84.3 مليون درهم من الشارقة الخيرية داخل الدولة خلال نصف العام
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
بلغت القيمة المالية التي صرفتها جمعية الشارقة الخيرية على برامج المساعدات داخل الدولة خلال النصف الأول من العام الجاري 84.3 مليون درهم، شملت مساعدات شهرية بتكلفة 6.7 مليون درهم، وبرامج موسمية بقيمة 31.2 مليون درهم، إلى جانب مساعدات مقطوعة بكلفة 39.6 مليون درهم، بالإضافة إلى حزمة أخرى من المساعدات التي تم تقديمها للمستحقين، وذلك بحسب التقرير الصادر عن إدارة التميز والتخطيط الاستراتيجي.
المساعدات المقطوعة
وقال عبدالله بن خادم أن المساعدات الداخلية ذات أولوية في الجمعية حيث تحمل جملة من القيم ذات التأثير في حياة المستفيدين وتستهدف إسعادهم وتحقيق الاستقرار المعيشي والترابط الأسري، وتعزيز قيم الولاء والانتماء، موضحا أنه تم تنفيذ المساعدات المقطوعة بتكلفة 39.6 مليون درهم، شملت 15 مليون درهم للمساعدات العلاجية استفادت منها 743 حالة مرضية حيث تم التركيز بشكل رئيسي على المرضى المصابين بالأمراض المزهقة للنفس والتي يسبب تأخر علاجها إلى موت المريض أو تعرضه لمضاعفات أشد خطراً، وتشمل الأمراض الوبائية كالتهابات الكبد الوبائي والأمراض السرطانية والفشل الكلوي وعمليات زراعات الكبد والقلب المفتوح والقسطرة وعمليات العيون، إلى جانب الولادة المتعسرة والقيصرية وحضانات الأطفال حديثي الولادة الذين هم بحاجة إلى رعاية صحية، وكذلك العمليات الجراحية وعمليات العيون وتركيب الأطراف الصناعية وزراعة القرنية وتركيب الدعامات والسماعات واستئصال الأورام، وعمليات تبديل المفاصل وتصحيح انحراف القدم، والتي تمثل تكاليفها عبئاً على الفقراء الذين يعجزون عن توفيرها وعلاج أنفسهم، مشيرا أن الجمعية تعول في ذلك على ذوي القلوب الرحيمة من أهل الإحسان والمتصدقين.
وتابع: كما تم تقديم مساعدات سكنية لصالح 906 مستفيدا بقيمة 8.3 مليون درهم وتضمنت ترميم بعض المنازل الآيلة للسقوط وصيانتها، وتأثيثها بما يلزمها من الأجهزة والأثاث الذي تفتقد له الأسرة وذلك بحسب الدراسات الميدانية وتقارير البحث الاجتماعي لكل أسرة، كما شملت المساعدات السكنية كذلك دفع الرسوم الإيجارية المتأخرة عن عدد من الحالات المتعسرة في السداد، بجانب التكفل بسداد مستحقات فواتير الكهرباء والمياه تعرضوا لقطع الخدمة عنهم بسبب تراكم المتأخرات وعدم الانتظام في السداد نظرا لتأزم أوضاعهم المعيشية.
وأضاف المدير التنفيذي لجمعية الشارقة الخيرية أنه في إطار دعم طلبة العلم فقد تم تقديم مساعدات دراسية للطلبة المتعسرين أبناء الأسر المتعففة بقيمة مالية بلغت 4.8 مليون درهم، والتي شملت دفع الرسوم الدراسية وتوفير الأجهزة اللوحية لما يزيد عن 680 طالب، إلى جانب مساعدة 1100 إنسانية في إنهاء محكوميتهم خلف قضبان المنشآت العقابية والإصلاحية بعد سداد مديونياتهم بالتعاون مع الجهات المختصة.
المساعدات الشهرية
وتابع: أن حصيلة المساعدات النقدية التي قٌدمت لمستحقيها من الأيتام والأرامل والمطلقات خلال نصف العام الجاري ومن انقطعت بهم سبل العيش الكريم قد بلغت 6.7 مليون درهم، موضحا أن هذه المساعدات يتم صرفها لفترة محددة بحسب ما تقرره لجنة المساعدات على ضوء الوضع المعيشي للأسرة والتي غالبا ما تٌصرف لمدة 6 شهور قابلة للتجديد بحسب ما تراه اللجنة بناء على تقارير البحث الاجتماعي، لافتا أن المساعدات الشهرية تستهدف مساعدة الأسر على تحسين أوضاعها المعيشية واستقرارها بما يمكنها من الاعتماد على نفسها، لتقوم الجمعية بمساعدة سائر الحالات الأخرى التي يتم الموافقة عليها من قبل لجنة المساعدات.
