولا” وشركات عالمية أخرى تبيع منتجات أقل صحية في بلدان الدخل المنخفض
  • عاجل| البنك المركزي: لاصحة بخصوص طلب مصر زيادة الشريحة المقبلة من صندوق النقد الدولي
  • تحذير أممي.. تغير المناخ يفاقم معاناة اللاجئين حول العالم