الحملات الموسمية
وأوضح ابن خادم أن إجمالي ما قدمته الجمعية على مدار نصف العام الجاري في إطار المساعدات الموسمية بلغ 31.2 مليون درهم، حيث تم تنفيذ مشاريع الحملة الرمضانية “جود” التي ضمت مشاريع الإفطار والمير الرمضاني وزكاة الفطر وزكاة المال وكسوة العيد، بجانب حملة شتاء التي وفرت الجمعية من خلالها الملابس الشتوية والأغطية الثقيلة للعمال لتكون بمثابة لافتة حضارية شكرا وثناء على العمال وجهودهم المخلصة في خدمة الوطن وإظهاره بصورته الراقية، بينما سجلت
إطعام الطعام
على مدار نصف العام الجاري قامت الجمعية بتوزيع وجبات الغذاء إلى المحتاجين وذوي الدخل المحدود وشريحة العمال، داخل الإمارات، في إطار مشروعها الخيري الإنساني المتواصل «إطعام الطعام» الذي يتم تنفيذه من خلال إفطار صائم، وكفارة الصيام وكفارة اليمين والنذور والعقائق وإطعام مسكين، وذلك بتكلفة 3.2 مليون درهم.
المشاركات المجتمعية
وقد عملت الجمعية على تنفيذ حزمة من مشاريعها في إطار برامج المشاركات المجتمعية داخل الدولة بتكلفة إجمالية بلغت 3.4 مليون درهم، وهو ما تم تحقيقه بفضل دعم المحسنين، مما كان له جليل الأثر في تعزيز الشراكات بين الجمعية وسائر مؤسسات الدولة، والارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة لجمهور تلك المؤسسات، وقد انصب الدعم المقدم في هذا الصدد على مساعدة المنتسبين لتلك الجهات التي تقدم خدماتها في إطار إنساني يتواكب مع أهداف الجمعية.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
من التضييق إلى العلن.. كيف استعاد الأتراك أجواء رمضان؟
إسطنبول- لم يكن الصيام في تركيا مجرد شعيرة دينية، بل تحول في فترات معينة إلى ساحة صراع بين الهوية الإسلامية وسياسات العلمنة الصارمة التي حاولت طمس المظاهر الدينية، حيث أُغلقت المساجد واعتُبر الصيام في بعض المؤسسات العامة رمزا للرجعية، مما دفع كثيرين إلى ممارسته سرا وكأنه جرم يُرتكب.
ورغم كل تلك الضغوط، ظل شهر رمضان متجذرا في حياة الأتراك، وانتقلت تقاليده جيلا بعد جيل، حتى تجاوز المجتمع تلك القيود، ليصبح اليوم جزءا أصيلا من المشهد العام. ولكن كيف عاش الأتراك رمضان خلال سنوات التضييق؟ وكيف قاوموا، وماذا تغير حتى عاد الصيام إلى العلن؟
عام 1923 أُعلن تأسيس الجمهورية التركية، لكن النقطة الفاصلة في العلاقة بين الدين والدولة جاءت بعد ذلك بعام، عندما ألغى مصطفى كمال أتاتورك، الدولة العثمانية في مارس/آذار1924، وتبع ذلك إغلاق وزارة الشريعة والأوقاف وإلغاء المحاكم الشرعية، مما مهد الطريق لسياسة فصل الدين عن الدولة بشكل جذري.
ولم تكتفِ الدولة بهذه التغييرات، بل واصلت تقليص الحضور الإسلامي في المجال العام، فأقرت مع إلغاء الخلافة قانون توحيد التعليم الذي أدى إلى إغلاق المدارس الدينية وإخضاع التعليم بالكامل لسيطرة الدولة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إليك وصفة البيض التركي.. سحور مختلف يمنحك الغذاء والطاقة الكافية على مدار اليومlist 2 of 2بعد تأجيل دام عامين.. بدء عرض مسلسل "معاوية" وسط جدل ومنعend of list إعلانكما ألغت التقويم الهجري واستبداله بالميلادي عام 1926، مما جعل المناسبات الإسلامية، بما فيها رمضان، تختفي من الأجندة الرسمية، وهو ما حل الدولة من أي ارتباط رسمي بالمواسم الدينية، وأصبحت هذه المناسبات تُعامل كطقوس خاصة لا مكان لها في المجال العام.
وبحسب دراسة للباحث في التاريخ الإسلامي بنيامين كوجا أوغلو، فإن الجمهورية التركية خلال سنواتها الأولى لم تحظر الصيام رسميا، لكنها فرضت قيودا غير مباشرة جعلت ممارسته في المجال العام أمرا غير مرغوب فيه.
وتلفت الدراسة إلى أن الامتناع عن الطعام أثناء الدوام في الدوائر الحكومية بات دليلا على التشدد الديني، وفقا لوثائق محفوظة في أرشيف الدولة عام 1927، إذ أرسلت بعض الوزارات توجيهات داخلية لموظفيها تنص على أن "إظهار الصيام في بيئة العمل لا يتناسب مع روح الجمهورية الحديثة".
ونتيجة لذلك، بدأ بعض المديرين بتشجيع الموظفين على تناول الطعام علنا، وأحيانا كانوا يتعمدون تحديد مواعيد الاجتماعات خلال فترة الغداء، لإحراج الصائمين ودفعهم إلى كسر صيامهم.
أما في المدارس، فقد كان الضغط أكثر استهدافا للأجيال الناشئة، ففي بعض الولايات، مثل سيواس وأرزينجان، ذكر سكان محليون أن بعض المعلمين كانوا يطلبون من الطلاب شرب الماء أمامهم لإثبات أنهم غير صائمين، تحت مبرر أن "التعليم يحتاج إلى طاقة جسدية وعقلية".
أما في الجيش، فقد كانت السياسات أكثر صرامة وتنفيذها أكثر منهجية، ووفقا لسجلات الأرشيف العسكري (عام 1931) كان الضباط يراقبون الجنود أثناء الوجبات، وأي جندي يُلاحظ أنه لم يأكل كان يُستدعى للتحقيق.
وفي بعض الحالات، وُجهت إلى الجنود تهم بـ"عدم الاندماج في روح الجيش الجمهوري" مما دفع الكثير منهم إلى تناول الطعام علنا خوفا من العقوبة. لكن في المقابل، كان بعض الجنود يصومون سرا أثناء فترات الاستراحة، متحدّين الضغوط بشكل غير معلن.
إعلانومع دخول الثلاثينيات، أصبحت هذه السياسات أكثر حدة، ولم يعد التضييق مقتصرا على المؤسسات الحكومية، بل بدأ يشمل المساجد والأذان وعادات رمضان التقليدية، مما مهد لمرحلة جديدة من الصدام بين الحكومة والجماهير المحافظة.
وشهدت بعض تقاليد رمضان تغيرات ملحوظة، فبحسب صحيفة جمهوريت، بدأ رجال الأمن الليلي ينظرون إلى قرع الطبول للسحور كعادة قديمة لا تتماشى مع روح الجمهورية الحديثة، ويجب إنهاؤها.
لم يكن تعديل الدستور التركي عام 1928 مجرد تغيير في النصوص، بل كان إعلانا رسميا بأن الدولة لم تعد ترى الإسلام مرجعية قانونية أو اجتماعية.
بإلغاء عبارة "دين الدولة هو الإسلام" وضعت الجمهورية أساسا صلبا لنهجها العلماني الجديد، لتتحول تدريجيا من دولة ذات هوية إسلامية تاريخية إلى كيان سياسي يفصل الدين عن مؤسسات الدولة.
ولكن هذا التحول لم يبقَ حبيس الدستور، بل انعكس بسرعة على الحياة اليومية للأتراك، حيث بدأت الضغوط تتزايد على الممارسات الدينية في المجال العام. وبينما لم يُفرض حظر قانوني مباشر على الصيام، إلا أن الحكومة بدأت بالترويج لما أسمته "أسلوب الحياة الحديث" والذي كان يتصادم مع التقاليد الإسلامية، خاصة الامتناع عن الطعام خلال النهار.
وفي مدن مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير، حيث كانت وتيرة التحديث أسرع، بدت التغييرات أكثر وضوحا. ووفقا لصحيفة جمهوريت، ظلت المقاهي والمطاعم مفتوحة خلال ساعات النهار في رمضان في تلك الفترة، وهو أمر لم يكن معتادا في العهد العثماني.
والأكثر من ذلك، بدأت بعض المؤسسات الحكومية بتقديم الطعام لموظفيها خلال فترة الصيام، في خطوة فُهمت على أنها رسالة سياسية واضحة ضد الامتناع عن الأكل علنا، فالموظف الذي يرفض تناول الطعام قد يُنظَر إليه على أنه معارض للحداثة، أو رافض لقيم الجمهورية الجديدة.
إعلان عودة الهويةويوضح الباحث في التاريخ الإسلامي فوزي يلتين -في حديث للجزيرة نت- أن التحول الحقيقي في التعامل مع الدين بدأ في الخمسينيات، حين تراجعت الدولة تدريجيا عن سياسات التضييق مع عودة التعددية الحزبية.
ويرى الباحث أن فوز الحزب الديمقراطي بقيادة عدنان مندريس عام 1950 شكل لحظة فاصلة، إذ جاء أول قراراته بإعادة الأذان بالعربية، في خطوة حملت رمزية كبيرة للمجتمع المحافظ، وأكدت انتهاء القطيعة بين الدولة والشعائر الإسلامية.
ووفق الباحث، تثبت تجربة تركيا أن القمع الديني لا يؤدي إلى تراجع الدين، بل يدفع المجتمع إلى التمسك به بشكل أكبر، فبينما حاولت الدولة في عقودها الأولى إخفاء رمضان عن المشهد العام، ظل الشهر حاضرا في وجدان الأتراك، حتى عاد ليصبح جزءا أصيلا من الهوية الوطنية، بلا قيود سياسية.